زفاف الغرباء.. زوج لم يمسك يد زوجته تصورت المشهد ووجدت زوجان ما زال بينهما الكثير من الحواجز
كتب: د. عمرو أبو خليل
وأنا أكتب مقالتي السابقة محاولا من خلالها مساعدة العروسين على
التخلص من القلق والتوتر وكثير من الأفكار الخاطئة حول هذه الليلة، كانت
الصورة التي في ذهني لزوجين قد عقدا زواجهما منذ فترة معقولة قد تصل لعدة
أشهر، وأﻧﻬما قد وصلا إلى حالة من التفاهم والحب بحيث بقيت ليلة الزفاف بما
حولها من اهتمام ومشاعر وأفكار متضاربة هي ما يحتاجه هذان الزوجان في مقال
تعريفي يزيل ما حولها من التباس ليبدآ حياﺗﻬما خالية من أي منغصات.
أزواج لكن غرباء
بالرغم
مما حققه المقال من نجاح عملي، فإنني اكتشفت أن هناك قطاعا آخر لم يخدمهم
هذا المقال؛ لأن حالهم مختلف عمن تصورت أني أكتب المقال من أجلهم، وهم
مجموعة الأزواج والزوجات الذين يعقدون قراﻧﻬم ليلة الزفاف مباشرة أو قبلها
بأسبوع، أو قبلها بعدة أشهر ولكن دون الوصول لحالة التفاهم والتواصل
المطلوبة بين زوجين والتي تؤهلهما للوصول الطبيعي لليلة الزفاف، خاصة وقد
تكررت حالات الفشل التي لا يبدو أن مجرد غياب بعض حقائق ليلة الزفاف هو
السبب فيها، ولكن هناك ما هو أعمق من ذلك فذهبت أبحث عنه.
فتصورت
المشهد فكان عنوانه "الزوجان الغريبان أو المغتربان" زوج لم يمسك يد زوجته،
زوجة لم تشعر بدفء أنفاس زوجها، زوجان ما زال بينهما من الحواجز الكثير،
مطلوب من هذا الزوج أن يمارس الجنس مع هذه الزوجة، مطلوب أن يداعبها
ويلاعبها، والمطلوب منها أن تستجيب وتنفعل وتتفاعل، ليصلا لحالة الانسجام
وذروة المتعة، هكذا فجأة بدون سابق إنذار.
فنجد مشاهد عجيبة، زوجة
تطلب من زوجها الخروج خارج الغرفة حتى تغير ملابسها فهي لا تتصور أن تغير
ملابسها أمامه، ليكون المطلوب منها بعد دقائق أن تتجرد تماما من ملابسها
أمامه لتتم الممارسة الجنسية بينهما، زوجان لم ترفع الكلفة بينهما في
الحديث، والمطلوب أن يتفاهما ويتحاورا فيما حدث من علاقة جنسية ولماذا حدث
ما حدث أو لم يحدث ما كان يجب أن يحدث، وليكون المطلوب الصراحة، في موقف
متوتر تمر لحظاته ثقيلة صعبة.
فهذا الرجل الذي لم أتحدث معه في
مشاعري العادية أو أعبر له عن حبي بالألفاظ، أو لم أستطع أن أطلب منه طلبا
خاصا لي، مطلوب مني الآن أن أقول له لماذا أنا خائفة أو لماذا أصرخ من
الألم، والمطلوب منه أن يفسر لماذا لم ينجح في إكمال العملية الجنسية،
ولماذا توتر فتوقف فجأة وهو لا يدري ماذا حدث.
قد يحاولان الحديث
فينجحان في بعض الأحيان ويفشلان في معظم الأحيان أن يتواصلا، ويعطي كل واحد
منهما ظهره للآخر وتنطلق الاستغاثات إلى الأصدقاء والأصحاب والصديقات
والقريبات، ويهرع الجميع لإنقاذ الموقف، كل حسب خبرته أو تجربته، ليجد
الزوجان نفسيهما مرة أخرى أمام بعضهما متوجسين، فالأزمة قد قطعت الحوار،
المقطوع أصلا، وحتى التواصل الطبيعي يشوبه القلق والتوتر.
فالكل
الآن في انتظار اللحظة الحاسمة، ليتجسد الزواج كله في لحظة ولينسى الزوجان
أﻧﻬما زوجان فهما شخصان انتدبا لأداء مهمة مشتركة على غير سابق معرفة
بينهما أو تفاهم، ولكنهما مضطران لإكمال المهمة فهذا واجب يجب الانتهاء
منه.
هذا هو المشهد الحقيقي بكل أسف والذي يتكرر كثيرا
والذي أوصلني لقناعة أنه في مثل هذه الظروف فإن الحل الصحيح يجب أن يقوم
به الزوجان؛ ليس من أجل أن يتجنبا مشاكل ليلة الزفاف فقط، ولكن من أجل أن
يتجنبا مشاكل حياﺗﻬما الزوجية كلها، حيث إن ما يحدث في هذه الليلة وتوابعه
يؤدي إلى حالة من الجفوة وعدم التفاهم بين الزوجين، حيث تصل كميات من
الرسائل السلبية من كل طرف للآخر في ظل هذا الجو المليء بالقلق والألم
والتوتر تبقى مؤثرة في نفس كليهما.
وربما تحتاج ليلة الزفاف
الفعلية لأسبوع على الأقل أو لأسبوعين على الأكثر؛ ليعيدا ترتيب المراحل
الرسمية، وبعد أن يدخلا شقتهما ويغلقا على نفسيهما فلا يكون أول شيء يفعله
الزوج هو محاولة أن يمارس الجنس مع زوجته فتطرده لتخلع ملابسها، بل
عليهما أن يبدآ حوارا حقيقيا من أجل تواصل صحي، فيقول لها (إنك زوجتي أمام
الله وأمام الناس وأنا زوجك أمام الله وأمام الناس، ولكن أريد أن أكون
زوجك أمامك وأن تكوني زوجتي أمامي، إنني أعرفك وتعرفينني ولكنها معرفة أدت
لحالة من التواصل البسيط الذي يحتاج لأن يصبح أكثر عمقا.
إنني
أحبك وأعلم أنك تحبينني ولكن نريد أن نحب بعضنا بعمق عن تعارف وتآلف، حتى
تسقط كل الحواجز بيننا، ونصل لأن نجد أن الملابس هي آخر حاجز بيننا يجب أن
يسقط فلا تشعري بالخجل من أن تغيري ملابسك أمامي ولا أشعر بالحرج وأنا
أفعل ذلك.
إﻧﻬا خطبة وعقد زواج ولكن في وقت مكثف وستكون فسحتنا
ورحلتنا ولعبتنا سويا فرحين لهذا التقارب، إن أول أسبوع من إجازتنا سنتعرف
فيه على بعضنا، على ما نحب وعلى ما نكره، سنتفاهم ونتحاور، سنتقارب ويقدم
كل واحد منا نفسه للآخر بأفضل وسيلة، سنحب بعضنا حقا، ستلتقي نفوسنا
وأرواحنا وعندها حتما ستلتقي أجسادنا بدون معوقات، بدون خوف أو قلق، بدون
بحث عن اﻟﻤﺠهول، بدون أحاديث محرجة).
سيكون اللقاء الطبيعي، وعندها
سنكون مهيئين لليلة زفاف حقيقية، أيضا سنتحاور حولها ﺑﻬدوء وسنقرر ماذا
سنفعل فيها سويا، سيقول كل منا للآخر بصراحة، ولكنها صراحة الالتقاء
والتواصل، سيكون نموذجا للحوار والصراحة في كل أمور حياتنا، لن يشعر أحدنا
بحرج من الآخر ولن يشعر بألم لكلمة قالها أو التفاتة أشار ﺑﻬا فلقد
تفاهمنا وتعارفنا وعرف كل واحد ما يقصده الآخر، عندها ستكون ليلة الزفاف
ليلة العيد.
عن كتاب أ. ب فراش زوجية اقرأ أيضا
ليلة الزفاف.. ميلاد جديد وليلة عيد!!