السلفيون والمسيحيون والزملكاوية إيد واحدة! كنا معا جميعا في التحرير نهتف بهتاف واحد فمن يمزق الوطن الآن؟
صديقي السلفي.. اطمئنّ؛ لم أصدّق أنك من هدمت الأضرحة رغم علمي بموقف منهجك منها..
صديقي المسيحي.. أعلم أنك لا تبحث عن فتنة، ولم تؤجج بنفسك فتنة حول المادة الثانية من الدستور، رغم مشروعية مطالبك بحرية العبادة..
صديقي الزملكاوي.. أعرف يا صديقي أنك لم تهاجم لاعبي الفريق التونسي.. فأنت أعقل من أن تشوّه سمعة مصر لهذه الدرجة..
أصدقائي..
أعرف جيدا أنكم لم تفعلوا كل هذا، فأنا رأيتكم بالفعل في التحرير، نعم كنا
معا، السلفي والمسيحي والإخواني والمتعصب لفريقه.. كنا معا جميعا نهتف في
نَفَس واحد بهتاف واحد.. "الشعب يريد إسقاط النظام"، فمن يا ترى يستهدفنا
جميعا؟ لا تحتاج إلى ذكاء؛ إنها أذيال النظام الذي أسقطناه تسعى لتحقّق
الفوضى التي تكفل له البقاء حيا..
أعرف السلفيين جيدا وأعرف منهجهم
جيدا؛ هم قوم عقلاء، وقادتهم يتمتعون بالحكمة، ولم يأتوا بأفعال مثل هذه
من قبل، فهل تغيّر المنهج أم تغير الأشخاص أم هناك من يندسّ ويلبس عباءة
هذا يوما وذاك آخر؟
يعرف السلفيون جيدا أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم وجّه وجهه ناحية الكعبة سبع سنين وبداخلها أصنام كفار قريش، ويعرفون
أنه لم يتجه لهدمها إلا عام الفتح في السنة الثامنة للهجرة، ويعرفون أن
عمرو بن العاص فتح مصر ولم يهدم أبا الهول ولم يعتدِ على معابد الفراعنة
وتماثيلهم، ويعرفون أن الصحابة والتابعين لم يقتلوا الشيعة أو يحرقوا
ديارهم أو يخربوا مساجدهم وطقوسهم، ويعرفون أن درء المفسدة مقدّم على جلب
المصلحة وأن إنكار المنكر يُحرّم إذا أدى إلى منكر أكبر منه.
ولهذا
أقول بكل ثقة إن السلفيين مبرؤون تماما من هدم الأضرحة وحرقها، وقطع
الآذان وجدع الأنوف، وإراقة دم المسلم من أجل إقامة الصلاة..
والمسيحيون
أحرص على مصلحة الأمة من مطالبات يسيرة، وهم أفطن من أن تقودهم المغالاة
إلى حدّ تهديد الأمن العام والسلام الاجتماعي، ويشقّون بنيانا كانوا وما
زالوا حجرا فيه، وزاوية قوية من زواياه.. ولهذا فالحديث عن الفتنة
الطائفية حديث تبرز منه نوايا سيئة ويستهدف اللعب بأمن البلاد، وأبرئ
المسيحيين العقلاء أن يستهدفوا أمن بلادهم التي دافعوا عنها بدمائهم وكتب
التاريخ تضحياتهم وبطولاتهم في ترابها..
يجب أن نتعامل مع الثورة المضادة بوعي وحكمة وثقة في
المصريين بكل طوائفهم، وأن نحصر أعداءنا في خانة واحدة؛ حتى لا يُشتتوا
تركيزنا على تصفيتهم والقضاء عليهم
وفي نفس السياق يعدّ الشغب الذي حدث في مباراة فريقي الزمالك والإفريقي
التونسي أمس (السبت) محاولة مفضوحة للنيْل من كرامة مصر وسمعتها، ويبدو أن
هناك قلة أثارت الجماهير، هذه القلة كانت مجهزة بالأسلحة البيضاء سلفا،
مما يؤكد أن هناك مؤامرة مدبرة مسبقا، وتستهدف في المقام الأول خلق حالة
من الفوضى وتهديد أمن الوطن، وهل من المعقول أن يهاجم جماهير الزمالك
النادي المنافس ويمارسوا هذه البلطجة ليسيئوا في النهاية لبلدهم ويفسدوا
المباراة ويلحقوا الضرر بنادي الزمالك؛ لأنه النادي صاحب الأرض ويتحمل
مسئولية أمن المباراة، هؤلاء البلطجية -نعم البلطجية- لا ينتمون لنادي
الزمالك ولا لجماهير مصريين عاديين، بل هم يستهدفون خلق حالة الفوضى التي
أثيرت، ويشتتون انتباه الجيش والشعب والحكومة عن المضي قدما في مسيرة
التقدم..
أستبعد تماما أن يكون للسلفيين دور في التطاول على
الأضرحة -رغم أني أختلف أساسا مع وجودها وما يحدث داخلها- وأستبعد أن يكون
للمسيحيين دور في تأجيج الفتنة الطائفية، وأستبعد أن يكون للمشجعين
المصريين دور في فضيحة مصر، ولكن المؤامرة واضحة المعالم، فمصر التي لم
يسجّل لها التاريخ يوما أنها هدمت كنيسة أو أحرقت ضريحا أو سفكت دم ضيف لا
يمكن أن تفعل هذا الآن، والرشد الذي رأيناه في ثورة الشعب يؤكد أنه ليس
بالرعونة ليكون هو الفاعل، بل الفاعل طرف يريد أن تحترق السفينة كلها، ولا
مانع لديه في أن يسيء لسمعة مصر التاريخية ويشوه صورتها، يرتدي يوما لحية
وجلبابا، ويوما قميص قسّ ويحمل صليبا خشبيا، ويوما شعار ناد رياضي، ولكن
الذي لا يفارقه في كل هذه الحالات هو سلاح أبيض يدسّه حول وسطه؛ هذا
السلاح هو هويته منذ االبداية، بلطجي مدفوع الأجر يهدد الأمن والاستقرار؛
لأن الأمن والاستقرار يكشف من يدفع له، والفوضى وحدها هي ما تكفل له
الحماية والتستر كعادة المجرم دائما..
هناك طرف وحيد رابح من
الفوضى، وخاصة أن مصر لم تكن بعد الثورة مؤهلة لكل هذه الفوضى، فالجميع
كان يتحدث بوعي وفهم عميق، وكانت الوحدة الوطنية في أعلى درجاتها،
والتمييز والنضج من جانب الشباب كان في أرقى منازله، مما يؤكد أن طرفا
غريبا يقحم نفسه ويتقمص الأدوار ليضرب هذا بذاك، وإذا صدق هذا المخطط فلا
أستبعد أن تحدث قريبا هجمات على السياحة وتخريب متعمد للآثار وإدخال
لأطراف خارجية في صميم الصراع، فكارت السلفية وكارت الفتنة الطائفية وكارت
التعصب في نظره أوراق فوضى غير كافية، ويبقى كارت الإرهاب المسلّح ورقة
مهمة في جيبه..
يجب أن نتعامل مع الثورة المضادة بوعي وحكمة وثقة
في المصريين بكل طوائفهم، وأن نحصر أعداءنا في خانة واحدة؛ حتى لا يُشتتوا
تركيزنا على تصفيتهم والقضاء عليهم..
أثق في السلفيين وأثق
في المسيحيين وأثق في كل من كان في التحرير وهم تقريبا مصر كلها، إلا من
حاول الاندساس بين الطاهرين، والآن يتقمّص ويندسّ من جديد لينفذ مخططه..