ارحموا مصر والقوات المسلحة.. يرحمكم الله!! تصدّوا لأي شائعة مغرضة في حقّ هؤلاء الأبطال من رجال قواتنا المسلحة
هل يظنّ شباب الثورة أنهم نجحوا بمساندة الشعب وحده في إجبار الرئيس مبارك على التنحّي؟
هل يظنون أن وجودهم في الشوارع والميادين كان سيفلح لولا تدخّل القوات المسلحة المصرية الباسلة؟
ألا يعتقد هؤلاء أن الكلمة العليا والكلمة الأخيرة كانت لهؤلاء الرجال المخلصين الأوفياء لشعبهم ولوطنهم؟
ألم
يكن هذا واضحا حين اجتمع المجلس الأعلى للقوات المسلحة بدون القائد الأعلى
وأصدر بيانه الأوّل، ثم جاء بعدها خطاب التنحّي الشهير؟
فلِمَ
التشكك إذن؟ ولِمَ الضغط على القيادة العسكرية في وقت تشهد فيه البلاد
محاولات لرأب الصدع الاقتصادي المتدهور، والوضع الأمني المنفلت؟
ألا يعتقد هؤلاء أن الجيش لو كان تضامن مع الرئيس السابق لتحوّلت مصر إلى بحر من دماء؟
وأنه
لولا هذه القيادات الوطنية لأصبحت مصر الآن تحت الحكم العسكري؟ لماذا لا
نعطي قياداتنا الشريفة الواعية الوقت لتُنفّذ مطالب وتطلّعات الثورة؟
إن
ما حدث من صدام مع أفراد القوات المسلحة فجر اليوم (السبت) يقول بأن هناك
دخلاء على هذه الثورة.. يُفسدون ما تحقق منها، ويسعوْن لتدمير ما يمكن
تحقيقه..
البلطجية والأفاقون والمنتفعون وأصحاب المصالح الرخيصة،
والذين يتكلّمون بالديمقراطية ثم يتصرّفون باسم شعب كامل وكأنهم أوصياء
عليه، الذين يريدون أن يكون لهم نصيب من كعكة مصر، والمتآمرون على شعبها..
كل هؤلاء في سلّة واحدة، يستفزون القوات المسلحة ويريدون الوقيعة بينهم
وبين الشعب.
قد يكون هناك بطء في اتخاذ القرارات، قد تكون المطالب
المشروعة لم تتحقق بعدُ، ولكن من المؤكّد أننا لسنا أكثر وطنية من رجال
لولاهم لفشلت الثورة، ولولا حمايتهم لمصر وأهلها لصارت مصر ليبيا أخرى،
أرجو ألا ننسى هذا!! مِن هنا أُودّ أن أُوجّه حديثي لكل مَن يعمل لصالح
هذا البلد أن يمدوا أيديهم لهؤلاء القادة الأبطال، وأن يتفهّموا موقفهم،
وأن يراعوا الظروف الحرجة التي تمرّ بها مصر، لا أن يكونوا هم أيضا وسيلة
للضغط عليهم..
إن القوات المسلحة ليس لها مصلحة في هذا البلد سوى
أن تستقر، ويأمن أهلها، وأن تكون في أيدٍ أمينة تتسلّم قيادتها، ولنتذكّر
أن جميع القيادات العسكرية ليس موقعها هو القاهرة، وليس شأنها أن تدير
وطنا، إنما مكانها على حدود البلاد لتدير معركة الأمن والحماية، ولكن شاء
قدرها أن تتحمّل الأمانة؛ وما أصعبها وما أشدّ تشابك خيوطها!!
فكفّوا عن التشكيك فيهم..
توقّفوا عن الضغوط عليهم..
تصدّوا لأي شائعة مغرضة في حق هؤلاء الأبطال من رجال قواتنا المسلحة..
لا تستمعوا لمن يريدونها فتنة.. ويريدون لمصر الفوضى والتشرزم والضياع، باسم الوطنية والثورة ودم الشهداء.
أعطوهم الفرصة الكافية لتحقيق تطلّعات شعب كامل في أن يختار قيادته للمرة الأولى في تاريخه الحديث.
إن أشدّ ما يُقلقني على هذا البلد هو الرغبة العارمة في الثأر والانتقام التي شغلتنا عن الرغبة في التشييد والبناء..
لقد حاكمتم المفسدين بفضحهم أمام العالم، وهو خزي في الدنيا لهم..
ورأيتموهم خلف القضبان وهي حسرة في قلوبهم..
فلا تقفوا وتنتظروا أن تروهم قتلى أو صرعى لتشفى صدوركم، ثم تغفلوا فتسقط أركان دولتكم..
انصروا الحب على الكراهية التي تفشّت في طول البلاد وعرضها..
أوقفوا نزيف الثأر الذي يجري في عروق أحاديثكم حتى وصل إلى القلوب والعقول..
لنترك محاكمة الفاسدين لقضائنا العادل الذي نثق فيه.
ولنبدأ في البناء والصبر عليه..
فلم تفلح أمة حطّم شعبها جبلا من فساد.. ثم أبى أن يتحرّك حتى يرى آخر حجر يسقط منه وتسحقة أقدامه.
فالذي ينظر للخلف لا يستطيع أن يتحرّك خُطوة واحدة للأمام.. والذي يبني مجدا لا يلتفت إلى بقايا من حطام.
ثم
قبل كل شيء وبعد كل شيء في هذه المرحلة العصيبة من تاريخ بلدنا التي
تكالبت عليها أفواه الجياع من أصحاب المصالح.. وعلا فيها نباح الكلاب
الضالة حول الجيف المتعفنة.. أدعوكم بحقّ محبتكم لها أن ارحموا القوات
المسلحة، وارحموا مصر من النعرات المدمّرة والدعوات الفاسدة، والأيادي
التي تحاول أن توقظ الفتنة النائمة..
يرحمنا ويرحمكم الله!!