موضوع: حقوق الخاطبين والعلاقة بينهما وغير ذلك الأحد أكتوبر 11, 2009 12:57 pm
من المواقف الهامة في حياة المسلم موضوع الخطبة وما يتعلق بها من أحكام فهي مناسبة لا يخلو منها بيت مسلم، وتتعدد قضاياها وتتشعب، من حقوق الخاطبين والعلاقة بينهما وغير ذلك فهل من فتاوى جامعة لهذه الأحكام ؟؟
أكثر من أربعين فتوى في أحكام الخطبة والمخطوبين اولا رؤية الخاطب لمخطوبته : بين الإفراط والتفريط
العلامة الدكتور يوسف عبد الله القرضاويالمفتى بسم الله،والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد : فيجوزللخاطب أن يرى مخطوبته في زيها الشرعي الذي تخرج به على غير محارمها، ويجوز له أنيجلس معها في غير خلوة ، وليعلم أنها ما زالت أجنبية عنه حتى يعقد عليها عقدا شرعياصحيحا .
يقول فضيلة الشيخالدكتور يوسف القرضاوي: هذا سؤال مهم ، والناس في ذلك جد متناقضين . ففريق من الناس لا يبيح للفتىمجرد رؤية الفتاة المخطوبة فحسب، بل يبيح له أن يتأبط ذراعها، وأن يذهب بها إلى هناأو هناك، وأن يدخل بها الأحفال والسينيمات، ليعرفها ويختبر أخلاقها ... إلى آخر مايقال في هذا المجال: وبعد ذلك تكون مآس وتكون ----------------------------------- فقد يترك الفتى الفتاة بعد أندخل عليها وخرج بها أمام الناس . دخل بيتها وخرج معها وسافر معها وتنزه معها، هنالكيصبح عرض الفتاة مضغة للأفواه . هذا صنف من الناس، من عبيد الحضارة الغربية .
وفي مقابل هؤلاء صنف آخر: أولئكالذين يحرمون الخاطب أن يرى الفتاة مجرد رؤية عابرة، يمنعون الفتاة من خاطبها حتىيدخل وحتى يبني بها ويتزوج . وهؤلاء هم عبيد تقاليد عتيقة أيضًا، كما أن أولئك عبيدتقاليد محدثة مبتدعة وكلا الطرفين مذموم .
والأفضل من ذلك بل الطريق الصحيح بين هؤلاء وهؤلاء، هو ما جاءبه الشرع وما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم أن يرى الخاطب مخطوبته، فقد جاءه أحدالمسلمين يقول: إني خطبت امرأة من الأنصار فقال: أنظرت إليها ؟ قال: لا . قال:فانظر إليها، فإن في أعين الأنصار شيئًا. وجاء المغيرة بن شعبة يستأذن النبي صلى الله عليه وسلم أويخبره بأنه خطب امرأة فقال: أنظرت إليها ؟ قال: لا . قال انظر إليها، فإنه أحرى أنيؤدم بينكما . أي يحصل بينكما الإدام والائتلاف والوفاق . فالعين بريد القلب ورسولالعاطفة . لابد أن تحدث رؤية قبل الزواج، وهذا أمر من النبي صلى الله عليه وسلم،والأمر في أصله وفي ظاهره للوجوب، وقال النبي صلى الله عليه وسلم ما معناه: إذا خطبأحدكم المرأة وأراد أن يتزوجها فلينظر بعض ما يدعوه إلى زواجها، فمن هنا كان للخاطببل ينبغي له أن يرى مخطوبته وينبغي لأهل الفتاة أن ييسروا له ذلك، حتى يراها وحتىتراه هي أيضًا، فمن حقها أن ترفض ومن حقها أن تأبى .
لابد أن يرى أحدهما الآخر قبل الزواج، حتى تبنى الحياةالزوجية على أسس وطيدة وعلى أركان سليمة متينة، لابد من هذا وذاك، ليس علم الفتاةولا علم أهلها شرطًا في ذلك، إذا كان الخاطب يريد مخطوبته، فيستطيع أن يراها دون أنيعلمها حتى لا يجرح شعورها وحتى لا يؤذي إحساسها، فبعض الناس يستهترون بذلك حتىسمعت من بعضهم أنه رأى أكثر من عشرين فتاة ولم تعجبه واحدة منهن حتى تزوج، معنى ذلكأنه جرح إحساس أكثر من عشرين فتاة من فتيات المسلمين، فالأولى أن يراها وهي خارجةأو في بيت قريب لها دون أن تعلم من هذا ولا ما هذا .
ولقد جاء عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أنه قال في امرأتهبعد أن تزوجها: " لقد كنت أتخبأ لها تحت شجرة حتى رأيت منها ما دعاني إلى زواجها "كان يتخبأ لها تحت شجرة دون أن تعلم ودون أن ترى .
ويستطيع الأب أن يساعد في ذلك حفاظًا على شعور ابنته . هذا هوالطريق السليم بين المفرطين والمفرطين وشرع الإسلام دائمًا هو الوسط، وأمة الإسلامأمة وسط، (وكذلك جعلناكم أمة وسطًا لتكونوا شهداء على الناس) وأمر الأسرة المسلمةبصفة عامة، أمر المرأة المسلمة ضائع بين المفْرطين والمفرِّطين، بين المتشددينالمتزمتين الذين يحرصون على تقاليد عتيقة يظنونها من الإسلام وليست من الإسلام،وبين العصريين المتحررين المتجددين الذي تعبدوا للغرب ولحضارة الغرب وظنوا أنفسهمتقدميين وما هم بالتقدميين وإنما هم عبيد وأسارى لغيرهم . أما الطريق الوسط والطريقالسديد فهو طريق الإسلام، وطريق الشريعة الإسلامية وهي بين هؤلاء وهؤلاء . نسأل الله أن يوفق المسلمين لاختيار الطريق القويم . والله أعلم
موضوع: رد: حقوق الخاطبين والعلاقة بينهما وغير ذلك الأحد أكتوبر 11, 2009 1:00 pm
تكرار النظر إلى المخطوبة
خطبني رجل فسمحت له أن يرى وجهي، ثم جاء إلى منزلنا مرة أخرى فرآني منتقبة، فطلب مني أن أرفع النقابَ ليراني مرة أخرى ففعلت، ثم أراد مني بعد ذلك أن يراني مكشوفة الوجه كلما جاء لزيارتنا، فأبيت عليه، فغضب مني واعتبرني متزمتة، فهل أنا فعلًا متزمتة أم أن هذا هو ما أمر به الشرع؟
بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد : إذا خطب الرجل امرأة ووافقت على الزواج منه، ووافق أهلها وعقدوا العزم على المُضيّ في إتمام إجراءات الزواج جاز للخاطب أن ينظر إلى وجه مخطوبته وكفيها كلما أراد ذلك، بحيث لا يزيد على ذلك؛ بألا يطلب منها أن يرى شعرها مثلًا أو ساقَيها من فوق الكعبين. وما فعلتيه أيتها الأخت الفاضلة نوع من الحرص على تطبيق قواعد الإسلام، ولكنك يجب أن تأخذِي بيسر الإسلام وسماحته في مثل هذه الأمور.
ولعلك تعرفين أن النقاب قد اختلفوا في حكمه؛ فأوجبه بعضهم مطلقًا، وأوجبه بعضهم في حق مَن يُخشى منها الفتنة، وأباح بعضهم للمرأة أن تُظهِر وجهَها وكفيَّها مطلقًا، ولكِ أن تأخذِي بهذا القول الأخير مع هذا الخاطب الذي يحب أن يرى وجهَك كلما جاء لزيارتك في منزل أهلك؛ حتى لا يغضب وحتى لا يتهمك بالتزمت، ولاسيما إذا كنتم قد رضيتم به واتفقتم معه على إتمام إجراءات الزواج، يقول الله عز وجل: (يُريدُ اللهُ بكمُ اليُسْرَ ولا يُريدُ بكمُ العُسْرَ). والله أعلم . الدكتور محمد بكر إسماعيل ( المفتي)
موضوع: رد: حقوق الخاطبين والعلاقة بينهما وغير ذلك الأحد أكتوبر 11, 2009 1:03 pm
نظر الخاطب إلى شعر مخطوبته
هل يجوز لشاب متقدم لخطبة فتاة أن يراها دون حجاب ؟
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الذي عليهجمهور الفقهاء والذي تطمئن إليه النفس أنه يجوز للخاطب أن ينظر من مخطوبته الوجهوالكفين، ويمكن اسثناء القدم على مذهب الأحناف، وذلك أن الوجه والكفين فيهما مجامعالمرأة من الحسن والنعومة . والدليل على ذلك:
قول الله تعالى:) وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا (النور : 31والجمهور على أن ما ظهر منها هو الوجه والكفان . وهذا التفسير مروي عن ابن عباس رضيالله عنه. وأخرج أبو داود والبيهقي عن عائشةرضي اللهعنها أن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلموعليها ثياب رقاق فأعرض عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لها: "يا أسماء، إنالمرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا "، وأشار إلى وجههوكفيه". ونقل البيهقي في السنن الصغرى عن الإمام الشافعي قوله:"ينظر إلى وجهها وكفيها، ولا ينظر إلى ما وراء ذلك".
وقال الإمام الخطابي في معالم السنن:"إنما أبيح لهالنظر إلى وجهها وكفيها فقط، ولا ينظر إليها حاسرة، ولا يطلع على شيء من عورتها،وسواء كانت أذنت له في ذلك أو لم تأذن".
وقال الإمامابن قدامة في كتابه المغني بعد ذكر أقوال العلماء"ولنا قول الله تعالى:" وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا"، وروي عن ابن عباس أنه قال : الوجه وبطن الكف،ولأن النظر محرم أبيح للحاجة فيختص بما تدعو الحاجة إليه، وهو ما ذكرنا".
وقال ابن رشد المالكي في كتابه بداية المجتهد ونهاية المقتصد:"والسبب في اختلافهم أنه ورد الأمر بالنظر ..مقيدا وأعني بالوجه والكفينعلى ما قاله كثير من العلماء في قوله تعالى :"وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا "أنه الوجه والكفان، وقياسا على جواز كشفهما في الحج عند الأكثر" وفي كتابالمبسوط من كتب الحنفية :"وأما المرأة الحرة التي لا نكاح بينه وبينها ولاحرمة ممن يحل نكاحها، فليس ينبغي له أن ينظر إلى شيء منها مكشوفا إلا الوجه والكف،ولا بأس أن ينظر إلى وجهها وإلى كفها، وهذا قول أبي حنيفة، وقال الله تعالى "وقلللمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها " ففسرالمفسرون أن ما ظهر منها الكحل والخاتم، والكحل زينة الوجه، والخاتم زينة الكف".
واستند الأحناف إلى أدلة الجمهور، ورأوا أن ما ظهر منها يشملالقدمين، لأنهما ظاهرتان، قال الإمام الكاساني في بدائع الصنائع:"ولأن اللهتعالى نهى عن إبداء الزينة واستثنى منها، والقدمان ظاهرتان ألا ترى أنهما يظهرانعند المشي،فكانا من جملة المستثنى من الحظر،فيباح إبداؤهما".
وقد ذهب بعض الفقهاء إلى رؤية مايظهر في الخدمة عادة، وهو رأي مروي عن الإمام أحمد،ومستنده ضعيف، وهو حديث عمر، لماأراد أن يخطب أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب، فأراد الكشف عن ساقها، فقالت :أرسل،لولا أنك أمير المؤمنين لصككت عنقك. والأثر فيه ضعف لانقطاعه، كما ذكر ذلك ابن حجرفي كتابه الإصابة. كما أن مثل هذا الفعل لا يتصور أنيكون مع عمر، استنادا لفقهه، فهو الذي منع الناس من الزواج من الكتابيات لما رأىانصراف الناس عن فتيات المسلمين، فهذا الحديث غير مقبول سندا ومتنا. والذي تطمئنإليه النفس أنه يجوز للرجل أن ينظر إلى الوجه والكفين وإلى عموم جسدها وعليهاثيابها.
قال الإمام ابن نجيم الحنفي: وقالوا :لا بأس بالتأمل في جسدها،وعليها ثيابها مالم يكن ثوب يبان حجمها، فلا ينظر إليه حينئذ...وإذا كان الثوب لا يصف عظامها فالنظر إلى الثوب دون عظامها فصار كما لو نظر إلى خيمة،فلا بأس".
كما أنه يمكن له أن يرسل أخته لترى شعرها وتصفه لها، أما أن تخلع المرأة حجابها، ويرى منها من يريد خطبتها، فلا يجوز،لأنه أجنبي عنها، وهذا أدعى إلى الحفاظ على عورات المسلمين، ولأن مثل هذا الأمر يجعل المرأة سلعة، وهذا ما يرفضه الإسلام الذي يسعى دائما إلى تكريم المرأة المسلمة.
موضوع: رد: حقوق الخاطبين والعلاقة بينهما وغير ذلك الأحد أكتوبر 11, 2009 1:11 pm
التفاضل بين الخاطبين
s/خطب ابنتي شابٌّ وجيه وعلى قدر لا بأس به من العلم والخُلُق والدين، وعَرَضْتُ الأمرَ على ابنتي فوافَقَت فأعطيتُه كلمة، ثم جاء آخر أفضلُ منه بكثير في العلم والخُلُق والدين، وهو ميسور الحال، وسنه مناسب لسنها، فعرضت الأمر عليها فمالت إليه أكثَرَ من ميلها للأول، ولكننا أصبحنا في حرج من الخاطب الأول، فهل لو رفضناه بأسلوب مهذب أو بحيلة من الحيل نكون قد ارتكبنا إثمًا؟ وأنت تعلم يا سيدي أن الحياة معقدة، وأن الانتظار صعب، فالخاطب الأول ليس معه في الوقت الحاضر ما يقدمه لمخطوبته من شبكة ومهر وغير ذلك، وليس له في الوقت الحاضر مسكن للزيجة.
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: إذا أعطى الرجل الخاطب الأول كلمة، فهذا وعد بالزواج، فإن رجع الأب عن وعده للأول، وقبل الثاني، فهو آثم، للحوق الخاطب الأول ضرر نفسي واجتماعي، وإن كانت الخطبة على الخطبة حرام، فإنَّ الأب الذي يوافق على ذلك يشترك في الإثم، إلا أن يكون الخاطب الثاني لا يعلم، فيكون الإثم كلُّه على الأب، ومع هذا فإن تم قبول الخاطب الثاني، وتم الزواج، فالزواج صحيح مع الإثم. يقول الدكتور محمد بكر إسماعيل الأستاذ بجامعة الأزهر: أقول لك أيها الأخ المسلم: استفتِ قلبَك، والمرءُ فقيه نفسه، فأنت قد أعطيتَه كلمة، والرجل عند كلمته، والوفاء من شِيَم المؤمنين، والغدر من شِيَم المنافقين (واللهُ يَعلمُ المُفْسِدَ مِن المُصْلِح)البقرة : 220 . والغيب لله، والخير فيما يختاره الله، وأنت لا تدري أيَّ الرجُلَين خير من الآخر على وجه التحقيق، فراجِعْ نفسَك، وحَكِّمْ ضميرَك، وضَعْ في اعتبارك أن وَعْدَك للخاطب الأول يُعَدّ اتفاقًا مبدئيًّا على الزواج، ولا يجوز لك أن تتحلل منه إلا إذا اعتذرتَ إليه واسترضيتَه وعوضتَه عما أنفقه من مال وجهد في هذه الخِطْبة، هذا إن كنت لابد فاعلاً، وأرجو ألا تكون في عجلة من أمرك فتُقْدِم على فَسْخ الخِطْبة الأولى قبل أن تستخير الله ـ عز وجل ـ أنت وابنتك بصلاة ركعتين في جوف الليل تقرأ فيهما دعاء الاستخارة الواردة في حديث البخاريّ. وبالله توفيقك.
ويجب أن يعلم المسلم أن الخِطْبة على الخِطْبة حرام لقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيما رواه مسلم في صحيحه وأحمد في مسنده: "المؤمن أخو المؤمن، فلا يَحِلُّ له أن يبتاعَ على بيع أخيه، ولا يَخْطِب على خِطْبة أخيه حتى يَذَرَ" أي: حتى يترك البيع ويَعدِل عن الخِطْبة، فإذا خطب رجل امرأة ورضيَت به ومال كل منهما للآخر فلا يجوز لرجل آخر أن يتقدم لخطبتها بناء على هذا الحديث الصحيح؛ لِما في هذه الخِطْبة الثانية من اعتداء على الخاطب الأول وإساءة إليه، ولِما قد يؤدي إليه هذا العمل من اشتعال نار الغَيرة والعداوة بين الخاطب الأول والخاطب الثاني، ولا يَجهَلنَّ أحدٌ ما تفعله الغَيرة في نفوس الناس وما يجرّه الحقد من وَيلات. والله أعلم.
موضوع: رد: حقوق الخاطبين والعلاقة بينهما وغير ذلك الأحد أكتوبر 11, 2009 1:12 pm
حقيقة الخطبة وما يترتب عليها
شيخ الأزهر الأسبق محمود شلتوت
هل قراءة الفاتحة للخطبة بين الرجل والمرأة يعتبر عقْدا، وبذلك إذا فُسخت "الخطبة" هل هناك مسئولية في ذلك؟ وما هي حقيقة الخِطبة، وما وضْعها الشرعي، وما حكم الرجوع فيها؟
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد : فيَعتقد بعض الناس خطأ أن قراءة الفاتحة للخطبة بين الجنسين دون اكتمال أركان الزواج وشروطه عقْدٌ، ويترتب على ذلك تصرُّفات لا تَسمح بها الشريعة ولا تُقِرّها ؛ لأن الخطبة مجرد وعد بالزواج ، ولا زالت المرأة أجنبية عن الرجل ، وهذه الخطبة لا تحل حراما ولا تحرم حلالا إلا إباحة النظر للتعرف، وحرمة التقدم بالخطبة إلى امرأة مخطوبة .
يقول الشيخ محمود شلتوت شيخ الأزهر الأسبق-رحمه الله-ردا على سؤال مماثل : كلنا يعلم أن الخطبة هي أن يطلب الرجل التزوج بالمرأة، وأن هذا الطلب قد يُوجَّه إليها مباشرة، وقد يوجه إلى أحد من أسرتها، كأبيها، أو أمها، أو أخيها، على حسب المُتعارف بين الناس في ذلك، وقد جاءت الخِطبة في القرآن الكريم بعد بيان عدَّة المتوفَّى عنها زوجُها (ولا جُنَاحَ عليكمْ فيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِن خِطْبَةِ النِّسَاءِ أو أَكْنَنْتُمْ في أَنْفُسِكُمْ). (الآية: 235 من سورة البقرة).
ومِن هنا كانت الخِطبة مجرد اتفاق مبدئي على الرضا بالتزويج، وكثيرًا ما يقصد الطرفان بعد تحقُّق الرضا إعلانه بإقامة حفل صغير أو كبير، ويحضره الأهل والأقارب والأصدقاء، وتُقدم فيه للمَخطوبة الهدية المعروفة باسم: "الشبكة" ويقتصر الأمر في الحفل على ذلك، وقد تقرأ فيه الفاتحة تأكيدًا لهذا الاتفاق، وينتهي الحفل وينصرف الناس دون أن يدور في نفس أحدٍ أن العقد قد حصل، أو أن فلانًا تزوَّج بفلانة. وقد أخذ هذا الحفل في ألْسنة الناس اسم: "حفلة الخُطوبة".
وقد ذكر الله العقْد في آية تالية للآية التي ذُكرت فيها الخطبة، فقال: (ولا تَعْزِمُوا عُقدةَ النِّكَاحِ حتَّى يَبْلُغَ الكتابُ أجَلَهُ). (الآية: 235 من سورة البقرة) والمعنى إرجاء العقد حتى تخلُص المَخطوبة من تَبِعَاتِ الزواج السابق إذا كانت قد سبق لها زواج.
العقد غير الخطبة وُجودًا وشرْعًا وعُرْفًا: وبهذا كان الوضع الوُجودي والشرعي والعرفي للخِطبة غير الوضع الوجودي الشرعي والعرفي للعقْد، فهي إذا كانت طلبَ الزواج والاتفاق عليه، فإن عقدة الزواج هي الحالة الشرعية التي تنشأ بين الزوجينِ بالإيجاب والقَبول عن طريق تبادُل الكلمتينِ المعروفتين وما ماثلهما، وهي: زَوَّجْتُكَ، وقَبِلْتُ. وبالإيجاب والقبول هكذا، وأمام الشهود يتمُّ العقد، ويحصل الارتباط الشرعي بين الزوجين، وتقوم بينهما الحياة الزوجية بجميع آثارها وأحكامها.
ومن هنا لم تكن الخطبة، ولا الفاتحة المُقترنة بها، عقدًا يُبيح للخاطبينَ ما يُبيحه العقد الشرعي بين الزوجين. وقد ذكرنا من قبلُ أن كثيرًا من الناس أساءوا فهم الخطبة ووضعها الشرعي، فجعلوها عقدًا أو كالعقد، واستباح بها الطرفان، وأُبيح لهما أن يختلط اختلاطًا ترفع فيه الحُجب، وتحل القيود، وكثيرًا ما جرَّ هذا التصرُّف الويْلات على الفتيات وأُسرهِنَّ، وكثيرًا ما أعقبه إعراض الخاطبين عن المخطوبات، وعُنِّسَتْ به الفتياتُ.
التعرُّف المَشروع: إن الإسلام دين الخُلق والكرامة، ودين الأُلْفة والمحبة، وقد أباح للخاطبين أن يتعرف كل منهما على صاحبه بما لا يجرُّ هذه الويْلات، ويُحقق في الوقت نفسه لكل منهما ما يُحب في صاحبه، أباح ذلك بالرؤية الكريمة، والمُحادثة المُؤدبة، والاجتماعات المُهذبة في ظلٍّ من الأهل والأرحام. وقد جاء ذلك في أحاديثَ كثيرةٍ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فلم يَرَ الإسلام أن تظلَّ المخطوبة في خِدْرِها وألَّا يراها خاطبها إلا ليلةَ الزفاف، ولم يَرَ أن ترفع بالخطبة حواجز الحُرمات، وكان بهذا وذاك حَدًّا وسطًا لا إفراط فيه ولا تفريط، وهكذا يجب أن يفهم الناس الخِطبة، فيسلم الزوجانِ من نَكْسَةِ المُفاجأة ليلة الزفاف، وتسلم المخطوبة من شَرِّ الإسراف في المُخالطة.
العُدول عن الخِطْبَة: أما العدول عن الخطبة وفسْخها بعد تمامها، فإنْ كان كما يقول السائل لتبيُّن سوء السلوك، وشراسة الطِّباع، فإنه يكون أمرًا مطلوبا شرعًا، حرصًا على سلامة الحياة الزوجية من عبث الأخلاق الفاسدة، وإنَّ مراعاة الأخلاق، وبناء الزواج عليها لمِن أهم ما يُعنَى به الشارع في تكوين الأسرة، وكثيرًا ما حثَّتْ الشريعة على تخيُّر أرباب الخُلق والدين.
وإنْ فسْخ الخِطبة في هذه الحالة، اتقاءً لضررٍ، قد يَعْسُرُ العمل على زواله، وتنشأ به الأسرة وفي جسمها عناصر الزَّعْزَعة والاضطراب، والكيْد والانتقام، وبذلك يكون الزواج جحيمًا لا سكنًا، وبُغضًا لا مودةً، ونِقْمَةً لا رحمة. وقد أباح الشارع، بل طلب أن يحنِث الإنسان في يَمينه إذا تبيَّن له أن المصلحة والخير في نقْضه، وفي ذلك يقول الرسول: "مَن حَلَفَ على يَمينٍ فرأى غيرها خَيْرًا منها، فلْيُكَفِّرْ عن يَمِينِه، ولْيَفعلْ الذي هو خَيْرٌ".
وإذا جاء ذلك في اليمين فإنه ـ من بابٍ أولى ـ يجوز في الاتفاق المجرد عن اليمين متى تبيَّن أن الخير في نقْضه.
الفَسْخُ المُحرَّم: أما فسْخ الخطبة لمُجرد ظهور خاطب ماليٍّ، أو صاحب مركز عظيم، فهو حرام عند الله، وهو في الوقت نفسه مُخِلٌّ بالشرف والكرامة، ويَنزل بالفتاة إلى مستوى السِّلَع، تُعرض في الأسواق لتُباع بأغلى الأثمان، وهو بعد هذا وذاك نقْضٌ للعهد الذي حرَّمه الله والذي يقول فيه: (وأَوْفُوا بالعَهْدِ إنَّ العَهْدَ كانَ مَسْئُولًا). (الآية: 34 من سورة الإسراء).
ونصيحتي لهؤلاء الذين يعتبرون الخِطبة عقدًا يُبيح لهم ما يبيحه عقد الزواج. ولهؤلاء الذين لا يَعنيهم في زواج فتياتهِنَّ سوى المال الزائل، والجاه الزائف، نصيحتي لهؤلاء وهؤلاء أن يقفوا في تزويج أبنائهم وبناتهم عند حُكم الله وإرشاده، وأنْ يتخيَّروا لهم رضَى الدِّين والخُلُق. والله أعلم
موضوع: رد: حقوق الخاطبين والعلاقة بينهما وغير ذلك الأحد أكتوبر 11, 2009 1:14 pm
الفرق بين الخطبة والنكاح
لي بنت وحيدة، توفي والدها وقد بلغت مستوى رفيعًا من التعليم. وقد تمت خطبتها من شاب في مثل سنها ومستواها التعليمي. إلا أني لاحظت أنه يحاول إقناعها بأن خطبته لها تعتبر زواجًا بناء على فتوى سمعها لأن فيها قبولاً وإشهارًا. فما هي الحدود المسموح بها، وغير المسموح بها في فترة الخطوبة؟ فكلام الشباب معسول قد ينحرف بالفتيات إلى طريق لا تحمد عقباه؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد يقول فضيلة الشيخ إبراهيم جلهوممن علماء الأزهر وشيخ المسجد الزينبي بالقاهرة بادئ ذي بدءأقول، إن خطبة الفتى للفتاة. أو الرجل للمرأة، لا ترتب للخاطب بأي حال من الأحوالحقوق الزوج على زوجته. فذاك غير وارد شرعًا ولا يقره منطق سليم، ولم يقل به فقيه منالفقهاء، وعلى هذا فإن حكم الخاطب بالنسبة لمخطوبته. خلال فترة الخطوبة، هو حكمالأجنبي عنها، الذي يحرم عليه أن يختلي بها أو يلمس جسدها. وإذا كان الشرع الحكيم قد أباح للخاطب أن ينظر من مخطوبته وجههاوكفيها ليتعرف بالنظر إلى الوجه على جمالها وإلى الكفين على خصوبة بدنها، فإن ذلكيكون بقدر الحاجة فقط، بحيث لا يستمرئ النظرات إليها كلما غدا أو راح (فذلك ماعناه النبي صلى الله عليه وسلم عندما قال للمغيرة بن شعبة حين خطب امرأة، أنظرتإليها، قال: لا. قال: انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما "أي أجدر أن يدوم الوفاقبينكما) رواه الترمذي وحسنه.
إنالخطبة مجرد اتفاق على إتمام عقد الزواج. فكيف يقال بأنها كعقد الزواج، إن ليّالكلام في هذا الموضوع جاء من تهاون الناس في الاستقامة على الخط السلوكي المستقيمفأحْسِن بما قال صاحب كتاب فقه السنة "درج كثير من الناس على التهاون في هذا فأباحلابنته أو قريبته أن تخالط خطيبها وتخلو معه دون رقابة، وتذهب معه حيث يريد من غيرإشراف، وقد نتج عن ذلك أن تعرضت المرأة لضياع شرفها وفساد عفافها وإهدار كرامتها،وقد لا يتم الزواج فتكون قد أضافت لذلك فوات الزواج منها. ويمكنك مطالعة هذه الفتوى: الفرق بين الخاطب والعاقد لفضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي والله أعلم
موضوع: رد: حقوق الخاطبين والعلاقة بينهما وغير ذلك الأحد أكتوبر 11, 2009 1:16 pm
حكم تزويج الخاطب الصالح
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الشيخ الفاضل، موضوع سؤالي هو الزواج. الرسول الكريم يقول في الحديث الشريف: " إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه". وهذا ما حصل ، حيث تقدم لي شاب يملك هذه الصفات وأهلي موافقون وهم على علم بهذا الحديث وعلى علم أيضاً بمصلحتي، سؤالي: هل ينالني إثم على عدم الموافقة؟ مع العلم بأني مشغولة الآن بطلب العلم الشرعي ونفسي لا تتوق إلى الزواج أرجو منكم الإجابة على هذا السؤال.
بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فلا إثم عليك أيتها الأخت الكريمة في عدم الموافقة على الزواج من هذا الشاب صاحب الدين والخلق ، وتفرغك لتحصيل العلم الشرعي.
روى الترمذي بإسناد حسن عن أبي حاتم المزني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير.. قالوا يا رسول الله وإن كان فيه. قال: إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه – ثلاث مرات".
وروى أيضا عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض ).
ففي هذين الحديثين توجيه الخِِطاب إلى الأولياء أن يزوجوا بناتهم من يخطبهن من ذوي الدين والأمانة والخلق . وإن لم يفعلوا ذلك بعدم تزويج صاحب الخلق الحسن، ورغبوا في الحسب، والنسب، والجاه، والمال ؛ كانت الفتنة والفساد الذي لا آخر له.
هذا عند الرغبة في الزواج إذا كان مستحبا أو واجباً؛ فيجب تزويج الخاطب الصالح .
أما عند عدم الرغبة فيه وعدم وجوبه فلا تجب تلبية الخاطب وتزويجه على الأولياء ، وإذا رغب فيه الأولياء فالمرأة لها الحق في عدم القبول ، ولا إثم عليها ، وذلك لأن الزواج في أصله مسنون ، يثاب فاعله ولا يعاقب تاركه ، ما لم يوجد الدواعي إليه ـ كالخوف من الفتنة ـ فيجب ، أو الموانع منه ـ كظلم الزوجة ـ فيحرم .
يقول الشيخ عطية صقر ، رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقا:
الزّواج في أصله سُنّة الحياة من أجل بقاء النوع الإنسانيّ، وسنة الأديان التي تنزّلتْ على الرسل: (ولَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْواجًا وذُرِّيّة) (سورة الرعد : 38) وقال ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ فيما رواه الترمذي "أربعٌ من سُنَن المُرسَلِين: الحِنّاء والتعطُّر والسِّواك والنِّكاح".
وقد أمر الإسلامُ به مَن استطاعَه، أما غير المُستطيع فلا حَرَجَ عليه، بل يشغل نفسَه بعبادة أخرى حتى لا يقَع في مكروه، قال تعالى: (ولْيَسْتَعْفِفْ الذينَ لا يَجِدونَ نِكاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِه) (سورة النور : 33) وقال ـ صلّى الله عليه وسلم ـ "يا مَعشرَ الشّباب من استطاع منكم الباءةَ فليتزوجْ، فإنه أغضُّ للبصر وأحصنُ للفرْج، ومن لم يستطِع فعليه بالصوم فإنّه له وِجاء" رواه البخاري ومسلم.
فما دام الإنسان غير مستطيع فلا ذنب عليه، أما إذا استطاع ولم يتزوّج فإن خاف على نفسه الزِّنى وجب عليه أن يتزوَّجَ، وإن لم يخَف كان الزواج بالنسبة له سنة يُثاب عليه ولا يُعاقَب على تَركِه. ويقول النووي في المفاضلة بين الزواج و تركه: إن النّاس فيه أربعة أقسام: أ ـ قسم تتوق إليه نفسُه ويجد المُؤن، فيُستحَبّ النّكاح. ب ـ وقسم لا تتوق ـ أي نفسُه ـ ولا يجد المُؤن، فيُكره النّكاح. جـ ـ وقسم تتوقّف ـ أي نفسُه ـ ولا يجد المؤن، فيُكره له، وهذا مأمور بالصّوم لدفع التّوَقان. هـ ـ وقسم يجِد المؤن ولا تتوق، فمذهب الشافعي وجمهور أصحابنا أن ترك النّكاح لهذا والتخلّي للعِبادة أفضل، ولا يُقال: النكاح مكروه، بل تركه أفضل، ومذهب أبي حنيفة وبعض أصحاب الشافعيّ وبعض أصحاب مالك أن النكاح له أفضل . (انتهى)
ومع هذا فمن الأفضل لك أيتها الأخت الكريمة أن تنتهزي هذه الفرصة الطيبة ، ولا مانع من تحصيل العلم الشرعي مع الزواج ، ولك أن تشترطي على الخاطب ذلك . والله أعلم.
موضوع: رد: حقوق الخاطبين والعلاقة بينهما وغير ذلك الأحد أكتوبر 11, 2009 1:18 pm
وعدها شاب بالزواج وتقدم آخر لخطبتها فهل تقبله وعدني شاب بالتقدم لخطبتي فور إنهائي لدراستي الجامعية وعثوره على عمل مناسب ، وبقينا على اتصال طيلة هذه الفترة وأخبر أهله عني لكنه لم يتقدم لانشغاله بالبحث عن عمل مناسب في هذه الفترة تقدم لخطبتي شاب آخر هل يجوز لي أن قبل به وأنكث وعدي ؟
الجواب : الحمد لله أولا : لا يجوز للفتاة أن تقيم مع علاقة مع أجنبي لا يحل لها ، ولو وعدها بالخطبة أو الزواج ، لما تشتمل عليه هذه العلاقات من محرمات ، كالنظر ، والمصافحة ، وتعلق القلب ، والخضوع بالقول وغير ذلك مما حرم الله . ثانيا : إذا كان الشاب المتقدم لخطبتك مرضيّ الدين والخلق ، فاستخيري الله تعالى ، واقبليه ، ولا تلتفتي لذلك الوعد ، فإن كثيرا من أصحاب هذه الوعود لا يفون بوعودهم ، هذا إذا افترضنا صلاحهم أو توبتهم من العلاقات المحرمة . ثم إن هذا الوعد بقبوله إنما ننظر في احترامه والوفاء به إذا كان قد تقدم فعلاً لخطبتك ، أما وهو لم يتقدم فعلاً ، ولم يحصل على العمل والإمكانات التي تؤهله لذلك ، فليس من الحكمة أو العقل في شيء أن تنتظريه إلى أجل مجهول ، وقد قال الإمام أحمد رحمه الله : من أحالك على غائب فما أنصفك .
والأصل أن الخاطب المرضي لا يرد ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : ( إِذَا خَطَبَ إِلَيكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فزوِّجُوه إِلَّا تَفْعلُوا تكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسادٌ عَرِيضٌ ) رواه الترمذي ( 1084 ) من حديث أبي هريرة ، وحسنه الألباني في صحيح الترمذي . وإذا خطبك هذا ، فليس للأول أن يتقدم للخطبة حتى يأذن له أو يدع ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : ( وَلا يَخْطُبَ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ حَتَّى يَتْرُكَ الْخَاطِبُ قَبْلَهُ ، أَوْ يَأْذَنَ لَهُ الْخَاطِبُ . رواه البخاري (4848) ومسلم (1412). نسأل الله لك التوفيق والثبات ، والزوج الصالح والذرية الصالحة . والله أعلم .
موضوع: رد: حقوق الخاطبين والعلاقة بينهما وغير ذلك الأحد أكتوبر 11, 2009 1:26 pm
الجلوس مع الخاطب لمناقشة أمور الدين وترتيبات الزواج
جزاكم الله خيرا علي إعانتكم لنا في تطبيق الدين بصورته السمحة والجميلة ، عندي سؤال وأرجو الله أن أجد لديكم الإجابة : أنا تمت خطبتي بفضل الله علي رجل أحسبه علي خير ولا أزكي على الله أحداً ، وتمت الرؤية الشرعية ، ورأى وجهي مرة واحدة قبل هذه الخطبة ، وتمت الخطبة بفضل الله ، وسؤالي هو : هل يجوز لي أن أجلس مع خطيبي هذا عندما يأتي عندنا بنقابي وبوجود المحارم ؟ فأنا بفضل الله لا أكلمه أصلا إلا في وجود المحارم ، فهل يجوز هذا ؟ علما بأن معظم حديثنا يدور في مناقشة أمور الدين ، ومناقشة أمور الزواج من ترتيبات وغيره .
الحمد لله أولا : نسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياك لطاعته ومرضاته ، وأن يتم عليك نعمته ، ويرزقك الزوج الصالح والذرية الصالحة . ثانياً : الخاطب أجنبي عن مخطوبته ، لا يحل له أن ينظر إليها أو يخلو بها أو يصافحها ، ولا يستثنى من ذلك إلا نظر الخطبة الذي أباحه الشارع ، ليتم الاختيار على هدى وبصيرة . وكلام المرأة مع الرجل الأجنبي عنها لا مانع منه عند الحاجة وانتفاء الريبة ، وعدم الخضوع بالقول ، ولهذا فلا حرج في كلامك مع الخاطب في ترتيب أمور الزواج وما يتصل به مع وجود محرمك ، لكن لا نرى الإكثار من ذلك ، ولا نرى حضورك في كل مجلس يزور فيه أهلك ، لا سيما إذا طالت فترة الخطبة ، وإنما يقتصر حضورك على المجلس الذي يتعلق بترتيب أمور الزواج ، ويكون لحضورك فيه داع وحاجة ، وإذا كفاك وليّك ذلك كان أولى وأفضل .
موضوع: رد: حقوق الخاطبين والعلاقة بينهما وغير ذلك الأحد أكتوبر 11, 2009 1:29 pm
هل يجوز مراسلة المخطوبة عبر البريد الإلكتروني ؟
هل يجوز مراسلة المخطوبة عبر البريد الإلكتروني للاتفاق على أمور قبل الزواج بمعرفة أبويها وعلمهم ؟.
الحمد لله
لا مانع من مراسلة المخطوبة للاتفاق على أمور الزواج ، إذا كان ذلك بعلم أبويها واطلاعهم وكانت الرسائل خالية من العبارات العاطفية التي لا يجوز أن تكون بين المرأة والرجل الأجنبي عنها . ومعلوم أن الخاطب أجنبي عن مخطوبته ، حتى يعقد النكاح . ولا فرق بين أن تكون هذه المراسلة عن طريق البريد الإلكتروني أو العادي أو كانت حديثاً عبر الهاتف ، والأولى أن تتم المراسلة والمحادثة مع وليها فقط . سئل الشيخ صالح الفوزان حفظه الله عن مكالمة الخطيب لخطيبته عبر الهاتف هل هو جائز شرعا أم لا ؟ فأجاب : " مكالمة الخطيب لخطيبته عبر الهاتف لا بأس به ؛ إذا كان بعد الاستجابة له ، وكان الكلام من أجل المفاهمة ، وبقدر الحاجة ، وليس فيه فتنة ، وكون ذلك عن طريق وليها أتم وأبعد عن الريبة " ا والله أعلم .
موضوع: رد: حقوق الخاطبين والعلاقة بينهما وغير ذلك الأحد أكتوبر 11, 2009 1:31 pm
أبدى رغبته في الزواج منها إذا فسخت خطبتها من الأول
أخي الذي هو أصغر مني يحب ابنة عمي حبا شديداً ، ولكنها قد خطبت لرجل آخر (دون عقد)، وهو لم يصرح لأحد بهذا من اتباع السنة بمنع خطبة الرجل على أخيه، ولكن هناك مشاكل كثيرة جداً بين ابنة عمي وخطيبها وأهله في أشياء جوهرية وأساسية ودينية مما لا يبشر بزواج ناجح أبداً أبداً، ومن هنا تجرأ أخي وأبدى لأهلي رغبته بالزواج منها في حال تركت خطيبها، وجاءه الرد أن ابنة عمي أيضاً تريده وترغب في الزواج منه وصرحت الفتاة بذلك لأبيها، والآن هو ينتظر بدون تدخل أو إعلان أن تترك خطيبها ليتزوجها ، وأيضاً يصلي ويدعو الله كثيراً بذلك. فأنا أريد أن أطمئن.. هل ما فعله صحيح ؟ وهل في دعائه بالزواج منها من محذور أو اعتداء؟
لا يجوز للمسلم أن يخطب على خطبة أخيه حتى يترك الخاطب ، أو يأذن له ؛ لما رواه البخاري (5142) ومسلم (1412) عن ابْن عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قال : ( نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَبِيعَ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ ، وَلَا يَخْطُبَ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ حَتَّى يَتْرُكَ الْخَاطِبُ قَبْلَهُ ، أَوْ يَأْذَنَ لَهُ الْخَاطِبُ ). قال النووي رحمه الله في "شرح مسلم" (9/197) : " هذه الأحاديث ظاهرة في تحريم الخطبة على خطبة أخيه ، وأجمعوا على تحريمها إذا كان قد صُرح للخاطب بالإجابة ، ولم يأذن ولم يترك " انتهى . وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : عن رجل خطب على خطبته رجل آخر فهل يجوز ذلك ؟ فأجاب : "الحمد لله ، ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( لا يحل للرجل أن يخطب على خطبة أخيه ) ولهذا اتفق الأئمة الأربعة في المنصوص عنهم وغيرهم من الأئمة على تحريم ذلك . وإنما تنازعوا في صحة نكاح الثاني على قولين : أحدهما : أنه باطل ، كقول مالك وأحمد في إحدى الروايتين . والآخر : أنه صحيح ، كقول أبي حنيفة والشافعي وأحمد في الرواية الأخرى ، بناء على أن المحرّم هو ما تقدم على العقد وهو الخطبة . ومن أبطله قال إن ذلك تحريم للعقد بطريق الأولى . ولا نزاع بينهم في أن فاعل ذلك عاص لله ورسوله ، والإصرار على المعصية مع العلم بها يقدح في دين الرجل وعدالته وولايته على المسلمين " انتهى . "مجموع الفتاوى" (32/7) . ولهذا كان على أخيك أن يتقي الله تعالى ويصبر ، وإن رأى خللا في الخاطب يستوجب البيان نصح نصيحة صادقة ، دون أن يشير إلى رغبته في الزواج من الفتاة . وأما إبداؤه رغبته بالزواج منها في حال تركها خطيبها ، فهذا عين الخطبة على الخطبة ، وهو أمر محرم كما سبق ، ويحرم على ولي المرأة أن يفسخ خطبة الأول إلا لموجب شرعي . قال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله : " أما بالنسبة لأب المرأة فلا يحل له أن يقبل خطبة الرجل الأخير وهو قبل من الأول ، ما لم يكن هناك موجب شرعي " انتهى من "فتاوى الشيخ" (10/43). وإذا كان أخوك محبا راغبا كما ذكرت ، فما الذي أخره عن الخطبة حتى تقدم غيره . والواجب عليه الآن أن يستغفر الله تعالى وأن يبين لعمّه أنه نادم على ما أبداه من رغبته في الخطبة ، وأن ينصحه بالوفاء للخاطب الأول وعدم الالتفات إلى رغبته هو ، ما لم يوجد مقتضٍ يبيح فسخ الخطبة . وأما الدعاء فينبغي أن يكون بسؤال الله تعالى الزوجة الصالحة ، لا سؤال امرأة بعينها ، فإنه قد يستجاب له ، ولا يكون الخير له في زواجها ، فليسأل الله تعالى الخير حيث كان ، مع هذه المرأة أو مع غيرها . وفق الله الجميع لما يحب ويرضى . والله أعلم .
موضوع: رد: حقوق الخاطبين والعلاقة بينهما وغير ذلك الأحد أكتوبر 11, 2009 1:39 pm
رفض أبوها الخاطب الكفء وقبل غيره تقدّم لي أخ ذو خلق ودين ويشهد بذلك مجموعة من الثقات ، لكن رفضه والدي متعلّلا بكونه من مدينة أخرى ، وأنّ أهل مدينَتهم يجب الاحتراس منهم حسب رأيه . مع العلم أن والدي _ هداه الله _ معروف بنزعته القبليّة الواضحة . وقد قمنا بمحاولات لإقناعه عن طريق الأقارب لكنه رفض الإنصات لهم . وقد تقدّم لخطبتي في نفسي الفترة أشخاص يرتضيهم والدي لكنهم ليسوا بأكفاء لي من ناحية الدين والجميع قال لي نفس الشيء ، وحاولوا إقناعي بأنّ الزوجة يمكن أن تكون سبباً لهداية زوجها . وسؤالي هنا هو هل أكون آثمة إن حاولت التمسّك برأيي في الزواج من هذا الشخص ؟ مع العلم أن والدي أقسم أنه وإن وافق لن يكون راضياً عني ما دام حيّاً .
الحمد لله أولاً : ينبغي لولي المرأة أن يسعى لتزويجها من الكفء الصالح الذي يحفظها ويحفظ أبناءها ، استجابة لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه ، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض) رواه الترمذي (1084) من حديث أبي هريرة، وحسنه الألباني في صحيح الترمذي . ولا يجوز للولي أن يمنع موليته من الزواج من الكفء الذي رضيت به . قال الله تعالى : (فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ) البقرة/232. قال ابن قدامة رحمه الله : " ومعنى العضل منع المرأة من التزويج بكفئها إذا طلبت ذلك ، ورغب كل واحد منهما في صاحبه. قال معقل بن يسار : زوجت أختا لي من رجل ، فطلقها ، حتى إذا انقضت عدتها جاء يخطبها ، فقلت له : زوجتك ، وأفرشتك ، وأكرمتك ، فطلقتها ثم جئت تخطبها ! لا والله لا تعود إليك أبداً . وكان رجلاً لا بأس به ، وكانت المرأة تريد أن ترجع إليه ، فأنزل الله تعالى هذه الآية : (فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ) فقلت : الآن أفعل يا رسول الله . قال : فزوجها إياه . رواه البخاري . وسواء طلبت التزويج بمهر مثلها أو دونه ، وبهذا قال الشافعي وأبو يوسف ومحمد ... فإن رغبت في كفء بعينه ، وأراد تزويجها لغيره من أكفائها ، وامتنع من تزويجها من الذي أرادته ، كان عاضلاً لها . فأما إن طلبت التزويج بغير كفئها فله منعها من ذلك ، ولا يكون عاضلاً لها " انتهى من "المغني" (9/383) . وإذا ثبت امتناع وليها من تزويجها من كفء رضيت به ، فإن الولاية تنتقل إلى من بعده من العصبة ، فإن أبوا جميعا أن يزوجوها رفعت أمرها للقاضي ليزوجها . لكن لا ينبغي للمرأة أن تقدم على ذلك إلا بعد النظر فيما يترتب على ذلك من المفاسد ، فقد يؤدي ذلك إلى القطيعة بينها وبين أبيها وأقاربها ، مع احتمال أن يقبل أبوها كفئا آخر يتقدم لها. وينبغي أن تعالج هذه القضية بالحوار والتفاهم والمناصحة والاستعانة بذوي الرأي من الأهل والأقارب ، فقد يكون الأب محقا في رفضه ، وقد يكون مخطئا ، وينبغي الحرص على بر الأب وطاعته وإرضائه ما أمكن ، إلا أن يصر على تزويجك من غير الكفء . وأما الزواج ممن لا يُرضى دينه وخلقه ، على أمل أن تحصل له الهداية والاستقامة بعد الزواج ، فهذا أمر محفوف بالمخاطر ، فقد يحصل التغير وقد لا يحصل ، فلا تنبغي المجازفة والمخاطرة ، بل اسعي في إقناع والدك بالزواج من صاحب الخلق والدين ، واصبري فلعله يتقدم لك من ترضَينه ويرضاه والدك ، واستعيني بالدعاء ، واعتصمي بالاستخارة ، وأكثري من الصالحات ، فإن الزوج الصالح رزقٌ ينال بالطاعة ، كما تنال سائر الأرزاق النافعة ، قال تعالى : ( مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) النحل/97 . نسأل الله تعالى أن يرزقك الزوج الصالح والذرية الصالحة ، وأن يوفق والدك وأهلك لما يحب ويرضى . والله أعلم .
موضوع: رد: حقوق الخاطبين والعلاقة بينهما وغير ذلك الأحد أكتوبر 11, 2009 1:40 pm
إهداء الهدايا والقصائد الغزلية للمخطوبة
ما حكم إهداء الخاطب لمخطوبته وتكون الهدية وردا وغيره وكتابات شعرية غزلية هل هذا محرم شرعا أم ماذا ؟
الحمد لله الخاطب أجنبي عن مخطوبته ، فليس له أن يكلمها بعبارات الغزل شعرا أو نثرا ، وليس له أن يصافحها أو يخلو بها أو يستمتع بكلامهما أو النظر إليها ، وليس لها أن تخضع بالقول معه أو مع غيره ، ولا يباح كلامه معها إلا بقدر الحاجة مع أمن الفتنة . وأما الهدايا ، فلا حرج في تقديمها وإيصالها إلى المخطوبة عن طريق أهلها ، دون أن يؤدي ذلك إلى شيء من المحاذير السابقة . وقد ذكر الفقهاء الهدية التي يقدمها الخاطب ، وجواز رجوعه فيها إذا قدمها وامتنعوا من تزويجه ، مما يدل على أنه لا بأس بالإهداء إلى المخطوبة . قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " ولو كانت الهدية قبل العقد وقد وعدوه بالنكاح فزوجوا غيره رجع بها " انتهى من "الفتاوى الكبرى" (5/472) . ولا بد أن يراعي الخاطب هذا الأصل المتقدم ، وهو أنه أجنبي عن مخطوبته ، فيتقي الله تعالى في جميع تصرفاته ، ويجتنب ما اعتاده بعض الناس من التساهل في التعامل مع المخطوبة والكلام معها ومراسلتها وما هو فوق ذلك مما وفد إلينا من العادات المخالفة للشرع. قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله : " مكالمة الخطيب لخطيبته عبر الهاتف لا بأس به ؛ إذا كان بعد الاستجابة له ، وكان الكلام من أجل المفاهمة ، وبقدر الحاجة ، وليس فيه فتنة ، وكون ذلك عن طريق وليها أتم وأبعد عن الريبة " انتهى من "المنتقى" (3/163). والله أعلم .
موضوع: رد: حقوق الخاطبين والعلاقة بينهما وغير ذلك الأحد أكتوبر 11, 2009 1:42 pm
حكم لبس دبلة الخطوبة من غير اعتقاد فيها
أنا مقبل إن شاء الله على الخطوبة وقد علمت أن الدبلة في الخطوبة أو الزواج ليست من عوائد المسلمين فماذا أفعل لو كانت الدبلة هي رغبة العروس ووالدتها وقد قرأت فتوى رقم 11446 أن الشيخ ابن عثيمين قال دبلة الخطوبة عبارة عن خاتم ، والخاتم في الأصل ليس فيه شيء إلا أن يصحبه اعتقاد كما يفعله بعض الناس يكتب اسمه في الخاتم الذي يعطيه مخطوبته ، وتكتب اسمها في الخاتم الذي تعطيه إياه زعماً منهما أن ذلك يوجب الارتباط بين الزوجين ، ففي هذه الحال تكون هذه الدبلة محرّمة. وأنا لا أعتقد ولا العروس أن هذه الدبلة توجب الارتباط ، فهل هناك بأس بأن أشتري دبلة لها من الذهب وأخرى لي ، وتكون دبلتي من الفضة ؟
الحمد لله لبس الدبلة عند الخطوبة أو الزواج عادة قديمة ، وهي من التقاليد النصرانية ، وقد انتشرت بين المسلمين للأسف ، ويصحبها غالبا اعتقادات فاسدة كاعتقاد أنها تجلب المحبة وتربط بين الزوجين ، والتشاؤم بنزعها ، أو تغيير موضعها . قال الشيخ عطية صقر رحمه الله : " خاتم الخطوبة أو الزواج له قصة ترجع إلى آلاف السنين ، فقد قيل : إن أول من ابتدعها الفراعنة ، ثم ظهرت عند الإغريق ، وقيل إن أصلها مأخوذ من عادة قديمة، هي أنه عند الخطبة توضع يد الفتاة في يد الفتى ويضمهما قيد حديدي عند خروجهما من بيت أبيها ، ثم يركب هو جواده وهى سائرة خلفه ماشية مع هذا الرباط حتى يصلا إلى بيت الزوجية ، وقد تطول المسافة بين البيتين ، ثم أصبحت عادة الخاتم تقليدا مرعيا في العالم كله . وعادة لبسها في بنصر اليسرى مأخوذة عن اعتقاد الإغريق أن عرق القلب يمر في هذا الإصبع ، وأشد الناس حرصا على ذلك هم الإنجليز . وقيل : إن خاتم الخطوبة تقليد نصراني. والمسلمون أخذوا هذه العادة ، بصرف النظر عن الدافع إليها ، وحرصوا على أن يلبسها الطرفان ، ويتشاءمون إذا خلعت أو غير وضعها ، وهذا كله لا يقره الدين " انتهى .
فإن كان من يلبسها لا يعتقد فيها هذا الاعتقاد ، ولا يتطير ولا يتشاءم بنزعها ، فالذي يظهر جواز لبسها مع الكراهة . وانتشارها بين المسلمين أخرجها عن دائرة التشبه بالكافرين المحرم .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " الدبلة: هي عبارة عن خاتم يهديه الرجل إلى الزوجة ، ومن الناس من يلبس الزوجة إذا أراد أن يتزوج أو إذا تزوج ، هذه العادة غير معروفة عندنا من قبل ، وذكر الشيخ الألباني رحمه الله : أنها مأخوذة من النصارى ، وأن القسيس يحضر إليه الزوجان في الكنيسة ويلبس المرأة خاتم في الخنصر وفي البنصر وفي الوسطى ، لا أعرف الكيفية لكن يقول : إنها مأخوذة من النصارى فتركها لا شك أولى ؛ لئلا نتشبه بغيرنا . أضف إلى ذلك : أن بعض الناس يعتقد فيها اعتقاداً ، يكتب اسمه على الخاتم الذي يريد أن يعطيها ، وهي تكتب اسمها على الخاتم الذي يلبسه الزوج ، ويعتقدون أنه ما دامت الدبلة في يد الزوج وعليها اسم زوجته ، وفي يد الزوجة وعليها اسم زوجها أنه لا فراق بينهما ، وهذه العقيدة نوع من الشرك ، وهي من التِّوَلَة التي كانوا يزعمون أنها تحبب المرأة إلى زوجها والزوج إلى امرأته ، فهي بهذه العقيدة حرام ، فصارت الدبلة الآن يكتنفها شيئان : الشيء الأول : أنها مأخوذة عن النصارى . والشيء الثاني : أنه إذا اعتقد الزوج أنها هي السبب الرابط بينه وبين زوجته صارت نوعاً من الشرك .. لهذا نرى أن تركها أحسن " انتهى من "اللقاء الشهري" (46/1) .
وقال رحمه الله : "الذي أراه أن وضع الدبلة أقل أحواله الكراهة ؛ لأنها مأخوذة من غير المسلمين ، وعلى كل حال الإنسان المسلم يجب أن يرفع بنفسه عن تقليد غيره في مثل هذه الأمور ، وإن صحب ذلك اعتقاد كما يعتقده بعض الناس في الدبلة أنها سبب للارتباط بينه وبين زوجته كان ذلك أشد وأعظم ، لأن هذا لا يؤثر في العلاقة بين الزوج وزوجته . وقد نرى من يلبس الدبلة للارتباط بينه وبين زوجته ، ولكن بينهما من التفرق والشقاق ما لا يحصل ممن لم يلبس هذه الدبلة ، فهناك كثير من الناس لا يلبسها ومع ذلك أحوالهم سائرة مع زوجاتهم " انتهى من "مجموع الفتاوى" (18/112) .
ولا يجوز للخاطب أن يلبسها لمخطوبته ، لأنه أجنبي عنها لا يحل له لمسها ولا مصافحتها . فالذي ننصحك به هو عدم لبس هذه الدبلة ، ويمكن الاستغناء عنها بلبس الخاتم .