بعد الغياب الأمني.. لو ساكن إيجار قديم أو تمليك اوعى البلطجية أو العمارة تقع عليك أصحاب العقارات يطردون ساكني الشقق بنظام الإيجار القديم
"دي فرصة لازم نستغلّها كويس؛ لأن ماكنش ينفع
نعمل ده قبل كده، ومانضمنش الظروف في الأيام الجاية".. هذا هو لسان حال
بعض أصحاب العقارات الذين يستغلون ضعف قبضة الأمن، والظروف التي يمرّ بها
البلد، ليقوموا بتهديد أرواح المواطنين أو حرمانهم من حقهم في سكن آمن.
والاستغلال
يتمثل في شيئين؛ الأول هو قيام أصحاب عقارات ببناء أدوار وطوابق إضافية
مخالفة، دون مراعاة لأرواح السكان ودون خوف من انهيار العقارات على رؤوس
سكانها، خاصة أن هذا الأمر ينتشر في العقارات القديمة بالمناطق الشعبية
والعشوائية، الشيء الثاني يتعلق بالممارسات الإرهابية التي يقوم بها بعض
أصحاب العقارات أيضا، من خلال طردهم للسكان الذين يقيمون بشقق بنظام
الإيجار القديم؛ حيث يتم إجبارهم على كتابة تنازل عن الشقة لصاحب العقار
والخروج للشارع.
شبرا ودار السلام
على
أرض الواقع كان الأمر مزعجا بالفعل؛ فالخوف يسيطر على المواطنين من الموت
تحت الأنقاض أو من التشرّد في الشارع، ووجدت أن هذا الأمر ينتشر في أغلب
أحياء القاهرة الكبرى، ويتم بشكل واحد تقريبا، ولذلك قمت برصد معاناة سكان
منطقتين (الأكثر تضرراً) وهما دار السلام بالقاهرة وشبرا الخيمة
بالقليوبية، وأردت في البداية رصد مسألة الأدوار المخالفة، ونقل معاناة
الأهالي منها.
الخوف من انهيار العقار
"إحنا
كل يوم ننام وإحنا خايفين، ونردد الشهادة قبل النوم".. هكذا عبّر سامي عبد
الكريم -من سكان دار السلام- عن حالة الهلع التي يعيشها هو وأسرته، بل
وأكثر من 12 أسرة، بعد أن قام صاحب العقار الذين يقيمون به ببناء ثلاثة
أدوار علوية دون ترخيص خلال الأيام الماضية، ودون أن يعترضه أحد، رغم أن
العقار قديم ومتهالك تماما، وهو ما زاد من حجم الانهيارات في أسقف وحوائط
شقق العقار.
وأضاف أنه والسكان تحدّثوا مرارا وتكرارا مع صاحب
العقار، ولكن دون استجابة، بل قام بتهديدهم بالطرد من مساكنهم، وقام أيضا
بالتعدي بالضرب والتهديد مستخدما الأسلحة النارية والبيضاء ضد كل من يعترض
على ما يقوم به.
وأضافت أنه بعد ضَعف الوجود الأمني مؤخرا، فقد أجبرها صاحب العقار
على ترك الشقة، ولم يرحم ظروفها الصعبة بعد وفاة زوجها، وسعيها للإنفاق
على أبنائها الخمسة، وقام بطردها بالقوة بعد أن ألقى بمتعلقاتها في
الشارع، ولم يعطِها سوى 500 جنيه فقط كتعويض، لتجد نفسها تقيم داخل
"خرابة"، دون أن يسأل عنها أحد.
مواطنون: إحنا كل يوم ننام وإحنا خايفين ونردد الشهادة قبل النوم
الاشتباك مع الشرطة
وداخل
أحد شوارع دار السلام التقيت مع عرفة المنياوي (75 سنة) الذي أشار إلى أن
العمل في بناء الأدوار والطوابق المخالفة يستمر طوال الليل والنهار، دون
مراعاة للأهالي، ويتسبب في ضوضاء شديدة، ويقوم العمال بتعطيل حركة السير
في الشوارع، ومن يعترض فمصيره الضرب المبرح، وقال إنه عندما حاولت قوة
الشرطة منعهم قاموا بالاعتداء على أفراد الأمن مستخدمين الأسلحة النارية.
وبالنسبة
له فقد أوضح أن العقار الذي يقيم بها مصرح لصاحبه ببناء 10 طوابق فقط؛ لأن
الأساسات لا تحتمل أكثر من ذلك، ولكن صاحب المنزل قام مؤخرا بإنشاء
طابقين، وكان هذا الأمر يتم تحديد تهديد السلاح؛ لترويع أي شخص من السكان
يعترض على عملية البناء، مشيرا إلى أن الشروخ أصابت أعمدة العقار، مما جعل
الأهالي يعيشون في رعب دائم من الموت تحت الأنقاض في أي لحظة.
استغلال الظروف
وعن
وجهة نظر أصحاب العقارات الذين يمارسون هذا الأمر؛ فقد برّروا ما يقومون
به، موضحين أن هذه الأيام هي الفرصة الوحيدة ليقوموا بعمليات البناء دون
أي اعتراض من رجال الأمن.
فقد أشار "سيد سلامة" -صاحب عقار بدار
السلام- إلى أنه كان يحاول قبل ذلك الحصول على ترخيص من أجل بناء 4 طوابق
إضافية، ولكن دون جدوى، ولذلك فقد استغلّ فرصة ضعف قبضة الأمن ليقوم
بعمليات البناء دون أن يعترضه أحد؛ لأنه يرى في ذلك فرصة أيضا لتحقيق
أرباح كبيرة، حيث قام ببناء 4 شقق، سعر الواحدة منها يصل إلى 200 ألف جنيه.
أسرة في الشارع
وفيما
يتعلق بمأساة أصحاب الشقق الذين يقيمون بها بنظام الإيجار القديم، فقد
عبّرت عنها سيدة تُدعى ثناء الشافعي -وهي أرملة ولديها 5 أبناء- حيث
التقيت بها داخل إحدى العشش الطينية الموجودة بإحدى خرابات منطقة شبرا
الخيمة، والتي أشارت إلى أنها كانت تقيم داخل إحدى شقق العقارات، التي
استأجرها زوجها قبل 12 سنة بنظام الإيجار القديم مقابل 200 جنيه شهريا،
بعد أن دفع 15 ألف جنيه كمقدم لصاحب العقار، وقبل 5 سنوات كان صاحب العقار
يلحّ في أن يحصل على الشقة، وأن يُخرجنا منها؛ لأنه يريد إنشاء برج كبير
مكان العقار، ولكننا كنا نرفض؛ لأننا ليس لنا سكن آخر.
قيام أصحاب عقارات ببناء أدوار وطوابق إضافية مخالفة دون مراعاة لأرواح السكان
طرد السكان بالقوة
من
ناحية أخرى فقد عبر أيضا أصحاب العقارات -التي تضم شققا بنظام الإيجار
القديم- حيث قال طارق كمال -صاحب عقار بمنطقة شبرا الخيمة- إنه ورث عقارا
قديما عن والده وكان يقيم به 9 أسر بنظام الإيجار القديم، حيث كان إيجار
الشقة لا يتعدى سوى 6 جنيهات شهريا، وهو يُعتبر مبلغا زهيدا جدا هذه
الأيام، وكان السكان يرفضون أي طلب بزيادة قيمة الإيجار، مما دفعه إلى
استخدام القوة منذ أيام؛ لإخراجهم من الشقق، مستعينا بأقاربه وأفراد
عائلته؛ لأنه يرى أن هذه هي الطريقة الوحيدة للحصول على المنزل، تمهيدا
لبيعه بعد ذلك.
50 ألف مخالفة
حملْت
كل هذه المشاكل وتوجّهت إلى الجهات المسئولة؛ للاستفسار عن دورها في حماية
هؤلاء السكان، فأشار مصدر مسئول بوزارة الإسكان إلى أنه رغم ضعف قبضة
الأمن فإن هناك لجانا من الوزارة تتجول بجميع المناطق، وتقوم برصد
المخالفات وتدوينها، ولكن دون احتكاك بأحد؛ حتى لا تحدث اشتباكات، وذلك
لحين عودة الأمور الأمنية لطبيعتها، وإفادتها بالمخالفات للقيام بإزالتها
بعد ذلك.
وأوضح المصدر أن المخالفات في القاهرة الكبرى، والتي
تتعلق بالأدوار المخالفة وقانون الإيجار القديم تتعدى 50 ألف مخالفة وهي
التي تم رصدها مؤخرا أو تلقت الوزارة شكاوى من الأهالي بخصوصها.
ضرورة عودة الأمن
ما
سبق يعكس وجود مشكلة سوف تمتد آثارها لفترة طويلة؛ فمن المتوقع أن تحدث
سلسلة انهيارات للعقارات التي تم التلاعب في أساساتها بإنشاء طوابق
مخالفة، وأيضا سوف نجد آلاف المشردين من ضحايا نظام قانون الإيجار القديم،
ولذلك فعلى الأجهزة المعنيّة سرعة التحرك لصدّ هذا الأمر قبل أن تستفحل
الكارثة، وعلى رجال الشرطة أن يعودوا لممارسة دورهم في حماية أرواح
المواطنين، خاصة أن الشارع المصري أصبح يعرف أهمية رجل الأمن ودوره.