باكره بابا من اللي عمله فينا.. والويل اللي ورّاه لينا!! أنتِ لست عاقة والله ليس غاضباً عليك
السلام عليكم.. أنا بس عاوزة إجابة لسؤالي هو
أنا مريضة نفسيّا؟ هو ربنا غاضب عليّ؟ بافكر في السؤالين بقالي أكتر من
سنتين ومش لاقية رد.
أصل الموضوع إني مش باحس بوالدي خالص؛ يعني لا
بيوحشني ولا باخاف عليه, أوقات بافكر إن ده طبيعي؛ لأنه كان بعيد عني طول
عمري, بافتكر خناقاته مع والدتي مِن وأنا في إعدادي، ودلوقتي أنا عندي 28
سنة، وبافتكر كل مشاكلهم، وإزاي إنه طردنا من البيت في ليلة امتحان وكنت
في ثانوية عامة، أنا الصغيرة في إخواتي، وكل واحد فيهم بقى ليه حياته
الخاصة، وأنا كمان الحمد لله ربنا رزقني رزق واسع؛ اتخرّجت في كلية عملية،
واشتغلت ومستوايا المادي عالي.
اتنقلت بسبب شغلي لبلد تانية غير بلدي ارتحت
نفسيّا جدا، وما بارجعش بلدي غير عشان والدتي، باتعامل مع بابا بشكل عصبي،
ومش باتحمّل أقعد معاه في مكان واحد، متأكّدة إن ده ما يرضيش ربنا، وإنه
هيعاقبني بعقوق أبنائي ليّ، لكن مش بمزاجي؛ أنا باحاول أحسّن علاقتي بيه،
ساعات باجيب له هدية ما بيفرحش بيها، وتاني يوم بيسيبها ويقول لي ما
تلزمنيش، حاولت أفكّر إنه في سن محتاج لي، وإنه أضعف من زمان، لكن قلبي مش
بيلين له.
حاجة كمان كان متقدّم لي واحد زميلي من سنين،
وسابني فجأة بعد ما أهلنا اتفقوا على كل حاجة والخطوبة ما تمتش, أكيد سأل
على أهلي وسمع عن فضايحهم اللي وصلت للمحاكم كذا مرة، وأنا ماليش ذنب كل
اللي بيتعاملوا معايا في الشغل باحس منهم باحترام لكفاءتي وعقلي الكبير،
لما بيتكلّموا عن تأخّري في الجواز أقول من جوايا لو يعرفوا الحقيقة.. كل
اللي يقرّب مني عن حدود الشغل بتعامل معاه بجفاء، أنا نَفسي باستغرب باقول
ماحدش هيرضى بيّ والناس بتبص من برّه، ولما هيعرف عيلتي هيسيبني وهتبقى
فضيحة في الشغل حتى علاقتي بإخواتي راحت، وباحس إن لما كل واحد فيهم بقاله
حياته، وخلاص بقت إيده في الميه.
مابقتش أطلب من حد حاجة باعمل كل مصالحي لنفسي،
ولو حد طلب مني حاجة باعملها له بس بيني وبين نفسي، بافكر إني لو احتجت
لحد مش هلاقيه جنبي لا قريّب ولا بعيد؛ علشان الناس بتفضل جنبك طول ما أنت
مش بتطلب منهم حاجة، أنا قدام الناس مش كده خالص متفائلة وبشوشة.
أنا آسفة إنكم شفتم الجزء ده من شخصيتي، لكن أنا فعلا محتاجة مساعدة!! قولوا لي أعمل إيه أنا فعلا عاوزة أتغيّر.
A.E عزيزتي صدّقيني أنتِ لست عاقة والله ليس غاضباً عليك، كما أنكِ لست
مريضة نفسيّا، ربما تكونين متوترة بعض الشيء، ولكنني لا أعتقد أن هذا مرض،
فأنتِ أسبابك معروفة، فكما يقولون في الأمثال "البعيد عن العين بعيد عن
القلب"، وأنتِ كما تقولين عشتِ معظم عمرك بعيدة عن أبيك، فأنت لم تفعلي
إلا ما استقيتِه من أبيك؛ فالحكمة تقول "الإناء ينضح بما فيه"، إن وضعتِ
به حُبا ستجدينه حبا، وإن وضعت به كرها ستجدينه كرها.
وليس في هذا عيبا، وربما في ظروف أخرى تكون الفتاة في شوق للقاء أبيها
الغائب، هذا إذا كان إنسانا سَوِيّا حنونا، يُحبّ أبناءه، ولا يطردهم من
المنزل، وليس الطرد فقط، بل في أشدّ لحظات القلق والتوتر، أثناء امتحانات
الثانوية العامة، والتي من المفروض أن الأهل يحاولون أثناء هذه الامتحانات
تهيئة الجو الملائم لأبنائهم حتى يستطيعوا المذاكرة كما ينبغي.
عزيزتي.. أنا لا أقول لكِ هذا حتى أُحرّضك على أن تكوني فتاة جاحدة
تعقين أباك، ولكن الإنسان إذا عومل بظلم وجحود، فلا بد وأن يجد مَن يُبرّر
له مشاعره السلبية تجاه هذا الجحود، حتى لا يكون مظلوما على الجانبين، مِن
الذي ظلمه مرة، وفي حالتك والدكِ، كما يلقى جحود الناس حوله لتشعره بأنه
يخطئ بهذه المشاعر السلبية، الناتجة من تصرّف الجاحدين حوله.
الأب إذا أعطته ابنته هدية، حتى لو كانت لا تروق له، فأبسط درجات
الإنسانية ألا يظهر هذا الجحود ويرجعها لها مرّة أخرى ويقول إنها لا
تُعجبه، عزيزتي حتى تطمئني بأنكِ لا تغضبين الله، أولا أعلمك بأن الأهل لا
بد أن يبرّوا أبناءهم كما يودون أن يبرّهم الأبناء، وقد قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: "رحم الله رجلا أعان ولده على بِرّه".
وكل هذا يا عزيزتي كي لا تؤنّبي ذاتكِ حتى المرض، ولكن هذا لا يعني أن
تعيقي والدكِ، بل يعني أن مشاعر القلب ليست بيد الشخص ولكن تصرّفاته
وأفعاله بيده، لذا فيجب أن تكون كل تصرّفاتك مع والدك لا تدخل في نطاق
العقوق مهما عاقكِ هو ومهما أذاكِ.
وأُنبّهك عزيزتي ألا تنسي قول الله تعالى:
{وَإِنْ جَاهَدَاكَ
عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا
وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ
أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا
كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} صدق الله العظيم.
أي أنكِ عزيزتي لا بد مهما فعل معكِ والدكِ ألّا تضرّيه في شيء، وحاولي
قدر استطاعتك ألا تكوني عصبية معه، وعامليه برفق، وأرسلي إليه الهدايا ما
دمتِ قادرة، وحتى لو أرجعها إليكِ مرّة أخرى، أعيديها مرة أخرى له، ربما
هذا يلين قلبكِ وقلبه، ولا تقطعي صلة رحمك به أبدا، مهما حاول هو قطعها.
ولا تخشي عزيزتي من أن أبناءك سوف يعاملونك مثلما تعاملين والدكِ؛
فوقتها ستكون معاملتكِ لأبيك جيّدة لا مشكلات بها، أما مشاعرك، فهي أمر
يخصّكِ، ولن يكرهك أبناؤك إلا إذا تعاملتِ معهم أنتِ بنفس الجحود، أما إن
كنتِ سوف تعاملينهم بالحسنى، فتأكّدي أنكِ لن تلقي إلا الحسنى، وهدّئي من
روعكِ، فسوف يجيئك الرجل الذي يعرف أنكِ لا ذنب لك في كل هذا، وتتزوّجي
وتعيشي في هناء مع زوجك وأبنائك الذين سوف تعاملينهم بما يُرضي الله إن
شاء الله، أمّا إن كنتِ تخشين من هذا التوتر الذي بك، فلا مانع من أن
تستشيري طبيبا نفسيا، ربما يعطيكِ بعض المهدّئات التي تساعدكِ على الحياة
في هدوء.
وفّقكِ الله إلى ما فيه خيرك،،،،
لو عايز تفضفض لنا دوس هنا