ارحموا مَن في الأرض يرحمكم من في السماء بجد أنا كان في إيدي ملاك بس مع الأسف الملايكة مش بتعيش مع القتلة
أنا مش عاوز ردّ على رسالتي دي، أنا عاوز
بس الناس تقرأها وتتعلّم منها، وتدعي لمراتي بالشفا، ولي بالمغفرة، وإني
أحصّلها بسرعة لو ماتت.
أنا شاب في أوائل الثلاثينات.. من سبع سنين
ونص اتعرّفت على بنت متوسطة الجمال في الشغل، وحبيتها، وهي كمان حبيتني
بجنون، ولأن الظروف مش سامحة، وقفت جنبي خمس سنين كاملة، اشتغلت معايا
فيهم، وحرمت نفسها من كل حاجة؛ علشان أقف على رجلي؛ لغاية ما فتحت مشروعي
الخاص ونجح بصورة كبيرة جداً.
المهم اتقدمت لها واتجوزتها وكتبت
باسمها الشقة، وعملت وديعة باسمها في البنك، وجِبت ليها ذهب، بدل الذهب
اللي ورثته عن أمها وباعته علشان تقف جنبي.
عِشت معاها أروع سنتين؛
لغاية ما دخلت مشروع مع أبوها، هي نصحتني إني ماكملش؛ لكني ما سمعتش، وفي
الآخر أبوها نصب عليّ في الفلوس، واتهزّ شغلي، وبقى عليّ ديون كتير.. اتغظت
جامد؛ لدرجة إني كنت هاطلقها، توسلت لي إني ماعملش كده، وطلبت إنها تعيش
في بيتي خدامة بالفلوس اللي أخدها أبوها، وحتى مش عاوزة مني أكل.
وأنا
زي ما أكون ما صدقت، بدأت أذلها بكل الطرق، منعتها من النوم على السرير،
وفي عز البرد كانت بتنام على السيراميك بهدوم خفيفة، ضرب وإهانة وشتمية
بألفاظ بذيئة، كل يوم وهي ولا حتى بتشتكي.
لدرجة إني اشتريت كرباج،
وبقيت أجلدها بيه على أي حاجة، على إن الملح خفيف في الأكل مثلاً، وكنت
باطفي السجاير في جسمها بقى مزاج عندي، وهي كل اللي تعمله إنها توطي رأسها
في الأرض، وما تبصش في عيني، وكلمة "آه" مكتومة بتطلع منها.
بقيت أعاشرها بعد ضربها مباشرة، مش للمتعة؛ مع إنها كانت بتحاول تمتعني بكل الطرق الممكنة؛ بس علشان أعذبها وأذلها وأهينها!!
وصلت
إن بقى ترتيب يومها إنها تصحى من النوم تحضر الفطار، وتقعد في المطبخ
لغاية ما أنا أنزل، أرجع أتغدّى وأضربها، وبعد كده أعاشرها وأرجع أضربها
تاني.. أنا في مرة شتمتها بلفظ بذيء جداً، وقلت لها: ده اسمك؛ فلما كنت
بانادي عليها باسمها تعرف إنها هتنضرب؛ لأنها لو مارديتش هاضربها علشان ما
بتردش، ولو ردت هاضربها وأقول لها: أنا مش قلت اسمك كذا.
وصلت إني
بقيت أضربها قدام أهلي، وأجبرتها تبوس رجل بنت خالي؛ مع إن هي اللي غلطت
فيها مش العكس، يومها كان في عينها نظرة بتقول لي: أبوس إيديك اعمل فيّ
اللي إنت عاوزه؛ بس بلاش تخلّي حد تاني يذلّني.
واستمرّ الوضع ده
حوالي شهرين ونص.. وأنا راجع البيت في يوم، عملت حادثة بالعربية، وكانت
حالتي خطيرة جداً، بعد ما خرجت من العناية المركزة لقيتها قاعدة في الأرض
في حضنها المصحف، ورأسها ساندة على السرير؛ فحركت رجلي؛ فصحيت شافتني
فرحِتْ أوي، باستني، وبعد كده اعتذرت، وخرجت قعدت بره.. أمي قالت لي: إنها
طول الفترة اللي أنا كنت فيها في المستشفى كانت هي جنبي طول الليل تصلي
علشان أقوم بالسلامة والمصحف في أيديها.. حتى أمي استغربت؛ لأن بعد ما
ضربتها وذلتها بالطريقة دي، كان المفروض تدعي إني أغور في ستين داهية.
جت
بنت خالي (اللي أجبرت مراتي تبوس رجلها في يوم)، ومراتي بتخدمني وتخدم
الموجودين معايا كعادتها، وبنت خالي أهانتها تاني؛ بس المرة دي أنا اللي
دافعت عن مراتي، وشتمت بنت خالي، ولما خالي لامني، قلت له إنت ماعرفتش
تربّيها، وده اللي كان لازم أعمله لما أهانت واحدة أشرف منها زي مراتي في
المرة الأولى.
حسيت إن مراتي عاوزة تبوس رجلي على الكلام ده، وطايرة
في السما، ولما سألتها: ليه دايماً كانت بتبص في الأرض وأنا باضربها؟ ردت
عليّ ردّ خلاني عاوز أولّع في نفسي، قالت لي: أصلي كنت باخاف أشوف في عينيك
نظرة قسوة فأكرهك غصب عني.
رجعت البيت وأنا حالف إني أعوّضها عن كل
حاجة؛ بس المشكلة إن ربنا حب يعاقبني على اللي عملته فيها؛ وكأنه بيقول
لي: أنا إديتك هدية إنت ماصنتهاش، علشان كده هاستردها تاني.. مراتي قبل
الموضوع ده كانت عيانة، قلبها كان تعبان؛ بس مش في حالة خطر، رجعت في يوم
البيت لقيتها واقعة في الأرض، اتصلت بدكتورة صاحبتنا، وقالت لي على
الكارثة؛ إن مراتي من التعذيب اللي شافته على إيدي والنوم على السيراميك من
غير هدوم تقريباً في عزّ البرد قلبها ضِعِف جداً؛ لدرجة إن موتها بقى
مسألة وقت؛ عشر شهور غايته.
وعرفت إنها عارفة من ساعة الحادثة
بتاعتي، وإنها طلبت من الدكتورة ماتقولش لي حاجة، وحلّفتها إنها ما تبلغ
عني لما شافت آثار التعذيب على جسمها، وهدّدتها إنها مش هتعرفها تاني لو
عملت ده، وقالت لها: إن هي كده كده مش هتتهمني بحاجة.
الألعن إني
عرفت إن مراتي باعت الذهب بتاعها، وكسرت الوديعة، وسددت كل ديون الشغل،
وكمان تنازلت لي عن الشقة والأثاث اللي موجود في القائمة، وفلوس جهاز
أختها، ووصتني عليها.
كل يوم باشوفها قدامي فيه، باتعذب وأنا باشوف
الوردة الجميلة اللي أنا قتلتها بإيدي بتموت كل يوم، وأنا مش قادر أعمل لها
حاجة، بيبقى نفسي أنتحر أو أسلم نفسي للبوليس، هي حست بده؛ فحلفتني بكل
غالي إني ماعملش ده، وحلفتني كمان إني أتجوز بعدها، بجد أنا كان في إيدي
ملاك؛ بس مع الأسف الملايكة مش بتعيش مع القتلة.
Aksa.somodلا
حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.. تعجز أي كلمات عن وصف مقدار الألم
والحسرة التي سيشعر بها بالتأكيد كل من يقرأ قصتك، ووصفك لظلمك لزوجتك
وقهرك لها؛ فرسالتك بقدر ما تثير الغضب عليك، لا بد أن تثير الشفقة والعطف
والرثاء لحالك، بعد استيقاظ ضميرك وندمك على غلطك؛ ولكن مع الأسف بعد فوات
الأوان.
قد يعجز العقل عن تصديق طيبة زوجتك واستكانتها أمام قسوتك؛
فإن كنا نتصور في زماننا هذا وجود مثل هذه الوحشية؛ فإننا لا نتخيل بحال
وجود مثل هذه الملائكية؛ لكن ظني أن الله تعالى كما يسّر للإنسان أن يصل
بعقله وعلمه لما يفوق الخيال؛ فأعتقد أنه قادر على أن ييسر له الشعور
بالطيبة ولو حتى في زماننا هذا.
إن ما فعلته في زوجتك يا سيدي لو
فعله ابن في أمه لدَعَت عليه بكل حرقة عالمة باستجابة الله تعالى لها وردّ
حقها ممن أهانها وكسَر قلبها؛ فما بالك بزوجة مهما كان ما ستحمله من حب؛
فلن يصمُد أبداً أمام التعذيب والإهانة، ولن يُقاس أبداً بحب أمّ لولدها
ولو كان عاقاً.
ولكن لأن الله تعالى عادل ولا يرضى بالظلم، أخذ
حقها منك، حقّها الذي لم تسعَ هي إليه من قريب أو بعيد، حقها الذي أغالب
دموعي جاهدة لأستطيع تصوّر أنها أضاعته واحتملت ذلاً وإهانة بلا أي مبرر
إلا حبّها لك؛ فهي لم تكن تحتاج إليك مادياً، وقسوتك حَرَمتها حتى من
احتياجها المعنوي إليك؛ وبرغم ذلك تحمّلت وصبرت، وندعو الله أن يأجرها على
صبرها هذا خيراً.
لن أستفيض في لومك أو عتابك؛ فرسالتك تقطر دماً
وحزناً على ما اقترفته يداك، كما أنك الآن بين يدي الرحمن، وسيصدر فيك حكمه
العادل؛ لكن واجبي تجاهك يحتم عليّ أن أطلب منك تعويض هذه الزوجة الملاك؛
فهي الآن في أشدّ حالات احتياجها إليك، ولا تيأس من رحمة الله، وجرّب عرضها
على أكثر من طبيب، وإذا كنت تستطيع -بعد أن تم تسديد ديونك- أن تسافر بها
للخارج؛ فلا تتردد؛ فعلاج القلب في تقدم مستمر، وإذا عاد إليها أملها فيك؛
فظني أنها ستتشبث بالحياة أكثر، وتجد فيها ما يستحقّ العناية بنفسها؛ فاجلس
معها كثيراً، وأطلب منها الصفح والغفران، وارجُها أن تحرص على الشفاء من
أجلك ومن أجل ألا تعيش بذنبها طول العمر؛ فتشقى ولا تهنأ.
واطلب من
والدتك التي تبحث لك عن عروسة ألا ترضى لها ما لن ترضاه لبنت من بناتها،
وأن تقدّر قيمة هذه الإنسانة، وأن تقترب منها وتزورها وتسرّي عنها؛ حتى لا
يكون في قلبها أي ضغينة لا لك ولا لوالدتك.
وقبل كل هذا ومعه،
استغفر لذنبك كثيراً، واطلب من الله تعالى العفو، بعد أن تكون قد بذلت كل
ما تستطيع لردّ المظالم إلى أهلها، وبعد أن تكون قد فعلت كل ما تقدر عليه
لرأب ألم زوجتك وعلاج قلبها، وإذا -لا قدر الله- كان الموت الوشيك والفراق
القريب هو القدر المحتوم؛ فلا تزِد من غضب الله عليك بسخطك على قدره؛ بل
اصبر واستغفر لها ولك، وقم بعمل أي مشروع خيري -ولو بسيط- ويكون دخله صدقة
جارية على روحها؛ فانتحارك بعدها لن يفيدها، وسيجعلك تخسر آخرتك كما خسرت
دنياك؛ في حين أن الصدقة الجارية ستتيح لك مساعدتها في آخرتها، ما دام لم
يمهلك القدر أن تساعدها في دنياها.
وفي النهاية، أتمنّى أن تكون
رسالتك عبرة لكل إنسان يُنكر فضل الله عليه، ولا يُدرك قيمة ما في يديه،
ويظلم أحبابه أو مَن هم أضعف منه، ويتجبر عليهم؛ مستهيناً بقدرتهم على طلب
حقهم، ناسياً أن من خلقه وخلق الحياة قادر وعادل، لا توازي قدرته شيئاً،
ولا يساوي عدله شيئاً؛ فلكل زوج يهين زوجته، ولكل أب يقهر أولاده، ولكل
صاحب عمل يستعبد مرؤوسيه ويذلهم بفرصة عمل جعله الله وسيطاً فيها، اقرأوا
قول رسول الله صلى الله عليه وسلم واعقلوه: "ارحموا مَن في الأرض يرحمكم من
في السماء".
لو عايز تفضفض لنا دوس هنا