موضوع: الإسلاموفوبيا.. شبح يهدد الجميع حتى الإسلام نفسه! الثلاثاء أبريل 19, 2011 5:30 am
الإسلاموفوبيا.. شبح يهدد الجميع حتى الإسلام نفسه!
Apr
18
2011
"فيتوريو اريغوني" يقبل أرض غزة لحظة وصوله اليها
انتشر مصطلح الإسلاموفوبيا في الغرب بصورة واسعة، وقبل أن يتم إلقاء الاتهامات على الصهيونية وأجهزة الإعلام المعادية للإسلام، والحرب على الإسلام، وكل هذه الشماعات التي تعوّدنا تعليق خيبتنا عليها أحب أن أذكر أن تصرفات البعض من المحسوبين على الإسلام هي ما أدت إلى انتشار هذا الإحساس بالرعب من كل ما هو إسلامي، لدرجة جعلت بعض العرب ومسلمي الغرب يحاولون التنصل أحيانا من جذورهم ودينهم بسبب ذلك.
الحوادث الإرهابية التي هزّت عواصم العالم، التسجيلات المخيفة والتهديدات التي يتم بثها عبر الإنترنت وبعض القنوات العربية لبعض رجال القاعدة، والجماعات التي أخجل من وصفها بالجهادية؛ لأنهم أبعد ما يكونون عن الجهاد ومفهومه الإسلامي.
وبعد أن شهد العالم موقعة الجمل أثناء الثورة، ورأى الجميع كيف عومل مراسلو الصحف العالمية الأجانب في مصر خلال هذه الفترة، وكيف كانوا يبثّون رسائلهم من غرف الفنادق وهم يرتعدون، وكيف يتم إيقاف سياراتهم وسحب كاميراتهم والاعتداء عليهم بل وقتل أحدهم، مع الأسف كان عرض هذه الصور يأتي جنباً إلى جنب مع صور الصلوات في الشوارع والحجاب على رؤوس النساء، والحديث عن مصر الإسلامية، والخوف من سيطرة الإخوان وما تبعها من "غزوة الصناديق" والتمسك بالمادة الثانية في مقابل بناء دولة مدنية ديمقراطية.
فلم يمضِ أسبوعان على حادث هزّ العالم ولم يتابعه المصريون لانشغالهم بأحداث الثورة، وهو ما فعله الشعب الأفغاني، ردا على بعض التهديدات الغبية بحرق القرآن من أحد القساوسة اللاهثين وراء الشهرة وحب الظهور، والردّ الرهيب لجموع الأفغان كان قتل 12 شخصا منهم 7 أشخاص من العاملين في الأمم المتحدة.
ودون أن يحتاج الإعلام الغربي إلى أن يربط بين الأمرين؛ ما يحدث في الدول الإسلامية وكونها إسلامية، يستطيع المشاهد العادي أن يستنتج من المعروض أنه يوجد في الإسلام شيء ما يدعو إلى العنف وإلى عدم تقبّل الآخر أو احترامه، شيء ما يغذّي الديكتاتورية والظلم، ولذلك يرضخ معظم العالم العربي المسلم تحت نير أنظمة ديكتاتورية لا يتورّع قادتها عن قتل شعوب بأكملها؛ ليحافظوا على عروشهم، شيء ما يتعارض مع القيم الإنسانية من مساواة وعدل، فما كانت الثورات المتتالية في الدول العربية سوى دليل جديد على خلل في الدين الرئيسي بالمنطقة، يستنتج الجمهور الغربي ذلك، ويبدأ في التخوّف من كل ما هو إسلامي.
ولو حاول البعض في توصيل الفكرة الصحيحة عن الإسلام وجوهره وعدالته وكماله كدين ينظّم كل شئون الحياة ولا يظلم أحدا، فسرعان ما يأتيك فيديو عبر يوتيوب، به شخص أبيض معصوب العينين، مختطف من جماعة فلسطينية متطرفة، تطلب مقايضته برجالها في سجون حماس، وتهدد بقتله في مهلة لا تتعدى 30 ساعة.
وعندما تبحث عن هوية المخطوف تجد أنه صحفي إيطالي وناشط حقوقي وهب حياته لخدمة القضية الفلسطينية، واستخدم نفسه في بعض الأحيان كدرع بشري لحماية الفلسطينيين ضد هجمات إسرائيل البربرية؛ لأنهم كانوا دائمي الحرص على عدم المساس بالأجانب. وسرعان ما تجد الأخبار تتوالى عن اكتشاف جثته، وعن مقتله على يد السلفيين والعناصر المتطرفة.
وحدّث ولا حرج عن فرحة المدافعين عن إسرائيل بسقطة كهذه من حكومة الفلسطينيين المنتخبة "حماس" وعما سنخسره من المدافعين عن القضية الفلسطينية في الغرب، والذين سيشعرون بأنهم بدفاعهم عن غزة الآن يغذّون التطرف والإرهاب دون أن يقصدوا! ما الذي تستطيع أن تقوله آنذاك ليكفّ الناس عن الشعور بالإسلاموفوبيا؟ كيف تبرّر انتماءك وانتماء هؤلاء القتلة إلى نفس الدين؟ كيف تبرّئ نفسك وتنظّف ساحتك أنت والكثير من المسلمين المعتدلين، الذين ما زالوا يرون في الإسلام دين الحق رغم كل ما ألصق به.
تكتشف أن الإسلاموفوبيا ليست سوى نتيجة ورد فعل، لأفعال كثيرة وممارسات يقوم بها أشخاص ينتمون للإسلام، ولكنهم يغرقون في الجهل الشديد والعنصرية الأشد لكل ما هو إسلامي.
والغرامة التي فرضتها فرنسا على المنتقبات ليست سوى جزء من رعب نحن من زرعناه في نفوسهم، على الرغم من أن القانون لم يذكر أي شيء عن الدين الإسلامي، ولكنه تحدّث عن غرامة لمن يضع شيئا يمنع الناس من معرفة هويته، ومع ذلك بدأت صحفنا في مهاجمة ذلك على أنه هجوم على الإسلام، على الرغم من أن الكثير من المسلمين لا يرون أصلا أن النقاب له علاقة بالإسلام، وينظرون له كعادة جاهلية.
لو كنت مسلما يحيا بالغرب، أو حتى مسلما يحيا في بلد إسلامي، كيف تدافع عن إسلامك ضد كل من يشوّهه؟ كيف تنبذ العنف وقتل الناس باسم الدين؟ كيف نوقف هذا التطرف؟ كيف تصل مع العالم إلى كلمة سواء؟ كيف نثبت للعالم أننا نحترم آدمية الآخرين بغضّ النظر عن لون أو دين أو عرق؟