أتحرش بالأطفال.. وأرغب في التوبة حتى الآن لم تثبت أي دراسة ما السبب المباشر في ظهور هذا الميل الجنسي الشاذ
عندي مشكلة خطيرة جدا جدا، وأنا تبت إلى الله عز وجل منها، ولكن بداخلي إثارة غريبة، ويحدث هياج لمشاعري عندما أرى طفلة صغيرة.
مشكلتي هي التحرش الجنسي بالأطفال، تحرشتُ
بأكثر من 10 أطفال، وما زالو موجودين، وأستطيع الضحك على عقولهم، ولكني
أريد أن أتداوى من هذا المرض الآثم؛ أرجوكِ يا دكتورة لا أريد أن أقابل
الله بهذا المرض؛ فهل تعالجينني؟؟
صدقيني سأتبع الخطوات التي
ستذكرينها لي إن شاء الله، أرجوكِ اجعليني مشروعك إلى الجنة، وساعديني في
التخلص من هذه الإثارة نحو الفتيات الصغيرات تحت سن 10 سنين، بل أقل من
هذا، مع العلم أن عمري الآن 21 سنة.
Esaa.mool صديقي العزيز، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
بدايةً اسمح لي أن أتكلم معك على ثلاثة مستويات، ستختلف في مظهرها، لكن في النهاية ستلتقي في نقطة واحدة بإذن الله..المستوى الأول: سأتحدث إليك كشخص عادي يعرف حدود الله،
والآن هو يسمع عن قصة الجنس مع الأطفال.. ترى ماذا سيكون رد فعله؟ تعالَ
نتصور رغم أنني أعرف أنك تعلم ذلك جيداً لكن دعنا نتصوره معاً.
مجرم! ترك نفسه لغريزة حيوانية تتملكه ولايقاومها ولا يأبه بعذاب
الله الذي ينتظره حتماً لأنه ليس بمجنون ولا معتوه؛ فهو محاسَب حتماً. وقد
يعجل له الله فيرى العذاب في الدنيا في نفسه أو في أقربائه أو في بناته أو
أولاده ليتذكر ما فعل ببنات الناس.. وقد يؤخره الله ويمهله ولا يهمله ليلقى
أشد العذاب في الآخرة بما فعل بالأطفال الأبرياء منساقاً خلف خطوات
الشيطان رافضاً أن تكون له إرادة تحول بينه وبين المعاصي.
وهنا سيكون الرأي من الناحية العلاجية هو تغليظ العقوبة كما أمر الله سبحانه وتعالى، والبعض يرى نشر أسماء هؤلاء
حتى يكونوا عبرة لغيرهم من خلال افتضاح أمرهم للجميع، بحيث يكونون عبرة
لأي شخص تسوّل له نفسه أن يقترف مثل هذه الجريمة النكراء.
تحدثتُ إليك هكذا على هذا المستوى أولاً لأنني بشر قبل أن أكون طبيبة،
ولأنني أخشى الله فلابد أن أكون أمينة في نقل جميع المفاهيم إليك لترى كيف
يرى الآخرون من يفعل ذلك.
المستوى الثاني: طبيب نفسي ممّن يكتفون بالتشخيص ووصف العلاج دون الغوص في أعماق النفس البشرية..
لا شك أن المستوى الأول من التفكير في الغالب سيكون موجودًا في عقله..
ولكنه بحكم عمله كطبيب لن يصرح لك به فهو ليس القاضي ولا الجلاد، وهذه ليست
مهمته.. خاصة وأنت تأتي طالباً العلاج.
في الغالب سيقول لك إنك
مصاب بأحد أنواع اضطرابات التفضيل الجنسي وسيعطيك بعض النصائح والإرشادات
والتي سأوافيك بها في نهاية الرد عليك؛ لتعرف ما يمكن عمله.
سيكتفي الطبيب بذلك. وقد تنجح في تنفيذ الإرشادات وقد تفشل، ثم تبرر لنفسك
بأنك ذهبت إلى الطبيب وفعلتَ كل ما عليك لكن الطبيب لم ينجح في علاجك..
ظاهرياً لم ينجح مثل هذا الطبيب في علاجك، لأنه لم يقل لك كلمة كان لابد أن
تسمعها: "يا بني إنتَ مسئول عن اللي إنتَ فيه بس إنتَ مسلوب الإرادة".
المستوى الثالث: الطبيب النفسي الذي يشخص الحالة ويغوص
في أعماق النفس البشرية؛ فهو يعنيه لماذا أنت مصاب باضطرابات التفضيل
الجنسي؟ أي لماذا يحدث لك تهيّج في المشاعر عند رؤية الأطفال؟ أي البحث في
الأسباب.
وهنا نتكلم عن الأسباب البيولوجية المجردة، والتي يحاول بعض من
يعانون آفة الانحرفات الجنسية استخدامها كمبرر أحياناً؛ كأن يقول: أنا ربنا
خلقني كده أعمل إيه؟..في حالات الانحرفات الجنسية توجد بعض التغيرات حقيقة
في المخ كصغر حجم بعض المراكز مقارنة بالأشخاص العاديين واختلاف في مستوى
بعض المواد الكيمائية في المخ، لكن حتى الآن لم تثبت أي دراسة أن هذا هو
السبب المباشر في ظهور هذا الميل الجنسي الشاذ.
إذن دعنا نتحدث عن العوامل النفسية لنفهم أكثر؛ فما هي العوامل النفسية التي يمكن أن تؤدي إلى مثل هذه الميول الجنسية الشاذة؟1- ضعف الثقة بالنفس وعدم القدرة على التواصل الاجتماعي الجيد مع الآخرين.. فتجد الانتصار في قدرتك على الضحك واللعب بعقول البنات الصغار؛ فتدعم شعورك بذاتك.
2- العدوان السلبي على الجنس الآخر.. وقد ينتج ذلك عن
أُمّ مسيطرة مثلاً تمحو شخصية الأبناء، والجنس في معناه النفسي من ناحية
الرجل يعني اختراق الآخر وكسر الحواجز.. فهو يحمل في طياته غريزة العدوان
أحياناً؛ فأنت تختار الأنثى الضعيفة لأن صورة الأم الشرسة تحول بينك وبين
تفكيرك في الإقدام على اقتحام أنثى ناضجة.
وقد يكون السبب رغبة
الابن في أمه كجزء من المرحلة الأوديبية، والتي لم تمضِ بسلام ربما لعنف
الأب وغلظة طباعه؛ فلا تنمو العلاقة السوية بالجنس الآخر، ولكنها تتجه إلى
الضعفاء من البنات الصغار.
3- اضطراب النمو النفسْجِنسيّ، الناتج عن التعرض للاستغلال الجنسي في الطفولة.
4- تعلُّم الإثارة مبكراً بهذا الشكل المنحرف من خلال المشاهدة.
5- اضطراب في الشخصية مع وجود صفات السيكوباتية أو الشخصية ضد المجتمع؛ أي غياب الضمير الذي يجعل الشخص يمضي وراء رغباته، وأنت تعرف أنك لن
تستطيع أن تفعل ذلك مع فتاة ناضجة، بسبب ما سيكون له من تبعات ستجر عليك
المشكلات؛ فتختصر الطريق وتفعل وتقضي شهوتك بمن سيكتم سرك ولن يفضح أمرك.
والآن أين ترى نفسك في هذه الأسباب؟ أنت الوحيد الذي يستطيع إجابة هذا السؤال.
والأن سأوجه إليك بعض الأسئلة التي تساعدنا في
الوصول -بإذن الله- لمعرفة أسباب حالتك إذا كنت فعلاً ترغب في العلاج.. وهي
جميعها أسئلة متعلقة بتاريخ النمو والتطور الجنسي، ومحاولة لمعرفة البيئة
الأسرية.1- ماهو السن الذي حدث فيه البلوغ؟ هل كنت تعرف شيئاً عن البلوغ قبل
حدوثه؟ هل تحدث أحد والديك معك في هذا الأمر أو في موضوع المراهقة
والتغيرات التي تحدث فيها أم إن والديك شديدا التحفظ ولا يتحدثان أبداً في
هذا الموضوع؟
2- هل سبق لك التعرض للتحرش الجنسي في الطفولة؟
3- هل أنت مدمن للمواقع الإباحية؟
4- هل تمارس العادة السرية؟ وماهي الخيالات المصاحبة أثناء الممارسة؟
5- هل لديك أحلام تتكرر متعلقة بالجنس وتفكر فيها ولا تجد لها معنى؟ مثلاً كأن ترى نفسك في الحلم تفعل علاقة مع المحارم؟
6- هل رغبتك قاصرة فقط على البنات الصغيرات أم تشعر بالرغبة بشكل
طبيعي أحياناً تجاه الفتيات الأكبر سناً؟ أم إنك لم تمر مطلقاً بخبرة
الرغبة تجاه الفتيات الكبار؟
7- هل لك علاقات أو سبق لك أن مارست الجنس مع الذكور؟
8- هل تكثر من التبرير لنفسك بأن هذا الأمر يسعد البنات الصغيرات وأنهن يرغبن في ذلك ويفعلنه بإرادتهن؟
9- هل تشعر أحياناً أنك على وشك الإفصاح للآخرين عما تفعل أو عما تشعر به لأنك تشعر بالذنب وتريد أن تتطهر؟
10- هل أنت واثق من نفسك؟
11- هل أنت شخص اجتماعي أم معروف عنك الانطوائية؟
12 - هل تتعاطي أي أنواع من المخدرات؟
13- كم مضى من الوقت على توبتك وإقلاعك عن هذه العلاقات؟
والآن ماذا عن العلاج؟.. يحتاج إلى فترة طويلة قد تمتد عامين أو أكثر.
والعلاج له شقان: الشق التحليلي لمعرفة الأسباب وراء هذه المشكلة،
وحينما نعرف السبب نكون قد مررنا بخمسين في المائة من رحلة العلاج. وهذا من
خلال أن توافيني بإجابة سؤالي عن أين ترى نفسك فيما شرحنا من أسباب، وكذلك
الإجابة على الأسئلة السابقة.
الشق المعرفي السلوكي ويهدف إلى تصحيح مسار التفكير،
وتعديل السلوك من خلال تقنيات معينة. وهذه هي التقنيات التي تسير جنباً إلى
جنب مع العلاج التبصيري التحليلي، وهو علاج يحاول أن يكسر محاولات التبرير
التي يفعلها الشخص الذي يمارس الجنس مع الأطفال ليرى نفسه بلا مبرر
لفعلته، فيمر بخبرة الحرج والذنب.. أي يغير الأفكار والمشاعر والسلوك في آن
واحد.
1- أولاً اسأل نفسك هذا السؤال: هل أنا فقط من تتهيج
رغباته الجنسية؟ بالطبع لا! أنت فقط مختلف في المثير الذي يشعل الرغبة
لديك.. إذن ماذا يفعل من تنتابه الرغبة في أنثى ناضجة؟ هل يسعي إلى العلاقة
معها وكلما رأى واحدة تعجبه يفعل ذلك؟ الأمر يتوقف على علاقته بربه
وأخلاقه.. فهناك من يسعى لأن يعف نفسه بالزواج أو الصبر والصلاة والصوم..
هل يختلف الأمر بالنسبة إليك؟ نعم يختلف في المثير وهذا ما يزعجك..
ماذا لو نظرت للأمر على أنه ابتلاء ويجب عليك الصبر.. وكلما أتتك الرغبة
قاومت من أجل طاعة الله، ثم تذهب لتتطهر وتصلي وتدعو الله أن يرفع عنك هذا
البلاء؟
2- حاول أن تستدعي هذه العلاقة في خيالك، وبمجرد أن
تشعر بتحرك مشاعرك فعليك أن تستحضر فوراً صورة البوليس وهو يلقي القبض عليك
ثم يتم وضعك في السجن، ثم يقوم أحد الأشخاص باغتصابك في السجن..!
تُسمَّى هذه الطريقة في العلاج السلوكي "التنفير"، وكان يستخدم فيها في
السابق الصدمة الكهربية.. أي تستدعي الفكرة ثم يتم تعريضك لصعقة كهربية
حينما تبدأ الرغبة فيحدث ارتباط بين الرغبة الشاذة والألم؛ فتنفر من الرغبة
الشاذة.
حاول تنفيذ فكرة التخيل، ثم تخيل الصورة المؤلمة التي تليها.. ربما يساعدك ذلك على التنفير من هذه المشاعر.
3- كما أنك بحاجة لبرنامج علاجي معرفيّ لدعم الثقة بالنفس، وتعلم مهارات
توكيد الذات.. ويمكن أن نتعلمه معاً إذا كنت فعلاً تشعر بضعف ثقتك بنفسك
أو تعاني الانطوائية.
4- الرياضة ثم الرياضة ثم الرياضة! فهي تمتص الطاقة الجنسية وتحولها إلى
طاقة منتجة.. فلابد أن تتجه إلى ممارسة رياضةٍ ما تروق لك وبشكل منتظم،
حتى وإن استثقلت ذلك في بادئ الأمر فاعتبر أن ذلك جزء أساسي من العلاج
السلوكي.
صديقي العزيز، قد أبدأ معك من هنا لأضع قدمك على أول الطريق وتعرف كيف
تبدأ العلاج.. لكن فكر معي ماذا عن حق الله فيما فعلتَ بأحبابه من الأطفال؟
فلتستفتِ شيخاً في ذلك أيضاً حتى تمضي في الطريق السليم بإذن الله.