انت على الطريق الصحيح .. لا يغروك .

بسمك اللهم أموت واحيا

شخص غير مرغوب فيه ، يلفظني العمل ، يلفظني البيت ، وحنان أمي ، يلفظني إشفاق أبي ، حتى أنت ،أعي جيداً المشكلة بأنني من كوكب آخر وإلا لما كنت غريباً على كل الأرض.!
سأحمل لحيتي ليتحقق التوازن فأرفع رأسي ولا يسقط للخلف ، وسألبس ثوب قصير حتى لو أغاظهم شعر ساقاي ، وسألفظ جسدي إن خذلني .!
***
كلما سمعوا جسد الأُمة يئن بتروا أحدنا ورموه في ثلاجة الموتى ، أو في أحد الأقبية رحمةً بالأمة .! ففي بلدي المرض يلبس ثوب طبيب .! والمُجرم هو الجلاد والقاضي .!
والمرحوم هو المخطئ دائماً .!
***
حتى هُم يستهينون بعقولنا ، فيخرج أحدهم قائلاً إذا رأيت أحد الدعاة يركب أفخم السيارات فلا تبتئس أو تضجر ، فالطبيب نصح بها .!
ظننته يسخر من بعضهم ، لكنه أكمل أن عندهم بعض الأمراض مثل الكلى وغيرها لا يعينهم عليها إلا السيارات الفارهة ؟
وماذا عن المجاهدين المثخنة أجسادهم بالجراح ألا يستحقون منك كلمة تعينهم على أمراض الدعاة ؟!
***
وجوههم مختلفة لكن مضمونهم واحد ، تتناثر أشكال التعبير وتتوحد الصورة إذا ما كشفنا عنها الستار ، جميعهم امتهن الكذب ، كلهم مُنافق ، يبتسم بوجهك ، وقلبه يلعنك ،حتى صاحبي رجل الأمن المُكلف بمراقبتي لا يلقاني إلا مُبتسماً مُرحباً ، ويكون أول من يرسل لي مسجات المعايدة في المناسبات ، وفي قلبه يلعن هذا التكفيري "كما قالوا له" ألف مرة ومرة .!
وأكثر ما يؤلمني أني أحد هؤلاء المفصومين .!
***
من وراء قلبها قالت لي : بدك تموت ؟! روح موت لحالك مش لازم تموتنا معاك .( آسف لاني استخدمت لهجة غيري )
صراحة لا أُحبذ الموت الجماعي ، وأتمنى ميتة غريب ، أختم بها غربتي ، ويا حبذا لو كانت فوق تلة من تلالها فيأكل الطير من رأسي وتنهش السباع من صدري ، وتبقى بقاياي متناثرة حتى يمر عنها عجوز أفغاني فقير فيحفر في الأرض ما يكفي لضم هذا الفُتات ، أو يلقي به من فوق التلة للبحيرة الصغيرة بجوارها ، رأفةً بالسمك المسكين .!
***
وقفنا خلف الإمام وقبل أن يبدأ بالصلاة ، أخرج دفتر المفكرة من جيبي وقلمي .!
ظننته يريد أن يكتب أمراً يخصه ، وبعدما ذهب فتحتها فوجدته كتب في أول صفحة فارغة " أخي الحبيب طريقنا واحد ، وفكرنا واحد .. نحن الآن روح في جسدين " .!
وبعد فترة قصيرة يرحل ، فيرقد جسده في التراب مصطحباً معه روحي ، ويبقى جسدي فوق الأرض يلاحق بناظريه خيالات روحه تحلق في عنان السماء .!
***
قلت له : رأيتك الليلة في المنام ، ورويت له أحداثاً طبختها في خيالي ، كانت مُرعبة حتى اغتصبت القشعريرة جسده النحيل ، وأكملتها للنهاية فانهارت آماله على عتبات منامي.!
، ثم قلت له أنا كذاب والأمر مجرد مُزاح.!
فقال : لا أنت لا تكذب ، مستحيل .!
فأجبته : أليس المرء على دين خليله ؟ ومن عاشر القوم .!
فأجابني صمته .!
***
أعد الدقائق في انتظارهم ، فيحضر أخي الصغير ليٌخبرني أنهم بدئوا بالالتفاف حول البيت لحصاره .!
التوتر يرتدي ثوب القهر يعلوه شماغ الحزن يطوف أرجاء البيت ، العيون المتجمدة ترقب اللحظة الأخيرة .!
صليت ركعتين ووضعت مصحفي في جيبي أنتظر أن يطرق أحدهم الباب .!
نظر إلي بعينيه الدامعات وقال لي اثبت ، وإن آذوك احتسب واصبر .! الشعور كان مختلف لأني لم اعهد منه مثل هذا الكلام ، لكن لكل مقام مقال.!
انسحبوا ، دون أن يطرقوا باب البيت ، فالتهمة لم تُجَهَز بعد .!