اليوم يستريح الشهداء في قبورهم.. وتهدأ قلوب أمهاتهم المجد للشهداء
لا أجد تعبيرا يستوعب شعوري بعد صدور القرار باحتجاز مبارك وابنيه على
ذمة التحقيقات في تهمة قتل شهداء ثورة 25 يناير؛ ليس فرحا باحتجاز شخص أو
سجنه أو عقابه، ولكن لإقامة العدل في الأرض، وتقدير دماء الشهداء التي
سفكها مسئولون غير مسئولين، لم يراعوا حق النفس التي حرم الله قتلها إلا
بالحق.. لكن الطمع في نعيم الدنيا أعمى العيون، وأتخم العقول فلم تعد ترى
حقا أو تقيم ميزانا أو تحسب حسابا إلا لمصالحها..
أستحضر أمامي
الآن أكثر من ثمانمائة وجه أزهق في سبيل العرش.. وآلاف المصابين بعجز كلي
أو بعاهات مستديمة؛ لأنهم فقط وقفوا أمام شهوة شخص أراد أن يزداد نعيما
وتخمة من دماء شعبه..
لا أجد كلاما يصف شعوري.. ليس شعورا بالشماتة
أو الغلّ أو الكره، ولكنه شعور بالرضا والرحابة والفرحة بقضاء الله
العادل، ورحمته البالغة بعباده.. فعقاب الظالم رحمة للمظلوم، والانتقام من
المجرم تحقيق للعدالة في الأرض،
{وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}.. نعم في الموت حياة.. وبهذا فلنفرح.. بقضاء الله الرحيم..
لينعم
كل شهيد بكرم الله له، فلقد أكرم نزله في الآخرة وأعز قدره في الدنيا، في
الآخرة لاقى الجنة والحور العين وسكن منازل الشهداء في الآخرة.. وفي
الدنيا أسقط دمه الطاهر عرش الطغيان.. وأذل رقابا عزّت بالظلم والجبروت،
وأحيا شعبا بكامله من قبور العار والنكسة والإذلال..
أحيا دمه تراب
الوطن، فانتفض، وحصد الجاثمين على أنفاسه كالجراد، ولم يكن ما بنوه غير
بيت العنكبوت، وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون..
ليسترح
الشهداء في قبورهم.. ولتنعم أمهاتهم بالقصاص.. ولتهدأ خواطر كل يد ربّت
وكل ثدي أرضع وكل عين سهرت وكل قلب جزع، لترى وليدها صغيرها فتاها شابا
يانعا في عمر الزهور، ثم اختطف الغاشمون زهرتها في سكرة الجبروت وعنفوان
الطغيان.. لتهدأ ولتنعم بقصاص الله العادل وحكمه المبين..
لتجفّ
ولو قليلا دموع الثكالى.. ولتتوقف ولو قليلا تنهدات الحيارى.. وليبرد صدر
كل من رأى رصاصة تخترق قلب صديقه أمام عينيه، أو رأى عربة مصفحة مشبعة
بالغرور تهشم جسد أخيه.. أو تجاوزته قنبلة لتفجّر أجساد آخرين.. جمعت
بينهم كلمة الحرية ولا أي كلمة سواها..
لقد جاء انتقام الله، وقد تحققت العدالة على الأرض.. لنحمد الله على عدله ورحمته.. ولنطلب منه جزاء الشهداء..
تحيا مصر الحرة والمجد للشهداء.. المجد للشهداء.. المجد للشهداء..