موضوع: بعد لعبة الحدود.. هل تصبح المصري اليوم عصفور النار؟! الإثنين أبريل 18, 2011 5:51 am
بعد لعبة الحدود.. هل تصبح المصري اليوم عصفور النار؟!
هل ما قالته المصري اليوم عن الإخوان مجرد نقل أم كذب وافتراء وتدليس؟!
"قال الإخوان إنهم يريدون تهيئة مصر للحكم الإسلامي، وقالوا إن تطبيق الحدود يأتي بعد امتلاك الأرض"... هذا ما قالته جريدة المصري اليوم في عددها الصادر أمس (السبت) 16 إبريل 2011، وربما قالوا اتمسكن لحدّ ما تتمكن!! وهو ما لم تقله المصري اليوم من باب الحيادية والمصداقية..
يقوم الإعلام بدور العصفور في كثير من الأحيان، لا أريد أن يفهمني محرر المصري اليوم خطأ، ويذهب ذهنه إلى مصطلح "العصفورة" بتاع أمن الدولة، فذاك عهد مضى، ومن عصفر فإنما يعصفر على نفسه.. وسواء كان بيننا عصافير أم صقور فقد قامت الثورة ونسفت نظام حمامة السلام وعصافيره!
العصفور الذي أقصده هو عصفور النار، الذي ينقل النار من بيت إلى بيت حتى يصبح حريقا شاملا يلتهم القرية كلها، ولم يكن الأمر بالأساس إلا قشة مشتعلة لولا نشاط عصفور النار..
اعتبرت جريدة المصري اليوم في عددها اليوم أن جماعة الإخوان المسلمين "كشفت على لسان عدد من قياداتها عن سعيها لإقامة الحكم الإسلامي وتطبيق حدود الشريعة الإسلامية في مصر"، ورغبة في الشعللة أكثر أكملت الجريدة اليوم: "ما أثار ردود فعل غاضبة بين قيادات الأحزاب السياسية الذين أكدوا أن هذه تصريحات ضد الدولة المدنية، وتثير قلق الليبراليين".
فمن أين بدأت الحكاية؟ في تغطيتها أمس لمؤتمر جماهيري عقده الإخوان بمنطقة إمبابة، أوحت جريدة المصري اليوم بأن الإخوان يسعون إلى "امتلاك الأرض" ثم بعد ذلك يطبّقون الحدود، ويتحالفون مع السلفية والصوفية من أجل التمكين للإسلام، وأن هذه فرصة لا يجوز تضييعها بحال..
الموقف القانوني -وليس مدار حديثنا- أعلنه الشخص الذي جاء الكلام على لسانه وهو الدكتور محمود عزت -نائب المرشد العام لجماعة الإخوان- حيث أعلن أنه تقدّم ببلاغ للنائب العام ضد الصحيفة، وضد ما قال إنه "كذب وافتراءات وتدليس" نشرته جريدة المصري اليوم.
ونفى عزت أن يكون قد ورد في تصريحاته عبارة "امتلاك الأرض" على الإطلاق، وأن ما قاله هو أن كلمة حدود مرتبطة عموماً بوجود أرض، وأن هذه الأرض هي المجتمع وأخلاقه وتعاملاته، وأكد نائب المرشد أن الإخوان المسلمين يؤمنون بأن المعنيّ بتطبيق الحدود هو السلطة التنفيذية والدولة وليست أي جهة أخرى. وأنه لا يجوز الحديث عن تفصيلاتها إلا بعد تهيئة شاملة تحقق حاجات وضرورات الشعب، فضلا عن تنمية السلوك القويم ونشر الخير بين الناس، واعتبر نشر هذه الأخبار التي قال إن الصحيفة تتعمّد تحريفها "جزء من حملة مشبوهة ضد جماعة الإخوان المسلمين دأبت هذه الصحيفة وعدد من محرريها على تنفيذها، وهو ما يخالف الأعراف الإعلامية وميثاق الشرف الصحفي" كما نقلت جريدة الشروق عنه حرفيا.
سؤال بريء عن المهنية والأخلاقية الذي يعنيني في هذه القضية هو الشقّ المهني والأخلاقي من التغطية؛ وهما في رأيي لا ينفصلان بحال في هذا الوضع الراهن الذي تمرّ به البلاد.. فسياسة التلفيق والادعاء أو دعنا نكون أكثر اتزانا فنقول سياسة الفرقعة والبقللة التي مارستها المصري اليوم في هذا الخبر وكثير من أشباهه شيء مستهجن، ويقف ضد مصالح الوطن العليا، ويسعى للتفرقة بدلا من أن نعمل جميعا على لمّ الشمل، ويجب أن نسأل عن المستفيد من تقوية المشاعر السلبية ضد المعارضة الإسلامية التي تسعى بجهد أقدّره لتحقق القبول وطمأنة الشارع، ليس بالأكاذيب ومعسول الكلام، ولكن بخطوات جدية وواضحة يشهد لها المعارض قبل المؤيّد، فلمصلحة مَن تلعب المصري اليوم على مشاعر التيارات الليبرالية واليسارية بـ"تسخين" واضح ضد الجماعة، وتؤلب التيارات الوطنية ضد بعضها؟؟
نحترم أن تسعى المصري اليوم أو أي وسيلة إعلامية إلى الكشف والتوضيح والمتابعة ولا بأس بإعلان الشكوك والوساوس والمخاوف التي تنتاب البعض من ناحية البعض أو تحرّك الهواجس من فصيل تجاه آخر، ولكن يجب التزام المهنية التي توصي بالنقل الحرفي للحقيقة دون تأويل أو إيحاء أو تجنٍّ فضلا عن كذب وافتراءات وتدليس بحسب وصف الشخص المعنيّ.
وما دام السياق خبريا فيجب أن يحترم الموضوعية والأمانة العلمية في النقل، ويتجنب صبْغ الخبر بالرأي، ويقتصر دور المحرر هنا على النقل، ويكون تدخّله في النص المنقول في أضيق الحدود، لا أن يجتزئ من السياق فيكون كمن قال "ولا تقربوا الصلاة".. ولا يضع كلمة مكان كلمة ولا يقصّ ويلصق ويقدّم ويؤخّر فيخرج النص عن سياقه، ويكتسب معنى مختلفا وربما معاكسا..
وتغطية المصري اليوم لمؤتمر إمبابة خير دليل على انعدام التوازن في العرض واللعب بالجمل لتفيد خلاف المقصود، وبحسب اتهام الدكتور محمود عزت تكون المصري اليوم قد تجاوزت ذلك بإضافة كلمات توحي بسوء نية..
تيجي نشوف "اللعبة" اتعملت ازاي! في الفيديو الحقيقي وبسؤال حول تطبيق الحدود قال الدكتور محمود عزت: "الحدود تكون بعد أن أملك الأرض، ولما أملك الأرض أولا ثم أضع الحدود حولها"، ويحرّك يديه باستدارة تؤكد أن قصده بالحدود هي الجسور التي توضع على مساحات من الأرض لتحديدها، وليست الحدود بالمعنى الاصطلاحي لها، لقد قصد الرجل التوضيح بمثال حسّي، وأسقطه بعد ذلك على وضع الحدود الشرعية، فكأن القلوب هي الأرض، وقبولها بالإسلام هو الملكية، ثم تأتي الحدود بعد ذلك، إنه فهم الرجل للإسلام..
وسأضع لك الفيديو لتعقد مقارنة بينه وبين ما نسبته المصري اليوم إلى الرجل، لتعرف أين تكمن الحقيقة، ومن المسئول عن الفتنة التي حدثت في أعقاب ما نشرته جريدة المصري اليوم.
نحترم المصري اليوم كجريدة نشطة تبحث عن الحقيقة وتنقل مختلف وجهات النظر، ولكن نعيب بعض الممارسات الخاطئة؛ التي تأتي نتاجا من خلل في معايير الموضوعية والمصداقية والحياد التام في النقل.. نحترم المصري اليوم ونتمنى أن نرى اعتذارا عن الخطأ المهني قريبا.
إضغط لمشاهدة الفيديو:
بعد لعبة الحدود.. هل تصبح المصري اليوم عصفور النار؟!