موضوع: موسوعة عشــــــ,,,ــــــــــــــانك يـــــــــــــــابلـــــــــ,,,ــــــــــــــدى الثلاثاء مايو 18, 2010 6:11 pm
معلومات هامه جدآ عن أم ألدينا مصر
وشخصيات هامه مصريه قد لا يعرف عنها البعض شيئ
النشيط الوطني
بلادى بلادى
لكى حبى و فؤادى بلادى بلادى بلادى
أنت غايتى و المراد مصر يا أم البلاد
كم لنيلك من أيادى و على كل العباد
فزت بالمجد القديم مصر يا أم النعيم
و على الله اعتمادى مقصدى دفع الغريم
فوق جبين الدهر غرة مصر أنت أغلى درة
و اسلمى رغم الأعادى يا بلادى عيشى حرة
أوفياء يرعوا الزمام مصر أولادك الكرام
باتحادهم و اتحادى سوف نحظى بالمرام
نبذة عن النشيد الوطنى المصرى الحالى : بلادى بلادى
كان هذا النشيد الوطنى من تأليف الشاعر الراحل يونس القاضى و قام بتلحينه الفنان الخالد سيد درويش و لكنه عندما أكمل تلحينه مات قبل أن يسمعه ملحنا
و قد استشف الشاعر يونس القاضى كلمات هذا النشيد من كلمات الزعيم الراحل مصطفى كامل قد قالها عام 1907 و كانت " بلادى بلادى لك حبى و فؤادى .... لك حياتى ووجودى , لك دمى , لك عقلى و لسانى , لك لبى و جنانى , فأنت أنت الحياة ... ولا حياة إلا بك يا مصر"
و قد اتخذت مصر هذا النشيد "بلادى بلادى" نشيدا قوميا ووطنيا لها بعد حرب أكتوبر المجيده تحديدا عام 1979 .
النشيد الوطنى السابق :
و الله زمان يا سلاحى اشتقت لك فى كفاحى و الله زمان يا سلاحى يا حــرب و الله زمان انطق و قول أنا صاحى زاحفة بترعد رعود و الله زمان ع الجنود الا بنصر الزمان حالفة تروح لم تعود شيلوا الحية على الكفوف هموا وضموا الصفوف منكم من نار الميدان ياما العدو راح يشوف ياللى اتبنيت عندنا يا مجدنا يا مجدنا عمرك ماتبقى هوان بشقانا و كدنـــا الشعب جبال الشعب بحور الشعب بيزحف زى النور زلزال بيشق لهم فى قبور بركان غضب بركان بيفور
نبذة عن النشيد الوطنى السابق : و الله زمان يا سلاحى
كتب هذا النشيد الشاعر الراحل صلاح جاهين لتغنيه كوكب الشرق سيدة الغناء العربى أم كلثوم و ذلك عام 1956 ثم اتخذ هذا النشيد كنشيد وطنى لمصر فى الفترة ما بين عام 1960 حتى عام 1979 ويذكر أن هذا النشيد أيضا كان نشيدا و طنيا للعراق فى الفترة مابين عام 1965 حتى عام 1981 .
حكام مصر محمد على باشا1805م ابراهيم باشا1848م عباس باشا1848م محمد سعيد باشا1854م الخديو اسماعيل1863م الخديو محمد توفيق1879م الخديو عباس حلمى1892م الساطن حسين كامل1914م الملك احمد فؤاد الاول1917م الملك فاروق1937م احمد فؤاد الثانى1952م الرئيس محمد نجيب1953م الرئيس جمال عبدالناصر1956م الرئيس محمد انور السادات 1970م واخيرآ الرئيس محمد حسني مبارك 1981م
الجيش المصري .. فخر الجيوش العربية .. حائط الصد المنيع منذ الازل و الى الابد .. جيشنا علم الهكسوس و التتار و الصليبيين و الفرنسيين و الاسرائيليين و كل الاستعماريين معنى كلمة حرب عندما استحضر في مخيلتي هذا الجيش بتاريخه المجيد ينتابني أفخر بأني انسان مصري ..
لن اتحدث عن الماضي و سأختصر ما بداخلي و اتحدث عن الجيش المصري في عام 2007 حتى الان عام 2009 اعداده و ميزانيته و اسلحته و تدريباته .. و طبعا كل هذه الارقام ارقام نشرتها وزارة الدفاع و الاستخبارات المركزية الاسرائيلية ( الموساد ) و لذلك نعتقد انها قريبة من الصحة خصوصا و ان الاعداد و المصروفات العسكرية تعتبر سرية ..
تمتلك مصر جيشا هو الاكبر أفريقيا و عربيا وهو القوة المركزية فى الشرق الاوسط بجانب إسرائيل ، إلا أنه يتفوق على الدولة العبرية في مجموع القوات العاملة والاحتياط، والقوات البحرية كما ونوعا، والطيران كمّاً وليس نوعا.
القوات البرية سلاح المشاه و الاشارة
تملك مصر قوات عاملة في حدود 400 الف جندي مدربين تدريبات قوية لمدة ادناها 9 اشهر و بعضهم شارك في مناورات عسكرية كبرى بين مصر و امريكا , المانيا , فرنسا , ايطاليا و غيرها و الافراد مزودين ببنادق نصف الي او الالي حسب مهماتهم بالاضافة الى القنابل اليدوية و تصنع مصر مجموعة البنادق المعادي و التى تعتبر متطورة اكثر عن الكلاشينكوف المعروفة و يزود جندي الاشارة بأجهزة الاتصال مثل الجهاز اللاسلكى prc77 و الجهاز tr 929 راكال و غيرها . و هناك فرق خاصة كفرقة الاقتحام و فرقة العقرب و الصاعقة و فرقة 777
سلاح المدرعات
تمتلك مصر الانواع التالية من الدبابات اما الاعداد فهي سرية و هذه الاعداد تقريبية طبقا لاعداد الصفقات و الانتاج و الخارج من الخدمة المعلن عنها
الدبابات المجنزره :
لدى مصر 880 دبابه من طراز M1A1 و بحلول 2010سيكون العدد 3000 دبابه و 1000دبابه من طراز M60A2 و 2000 دبابه من طراز M60A3 و 5000 دبابه من طراز T-62 و 8000 دبابه من طرازين T-55 , T-54 و سيتم تحويلهم الى دبابه رمسيس2 و هى تعديل للT-55 و ذللك بأضافه خزانات وقود لجعل المدى اطول و انظمه تحكم افضل و توجيه باليزر و 2600 دبابه من طراز رمسيس المعدله تعديل مصرى عندنا بس فى مصر و بذلك يكون اجمالى عدد الدبابات 21600
عربات الجنود المجنزره لدى مصر 800 عربه من طراز YPR 765 و 500 عربه من طراز BMP-1 و 200 عربات من طراز YPR 765 PRCO-B و 600 عربه من طراز YPR 765 PRCO-C و 500 عربه من طراز OT-62 و 1685 عربه من طراز M113A1 / A2 و400 عربه من طراز M577 و 2000 عربه مزوده بمدفع هاون M106 self-propelled mortar و 5600 عربه مزوده بمدفع هاون M125A2 sel-propelled mortar و بذلك يكون العدد الاجمالى هو 12285 عربه جنود
عربات الجنود الخفيفه لدى مصر 2000 عربه من طراز BRDM-1 و 3000 عربه من طراز BRDM-2 و 500 عربه من طراز BMR-600P و 2400 عربه من طراز Commando Scout و 5300 عربه من طراز BTR-152 و 3000 عربه من طراز BTR-60 و500 عربه من طراز BTR-50PK و 2200 عربه من طراز BTR-40 و 5000 عربه من طراز OT-64 و 7600 عربه من طراز Walid و 9000 عربه من طراز Fhad 4 x 4 و 5000 عربه من طراز Fhad 30 4 x 4 و عدد غير معروف من عربات القادر و4000عربه من طراز هامفى مزود لها رادار من طراز CBSS و بذلك يكون اجمالى هذا النوع من العربات هو 49500عربه
كذلك كشفت الصفقات إن سلاح المدرعات المصري تزود في العقد الأخير بحوالي 700 دبابة متقدمة من دبابات إبرا مز الامريكية و دبابات البرادلي وأن خط الإنتاج المصري الأمريكي للدبابات قام في العامين الأخيرين بتصنيع عدد يتراوح بين 150و200 دبابة جديدة،
سلاح المدفعية
مدفعيه مقطورة - عيار 122 مم / 70 مدفعا من نوع M-31 و M-37 و 359 مدفعا من نوع M-1938 و 156 مدفعا من نوع D-3M - عيار 130 مم / 420 مدفعا من نوع M-46
مدفعيه ذاتية الحركه - عيار 122مم / 124 مدفعا منها 122 ذاتي الحركه - عيار 155مم / 196 مدفعا من نوع M-109 اضافه الي 169 من نوع M-109A2 و M-109A3
راجمات صواريخ متعدده - عيار 122 مم / 96 مدفعا من BM-11 و60 مدفعا من نوع BM-21 و200 مدفع من انواع الصقر عشره والصقر 18 والصقر 36 وهي صناعه مصريه خالصه - عيار 227 مم بعض المدافع من نوع MLRS هاوانات - عيار 82 مم/ 540 مدفعا منها 50 ذاتي الحركه - عيار 120 مم / 1800 مدفع من نوع M-38 - عيار 160 مم / 30 مدفعا من نوع M-160
مدافع عديمة الارتداد - 520 مدفعا من عيار 107 مم من نوع B-11
مدافع دفاع جوي - عيار 14.5 مم / 200 مدفع من نوع ZPU-4 - عيار 23 مم / 280 مدفعا من نوع ZU-23 و118 مدفعا ذاتي الحركه من نوع ZSU-32-4 و36 مدفعا من نوع سيناء - عيار 37 مم مدافع من نوع S-60 و40 مدفع ذاتي الحركه من نوع ZSU-57-2
انظمة الصواريخ المصرية
انظمه الصواريخ المضادة للدبابات
1- الانظمه الخفيفة - أر بى جى 7 المصري و يصنع بطاقة إنتاجيه 750 قذيفة في الوردية الواحدة باليوم 6000 قاذف ار بى جى على منصه ارضيه يطلق اليا بدون تدخل بشرى وهذا ما تم فى نهايه الثمانينات لوضعه - من المناطق الحاكمه ليضرب الدبابات - 2000 قاذف من طراز ار بى جى 26 منذ عام 2002 - 5000 قاذف امريكى من طراز M72
2- اما عن الانظمه المضادة للدبابات الموجهه فمنها
- ساجر 1400 قاذف وكانت مصر تمتلك فى الثمانينات 2500 قاذف صاروخى روسى من طرازات AT 1/2/3 سنايبر وسواتر وساجر - القواذف تاو 3250 قاذف عام 2004 - القواذف سوينج فاير 1000 قاذف و 10000 صاروخ يعتقد ان نصفهم ما زال فى الخدمة والباقى تم تصديرة سابقا الى العراق والسودان - الصاروخ الروسى AT 5 سبراندل تسلح به العربات فهد 30/240 72 قاذف و 580 صاروخ - الصاروخين ميتس و كورنيت - الصاروخ ميلان 250 قاذف - الصاروخ هوت 3000 صاروخ هوت تسلح به الطائرة جازيل - الصاروخ هيل فاير تسلح به الطائرة اباتشى ويقدر اعدادة ب 1800 صاروخ - المقذوفات الصاروخيه كوبر هيد باعداد فى المدفعيه المصرية
انظمه الصواريخ ارض / ارض
تمتلك مصر ما يقرب من 1200 قاذف منذ نهايه التسعينات وهى الاكبر فى الحجم وتاتى بعد الصين وروسيا والولايات المتحدة
- الصاروخ فاب المحمل على العربة الجيب و العربة وليد قدر عدد القواذف يقدر ب 250 قاذف وكذلك تمتلك مصر صواريخ 122 مللى تحت اسم PRL 81 احادى القواذف وثنائي وثلاثي القواذف باعداد كبيرة للقوات الخاصة وكما تمتلك
الصواريخ صقر 4 بعدد 120 قاذف - الصواريخ صقر 8 بعدد 58 قاذف - الصواريخ صقر 10 بعدد 50 قاذف - الصواريخ صقر 18 بعدد 72 قاذف - الصواريخ صقر 30 بعدد 130 قاذف - الصواريخ صقر 36 بعدد 36 قاذف - قواذف الصواريخ 107 مللى RL 812/TLC المحملة على جيب تيوتا باعداد غير محددة - الصواريخ بى ام 11 بعدد 96 قاذف - الصواريخ بى ام 21 بعدد 215 قاذف - الصاروخ A-100 المبنى على صاروخ سميرش - الصواريخ صقر 45 - الصواريخ صقر 80 يقدر اعدادة ب 26 قاذف - الصواريخ ملرز الامريكى بعدد 26 قاذف - الصواريخ فروج لونا بعدد 12 منصه اطلاق - القواذف الارضيه من سامليت/ ايه اس 1 كينكال ويقدر عددها ب 25 قاذف - الانظمه الصاروخية لازالة الالغام مثل جهاد 1 / 2 وفاتح 1 / 2 المحملة فرديا وعلى عربات جيب والعربات المدرعه فهد - الصواريخ ارض ارض الباليستية - 48 صاروخ فيكتور / بدر وهو الاسم المصري لصاروخ كوندور - صواريخ نودونج و 7 منصات اطلاق لها و عدد50 محرك
صواريخ ارض / جو
- 390 منصه اطلاق سام 2 وحاليا اخرجت مصر اعداد كبيرة منها حيث حل بدل منها انظمه احدث واقوى تاثيرا وحاليا عدد القواذف يصل الى 240 قااذف ومطورة تلك الانظمه بحيث يتم اطلاق صاروخين فى وقت واحد من نفس البطاريه ومتابعه الاهداف لحين تحقيق الاصابه - 240 منصه اطلاق سام 3 و يقدر حاليا عدد البطاريات ب 30 وعدد المنصات 240 منصه ثنائية محمله على عربات وربما على شاسيهات دبابات تى 55 - 56 منصه اطلاق سام 6 ويتم تطويرها بعقود من روسيا عام 2002 - 120 منصه اطلاق هوك III المرحلة الثالثة ببعض القدرات لضرب الصواريخ الباليستيه والصواريخ كروز - 3 بطاريات باتريوت 2 بعدد 24 منصه اطلاق رباعيه مزودة ب 386 صاروخ - بطاريات سام 12 غير محددة الاعداد ( من 3 الى 6 بطاريات 50 منصه اطلاق رباعيه) - 50 منصه اطلاق كروتال / 14 بطاريه 86 منصه اطلاق شابريل 12 بطاريه - 18 بطارية سبارو بعدد 36 منصه اطلاق رباعيه - 45 منصه صواريخ سيناء سداسيه من صواريخ عين صقر
كذلك قامت مصر بتطوير جميع الصواريخ المصرية لجعل معظم الانظمه برد فعل قصير جدا يصل الى 6 ثانية ضد التهديدات المعادية التى تظهر فجأة و جميع الانظمه حالية تعمل فى حالة الاعاقه والشوشرة الكاملة من قبل العدو بدون تأثيرعليها
القوات البحرية
يعتبر الاسطول العسكري المصري اكبر الاساطيل العسكرية في الشرق الاوسط اذ يحتوى على حوالى 220 قطعة بحرية تتنوع من غواصات و كاسحات ألغام و طوربيدات و فرقاطات و يتركز الاسطول في الاسكندرية , السويس , سفاجا و الغردقة بالاضافة الى محطات الاصلاح في الاسكندرية , الاسماعيلية و بورسعيد
سلاح الغواصات
-4 غواصات R CLASS ROMEO - الغواصة روما - خلال خمس سنوات سيكون عند مصر اكثر من 10 غواصات ضاربة
الفرقاطات و المدمرات
- 10 بوارج من نوع Mubarak class وهي اقوي فرقاطة علي مستوي افريقيحيث انها مزودة بصواريخ هارفون من نوع 2 التي صادقت الإدارة الأمريكية على بيعها لمصر و يبلغ ثمن الصاروخ الواحد حوالي 800 ألف دولار امريكي
suez class- فرقاطتين
jianghu class- فرقاطتين damiat class - فرقاطتين الطرادات و القوارب السريعة
- 5 قوارب من طراز tiger 148 - 4 قوارب hegu class
- قارب السريع من نوع Komar
- 3 قوارب osa 1 - 6 قوارب vosper thornycroft - هناك احتمالية ان يكون هناك قوارب Ambassador III
قوارب الطوربيد السريعة
- 4 قوارب طوربيد هجومية
قوارب المدفعية السريعة
- اربعة قوارب مدفعية Shanghai 2 6قوارب من نوع houko class - 6 قوارب طوربيدshershen
كاسحات الاغام
كاسحات الاغام محيط - 5 كاسحة الغام محيط من نوع t 43 class - 3 كاسحات من نوع yurka class
كاسحات الاغام ساحلي - 4 كاسحات الغام ساحلي
- 2 كاسحة ألغام داخلي
قوارب الدورية - قطع من نوع okhtenskiy و اسمها المكس
سفن و قوارب انزال الدبابات و البضائع - 3 من نوع polnochny class - عدد غير معلوم من smb 1 قوارب الحراسة و المراقبة الساحلية ( بغض النظر عن قوارب الشرطة المصرية ) - 21 قطعة من نوع timsah class 9 -قطع من نوع type 83 9 -قطع من نوع swiftships 5 -قطع من نوع nisr class ( de castro ) 29 - قطعة من نوع DC 35type - 6 قطع من نوع crestitalia - 12قطع من نوع Peterson - 12 - قطعة من نوع mk3 sea spectre - 4 sea fox - 3 hovercraft sah220 - 8 قطع من نوع TOPLIVO 2 CLASS عدد غير معروف من INTISAR - زورق من نوع sekstan - قطعتين صغيرتين من نوع niryat - قطعة من نوع poluchat 2 الهيليكوبتر البحرية تملك مصر اعداد كثيرة من الحوامات البحرية المتعددة الاغراض منها - 10 SH-2G Super Seasprite - 5 من نوعWS.61Sea King - 9 من نوعSA.342L Gazelle - 2 من نوع Camcopter - 24 مروحية للقتال البحري منها 5 مروحيات من نوع سي . كنغ
كاسحات الاغام محيط - 5 كاسحة الغام محيط من نوع t 43 class - 3 كاسحات من نوع yurka class
كاسحات الاغام ساحلي - 4 كاسحات الغام ساحلي
- 2 كاسحة ألغام داخلي
قوارب الدورية - قطع من نوع okhtenskiy و اسمها المكس
سفن و قوارب انزال الدبابات و البضائع - 3 من نوع polnochny class - عدد غير معلوم من smb 1 قوارب الحراسة و المراقبة الساحلية ( بغض النظر عن قوارب الشرطة المصرية ) - 21 قطعة من نوع timsah class 9 -قطع من نوع type 83 9 -قطع من نوع swiftships 5 -قطع من نوع nisr class ( de castro ) 29 - قطعة من نوع DC 35type - 6 قطع من نوع crestitalia - 12قطع من نوع Peterson - 12 - قطعة من نوع mk3 sea spectre - 4 sea fox - 3 hovercraft sah220 - 8 قطع من نوع TOPLIVO 2 CLASS عدد غير معروف من INTISAR - زورق من نوع sekstan - قطعتين صغيرتين من نوع niryat - قطعة من نوع poluchat 2 الهيليكوبتر البحرية تملك مصر اعداد كثيرة من الحوامات البحرية المتعددة الاغراض منها - 10 SH-2G Super Seasprite - 5 من نوعWS.61Sea King - 9 من نوعSA.342L Gazelle - 2 من نوع Camcopter - 24 مروحية للقتال البحري منها 5 مروحيات من نوع سي . كنغ
القوات الجوية
سلاح الجوية المصري هو اكبر سلاح يهتم به القائد الاعلى للقوات المسلحة الرئيس محمد حسنى مبارك قائد القوات الجوية سابقا و مصر هي اكبر رابع دولة في امتلاك سرب جوي من طائرات ال F-16 و تمتلك مصر نسخ عديدة مطورة من F-16 وهي A.B.C.D.E وتتطلع مصر للحصول على احدث نسخة مطورة من F-16 وهي BLOCK 62
و تشمل مصر بالكامل شبكة دفاع جوي تعتبر هي الأعقد في العالم إذ تضم عشرات النظم الشرقية والغربية وتغطي كامل سماء جمهورية مصر العربية . ومما يزيد من صعوبة اختراقها تعدد الترددات والشفرات الخاصة بها نظراً لتنوع مصادر تسليحها مما يجعل الشوشرة عليها امراً صعباً ومعقداً وينطوي على مخاطر كبيرة. وتمكنت مصر من توفير دفاع جوي متحرك مصاحب للقوات البرية وهي احدى النقاط التي كانت غاشبة في حرب 73. ويمكن القول بثقة أن الدفاع الجوي اليوم لديه ايضاً فرص اكبر في تنفيذ مهامه. كما تصنع مصر طائرات متعددة بدون طيار منها طائرة انتجت عام 1990 باسم نسر خاصة بالاستطلاع و هناك مهام للطائرات بدون طيار تستخدم مثل المهمة التى قامت بها احدى الطائرات المصرية عام 2003 لاستطلاع مفاعل ديمونه وقاعدة الصواريخ الاسترتيجيه اريحا كما قامنت الكلية العسكرية الفنية منذ عدة سنوات بعرض انواع متنوعة من الطائرات بدون طيار التى صممها ونفذها المهندسون العسكريون وهناك طائرة بدون طيار متوسطه باسم تيلدين ريان 324 و هي مصرية و تصنع منذ عام 1988
و تلك بعض القواعد الجوية المصرية الاساسية قاعدة مطروح وتحتوي على 256 طائرة مقاتلة من نوعي F-7 وFT-7 وفيها ايضا Mirage2000BM و Mirage2000EM ويوجد بها لوائين رئيسيين وهما 26 و82
قاعدة المنصورة وتحتوي على 107 مقاتلة وبها 3 الوية رئيسية وهم 22 و 45 و 49 وتحتوي على مقاتلات F-7/TF-7 و MiG-21MF/U
قاعدة فايد وتحتوي على 102 مقاتلة من انواع F-16C و F-16D ويوجد بها 3 الوية رئيسية هم 40 و 64 و 777 قاعدة اسوان وتحتوي 112 مقاتلة من نوع MiG-21MF وبها 3 الوية هم 265 و 106 و 55 قاعدة غرب القاهرة وبها انواع E-2C و F-4E وبها فرع استطلاع و3 الوية هم 222 و87 و 76 و78
قاعدة كوم عشوين
وبها انواع IL-28 و KT-107 و Mi-6 و CH-47D اما العدد والالوية فهي سرية
قاعدة جناكليس وتحتوي على 211 طائرة من انواع F-6 و FT-6 و F-16C/D Block 40 (TUAS) و بها 3 الوية هم 272 و 20 و 21 و 75 و 77
الرئيس حسنى مبارك في لقاء مع مذيع اسرائيلي يسأله عن ما حدث في اول طلعة جوية في حرب اكتوبر و مبارك يقول له روح اسأل اللى موجودين , اسف , اللى كانوا موجودين و قادتك جم اخدوا جثثهم !
و من انواع الطائرات التى تمتلكها مصر ( مقاتلات , قاذفات , هليكوبتر , نقل ) :
ايضا مصر تمتلك 5000 طائرات هيليكوبتر متطورة أحدث تطوير وهى مضاده للغواصات في اخر صفقة للسلاح لها .
هذا غير الطائرات التى تم اخراجها من الخدمة و هم 80 SU-7B \ 120 Mig-17 \ 19 Tupolev Tu-16 \ 40 F-6 \ 12 Il-28 \ 30 An-12 \ 119 L-29 \ 12 Mi-4
التجسس و التنصت
الاقمار الصناعية مصر هي الدولة العربية الوحيدة التى تمتلك قمر للتجسس القمر الصناعي مصرسات 1 و يزن مائة كيلوجرام وسيتم إطلاقه من دولة كازاخستان بواسطة منصة إطلاق أقمار روسية. و تم تصميم القمر وبناؤه علي يد شركة أوكرانية وتم تزويد القمر بكاميرا وسيدور حول الأرض بمدار410 أميال وسيتمكن القمر من التقاط صور ملونة وغير ملونة وفي الظلام.
الاستطلاع رادارى Post-3m و TPS-49 و Tps-59 و رادار Lion و P-14 مدى الاستطلاع للمحطة هو 250 ك
الاستطلاع لاسلكى الجهاز esm-500 و YG-9A و الرادار Tiger و P-11 جهاز استطلاع لاسلكى مدى عمل الجهاز 500 كم و تمتلك مصر شبكه رادارات متكامله يمكنها رصد اى طائره بعيده الحدود المصريه و ارسال لها طائرات اعتراضيه فى الوقت المناسب او تجهيز الانظمه الصاروخيه و المدفعيه استعدادا لضرب الهدف
المخابرات المصرية
و هي تعمل بكل كفاءة كاشفة كل الجواسيس الذين يتم زرعهم في ارض الوطن و سجلات المخابرات مليئة بالوقائع المشرفة لحماة مصر و تضحياتهم
اسلحة الدمار الشامل
السلاح النووي
مصر لم تعلن عن امتلاك او نية امتلاك السلاح النووي و هي لاتحتاج للاسلحة النووية للدفاع عن نفسها ضد اسرائيل فلديها مايبيد اسرائيل بالكامل دون استخدام الاسلحة النووية
يقول أ.د حافظ حجى العالم بهيئة الطاقة النووية لدينا رسومات خاصة بجمبع اجزاء المحطة النووية حصلنا عليها من كندا فى اطار اتفاقية التعاون النووى و لقد وزعنا هذة الرسومات على المصانع الحربية و الهيئة العربية للتصنيع و أرسلت المصانع الحربية 24 خبير للتدريب ف كندا و يقول الدكتور محمد مصطفى عبد الباقى الاستاذ بهيئة الطاقة الذرية ان العلماء المصريين تدربو فى كندا لمدة عام لتصنيع الوقود النووى و لقد تم استخدام هذة الخبرة لتصنيع الوقود النووى فى مصنع الوقود النووى الذى اقيم فى انشاص بالتعاون مع المانيا وهناك برنامج لتصنيع وقود مصرى 100% ويقول ايضا ان شركة كيما للاسمدة تنتج 25 طن من الماء الثقيل وأنشأت كيما ايضا وحدة للماء الثقيل فى انشاص تحت اشراف خبراء مصريين وأن مصر متجة لمفاعلات الماء الثقيل لانها تحناج لليورانيوم الطبيعى وليس المخصب
كما اننا نجد ان مصر لديها مفاعلان نوويان بحثيان مراكز لانتاج النظائر المشعة محطات معالجة النفايات النووية معامل للقياسات الاشعاعية بالاضافة الى هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء و هيئة المواد النووية
من خلال السابق يتضح ان مصر لديها بنية تحتة نووية جيدة ومصنع وقود نووى ومصنع ماء ثقيل ويوجد لديها خام اليورانيوم وهى تحتاج الى ارادة سياسية لامتلاك سلاح نووى للدفاع عن نفسها اذ لم يكن لديها فعلا و الشئ بالشئ يذكر حيث لو قرأنا موقف مصر السياسي من معاهدة حظر انتشار الاسلحة النووية
ثانيا : الفقرة رقم 15 النقطة د :- د- إذا حصلت إسرائيل على أسلحة نووية ، فلا يمكن لمصر أن تقف ساكنة في مواجهة هذا التهديد الخطير للأمن القومي المصري .
و المعروف ان اسرائيل اعلنت عن امتلاكها للسلاح النووي بمتوقع عدد 400 رأس نووي
أسلحة اخرى
يوجد في مصر اسلحة كيميائية و بيولوجية و صواريخ باليستية و صواريخ سكود و صواريخ كروز
الجيوش العسكرية المصرية
الجيش الثاني الميداني و الجيش الثالث الميداني و هما موجودان على خط القناه و حتي فترة قريبه كان كل جيش يتكون من 5 فرق ميكانيكيه وفرقتين مدرعيتن ويزيد الجيش الثاني عن الثالث بفرقه ميكانيكيه ولدي الجيشين وحدات مدفعيه تصل الي 100 كتيبه مدفعيه مختلفه الانواع و18 كتيبه دفاع جوي تقريبا ، ولدي كل جيش مخصص محدد من الطلعات الجويه للاسناد او القذف الجوي ومنطقه نفوذ الجيش الثاني تمتد من القنطرة شمالا حتي فايد جنوبا ومن طريق الاسماعيليه الصحراوي غربا حتي الحدود الاسرائيليه شرقا اما الجيش الثالث فحدود عملياته تمتد من فايد شمالا حتي الادبيه (تقريبا ) جنوبا وحتي الحدود الاسرائيليه شرقا ويمكن لكلا الجيشين القيام بمناورات في اي منطقه تخص نفوذهما طالما تتوافر فيها الطبوغرافيه اللازمه و في حرب تحرير الكويت تم الاستعانه بفرقتين من فرق الجيش الثالث هما الرابعه المدرعه والثالثه ميكانيكي وفي مناورات النجم الساطع يتم عاده استخدام الفرقه 21 المدرعه من الجيش الثاني
تشكيل القوات
اربع مناطق عسكريه بالاضافة الى المنطقة الشمالية حيث يوجد الاسطول البحري قيادتا جيشين ربع فرق مدرعه تضم كل فرقه لواءين مدرعين ولواء اليا واخر مدفعيه ثماني فرق مشاه تضم كل فرقه لواء مشاه ألي ولواء مدرعا واخر اليا اربعة الويه حرس جمهوري اربعة الوية مدرعه مستقله لواء واحد منقول جوا لوائين مشاه مستقلان لواء مظليين 15 لواء مدفعيه مستقل لواءا صواريخ ارض ارض مزودين بصواريخ فروج 7 وسكود بي
( معلومة : الجيش يتكون من عدة فرق والفرقة تتكون من عدة لواءات واللواء يتكون من عدة وحدات والوحدة تتكون من عدة كتائب والكتيبة تتكون من عدة سرايا و السرية تتكون من عدة فصائل )
ميزانية الانتاج والانفاق العسكري
مصر تخفي الانفاق العسكري بلاشك و ذلك لدواع امنية و لكن طبقا لمصادر اسرائيلية فإن متوقع الانفاق هو
الدفاع الجوى المصرى 369مليون دولار المدفعيه289.9 مليون دولار القوات الجويه585.3 مليون دولار القوات البحريه 150 مليون دولار الجيش والاسلحه الثقيله4779.4 مليون دولار القوات الخفيفه والمحموله جوا678.8 مليون دولار الانفاق الادارى واجور عاملين 4161مليون دولار القوات الاحتياطيه 225.5 مليون دولار الاجمالى11249 مليون دولار بالاضافه الى المعونه العسكريه يصبح الاجمالى 14 مليار دولار و مصر تعتبر من الدول المصنعة و المصدرة للاسلحة و تشارك في كثير من معارض السلاح الدولية ..
التعداد العام * مجموع القوات المسلحة 1,402,000 * قوات مؤهلة للخدمة العسكريّة - مُتاح (رجال 18-49) 18,347,560 (2005) * قوات مؤهلة للخدمة العسكريّة - مُهيّأ (رجال 18-49) 15,540,234 (2005) * قوات مؤهلة للخدمة العسكريّة - مُهيّأة سنويا (رجال) 802,920 (2005) * قوات برية 319,950 * قوات جوية 110,800 * قوات بحرية 19,800
ابن ابراهيم باشا وجده محمد علي باشا وأخوه اسماعيل باشا-أول وزير للداخلية في مصر عام 1857
أحمد حلمي أبرز صحفي جريدة اللواء في عهد الزعيم مصطفى كامل-أشتهر بحملاته الناقدة على الأسرة الخديوية-أول صحفي صدر عليه حكم بالسجن-دعا الى مقاطعة المصريين للبضائع الأنجليزية للضغط لأقامة مجلس نيابى في مصر-جد الفنان صلاح جاهين
إسماعيل باشا صبري ولد اسماعيل صبري عام 1854درس في المدرسة التجهيزية وفي عام 1874 سافرفي بعثة الى فرنسا ونال اجازة الحقوق عام 1878تولى عدة وظائف مثل النائب العام ومحافظ الأسكندريةووكيل وزاة الحقانية-اشتهر بكونه شاعر عظيم صادق الوطنية-توفى عام 1923
أمير الجيوش
نسبة الى أمير الجيوش بدر الجمالي الذي زاد في رقعة القاهرة ونقل أسوارها في عهد المستنصر بالله الفاطمي
أمين باشا سامي عضو مجلس الشيوخ-تخرج من مدرسة المهندسين في عام1874-توفى في عام1941
إبن سندر هو مسروح بن سندر-كان عبدا لأحد أعيان العرب في صدر الأسلام-أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم به كل مسلم-انتقل الى مصر في عهد سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه ومنحه عمرو بن العاص هذه المنطقة
الاثري محمد نافع ولدعام1879في مدينة بني سويف ثم ألتحق بالمهندسخانةوواصل دراسته في فرنساواستهوته الأثارحين كلف بالأشراف على ترميم قناطراللاهون-نبغ في ترميم العديدمن الأثارمنهاالجامع الطولوني وبيت السحيمي ومسجد عمرووشارك في ترميم المسجدالأقصى والحرم النبوي الشريف وتوفى
الأزبكية مقر البرجوازية القاهرية ويرجع اسمها الى الأتابك أزبك بن ططخ وهو من مماليك الأشرف برسباي الذي بدأ في تعميرها عام 880هجريابعدما كانت منطقة خربة وحفر مجرى من الخليج الناصري ليوصل الماء الى أرض الأزبكية وقد شجع ذلك الأهالي فبدأو البناء حولها
الألفـي جلب مملوكا سنة 1775ثم باعوه الى تيمورلنك والذي أهداه الىمراد بك فرد عليه بهدية ألف أردب من الغلال فسمي الألفي ثم أعتق-أشتهر بالعنف وبنى عدة قصوروحارب الفرنسيون وكانت قواته تمثل نصف قوة المماليك-علاقاته بالأنجليز جيدة وقاوم محمدعلي في حكم مصر-مرض وتوفى1807
الأمير يوسف من مماليك محمد بك أبي الذهب و تزوج أخته-توفى في عام1191هـ
البطل أحمد عبد العزيز من كبارضباط الجيش المصري-وعندما رأى أن الحكام العرب قدتأخروا في قرار دخول الجيوش العربية الى فلسطين عام 1948لمواجهة الصهاينة استقال من الجيش المصري وانطلق مع مجموعة من رجاله لمقاومة القوات الصهيونية واشتشهد في فلسطين
الجيزة بعد أن فتح المسلمون بقيادة عمرو بن العاص حصن بابليون وهو على الشاطئ الشرقي للنيل أجتاز رجال من الجيش النهر ليتولوا حراسة الجهة المقابلة للحصن فسميت الجيزة
الحلمية نسبة الى عباس حلمي الأول-حفيد محمد علي باشا-أنشأ فيها سراي عظيمة
الحوض المرصود نسبة الى وجود حوض من الصوان الأسود طوله 270سم وعرضه الأمامي 138سم والخلفي 178 سم وارتفاعه 192سم وكان معدا للشرب وعندما دخل الفرنسيون مصر أخرجوه من موقعه وأرسلوه الى باريس واستولى عليه الأنجليز وموجود في متحف لندن
الخليفة نسبة الى الخلفاء العباسيين الذين سكنوا ودفنوا في هذه المنطقة
الدكتور ميشيل باخوم أحد المهندسين الأنشائيين الكبار في مصر-تعلم في جامعة القاهرة وشارك في عدة مشاريع ضخمة في مصر-عاش في الفترة من 1913-1981
الدمرداش نسبة الى الشيخ محمد الدمرداش-رجل دين صالح
الرشيدي نسبة الى الدكتور أحمد حسن الرشيدي الذي درس بالأزهر ثم أشتغل مصححا للكتب بمدرسة الطب بأبي زعبل وسافر الى أوروبا ضمن بعثة سنة1832وعاد من فرنسا سنة1838وعين مدرسا للعلوم الطبية بمدرسة الطب بأبي زعبل وتوفى في سنة 1865
الرويعي نسبة الى جامع الرويعي الذي أنشأه السيد أحمد الرويعي شاهبندر التجار في مصر في القرن التاسع الهجري
الزمالك في عام 1830 بنى محمد علي باشا قصرا بين المزارع في الجهة الشمالية من أرض الجزيرة الكبيرة واتخذه مكانا للنزهة وكان بالقرب من هذا القصر أخصاص وعشش يصطف فيها رجال حاشيته فسميت الزمالك وهي كلمة ألبانية معناها الأخصاص أو العشش المصنوعة من البوص و القش
الشعراني هو العارف بالله الشيخ عبد الوهاب بن أحمد الزغلي-عالم اسلامي فقيه له مؤلفات في الفقه و التصوف-عاش في الفترة 1492-1565
الشيخ ريحان نسبة الى وجود زاوية في وسطه بها ضريح للشيخ ريحان
الفلكي محمود باشا حمدي الفلكي-من تلاميذ علي مبارك-عالم فلك-تولى نظارة الأشغال العامة عام 1882-عاش في الفترة من1815-1885
القصر العيني أنشأه شهاب الدين أحمدبن عبد الرحيم بن قاضىالقضاةالحنفية بدرالدين محمودالعيني في 1466وعرف بقصرالعيني أستولى عليه المماليك ثم الفرنسيون واستعمله بونابرت كمستشفى ثم أنشأ فيه محمد علي مدرسة حربية في1825وفي 1856 أفتتح سعيدباشا مدرسة الطب وتولى ادارته كلوت بك
الماس الحاجب هو الأمير سيف الدين ألماس الحاجب-أحد مماليك الناصر محمد بن قلاوون
المبتديان في يناير 1868 نقلت مدرسة المبتديان (الأبتدائية باللغة التركية) الى الناصرية الحد الشرقي للشارع في قصر البرديسي
المطرية كان يطلق عليها منية مطر وكان أبو جعفر المنصور قد عين مولاه مطر عاملا على مصر في سنة 157هجريا وعزله المهدي في سنة159هجريا
المنيرة في عام 1873أقيم فيه أفراح زفاف ثلاثة أمراء وأميرة من أولاد الخديوي اسماعيل-وأقيمت المسارح والملاعب وأطلقت الصواريخ ودامت الأفراح أربعين ليلة
الموسكي ينسب الى الأمير عز الدين موسك-أحد أمراء السلطان صلاح الدين الأيوبي وأنشأ قنطرة الموسكي وكان طيباخيرا به تقوى ويحترم العلماء وتوفى في دمشق 584هجريا
الوايلي سكن في هذه المنطقة قبيلة من العرب تعرف ببني وائل-وكان بها قناطر ينسب انشائها الى الناصرمحمد بن قلاوون
باب الخلق اسمه أصلا باب الخرق وكان فضاء تخترقه الرياح فسمى الخرق ثم حرف الى الخلق
باب الشعرية عرف باسم باب العدوي لوجوده أمام جامع العدوي و الشعرية طائفة من البربر يقال لهم بنو الشعرية وهم مزانة وزيارة وهوارة
باب اللوق كانت مياه نهر النيل تغمر هذه الأراضي أثناء الفيضان ثم تنحسر عنها فتتركها لينة لاتحتاج الى حرث فكانت هذه الأراضي "تلاق لوقا"أي تبذر فيها البذور وقيل أيضا أن سبب تسميتها لوق أنهاأرض مرتفعة "اللق" هي الأرض المرتفعة
باب زويلة أسم قبيلة زويلة وهي أحدى فرق الجيش الفاطمي التي أتت الى مصر بقيادة القائد جوهرالصقلي
بركة الفيل نسبة الى رجل يدعى الفيل من أمراء دولة بن طولون
جواد حسني
أحد شهداء ورجال مصر في حرب فلسطين1948
حافظ حسن وزير الزراعة والأشغال العمومية في حكومة اسماعيل صدقي الأولىمن 1930-1934وقبلهاكان وزيرا للمعارف في حكومة عدلي يكن في عام1929كما كان وزيرا للأشغال في حكومة علي ماهر في عام 1936
مطار ألماظة نسبة إلى كونت ألماسي وهو طيار مجرى عاش فى مصر فى الثلاثينات والأربعينات. و اكتشف مع مستر ومسز كلايتون -فى بعثة أمر بها وتولى تكلفتها أمير من أسرة محمد على اسمه كمال الدين- كهفا فى العوينات على الحدود بين مصر وليبيا يحتوى على رسوم تعود إلى آلاف السنين. و قد كتب عنه روائى كندي من أصل سريلانكى رواية ذاعت وانتشرت جدا خاصة بعد تحويلها إلى فيلم "المريض الإنجليزي" لكن أحداث الرواية لا تمثل الحقيقة خاصة أن للرجل مذكرات منشورة بالمجرية والألمانية
حسن صبري بدأحياته محاميا وعين وزيرا مفوضا لمصر في لندن-عين وزيرا للمالية في حكومة عبدالفتاح يحي1933-1934ثم وزيرا للمواصلات والتجارة والصناعة في حكومة علي ماهر1936وفي حكومة محمد محمود37ووزيرللحربية في38-علاقاتة بالأنجليز وثيقة مكنته من أن يكون رئيس وزراء مصر1940
حسين حجازي لاعب كرة ورياضي شهيررأس أول فريق مصري للألعاب الأوليمبية عام1930في بلجيكا-لعب في أندية السكة الحديد و الأهلي والزمالك واعتزل عام1931 وتوفى سنة 1961
خان الخليلي نسبة الى جهاركس الخليلي رئيس الأسطبلات في عهد السلطان الظاهر برقوق وكان في هذا المكان مقابر أسرة الخلفاء الفاطميين -وعند انشاء خان الخليلي أهان جهاركس الخليلي حرمة الأموات فعاقبه الله ومات ميتة سيئة في معركة بالشام
رشدي حسين باشا رشدي-رئيس وزراء مصر لأربع مرات ثم رئيس لمجلس الشيوخ-توفى عام1928
زكي أبو السعود وزير للحقانية في حكومة عدلي يكن الثانية في الفترة من1926الى1927 واستمرفي نفس موقعه في حكومة عبد الخالق ثروت الثانية في الفترة من 1927الى1928
سعد زغلول
بطل مصري وزعيم ثورة 1919-ولد1860-عين وزير للتعليم 1906-أنتخب وكيل للجمعية الشرعية 1913-رفض طلبه مع الوفد المصري للسفر الى فرنسا لعرض قضية مصر-نفي الى مالطا فاندلعت الثورة-توفى في عام1927
سليم الأول
سلطان تركيا ولد عام 1467أنقلب على والده وأعلن نفسه سلطان على تركيا في1512وقتل أخوته لينفردبالسلطة-أعد جيوشه لغزو مصروهزم قنصوة الغوري والي مصر في مرج دابق ومن بعده طومان باي في الريدانية ودخل مصرفي1517ومن هذا التاريخ وقعت مصر تحت الأحتلال العثماني
سليمان باشا عسكري فرنساوي-أسمه الكولونيل سيف-استعان به محمد علي في انشاء وتدريب الجيش المصري-أصبح وزير للحربية-توفى عام 1860
سنان باشا من أوائل الولاة العثمانين في مصر حكم مصر مرتين من (975-976)ومن (979-980)هجريا-جدد حفر ترعة المحمودية
سيمون بوليفار أحد المناضلين في سبيل الحرية-حارب أسبانيا لتحرير أمريكا اللاتينية-أطلق عليه محرر أمريكا اللاتينية-عاش في الفترة1783-1830
شريف محمد باشا شريف-تركي الأصل أبوه شيخ الأسلام بتركيا وأرسله ليتعلم في الأزهر ضمه محمد علي الى معيته وأحب مصر وأخلص لهاوتقلد عدة وظائف حتى أصبح رئيس للوزراء في عهد سعيد باشا واسماعيل وتوفيق والثورة العرابية وتوفى فى 1884عن72عاما
صفية زغلول
هي السيدة صفية مصطفى فهمي-أم المصريين-زوجة الزعيم سعد زغلول -شاركته في رحلة التحرير-توفت في عام1946
طومان باي
ناب السلطان قنصوة الغوري في حكم مصرأشتهربالعدل والتواضع أحبه الشعب أعد الجيش بعد هزيمة قنصوةالغوري من سليم الأول للدفاع عن مصرقاوم الجيش العثماني في معركةالريدانيةوأبلى بلاءحسناولكنه هزم وعرض عليه نيابة سليم ولكنه رفض وحكم عليه بالأعدام وشنق على باب زويلة
عائشة التيموريه هي الشقيقة الكبرى لأحمد باشا تيمور-أديبة وشاعرة-لها ديوان حلية الطراز-عاشت في الفترة1840-1902
عبد العزيز في أواخر مارس1863 زار السلطان عبد العزيز سلطان تركيا مصربعد ولاية اسماعيل باشا حكم مصر ومكث في مصر عشرة أيام تنقل فيها بين القاهرة والأسكندرية وفي عام 1870 بدئ بشق الشارع من العتبة الىعابدين وأطلق عليه عبدالعزيزتخليدا لهذه الزيارة
عبد العظيم راشد وزير للأشغال العمومية في وزارة عبد الفتاح يحي الأولى في الفترة من1933الى1934وقد كان من رجال الملك فؤاد المخلصين
عبد القادر حمزة صحفي كبير أصدر جريدة الأهالي ثم أنشأ جريدة البلاغ -عاش في الفترة من عام1888-1941
عبد المنعم رياض ولدعام1919 وتخرج من الحربية عام 1938ثم درس في مدرسة المدفعية وأصبح مدرسا فيها-شارك في الحرب العالمية الثانية ثم سافر في1946الىانجلترا وفي55 الى روسيا وأطلق عليه الجنرال الذهبى-ترقى الى درجة رئيس لهيتة الأركان واستشهد في9مارس69على الجبهة في حرب الأستنزاف
عزيز المصري أبو العسكرية المصرية الحديثة -رشح الفريق عزيز المصري رئيسا للجمهورية بعد الغاء الملكية في مصر في 18يونيو 1953
علي مبارك عالم و مؤرخ ومهندس-درس الرياضة و الهندسة ثم ذهب الى أوروبا في عام 1844-عينه الخديو توفيق ناظرا للمعارف-أنشأ دار الكتب عام 1871 و مدرسة دار العلوم-عاش في الفترة 1823-1893
عماد الدين هو الشيخ عماد الدين صاحب ضريح بالقرب من تقاطع محمد فريد مع الشيخ ريحان
فخري عبد النور عضو حزب الوفد ونائب عن جرجا عام 1924وأحد المقربين لسعد زغلول عاش في الفترة1881-1942
قصر النيل قصر النيل هو قصر بناه محمد علي باشا لأبنته زينب -هدم سعيد باشا هذا القصروأقام مكانها ثكنات الجيش المصري
كلوت بك طبيب فرنسي الأصل-عهد اليه محمد علي باشا بمنصب رئيس أطباء الجيش-أنشأ مدرسة لتخريج الأطباء من المصريين في أبو زعبل-عاش في الفترة1793-1868
كمال الدين صلاح أحد رجال السلك الدبلوماسي في مصر-حصل على البكالوريا 1929ثم التحق بكلية الحقوق-عين في عدة بلاد وكان أخرها الصومال التي أغتيل فيها في عام1957
لاظوغلي هو محمد بك لاظ أوغلي-وكيل مصر في عهد محمد علي ومن المقربين له-توفى في عام 1827
محمد باشا قدري من رجال القانون المصريين البارزين ولد عام 1821وتحرج من مدرسة الألسن-أختاره الخديوي اسماعيل مربيا لولي عهده-عين في عدة وظائف منها مستشار بمحكمة الأستئناف وناظر للحقانية وناظر للمعارف وشارك في وضع عدة قوانين-توفى في عام 1886
محمد شكري وزيرالزراعة في حكومة عبد الخالق باشا ثروت والتي عاصرت تصريح28فبراير1922الذي وضع أسس أستقلال مص السياسي والغاء الحماية البريطانية على مصر
محمد فريد
تخرج من مدرسة الحقوق في عام1887-رئيس الحزب الوطني بعد مصطفى كامل-دافع عن حقوق المصريين في أوروبا وأفنى ثروته لخدمة وطنه-توفى في عام 1919
محمد محمود أحد رجال ثورة 1919-أعتقل ونفي مع سعد زغلول-ألف وزارة في عام 1928 ثم في عام 1937وتوفى في عام 1941
محمد مظهر مهندس مصري عظيم-درس في مصروأرسله محمد علي في أول البعثات الدراسية الى فرنسا ليدرس الهندسة البحرية ونبغ فيها-بعد عودته عهد اليه محمد علي ببناء فنارالأسكندرية-شارك في انشاء القناطرالخيرية التي تعتبرمعجزة هندسية في وقتها-أنعم عليه الخديواسماعيل رتبة الباشوية
مــراد نسبة الى قبيلة مراد اليمنية التي شاركت كتيبة كبيرة من رجالها مع جيش عمرو بن العاص في فتح مصر فسمي الشارع على اسم جد أولئك المراديين-يذكر أن معظم رجال جيش عمرو بن العاص الذي فتح مصر كان من عرب اليمن
نوبــــار أرمني الأصل تركي-أول رئيس وزراء في تاريخ مصر الحديثة عام1878-توفى عام1899
همدان هي قبيلة من قبائل اليمن جدهم الأعلى قحطان-شارك رجالهافي جيش عمرو بن العاص لفتح مصروتولوا حراسة المنطقة المقابلة لحصن بابليون فعبروا نهر النيل وأقاموا هناك وبعد اكتمال الفتح عرض عليهم عمرو بن العاص الأقامة بالفسطاط ولكنهم فضلوا أن يكون مستقرهم مكان جهادهم
يوسف الجندي أحد رجال ثورة1919-من قرية زفتى -أعلن الثورة في زفتى ضد الأنجليز ثم أعلن استقلالها عن السلطة في القاهرة
هو أول رئيس جمهورية مصري (1952 - 1954)، لم يستمر في سدة الحكم سوى فترة قليلة،
حتى عزله جمال عبد الناصر ووضعه تحت الإقامة الجبرية بعيداً عن الحياة السياسية.
وكان اللواء اركان حرب محمد نجيب هو أول حاكم مصري يحكم مصر منذ العصر الفرعوني بعد قيادته لثورة 23 يوليو التي
انتهت بخلع الملك فاروق . أعلن مباديء الثورة الستة وحدد الملكية الزراعية . وكان له شخصيته وشعبيته المحببة
للشعب المصري . حتي قبل قيامه بقيادة الثورة . مما أضفي للثورة مصداقية وحقق لها النجاح عند قطاع عريض من
طوائف الشعب المصري.يعتبر محمد نجيب مصريا لأن أباه مصري 100% ًرغم أن والدته كانت من أصل سوداني، إذ كان
وقتها شعب وادي النيل يتكون من مصر والسودان معاً، فيما عرف باسم مملكة مصر والسودان، ولم يكن يوجد وقتها
ما يُسمي بالجنسية السودانية. الجدير بالذكر أن الرئيس الراحل انور السادات كانت أيضا والدته سودانية، لأن السودان
ومصر كانا شعب وادي النيل وقتها.ولد محمد نجيب في عام 1901 في السودان. ظهرت وطنيته أثناء دراسته الابتدائية،
إذ دخل في نقاش مع أحد مدرسيه الإنجليز حول من يحكم مصر، فحكم عليه الأستاذ الانجليزي (المعقد نفسياً)
بالجلد، وفعلاً تم تطبيق الحكم، في واقعة تدفعنا للتفكر في تزييف الحقائق التي لا يزال يتبعها أحفاد المحتلين، حين
يدفعون تهمة الاحتلال بحجة القضاء على الجهل وتنوير العقول.اضطر محمد نجيب للعمل بعد وفاة والده ليعول نفسه
وعائلته، ثم قرر الالتحاق بالكلية الحربية ، وعمل في ذات الكتيبة المصرية التي كان يعمل بها والده في
السودان.اكتشف بعدها أنه لا يعدو كونه خادماً مطيعاً لأوامر الاحتلال البريطاني، ولذا آل على نفسه أن يكمل دراسته
بمجهوده الفردي حتى حصل على البكالوريا.حاول الخروج من حياته العسكرية بالتحاقة بمدرسة البوليس، وفيها تعلم
القانون واحتك بمختلف فئات الشعب المصري، لكنه قرر العودة إلى صفوف الجيش مرة أخرى.عاد بعدها إلى
السودان، وهناك عمد إلى دراسة العلاقة ما بين مصر والسودان، وألف كتاباً تناول فيه مشكلات السودان وعلاقتها
بمصر.تم نقله بعدها إلى الحرس الملكي، وحصل بعدها على ليسانس الحقوق، ثم تزوج بعدها وانجب أبنين أحدهما
قتل بطريقة غامضة.كانت مصر محكومة من الملك فاروق، والذي كان يتلاعب بالوزارات، يحلها تارة ويغيرها تارة أخرى،
ثم جاءت حرب/نكبة فلسطين في عام 1948 ودار فيها ما دار من خيانات وتقاذف المسؤولية عنها, القصر تارة والمحتل
البريطاني تارة والأحزاب السياسية تارةثالثة . شارك محمد نجيب في حرب فلسطين وأصيب فيها ثلاث مرات وحصل
على رتبة لواء أركان حرب ومنح لقب البكوية لما أبلاه في هذه الحرب الذي أصيب بها.عاد ضباط الجيش المصري بعد
هذه النكبة مصدومين من كم الخيانات الصادرة من القصر، ومن المحتل، فعزموا على إنقاذ مصر مما هي فيه من
هوان ومذلة، وشاركوا اللواء أركان حرب محمد نجيب أفكارهم ونواياهم فوافقهم وشاركهم العمل لتخليص مصر من
الاحتلال ولتحكم مصر نفسها بنفسها. وكان يرعي وقتها تنظيم الضباط الأحرار، وتحدي الملك فاروق وفاز في انتخابات
رئاسة نادي الضباط رغما عن الملك الذي شعر وقتها أن الجيش أخذ يتحداه.
كانت مصر بعد حريق القاهرة في يناير 1952 تمر بفترة قلاقل سياسية متعاقبة، وكان المصريون يتطلعون للتغيير. نتيجة للشعبية التي نالها محمد نجيب وسط الضباط الأحرار. مما جعل الملك فاروق يرشحه ليكون وزيراً للحربية قبل أيام من إندلاع ثورة 23 يوليو 1952.بعد نجاح الثورة، رأي محمد نجيب أن يعود الجيش إلى ثكناته، وأن يمنح الشعب المصري الديمقراطية وأن يتولى حكم مصر الساسة والأحزاب ليحكم الشعب نفسه بنفسه .لكن هذا الرأي لم يوافق هوى بقية الضباط الأحرار، الذين اقتصرت خبرتهم على التعامل مع الجنود ومع الأسلحة والصحراء، ولا يحترفون فنون السياسة، ولاسيما بعدما قبضوا علي كثير من الزعماء السياسيين وحاكموهم بتهم الفساد السياسي، وحددوا إقامة زعيم الأمة وقتها مصطفى النحاس.
في نوفمبر 1954، قرر مجلس قيادة الثورة - بعد استقرار الأمور لهم وترحيب الشعب بهم ونجاح الثورة- عزل محمد نجيب من رئاسة الجمهورية لأول مرة مما أثار سلاح الفرسان وبقية الجيش وطالبوا بعودته . فعاد ثانية يعد إسبوع من عزله وكانت الثورة مهددة وكان المصريون والسودانيون يحبونه كثيرا لشعبيته الطاغية .وكانت عودته فرحة لجميع الشعب . أخذ عبد الناصر ورفاق الثورة يتآمرون ضده وسلطوا عمال الترام للقيام بمظاهرات ضده .وتم وضع قنابل في إحدي دور السينما والإعتداء علي مجلس الدولةورئيسه الدكتور السنهوري , وبعض المحلات العامة ليظهر للشعب أن محمد نجيب ليس قادراً علي ضبط الأمور بمصر رغم أن عبد الناصر كان رئيس الوزراء ووزير الداخلية . وكان المثقفون يؤيدون توجهات محمد نجيب للديمقراطية وقتها. وحاول البكباشي جمال عبد الناصر أن يحل مكانه.فاعتقل الآلاف من المثقفين الذين عارضوا الديكتاتورية التي بدأ مجلس قيادة الثورة يمارسهامن خلال زوار الفجر . فقرر مجلس الثورة وضع محمد نجيب تحت الإقامة الجبرية دون أي تهمة، في قصر مهجور في ضاحية المرج المنعزلة وقتها، مع منعه تماماً من الخروج أو من مقابلة أياً من كان، حتى عائلته . وطرد من الجيش كل الضباط الذين نادوا بعودة محمد نجيب . وتركوه وحيداً يخدم نفسه بنفسه، وترصد رجال الشرطة لعائلة محمد نجيب وتوعدوهم إن هم تكلموا عن الوضع المزري له. وظل علي هذا الحال طوال حكم عبد الناصر إلي أن أفرج عنه السادات بعد حرب 1973.ورغم هذا ظل السادات يتجاهله تماما. (ولكن الرأى السائد تاريخيا انه لم يعلن الرئيس السادات الافراج عنه وانه ظل بمكان اقامته الجبيرية حتى وفاته وهذا الرأى الارجح والاقرب للصواب).
كان جزاؤه جزاء سنمار بعدما حرر مصر من حكم أسرة محمد علي . وطبعا نتيجة المعاملة السيئة التي نالها محمد نجيب من زملائه رجال الثورة .كان يعتبر في نظر السودانيين رمز وحدة وادي النيل لأن أمه سودانية ولأنه عاش بينهم. وهذاالإعتقال جعل السودانيين في انتخابات تقرير المصير بين الوحدة والإنفصال . ففرروا بالإجماع الإنفصال ردا علي اعتقال محمد نجيب وما فعله زملاؤه به .ولولا هذا لأصبح السودان كيانا متحدا مع مصر ودولة واحدة .وقال وقتها أنصار المهدي إذا لم يكن رجال الثورة فيهم خيرا في قائدهم الذي تحمل المسئولية ووضع روحه علي كفه وقام بالثورة . فهل سيكون بهم وفاء لو اتحدنا معهم ؟. وتم الإنفصال وكان محمد نجيب في سجن عبد الناصر وكان انفصال السودان عن مصر سببه هذا . لأن السودانيين شعروا بعدم الأمان مع عبد الناصر وزمرته , فصوتوا ضد وحدة وادي النيل بعد حوالي قرنين من حكم مصر للسودان .بعدها عاد المصريون من السودان . وخير السودانيون بين الجنسية المصرية أوالجنسية السودانية وكان انفصال السودان أول ضربة سياسية استقبلها الشعب المصري بحزن بالغ نتيجة سياسة عبد الناصر . وانفصال السودان تبعه مسلسل الهزائم التي توالت باليمن وهزيمة يونيو . وكان مجمد نجيب يحكم مصر عندما وقعت اتفاقية الجلاء عام 1954 واتفاقية تقرير مصير السودان . رحل محمد نجيب في عام 1984 وفي هدوء بعدما كتب مذكراته شملها كتابه المعنون: كنت رئيساً لمصر، في شهادته للتاريخ، ويُشهد له أن كتابه خلا من أي اتهام لأي ممن خانوه أو تخلوا عنه.كان وطنيا لاشك في هذا . .ولم يبق من ذكراه سوي اسم محظة مترو باسمه . وكانت لفتة طيبة لزعبم قام بثورة غيرت تاريخ مصر.
كان هذا الزعيم ضحية تآمر بعض رجال مجلس قيادة الثورة ضده . فأقالوه مرة لكن الجيش والشعب أعاداه لرئاسة الجمهوريةز قامت المظاهرات بالقاهرة والإسكندرية والمدن الكبري تطالب بعودته .وقطعت الإذاعة برامجها لتعلن خبر عودته وسط فرحة عارمة للشعب المصري . وتآمروا ضده بعد عدة شهور ولفقوا له تهما من بينها اتصاله بالإخوان المسلمين وجرحوه في شخصه إفكا . وكان محمد نجيب رمز الثورة ورفع شعار الإتحاد والنظام والعمل . وبعد أن اعتقله عبد الناصر وفرض حصارا جائرا ومطبقا عليه .وأقاله مجلس قيادة الثورة للمرة الثانية بايعاز منه ليخلو له منصب الرئاسة وكان وقتها رئيس الوزراء ووزيرالداخلية .لم يعد يذكر اسم محمد نجيب في كتب التاريخ أو الإعلام كقائد ثورة يوليو. وكان ينسب قيام الثورة لعبد الناصر. ومن كان يذكر اسم محمد نجيب يزج به في سجون عبد الناصر . وكان يلقن الطلبة بان اول رئيس للجمهورية هو عبد الناصر الذي جعل في دستور 1954 أن رئيس الجمهورية من أبوين مصريين ليسد باب رجعة محمد نجيب لرئاسة الجمهورية لأن أمه سودانية . ورغم هذا تولي السادات وكانت امه سودانية بما يتنافي مع نص الدستور المصري . ولم يعلن علي الشعب أن محمد نجيب أول رئيس للجمهورية إلا عند إعلان وفاته . واندهش الذين لم يعاصروه عند ما نعته رئاسة جمهوؤية مصر وشيعت جنازته جنازة عسكرية . اخذ الكتاب المعتدلون يكتبون عن سيرته بأمانة وصدق . وبدأت الكتب المدرسية تشير إلي أنه أول رئيس للجمهورية وقائد ثورة 1952. كانت حياته كفاحا صادقا من أجل مصر والقضية الفلسطينية . حقق لمصر الجلاء في توقيع حكومته علي اتفاقية هذا الجلاء ابان رئاسته عام 1954. لقد شاهد انفصال السودان وهزيمة 1956 ابان الإعتداء الثلاثي الشهير وسقوط الجمهورية العربية المتحدة وهزيمة يونيو 1967 , وموت عبد الناصر ,ونصر اكتوبر1973 واغتيال السادات وتحرير سيناء . لن تنسي له مصر بأنه أسقط الملكية وجعلها جمهوريةمصر .فتاريخ محمد نجيب ملك للمصريين وثبت مثبت في تاريخ مصر الحديث . لفد رد له اعتباره بعد وفاته ووفاء له واعترافا له بانه حرر مصر من الملكية وجعل حكم مصر للمصريين . ودخلت مصر من بعده التيه السياسي وأدخلها عبد الناصر في نفق مظلم من السياسة العشوائية التي أدت إلي هزيمة يونيو وإحتلال اسرائيل لسيناء والجولان وغزة والضفة الغربية.
هذه الشخصية الفريدة .. اللواء محمد نسيم .. وكيل المخابرات العامة الأسبق بمصر .. ووكيل أول وزارة السياحة المصرية فى نهاية الثمانينات هذا الرجل الأسطورة المجهول دورا وعظمة لدى الكثرة الغالبة من أبناء مصر .. مصر التى فداها وذاد عن حياضها كأكمل ما يكون الجهاد .. رحمه الله من فارس .. ورحمه الله من عقلية جبارة .. من هو .. ؟!! هو أحد ضباط الجيش المصري الذين انضموا لتنظيم الضباط الأحرار .. وشارك ضمن الصف الثانى من رجال الثورة .. ومع بدء التفكير فى انشاء جهاز مخابرات مصري فى أوائل عام 1954م .. قام الرئيس المصري جمال عبد الناصر بتكليف أحد رجال الثورة وهو فتحى الديب بتولى هذا الأمر فنشأت لجنة تابعة للجيش تقوم بأعمال التجسس والتخابر .. ثم تطور الأمر مع ازياد الحاجة الى جهاز مخابرات محترف على نفس النسق العالمى الذى ظهر فى الحرب العالمية الثانية .. والذى كانت لأجهزة المخابرات الفضل الأول ان لم يكن الوحيد فى انهائها لصالح الحلفاء .. أسند الرئيس جمال عبد الناصر الأمر اى زكريا محيي الدين وعلى صبري .. ليخرج الى الوجود جهاز المخابرات المصري .. ولكنه ولأنه جهاز ما زال يبحث عن هوية الاحتراف .. لذا تكلف انشاؤه من الجهد والوقت ما يفوق التصور فى وسط أجهزة معادية عملاقة كالموساد الذى تأسس قبل اعلان دولة اسرائيل أساسا وكان رجاله وضباطه من المحترفين الذين خاضوا غمار الحرب العالمية الثانية واكتسبوا الخبرة الطاغية التى افتقد اليها المصريون .. لكن .. ولأن المقاتل المصري بطبعه كاره للهزيمة والاستسلام ولا يعرف معنى المستحيل .. تمكن الرعيل الأول من الضباط الذين كونوا لبنة الجهاز الأولى من جمع الكثير من المراجع وكتابات الخبراء وعكفوا بصبر مدهش على دراستها واستخلاص ذلك العلم الغزير نحتا فى الصخر ..
وكان هذا الرعيل .. عدد من ضباط القوات المسلحة الشبان من من يمتلكون شجاعة وجسارة المقاتلين مع الذكاء الفطرى .. ومنهم على سبيل المثال .. فتحى الديب .. وعبد المحسن فائق .. وحسن بلبل .. وعبد العزيز الطورى .. وصلاح نصر وبطلنا .. البكباشي " المقدم " فى ذلك الوقت .. محمد نسيم الفهد الأسمر .. كان محمد نسيم من ذلك الطراز من الرجال الذى يمتلك قلب أسد كما أطلق عليه رفاقه .. وعقل الثعلب .. وصبر الجمال .. واصرار الأفيال .. كان نادرا بحق .. رحمه الله وطيب ثراه .. وعندما تولى اللواء صلاح محمد نصر الشهير بصلاح نصر رياسة جهاز المخابرات العامة كان محمد نسيم أحد مديري العمليات بالجهاز ورجل المهام الصعبة ويكفي لبيان مدى سمعته الخرافية أن رئيس الجمهورية كان يتصل به مباشرة فى عدد من العمليات فائقة الحساسية وما أكثرها فى ذلك الوقت .. وفى بداية الستينيات كان جهاز المخابرات العامة مكتمل البناء .. وخاض العديد من العمليات العملاقة فى تاريخه ضد المخابرات الاسرائيلية والأمريكية .. وللحق .. فان انشاء الجهاز على صورته تلك .. كان لجهود رجاله وادارة صلاح نصر رئيس الجهاز على الرغم من انحرافه فيما بعد نتيجة للسلطة المطلقة التى تمتع بها فى ظل حماية المشير عبد الحكيم عامر نائب رئيس الجمهورية وقائد الجيش المصري وبطل فضيحة النكسة المريرة .. وكانت أولى عمليات محمد نسيم التى أكسبته سمعته الرهيبة بين رفاقه .. اعادة تأهيل العميل المصري الأشهر " رفعت الجمال " الشهير باسم " رأفت الهجان " كان رفعت الجمال قد سافرالى اسرائيل فى منتصف الخمسينيات واستقر بها بعد أن نجح فى زرعه رجل المخابرات العتيد اللواء " عبد المحسن فائق " المعروف باسم " محسن ممتاز فى المسلسل الشهير الذى حكى قصتة .. ومنذ أن تم زرعه فى اسرائيل وحتى بداية الستينيات لم تستفد منه المخابرات المصرية شيئا الا المعلومات التى أرسلها فى حرب العدوان الثلاثي .. وللحق فلم يكن هذا تقصيرا من رفعت الجمال .. أو معلمه عبد المحسن فائق .. بل كانت الظروف أقوى منهما لضعف الامكانيات التدريبية التى تلاقاها رفعت وكان جهاز المخابرات لم يزل وليدا فى ذلك الوقت ..
وعلم المخابرات تطور تطورا مدهشا وسريعا عبر السنوات الخمس التى أمضاها رفعت فى اسرائيل فكانت الحاجة ماسة الى رجل مخابرات من طراز فذ يتمكن أولا من السيطرة على رفعت الجمال صاحب الشخصية شديدة العناد ويقوم بملئ الفراغ الذى تركه اللواء عبد المحسن فائق فى أعماقه .. وذلك حتى يتمكن من اقناعه بمواصلة التدريب والعمل .. وكان ضابط الحالة الذى تولى عملية الجمال هو عبد العزيز الطورى الشهير باسم " عزيز الجبالى " .. وبعد دراسة عميقة لشخصية رفعت .. ومع استحالة عودة اللواء عبد المحسن فائق من مقر عمله فى الولايات المتحدة فى ذلك الوقت .. لم يجد عبد العزيز الطورى الا قلب الأسد محمد نسيم المعروف بصرامته وشخصيته القوية ونبوغه الفائق وهو النموذج المماثل لعبد المحسن فائق ..
وتم اللقاء بين قلب الأسد وبين رفعت .. ولم تمض ساعات على لقائهما الا وكان محمد نسيم وهو بالمناسبة الشهير باسم " نديم هاشم " فى مسلسل " رأفت الهجان .. وقام بدورة باقتدار بالغ الفنان المصري نبيل الحلفاوى فى واحد من أعظم أدواره على الاطلاق لا سيما وأن نبيل الحلفاوى كان يشبه اللواء محمد نسيم فى الشكل والأداء الى درجة مذهلة .. لم تمض ساعات على اللقاء بين العملاقين رفعت ونسيم .. الا وكان نسيم قد ألقي بغياهب شخصيته الفريدة فى وجه المتمرد النابغة رفعت الجمال .. وكان رفعت الجمال قد أبصر بعيونه عبر المعايشة لليهود . كيفية التقدم المدهش هم فى مجال الأمن .. وكان فى أمس الحاجة الى من يريه تفوق بلاده .. وقد كان .. تمكن نسيم عبر التدريبات المكثفة من اقناع رفعت بمدى التقدم المدهش الذى أحرزه المصريون على الاسرائيليين فى المواجهات المباشرة بينهما .. وبعد أسبوعين من التدريب المستمر والشاق .. خرج رفعت الجمال فى مستوى ضابط حالة وهو المستوى الأعلى لأى عميل مدنى فى نظم المخابرات .. ووقع تحت الاشراف المباشر لعبد العزيز الطورى وللتدريب على يد محمد نسيم لتكتسب مصر كما رهيبا من المعلومات باغة السرية التى أرسلها رفعت لا سيما بعد تمكنه من بسط علاقاته ونفوذه فى مجتمع تل أبيب بتعليمات نسيم عبر شركة " سي تورز " والمعروفة باسم " ماجى تورز "
وفى قلب تل أبيب واصل نجم المجتمع الاسرائيلي " جاك بيتون " وهو الاسم المستعار لرفعت الجمال وهو الاسم الذى عرف فى المسلسل بـ " دافيد شارل سمحون " .. وبلغت علاقاته حدا جعله صديقا شخصيا للجنرال موشي ديان وجولدا مائير رئيسة الوزارة الشهيرة .. كل هذا بفضل نبوغ رفعت الشخصي .. وبراعة معلمه الفذ " محمد نسيم " .. ومن قبل هذا وذاك النصرة الالهية لأناس نصروا الله ورسوله صلى الله عليه وسلم
الصدمة ..
كانت نكسة 67 .. مدمرة فى آثارها الى حد رهيب على العالم العربي أجمع .. الا أنها كانت ذات تأثير صاعق على الأسود الرابضة فى عرين المخابرات العامة المصرية الكائن فى حى حدائق القبة بالقاهرة الواقع خلف قصر القبة الشهير .. ولكى تتأملوا الأثر وتقدروه .. يكفي أن تعلموا أن مصر كلها ذاقت الهزيمة الا هذا الجهاز كان هو المنتصر على أى مقياس منطقي .. فقد تكفل رجاله ونجومه وعلى رأسهم رفعت الجمال بمعرفة كل التفاصيل الدقيقة والخرائط لخطة الحرب العسكرية فى 67 .. وقاموا بارسالها الى قيادتهم السياسية المغيبة .. ليفاجئ الأبطال بالنكسة وهم الذين كادوا يعطون قياداتهم أسماء الجنود والقادة من العدو اسما اسما لو طلبوا اليهم ذلك .. ولكن لعوامل كثيرة .. ليس هذا مكانها وقعت الواقعة وانهزمت مصر هزيمة ساحقة كادت تعبر بها حافة اليأس لولا توفيق الله والارادة الفولاذية التى قدت من الصخر .. وبدأت معارك الاستنزاف .. وتزلزلت القوات الاسرائيلية بكم العمليات الصادمة التى انتقت عيون أسلحة ورجال العدو مع المعلومات الغزيرة التى تولاها الرجال فى المخابرات العامة .. وذلك بعد تطهير الجهاز من قياداته المنحرفة .. وتولى محمد نسيم وأمين هويدى مسئولية اعادة الأمور الى نصابها فى جهاز المخابرات العامة عقب النكسة .. وأرسل عبد الناصر الذى كاد الندم يقتله .. الى محمد نسيم .. وتواعدا بالحديث وتقاسما الهم سويا ليتذكر عبد الناصر مدى قدرة الأسد الرابض أمامه وذكره باحدى عملياته التى لاقت شهرة واسعة على الرغم من سرية أعمال المخابرات فى العادة .. عملية عبد الحميد السراج .. ولكن ما هى تفاصيل تلك العملية ..
عملية عبد الحميد السراج ..
على عبد الحميد السراج .. ضابط جيش سورى .. معروف جدا .. فهو أحد الضباط الوطنيين النوابغ فى سوريا والذى نأى بنفسه عن كم الانقلابات الرهيبة التى تتابعت فى سوريا على يد حسنى الزعيم .. وأدب الشيشيكلى .. وسامى الحناوى .. ومصطفي حمدون .. وغيرهم من نجوم انقلابات سوريا العسكرية فى الفترة التى أعقبت التحرير على يد شكرى القويتلى .. وبدأ ظهور عبد الحميد السراج عقب التزامه بالخط الوطنى .. قبيل الوحدة مع سوريا .. ولمع اسمه فى مصر عند عبد الناصر نفسه عقب قيامه باسداء جميل العمر الى مصر كلها .. وهو الجميل الذى لم تنسه له مصر وقيادتها .. فعبد الحميد السراج هو رجل المخابرات العسكرية السورى الذى تولى تدمير خطوط أنابيب البترول الممتدة من العراق عبر سوريا الى سواحل البحر المتوسط لتصب فى الناقلات البريطانية لتغذية احتياجات بريطانيا من البترول ... وكانت هذه العملية أثناء تعرض مصر للعدوان الثلاثي .. ليصبح تدمير خطوط أنابيب البترول الشعرة التى قصمت ظهر البعير وكان البعير هنا هو أنتونى ايدن رئيس الحكومة البريطانية والذى قدم استقالته عقب فشل عدوان السويس عام 56 .. وكان طبيعيا مع بدء الوحدة المصرية السورية عام 1959م .. أن يلمع نجم عبد الحميد السراج أكثر وأكثر فتدرج فى السلطة حتى ولاه عبد الناصر نيابة القسم الشمالى وهو سوريا ليصبح نائبا لرئيس الجمهورية السورية ومع العلاقة الوثيقة التى جمعته بعبد الناصر خاصة بعد عملية أنابيب البترول وأيضا كشفه للمؤامرة التى استهدفت حياة عبد الناصر أثناء زيارته لسوريا عقب الوحدة ..
من هذا كله تمكن عبد الحميد السراج من السيطرة ليس فقط على الأمن الداخلى كوزير للداخلية فى الاقليم الشمالى وتولى نيابة الرياسة بل سيطر أيضا على المخابرات وأجهزة الاقتصاد والتنظيم السياسي الوحيد وهو الاتحاد الاشتراكى ليصبح عبد الحميد السراج أقوى رجل فى سوريا بأكملها .. ولأن السلطة المطلقة مفسدة فى كل الأحوال .. فقد تغلبت أجواء السلطة على نقاء السراج .. لتتدهور الأمر أكثر وأكثر خاصة بعد فشل الوحدة المصرية السورية عام 1961 م .. وأتت نهاية عبد الحميد السراج على يد الانقلاب الذى أطاح به من قمة الحكم السورى .. عندما غفل عن ضابط الجيش السورى ومدير مكتب عبد الحكيم عامر الذى كان يتولى الرياسة فى الاقليم الشمالى للوحدة وكان هذا الضابط هو عبد الكريم النحلاوى .. والذى استهان به السراج فتمكن النحلاوى من قيادة تنظيم سري فى الجيشش ضده وأطاح به وطرد عبد الحكيم عامر من سوريا فى فضيحة مدوية .. ليتم اعتقال السراج فى أبشع المعتقلات السورية وهو " سجن المزة " وكان وقع الصدمة مدمرا على عبد الناصر .. الا أنه سلم بالأمر الواقع ونفض موضوع الوحدة مؤقتا وألقي بصره على مصير السراج المظلم فى أيدى خصومه المتعدديبن .. فالسراج كان له أعداء فى القوات المسلحة السورية وهى منفذة الانقلاب عليه .. وله عداوات رهيبة فى لبنان نتيجة لتدخله فى الشأن اللبنانى عندما اقتضت الظروف ذلك وله عداء قديم وثأر رهيب عند أصحاب مؤامرة اغتيال عبد الناصر .. اضافة الى عداء تقليدى من الموساد والمخابرات الأمريكية ورجالهما بلبنان .. فلك عزيزى القارئ أن تتخيل كيفية المصيدة التى وقع فيها السراج .. ولك أن تتخيل أكثر .. كيف يمكن تحقيق المستحيل وانقاذه منها ..
أرسل عبد الناصر الى محمد نسيم وكلفه بانقاذ السراج مهما كان الثمن .. وكلمة مهما كان الثمن فى عرف العمل المخابراتى تعنى أنه لا مستحيل .. وسافر نسيم منفردا الى لبنان لهذا الغرض .. وفى تلك اللحظة كان السراج يهرب من سجن المزة الرهيب بمعاونة عدد من ضباط الجيش الذين كانوا لا يزالون على ولائهم للسراج .. وانتقل فيما يشبه المعجزة وعبر رحلة شاقة ووعرة الى لبنان ليلقي خبر هروبه قد سبقه الى لبنان وعشرات الذئاب الجائعة فى انتظاره .. وكشف الموساد وجود نسيم فى لبنان .. وكذلك كشفه اللبنانيون .. وغيرهم .. وتعرض فى تلك المهمة فقط لتسع محاولات اغتيال نجا منها جميعا كان آخرها عن طريق وضع قنبلة فى أنبوب العادم بسيارته وكانت تلك المحاولة غير قابلة للفشل لأن تلغيم السيارات كان من المعروف أنه يكون عن طريق تلغيم المقعد أو المحرك أو جسم السيارة السفلى .. أما وضع القنبلة فى أنبوب العادم فهو الابتكار غير قابل للكشف .. ومع ذلك فقد اكتشفها نسيم .. وفشلت المحاولة .. بل ونجح فى الخروج بالسراج من لبنان الى مصر وللأسف الشديد فكيفية الخروج ما زالت قيد السرية الى يومنا هذا .. ونال السراج مكانه فى مصر آمنا مطمئنا .. تذكر عبد الناصر قصة هذه العملية وهو يتحدث الى نسيم .. وكان نسيم يتساءل عن سبب استدعائه ليقول له عبد الناصر أنه رقد طريح الفراش بعد اعلان اسرائيل عن بدء عمليات التنقيب عن البترول فى سيناء فى اشارة واضحة الى أن سيناء قد أصبحت اسرائيلية لتذل القيادة المصرية .. وبرقت عينا نسيم غضبا .. وعاجله عبد الناصر وهو يقول له فى مرارة .. " الحفار يا نسيم " .. فنهض نسيم واقفا .. وقال له فى حزم " أمرك يا سيادة الرئيس " .. وبدأت عملية الحج ..
عملية الحج
كانت واقعة نية اسرائيل التنقيب عن البترول فى سيناء كما سبق القول نية سياسية لا اقتصادية .. وقد بعثت الى احدى الشركات الكندية لاستقدام أحد أكبر الحفارات فى العالم لاستخدامه فى التنقيب وهو الحفار " كينتج " .. وقد خططت اسرائيل بدقة لهذه العملية .. وقامت عمدا باستيراد هذا الحفار الكندى والذى تجره قاطرة هولندية وعليه بحار بريطانى .. لكى تعجز مصر عن ضرب الحفار بالطيران عند اقترابه من البحر الأحمر .. لأن مصر اذا غامرت بضرب الحفار علانية فمعنى هذا أنها استعدت عليها ثلاث دول كبري على الأقل .. ولأنها تعلم تماما أن المخابرات العامة لن تترك الحفار .. فقد احتاطت للأمر وقامت بتأمين الخطوط الملاحية للحفار القادم عبر المحيط الأطلنطى الى رأس الرجاء الصالح ثم البحر الأحمر .. وقامت بانتقاء خطوط سير ملاحية بالغة السرية وغير مألوفة .. كما جند الموساد رجاله وأجهزته بمعاونة المخابرات المركزية الأمريكية لمصاحبة الرحلة وحماية الحفار .. لكن من قال ان المصريين يعرفون المستحيل .. شكل محمد نسيم فريق عمل من أفضل رجال المخابرات العامة وخبراء الملاحة وضباط القوات البحرية .. لتبدأ عمليه الحج .. وكان سبب تسميتها مزامنه أحداثها لموسم الحج وقام محمد نسيم بتجنيد عملاء المخابرات العامة فى الدول التى سيمر الحفار عبر سواحلها وأعطى أوامر بضرورة التفرغ لهذه العملية .. وقام باستقدام فريق من أكفأ رجال الضفادع البشرية التابع للبحرية المصرية .. حيث استقرت الخطة على زرع متفجرات شديدة التدمير فى قلب البريمة الرئيسية للحفار لابطال مفعوله .. وبدأت لعبة القط والفأر بين نسيم ورجال الموساد .. وهناك .. فى أبيدجان الميناء الشهير لدولة ساحل العاج .. كان الحفار قد ألقي مراسيه بأمان للراحة .. وعلى الفور وبناء على الاستنتاجات المسبقة بعقله الفذ الذى أدرك أن أبيدجان هى الميناء المثالى الذى سيرسو عنده الحفار .. قام بحمل المتفجرات بنفسه ودار بها عبر أوربا وساحل افريقيا الشمالى وحط رحاله فى أبيدجان ولا أحد يعرف كيف تمكن من عبور مطارات خمس أو ست دول وهو يحمل هذه المتفجرات .. وكان فريق العمل أبطال البحرية قد سلك طريقا مماثلا عبر عدة عواصم أوربية حتى أبيدجان .. وفى فجر يوم العملية وصل الفوج الأول من الضفادع البشرية .. وبينما الكل فى انتظار الفوج الثانى علم محمد نسيم من مصادره فى أبيدجان أن الحفار فى طريقه لمغادرة ساحل العاج صباح اليوم التالى .. ليطير عقل محمد نسيم .. ويتخذ قراره بتنفيذ العملية بنصف الفريق فحسب .. وكان الحل السريع أن يكتفي نسيم بزرع المتفجرات تحت البريمة الرئيسية وأحد الأعمدة فحسب بديلا عن الخطة الرئيسية بتفجير البريمة والأعمدة الثلاثة وفى الفجر .. تسلل الأبطال تحت اشراف نسيم الى موقع الحفار وخلال ساعة واحدة كانت المتفجرات فى أماكنها .. ومضبوطة التوقيت على السابعة صباحا .. وخلال هذه الفترة أشرف نسيم بسرعة فائقة على سفر مجموعة العمل خارج ساحل العاج واستقبال المجموعة التى كان مقررا وصولها فى الصباح لتحط فى أبيدجان بطريقة الترانزيت وتكمل رحلتها خارج أبيدجان .. وبقي نسيم وحده ينتظر نتيجة العملية .. ومن شرفة فندقه المطل على البحر أخذ يعد الدقائق والثوانى التى تمضي ببطء قاتل .. حتى التقا عقربا الساعة عند السابعة صباحا ليتعالى دوى الانفجارات من قلب البحر .. ويصبح الحفار أثرا بعد عين فى الانفجار الذى هز أبيدجان .. لكنه كان كالموسيقي الكلاسيكية فى أذنى نسيم ... والذى تأمل الحفار المحطم .. لترتسم ابتسامة نصر مشرقة ومألوفة على الوجه الأسمر الصارم .. وبعدها توجه نسيم الى أحدى مكاتب البريد ليرسل تلغرافا الى جمال عبد الناصر يقول له كلمتين فحسب " مبروك الحج " هذا هو محمد نسيم أو نديم هاشم كما عرفه المشاهدون العرب فى المسلسل التليفزيونى الشهير " رأفت الهجان " والذى كتب قصته الأديب الراحل صالح مرسي وأخرجه المخرج يحيي العلمى .. لتنفجر الحماسة فى الشعوب العربية من المحيط الى الخليج اعجابا بهؤلاء الأبطال الذين قدموا لأوطانهم أسمى معانى الفداء ولم ينتظروا حتى مجرد كلمة شكر .. أسود المخابرات العامة المصرية الأفذاذ .. العاملون فى صمت .. النائمون فى قلب الخطر .. رواد العظمة .. ونجمهم رجل المستحيل محمد نسيم الذى اتخذ دوره الى جوار زملائه فى حرب أكتوبر ليتمكن جهاز المخابرات العامة من احاطة ترتيبات الحرب بالسرية الكاملة حتى ساعة الصفر القاتلة للعدو .. لتخرج المراجع العالمية معترفة بانتصار المخابرات العامة المصرية على جهاز المخابرات الأمريكى والسوفياتى والاسرائيلي والبريطانى ..
عندما يترجل الفارس
ومع بداية الثمانينيات .. وبعد عشرات العمليات الناجحة وشهرة واسعة .. نالها الفهد الأسمر المصري اللواء محمد نسيم .. اعتزل البطل العمل السري ليخرج من جهاز المخابرات الى وظيفة مدنية كوكيل لوزارة السياحة المصرية .. وفى عام 1998م .. أسلم الفارس البطل .. روحه وجاد بأنفاسه الأخيرة بعد رحلة مثمرة فى محراب البطولة تتوارى الى جوارها صفحات التاريخ خجلا .. وتقدم جنازة البطل كبار رجال الدولة .. والعامة فى ميدان التحريرالذى يقع فيه مسجد عمر مكرم الذى خرج منه جثمان البطل .. وتساءل العامة فى فضول .. وهم يلقون نظرة على اللافته التى يحملها الجنود فى مقدمة الجنازة وتحمل اسم البطل ترى من يكون محمد نسيم
إينشتاين العرب في بلدي جيل يحتاج إليّ اعمل وإخوانك للإسلام.. لله. لا يزدهر حاضر أمة تهمل دراسة ماضيها، وأنه لا بد من الوقوف عند نوابغ الإسلام والعرب، ونكون أدرى الناس بها.. إن الحكومة التي تهمل دراسة الذرة إنما تهمل الدفاع عن وطنها. القيود القومية والفواصل الجنسية ما هي إلا حبال الشيطان يبث بها العداوة والبغضاء بين القلوب المتآلفة. إن مبدأ تكافؤ الفرص هو المقياس الدقيق الذي يرتضيه ضميري. من خلال هذه العبارات
نستطيع أن نغوص فى شخصية هذا الراحل العظيم وأن نسبر أغوارها ولكن من نحن حتى نفعل ذلك ؟؟
إننا مهما اقتربنا فلن نكون إلا كالصياد الواقف على شاطىء المحيط وبيده شبكة صغيرة يصطاد بها بعض السمك لأن الإنسان العظيم كالمحيط الواسع فى أى ناحية تنظر اليه تراه يعانق السماء لآنك فى كل ناحية ترسل نظرك فيها تجد جمالاً أو فضلاً وتقتنع فوراً بأن العين لم تحط بعد بكل الجمال الذى احتواه فأى عظيم كان ؟؟
وإننا إذ نقدم لشبابنا اليوم هذه الشخصية العظيمة فإننا ندلهم على المثل العليا والقدوات النبيلة ليقتدوا بهم ويترسموا خطاهم ليحدثوا نهضة لبلادهم ورفعة وعزة وكرامة فهيا معا نقترب رويدا رويدا من هذه الشخصية العملاقة علنا نوفيها بعض حقها فى تعريف شبابنا بها ولعلنا نغير مفهموم القدوة والمثل عند شباب اليوم الذى غرهم ستار أكاديمى وسوبر ستار وغيرها من البرامج التافهة التى لا تسمن ولا تغنى من جوع إلا من رحم ربى فإلى هؤلاء جميعا نقدم هذه الشخصية الدكتور
على مصطفى مشرفة
بداية مشرقة
- ولد الدكتور علي مصطفى مشرفة في دمياط في 22 صفر 1316 الموافق 11 يوليه 1898، وغرس فيه والده منذ نعومة أظفاره الدين والخلق الكريم، وحبب إليه العلم والاطلاع في شتى المجالات المختلفة. - حفظ القرآن الكريم فى طفولته، كما كان يحفظ الصحيح من الأحاديث النبوية.. كان محافظًا على صلاته مقيمًا لشعائر دينه كما علمه والده، وقد ظلت هذه المرجعية الدينية ملازمة له طوال حياته.. يوصي إخوته وجميع من حوله بالمحافظة على الصلاة وشعائر الدين كلما سنحت له الفرصة.. وقد بدا ذلك جليًّا في خطاباته التي كان يبعثها إلى إخوته وأصدقائه أثناء سفره للخارج.. والتي طالما ختمها بمقولة: اعمل وإخوانك للإسلام.. لله.
وقد عاش ملازمًا له في جيبه مصحف صغير رافقه في السفر والحضر.. - ظهرت علامات النبوغ والتفوق والصبر والتحمل والتصميم على محياه مبكرا جدا فقد توفى والده قبل امتحان الابتدائية بشهر ومع ذلك دخل الامتحان وحصل على المركز الأول على مستوى القطر المصرى - انتقل مشرفة واخواته الى حى عابدين بالقاهرة، التحق مشرفة بالمدرسة العباسية الثانوية فى الاسكندرية وكان مثال للتفوق فتم تحويله الى القاهرة بمدرسة السعيدية الثانوية . نال الاعجاب من الجميع حتى مدرس اللغة العربية لم يكن يناديه الا ( بالسيد) تقديرا واعجابا - توفيت والدتة قبل ان يؤدى امتحان البكالوريا بشهرين . - وحين تم اعلان نتيجة البكالوريا سنة 1914 م كان ( على مصطفى مشرفة) الثاني على طلبة القطر المصرى الذين اجتازوا امتحانها بنجاح . - في عام 1914 التحق الدكتور علي مشرفة بمدرسة المعلمين العليا، التي اختارها حسب رغبته رغم مجموعه العالي في البكالوريا. واستمرت المسيرة - وفي عام 1917 اختير لبعثة علمية لأول مرة إلى إنجلترا بعد تخرجه.. فقرر "علي" السفر بعدما اطمأن على إخوته بزواج شقيقته وبالتحاق أشقائه بالمدارس الداخلية.. - التحق "علي" بكلية نوتنجهام Nottingham ثم بكلية "الملك" بلندن؛ حيث حصل منها على بكالوريوس علوم مع مرتبة الشرف في عام 1923. ثم حصل على شهادة Ph.D (دكتوراة الفلسفة) من جامعة لندن في أقصر مدة تسمح بها قوانين الجامعة. وقد رجع إلى مصر بأمر من الوزارة، وعين مدرسًا بمدرسة المعلمين العليا.. إلا أنه وفي أول فرصة سنحت له، سافر ثانية إلى إنجلترا، وحصل على درجة دكتوراة العلوم D.Sc فكان بذلك أول مصري يحصل عليها. في عام 1925 رجع إلى مصر، وعين أستاذًا للرياضة التطبيقية بكلية العلوم بجامعة القاهرة، ثم مُنح درجة "أستاذ" في عام 1926 رغم اعتراض قانون الجامعة على منح اللقب لمن هو أدنى من الثلاثين. اعتمد الدكتور "علي" عميدًا للكلية في عام 1936 وانتخب للعمادة أربع مرات متتاليات، كما انتخب في ديسمبر 1945 وكيلاً للجامعة
أينشتاين العرب
- بدأت أبحاث الدكتور "علي مشرفة" تأخذ مكانها في الدوريات العلمية وعمره لم يتجاوز الخامسة و العشرين - في الجامعة الملكية بلندن King’s College، نشر له أول خمسة أبحاث حول النظرية الكمية التي نال من أجلها درجتي Ph.D ( دكتوراه الفلسفة) و Dsc.(دكتوراة العلوم). - كذلك.. كان الدكتور مشرفة أول من قام ببحوث علمية حول إيجاد مقياس للفراغ؛ حيث كانت هندسة الفراغ المبنية على نظرية "أينشين" تتعرض فقط لحركة الجسيم المتحرك في مجال الجاذبية. ولقد أضاف نظريات جديدة في تفسير الإشعاع الصادر من الشمس؛ إلا أن نظرية الدكتور مشرفة في الإشعاع والسرعة عدت من أهم نظرياته وسببًا في شهرته وعالميته؛ حيث أثبت الدكتور مشرفة أن المادة إشعاع في أصلها، ويمكن اعتبارهما صورتين لشيء واحد يتحول إحداهما للآخر.. ولقد مهدت هذه النظرية العالم ليحول المواد الذرية إلى إشعاعات. - كان الدكتور "علي" أحد القلائل الذين عرفوا سر تفتت الذرة وأحد العلماء الذين حاربوا استخدامها في الحرب.. بل كان أول من أضاف فكرة جديدة وهي أن الأيدروجين يمكن أن تصنع منه مثل هذه القنبلة.. إلا أنه لم يكن يتمنى أن تصنع القنبلة الأيدروجينية ، وهو ما حدث بعد وفاته بسنوات في الولايات المتحدة وروسيا.. - تقدر أبحاث الدكتور "علي مشرفة" المتميزة في نظريات الكم، الذرة والإشعاع، الميكانيكا والديناميكا بنحو خمسة عشر بحثًا.. وقد بلغت مسودات أبحاثه العلمية قبل وفاته إلى حوالي مائتين.. ولعل الدكتور كان ينوي جمعها ليحصل بها على جائزة نوبل في العلوم الرياضية.
العالم الموسوعى
- وعلى الرغم من انشغاله بأبحاثه العلمية إلا أنه كان حافظًا للشعر.. ملمًّا بقواعد اللغة العربية.. عضوًا بالمجمع المصري للثقافة العلمية باللغة العربية؛ حيث ترجم مباحث كثيرة إلى اللغة العربية. كان يحرص على حضور المناقشات والمؤتمرات والمناظرات، وله مناظرة شهيرة مع د/ طه حسين حول: أيهما أنفع للمجتمع الآداب أم العلوم". - نشر للدكتور مشرفة ما يقرب من ثلاثين مقالاً منها: سياحة في فضاء العالمين - العلم والصوفية - اللغة العربية كأداة علمية - اصطدام حضارتين- مقام الإنسان في الكون.. - ولم ينس أن العالم لا بد وأن يتفاعل مع مجتمعه ولا يكون منعزلا عنهم ولا ينظر إليهم من برج عاجى .. فقد شارك الدكتور علي في مشاريع مصرية عديدة تشجيعًا للصناعات الوطنية.. كما شارك في إنشاء جماعة الطفولة المشردة.. كان أول من لقن من حوله دروسًا في آداب الحديث وإدارة الجلسات. - وكان الدكتور مشرفة ينظر إلى الأستاذية على أنها لا تقتصر على العلم فقط، وإنما توجب الاتصال بالحياة.. وأن الأستاذ يجب أن يكون ذا أثر فعال في توجيه الرأي العام في الأحداث الكبرى التي تمر بالبلاد، وأن يحافظ على حرية الرأي عند المواطنين مصر التى فى خاطره أول من أكد للحكومة عن وجود ( اليورانيوم) فى صحرائنا المصرية ولكن ليس هذا هو كل ما كان يعنى د مشرفة، وإنما كان يعد الصحراء المصدر الثانى بعد النيل لثرواتنا القومية فكان يتساءل : متى نعنى بهذه الثروة المعدنية المبعثرة فى صحارينا ؟ أم سنبقى على حالنا ؟ فيصدق قول الشاعر : كالعيش فى البيداء يقتلها الظما والماء فوق ظهورها محمول . - كان لمشرفة فى النيل أمل عظيم وكان يدعو الى انشاء معهد علمى تجريبى لدراسة طبيعات النيل على ان يزود هذا المعهد بالمعامل اللازمة لاجراء التجارب العلمية والعملية - كان يدعو إلى استغلال مساقط النيل فى استخراج الطاقة الكهربية وكان يستحث الحكومة على السير قدما فى مشروع كهربة خزان أسوان
- نادى بتكوين المجمع المصرى للثقافة العلمية ليكون على غرار " الجمعية البريطانية لتقدم العلوم " وكان د/ مشرفة واحداً من مؤسسى هذا المجمع وشارك بمحاضراتة فى مؤتمره الأول فى مارس 1930م . أول من أسس الجمعية المصرية للعلوم الرياضية والطبيعية فى السابع من فبراير 19366م واختير عضواً فى المجمع العلمي المصري وقام بتأسيس الأكاديمية المصرية للعلوم . - اختير الدكتور مشرفة عضواً فى " المجمع العلمي المصري" من السادس من فبراير 1933 وكان اختياره عضواً فى شعبة الفيزياء والرياضه - ظل الدكتور/ مشرفة طيلة حياته بعيدا عن الأحزاب رغم العروض والرجاءات المتكررة والصداقات المتينة مع زعماء تلك الاحزاب وكان يقول: - "اننى لن ابقى فى اى حزب اكثر من يوم واحد وذلك انى لن اسكت عن خطأ وسيكون مصيرى الطرد من أول يوم " وكان الزعماء يعجبون لهذه المصداقية . - شارك فى تأسيس اتحاد الجامعة وعمل على إرساء تقاليده وتنشيطه وظل عضوا بارزاً فى هذا الاتحاد إلى أن اختير وكيلا للاتحاد ثم تولى الرئاسة فجعل د/ مشرفة من الاتحاد برلمانا يضم الصفوة من الأساتذة والطلاب وضرب لهم المثل فى طريقة عرض المشروعات ومناقشتها فكان يعطى مؤيدي الرأي الفرصة للإدلاء بآرائهم ثم يعطى المعارضة حقها ثم يستخلص الأصوات للصالح العام . - كان ينظم المناظرات فى رحاب الجامعة ويشارك فى هذه المناظرات وناظر الدكتور/ طه حسين / احمد امين والاستاذ/ محمد توفيق دياب والاستاذ / عباس العقاد - تمتعت كلية العلوم في عصره بشهرة عالمية واسعة؛ حيث عني عناية تامة بالبحث العلمي وإمكاناته، فوفر كل الفرص المتاحة للباحثين الشباب لإتمام بحوثهم.. ووصل به الاهتمام إلى مراسلة أعضاء البعثات الخارجية.. سمح لأول مرة بدخول الطلبة العرب الكلية؛ حيث كان يرى أن: "القيود القومية والفواصل الجنسية ما هي إلا حبال الشيطان يبث بها العداوة والبغضاء بين القلوب المتآلفة". - أنشأ قسمًا للغة الإنجليزية والترجمة بالكلية.. كما حول الدراسة في الرياضة البحتية باللغة العربية.. صنف قاموسًا لمفردات الكلمات العلمية من الإنجليزية إلى العربية. - أرسى قواعد جامعية راقية.. حافظ فيها على استقلالها وأعطى للدرس حصانته وألغى الاستثناءات بكل صورها، وكان يقول: "إن مبدأ تكافؤ الفرص هو المقياس الدقيق الذي يرتضيه ضميري". العلم للحياة
"خير للكلية أن تخرج عالمًا واحدًا كاملاً.. من أن تخرج كثيرين أنصاف علماء"
هكذا كان يؤمن الدكتور مشرفة، وكان كفاحه المتواصل من أجل خلق روح علمية خيرة.. - يقول في سلسلة محاضراته الإذاعية (أحاديث العلماء): "هذه العقلية العلمية تعوزنا اليوم في معالجة كثير من أمورنا، وإنما تكمن الصعوبة في اكتسابها والدرج عليها.. فالعقلية العلمية تتميز بشيئين أساسيين: الخبرة المباشرة، والتفكير المنطقي الصحيح" ولقد نادى بأفكاره هذه في كثير من مقالاته ومحاضراته في الإذاعة: مثل: كيف يحل العالم مشكلة الفقر؟ – العلم والأخلاق – العلم والمال – العلم والاقتصاد - العلم والاجتماع.. وغيرها. - كان ينادي دائمًا أن على العلماء تبسيط كل جديد للمواطن العادي حتى يكون على إحاطة كاملة بما يحدث من تطور علمي.. يوجه كلامه إلى العلماء قائلاً: "ومن الأمور التي تؤخذ على العلماء أنهم لا يحسنون صناعة الكلام؛ ذلك أنهم يتوخون عادة الدقة في التعبير ويفضلون أن يبتعدوا عن طرائق البديع والبيان، إلا أن العلوم إذا فهمت على حقيقتها ليست في حاجة إلى ثوب من زخرف القول ليكسبها رونقًا؛ فالعلوم لها سحرها، وقصة العلم قصة رائعة تأخذ بمجامع القلوب؛ لأنها قصة واقعية حوادثها ليست من نسج الخيال". فبسط الدكتور مشرفة كتبًا عديدة منها: النظرية النسبية - الذرة والقنابل - نحن والعلم - العلم والحياة. واهتم خاصة بمجال الذرة والإشعاع وكان يقول: "إن الحكومة التي تهمل دراسة الذرة إنما تهمل الدفاع عن وطنها". - ثقافتنا في نظر الدكتور مشرفة هي الثقافة الأصلية التي لا بد أن نقف عندها طويلاً. ويرى أنه لا يزدهر حاضر أمة تهمل دراسة ماضيها، وأنه لا بد من الوقوف عند نوابغ الإسلام والعرب، ونكون أدرى الناس بها.. فساهم بذلك في إحياء الكتب القديمة وإظهارها للقارئ العربي مثل: كتاب الخوارزمي في الجبر والفارابي في الطب والحسن ابن الهيثم في الرياضة.. وغيرها. -وآمن الدكتور مشرفة بأن "العلم في خدمة الإنسان دائمًا وأن خير وسيلة لاتقاء العدو أن تكون قادرًا على رده بمثله.. فالمقدرة العلمية والفنية قد صارتا كل شيء.. ولو أن الألمان توصلوا إلى صنع القنبلة الذرية قبل الحلفاء لتغيرت نتيجة الحرب.. وهو تنوير علمي للأمة يعتمد عليه المواطن المدني والحربي معًا".
وفاته الغامضة
توفى الدكتور "علي مصطفى مشرفة" عن عمر يناهز 52 عامًا.. يوم الاثنين السابع والعشرين من ربيع الأول الموافق 15 يناير 1950 ... وباتت ظروف وفاة د. مشرفة المفاجئة غامضة للغاية وكانت كل الظروف المحيطة به تشير إلى انه مات مقتولا إما على يد مندوب عن الملك فاروق أو على يد الصهيونية العالمية ولكل منهما سببه قد يكون للنظام الملكي المصري في ذلك الوقت دور في قتله خاصة إذا علمنا أن د.مشرفة قام بتشكيل جماعة تحت اسم «شباب مصر» كانت تضم عدداً كبيراً من المثقفين والعلماء والطلاب وكانت تهدف لإقصاء نظام فاروق الملكي وإعلان مصر جمهورية عربية مستقلة، وذاع أمر هذه الجماعة السرية ووصلت اخبارها الى القصر الملكي، مما يعطي للقصر مبرراً للتخلص من د.مصطفى ، اما الصهيونية العالمية فيكفي ان نقول ان نظرتهم للطالبة النابغة د. سميرة موسى لن تختلف عن نظرتهم لأستاذها الاكثر نبوغاً د.مصطفى مشرفة ولعبت الصهيونية لعبتها القذرة وهي التصفية الجسدية وكانت نظرة واحدة تعني التخلص منهما ومن امثالهما. قال عنه انشتاين تعليقا علي وفاته (انه لخسارة للعالم اجمع)...
لقد قال الأستاذ الدكتور/ أديب عبدا لله : لقد كان لظهور مواهب مشرفة فى المجال العلمي أثر فى كفاحنا القومى ضد النفوذ الاجنبى فقد عجل ظهور مواهبه بتحرير الارادة المصرية فى مجال العلوم من السيطرة الاجنبية وكان الساسة فى كل بلد يتعلمون من مشرفة كيف يتم تحقيق الانتصار الضخم فى كل مجال من مجالات الحياة . " وقدمت الاذاعة فى امريكا د/ مشرفة على انه واحد من سبعة علماء فى العالم يعرفون اسرار الذرة . وقد اطلق اسم د/ مشرفة على شارع فى القاهرة وهو شارع الذى كانت فيه الفيلا التى سكنها مشرفة حتى وفاته , واطلق اسمه على شارع فى الاسكندرية وعلى شارع فى دمياط كما اطلق اسمه على المدرج الاول فى كلية العلوم وعلى معمل قسم الرياضة بالكلية وعلى مدرسة اعدادية بمدينة دمياط . ?????
وقبل أن نودع هذه الشخصية العظيمة نهمس فى أذن شبابنا الكرام أملنا المرجو وغدنا المشرق ومستقبلنا المنير هذه هى القدوات .. هذه هى المثل العليا .. لا التافهين والتافهات فاستعينوا بالله وصيغوا لأمتكم مجدها واصنعوا حياتها بالإيمان .. بالعلم .. بالعمل
من هو .. هو الطبيب والأديب والمفكر المصري مصطفي محمود .. صاحب الرصيد الضخم من الأعمال الروائية والفكرية التى أكسبته مكانته فائقة التميز بين مفكرى عصره .. بدأ رحلته مع الحياة العملية طبيبا متخصصا فى طب وجراحة الأعصاب . ومع بداية الستينات اتجه لنشاطه الروائي على نحو أكثر تركيزا فقام بالتفرغ تماما للأعمال الأدبية وصدرت أعماله المتنوعة فى أكثر من اتجاه .. بدء من القصة القصيرة والرواية والمسرحية وأدب الرحلات والأعمال الفكرية المختلفة خاصة مع اتجاهه الى قلعة دار أخبار اليوم ودار المعارف .. لا سيما بعد أن اكتسب الشهرة الواسعة كشخصية متعددة الأبعاد ومفكر من طراز خاص جدا .. رحلة الفكر والايمان .. فى بداية نشاط الدكتور مصطفي محمود الفكرى فى مطلع الستينيات .. كانت الأمواج قد تجمعت خلف السدود فى العالم أجمع مع الصراعات العنيفة الساخنة والباردة بين أقطاب العالم الجديد الذى انخرط الى أبعد مدى ممكن فى محاولة فرض المذاهب واستقطاب الدول تبعا للفكر الاستعمارى الجديد القائم على الاستعمار المذهبي والاقتصادى .. كانت الساحة تحتدم بالصراع بين الشيوعية الممثلة فى الاتحاد السوفياتى .. والرأسمالية المتمثلة فى الفكر الأمريكى .. اضافة الى الصحوة اليهودية بدعوتها الصهيونية المتمثلة فى المؤسسة اليهودية أو ما يعرف باسم المجلس الصهيونى العالمى الذى أسسه تيودور هيرتزل وتبنى بناء الحلم على أرض الواقع .. لتخرج الى الوجود دولة بنى صهيون على الفكر العقائدى الموظف لأغراض سياسية فى مزيج لم يتحقق الا لاسرائيل .. والتى نبتت كشوكة فى ظهر العالم العربي ..
وفى العالم العربي .. ومصر المعبرة عنه بصفتها التاريخية والقيادية الطبيعية .. كان الصراع على أشده بين الاشتراكية التى نادى بها عبد الناصر متبعا خطوات الشيوعية نوعا ما .. وان كان قد حاول ابعاد تلك الفكرة بقيامه بمحاصرة الأحزاب اليسارية المصرية وضربها .. وطرف الصراع الآخر الممثل فى دعوة الأصولية الاسلامية والتى قامت بها فى ذلك الوقت جماعة الاخوان المسلمين .. وكما هو معروف كان الصراع دمويا رهيبا .. لا سيما وأن الدعوة الأصولية التى انتهت الى الاخوان كانت تجد الفكر الاسلامى قد انحصر فى دور العبادة وغاب غيابا تاما عن ساحة العمل السياسي المحتدمة بين الشيوعية والرأسمالية .. وكان مجمل نظرة الاخوان الى تلك الدعاوى كلها بما فيها الدعوة العلمانية التى استقطبت كبري الدول الاسلامية .. وموضع الخلافة العثمانية .. والتى احتلتها علمانية أتاتورك فى ظل هذه الظروف كان الفكر مشتتا .. والمفكرين الشبان الجدد والذين مثلوا طليعة الفكر المصري مثل مصطفي محمود وخالد محمد خالد .. وجدوا أنفسهم فى قلب البحث عن هوية ضائعة بين ما هو عربي وما هو اسلامى بعد انفصال المفهومين بفعل التنابذ بين أطراف الحكم العربي ..
ومع تراجع الفكر الاسلامى المستنير الذى بدأ مع القرن الماضي .. وكان سبب التراجع منطقيا بتداعى الحوادث لغياب رواد التجديد مثل محمد عبده وجمال الدين الأفغانى اضافة الى تراجع قوة الاخوان المسلمين بفضل ضربات النظام الحاكم التى لم تهن ضدها .. ولم يبق من رواد الفكر الاسلامى المستنير الا عملاق الفكر عباس محمود العقاد .. ولم يكن باستطاعة الرجل فى مناخ العداء الحادث أن يتفوه الا رمزا .. وحصر نفسه فى الحديث عن التاريخ الاسلامى القديم دون اسقاط على الواقع الحال .. وان كانت بعض كتاباته المميزة والنادرة أعطت دفعه مناسبة الى حد ما فى الدفاع عن الدولة الاسلامية وطعن المذاهب التى نادى بها من يطلقون على أنفسهم تقدميون .. مثل كتابه .. " لا شيوعية ولا استعمار " الا أن المفكرين الجدد .. وجدوا أنفسهم رغما عنهم فى ظل الصراع الضباب الحادث .. ينزلقون الى معترك التدافع عن الاسلام والتماس الدعاوى القائلة بعدم صلاحية هذا الفكر للعالم المتقدم ..
فوقع خالد محمد خالد فى بداياته أسيرا للفكر الشيوعي .. وخرجت بعض كتاباته تطعن دون قصد فى الفكر الاسلامى وفكرة الدولة الاسلامية وهى الكتابات التى تبرأ منها فيما بعد بعد أن عاد لجادة الصواب .. وأصبح أحد أنبغ رموز الفكر الاسلامى فى تاريخه .. وكذلك مصطفي محمود .. وان كان انزلاقه تمثل فى هاوية العقيدة والوجود الالهى ... ومع تزمت الردود والاتهامات .. انفرد مصطفي محمود بنفسه وفكره وخض أصعب رحلاته على الاطلاق .. من الشك الى الايمان وهى التجربة التى خرج منها ليصبح عملاق العلم والايمان وعبر عن مرارة التجربة وقسوة الرحلة فى كتاباته .. منها " رحلتى من الشك الى الايمان " و" حوار مع صديقي الملحد " و " الوجود والعدم " و" الله " .. ونجا مصطفي محمود من أخطر مزالق حياته على الاطلاق .. مفكر .. نسيج وحده .. المتأمل فى هذا المفكر العبقري .. والنصف حقيقة لمكانته .. يجده واحدا من أندر العقول المصرية والعربية على الاطلاق .. مفكر من طراز شديد الخصوصية .. يطالع بعين الباحث ما حوله .. ويخرج ما لديه الى القراء وجموع مشاهديه .. فيستوعب البعض .. ويعجز البعض الآخر .. فمن ناحية براعته الروائية والقصصية .. لا حاجة بنا الى اطالة الحديث عنها .. فهى مجال قابل للاستيعاب .. ومدى تمكنه وموهبته فى الصياغة تشهد بذلك .. كما فى كتابه " حكايات مسافر " أو " أكل عيش " .. أو روايته " رجل تحت الصفر " أما ما يستدعى التوقف عنده فهو أعماله .. فهو ما أخرجته جعبة الفيلسوف والمفكر الاسلامى فى شخصية مصطفي محمود .. فان راعينا الانصاف عند الحكم على رحلة الرجل فى الكتابة والدفاع عن الاسلام .. لوجدناه قد أخرج لنا أثرا لا يقل بأى حال من الأحوال ان لم يزد على أثر كبار المجاهدين ودعاة الاسلام المميزون .. فبداية .. تمكن مصطفي محمود وباعتراف الشيوعيين والماركسيين أنفسهم من زلزلة الحركة اليسارية العالمية والمصرية على وجه الخصوص بعد ضربات قاصمة تدرعت بالمنطق الأخاذ فى هدم تلك الدعاوى .. ولم يكن ذلك عسيرا مع الطريقة التى اتبعها مصطفي محمود فى ضرب الشيوعية فقد عكف أولا على دراستها باستفاضة وسعة صدر وعبر كتابها أنفسهم ليستخرج منها الباطل الذى تزيي بزى الحق وأعجزهم عن الرد تماما .. ولم يجدوا أمامهم الا الوقوف فى صف المواجهة القذرة ضده فشنوا عليه حربا من نوع آخر لا صلة لها بالفكر .. وهى حرب التشنيع واتهام العمالة المألوف فى العالم العربي .. فاتهموه بالعمالة للولايات المتحدة غير أنهم فشلوا وسقطوا سقوطا ذريعا .. كان أهم أسبابه أنهم افتقروا الى الذكاء تماما فى انتقاء الشائعة .. لأن مصطفي محمود ضرب الرأسمالية الأمريكية وسياسة المال والأعمال فى حكم العالم والهيمنه المطلقة بنفس المقدار الذى هاجم به الشيوعية وربما أشد ..
اضافة الى الشعبية الجارفة التى يتمتع بها الرجل فى وطنه وبين قرائه .. وتعد كتاباته ضد الماركسية علامات كبري لمن يريد الفائدة واكتشاف التناقض التى وقعت فيه .. منها على سبيل المثال " الماركسية والاسلام " و" لماذا رفضت الماركسية " وتأتى مجموعة مقالاته المجمعة والمنشورة عن دار أخبار اليوم كمثال صادق على مهاجمته للغرب السياسي الأمريكى مثل كتابه " الغد المشتعل " و " على حافة الانتحار " وبالتزامن مع هجومه الدائم على المذاهب الفكرية المعادية أخرج مصطفي محمود للمكتبة العربية علامات كتاباته فى الدعوة والتبصير بالاسلام .. مثل كتابه " القرءان كائن حى " وكتابه " القرءان .. محاولة لفهم عصري " وكتابه " الله والانسان " أضف لذلك برنامجه الشهير بالتليفزيون المصري " العلم والايمان " فحلقاته تقف شاهدة على رسالة الرجل الذى كان من أوائل دعاة المسلمين تبصيرا بمدى التطابق القرآنى بمعجزات العلم الحديثة فيما عرف باسم الاعجاز العلمى للقرءان .. ذلك البرنامج الذى حاز شعبية ساحقة لما يتميز به العالم والمفكر مصطفي محمود من سلاسة فى الشرح .. وعذوبة فى الالقاء .. وبراعة فى التعليق على المواد الفيلمية التى يضمنها برنامجه .. ذلك البرنامج الذى توقف لسبب مجهول !! واستكمالا لدعوته .. مزج مصطفي محمود كتاباته الاسلامية بالفكر السياسي وأسلوب الخروج من عنق الزجاجة التى أمسكت برقبه التقدم العربي .. فقدم العديد من المقالات التى تعالج قضايا السياسة العربية وتقدم حلولا خلاقة لمأزق السياسة العربية .. ولو حان الحين لاستيقاظ العرب من سباتهم فستكون كتابات هذا الرجل هى النجم والدليل الذى يهتدى به المصلحون .. هذا بالطبع ان خلصت النوايا .. تلك الكتابات التى تقدم حلولا عملاقة .. وتبسط الطريق لمن يريد الخروج من دوامة العبودية .. وكان مصطفي محمود .. من أوائل وأكثر المفكرين تشجيعا للعرب على استخدام الردع النووى فى أسلوب التفاوض والدفاع .. تلك الدعوة التى لو تحققت لما احتاج العرب الى استخدام هذا السلاح قط .. فالقوى الدولية تدرك تماما أن السلاح النووى لا يصلح بأى حال من الأحوال كسلاح حربي .. بل خلف فقط للردع .. وقدم الرجل فكره على أساس واقعى عندما ساق الدليل على هذه القاعدة الدولية غير المعلنة فالسلاح النووى تم استخدامه لمرة وحدة فقط .. وكان استخدامه فوق هيروشيما ونجازاكى للمرة الأولى والأخيرة للتبصير ليس أكثر ..
ومن الولايات المتحدة انتقل السلاح الى الاتحاد السوفياتى عبر أحد علماء الطاقة الذرية الأمريكية المعروف باسم " روزنبرغ " فى القضية الشهيرة التى حملت اسم الرجل.. ثم انتقل لفرنسا .. وبعدها انجلترا .. واسرائيل .. والصين وهم أكبر أعضاء النادى اللنووى ثم تداعت الحوادث وانكسر الحجاب السري عن الشيطان النووى ولم يعد أحد بحاجة الى معرفة سر الختم لاستخراجه من قمقمه .. فقامت الهند بتجربتها النووية لاخافة وردع باكستان التى ردت باجراء تجربتها النووية أيضا .. ولم تعد التحذيرات والمقاطعات الحروب تمارس ضد من يحوز الأسلحة النووية .. بل ضد من تريد القوة العظمى تلفيق هذا الاتهام له لضربه .. أما من يمتلك السلاح النووى بالفعل .. فلا تجرؤ الدعاوى العظمى على الاقتراب منه فعليا أو استفزازه عسكريا .. وكوريا الشمالية تلك الدولة الصغيرة .. ذات الارادة خير شاهد على ذلك لأنها امتلكت السلاح النووى بالفعل وأعلنته .. فلم تستطع اللبؤة الأمريكية الاقتراب منها كانت هذه القضية احدى قضايا المصير لمصطفي محمود .. لكنها لم تصادف للأسف الشديد أدنى استجابة من أولى الأمر .. وعلى العكس تفاعل معها الجمهور العريض فى المحيط العربي المقهور .. الأزمة والاعتزال من الصعب أن ينزلق مفكر عبقري مثل الدكتور مصطفي محمود فى أزمة مثل تلك التى كادت تقضي على شعبيته ومكانته وتاريخه نهائيا .. كانت أزمة والحق يقال صادمة وقاتلة لمحبيه ومريديه وتلاميذه الذين تعودوه منطقيا ومبارزا فكريا دوما يتمنطق بسيف المنطق .. ويدافع بمجن القناعة .. تعودوه لا يوغل أبدا فى معركة فكرية الا وقد أشبعها دراسة وتمحيصا ليتمكن من الرد والدفاع عن وجهة نظره فيما بعد .. الا أن أزمته الأخيرة والمعروفة باسم أزمة كتاب الشفاعة والتى وقعت عام 2000م .. كانت المعركة التى لم يحسن الدكتور مصطفي محمود الاستعداد لها .. فأتت الهزيمة مؤلمة وصادمة كانت البداية مع صدور كتاب بعنوان " الشفاعة " للمفكر الاسلامى الكبير مصطفي محمود .. وتلقفه القراء والناقدون .. وطالعوا فكرة الكتاب التى تتلخص فى أن الشفاعة التى سوف يشفع بها رسول الله عليه الصلاة والسلام لأمته .. لا يمكن أن تكون على الصورة التى نعتقدها نحن المسلمون ويروج لها علماء وفقهاء الشريعة والحديث !! حيث أن الشفاعة بهذه الصورة تمثل دعوة صريحة للتواكل الممقوت شرعا .. وتدفع المسلمين الى الركون الى وهم حصانة الشفاعة والتى ستتحقق لنا لمجرد الانتساب الى رسول الله صلوات الله وسلامه عليه .. وعليه ظهر مصطفي محمود وكأنه منكر لوجود الشفاعة من أساسها .. !! وانفجرت الثورة فى وجه مصطفي محمود من جميع الاتجاهات .. وكان الريح كلها تصب فى غير صالحه لعدة عوامل جوهرية .. الأول ..
أن مصطفي محمود لم يكن ذلك المفكر الذى يتعرض بالنقد لمجال عميق كالسنه المطهرة وهو خال من التأسيس المعرفي الكامل بجوانبه .. لكنه ارتكب اخطأ على حين غفله وأغلقت أمامه أبواب الرجوع مع الغضب العارم الذى قاده المفكرون الاسلاميون والفقهاء .. فعلم الحديث لم يكن مذهبا انسانيا يحتوى أوجه القصور الطبيعية التى تتواجد فى أى عمل انسانى ,, كالشيوعية مثلا .. بل كانت السنة مذهبا دينيا وتشريعا سماويا كان الرسول عليه الصلاة والسلام قائما فيها بدور الناقل المعبر فحسب .. وبالتالى فان تناولها يجب أن يكون ممن قضي عمره فى دراستها .. وهو مالم يتحقق لمصطفي محمود مهما تأتت له قدرة الاطلاع .. لأن الاطلاع منفردا وان زاد لا يفيد أمام التخصص بأى حال من الأحوال الثانى .. قام مصطفي محمود بمناقشة منطقية الأحاديث النبوية الشريفة التى تناولت الشفاعة وأخضعها للمنطق واللامنطق .. وعليه فهو يبدى عدم اقتناعه بصحة هذه الأحاديث ناسيا أن مسألة الجزم بصحة الأحاديث علم مستقل بذاته .. وله قواعده القاسية فى تصنيف الأحاديث اعتمادا على التصنيفات الثلاث المعروفة .. وهى الأحاديث المتواترة وهى مجزوم بصحتها .. وأحاديث الجمهور وهى الأقل مرتبة وان كانت تغلب عليها الصحة ,وأحاديث الآحاد وهى التى تتأرجح بين الصحة والبطلان .. ويأتى أخيرا فرع مستقل للأحاديث الغير صحيحة أو الضعيفة .. كل هذه القواعد لم تكن وليدة الساعة .. بل هى علم متواتر ومعتمد على الصحاح الست لكبار فقهاء الدين الاسلامى كالبخارى ومسلم وبن ماجه والترمذى والنسائي .. اضافة الى عالم الأحاديث الضعيفة العلامة الألبانى رضي الله عنهم .. الثالث.. كان مصطفي محمود فى معاركه الفكرية يكتسب الى جواره العشرات من تلامذته وقرائه ورفاق الفكر .. غير أن هؤلاء انقلبوا عليه جميعا بواقع الحال بعد صدور الكتاب الأخير الذى تضمن ما لم يكن كافيا لاكتساب جمهوره لجبهته .. وهكذا كانت المعركة ضارية .. وبالقطع خسر فيها مصطفي محمود بحكم الجمهور الذى تأمل ردود علماء الشريعة الكبار على كتابه .. وكانت الردود قد تجاوزت أربعة عشر كتابا أهمها على الاطلاق كتاب الأستاذ الدكتور محمد فؤاد شاكر أستاذ الشريعة الاسلامية بجامعة عين شمس والمفكر الاسلامى الشهير والذى رد على انكار الشفاعة ردا مفحما وقاسيا للغاية على المفكر ..
وحاول مصطفي محمود الصمود والانتصار لفكره .. غير أن الدفاع فى معركة خاسرة لم يكن ليجدى وحاول التراجع الا أن هذا التراجع تأثر كثيرا .. بالرغم من أنه لم يكن يقصد اساءة للدين الذى قضي جل عمره حاملا راية الدفاع عنه .. مع الضوضاء المثارة والجو العام ضده .. وفيما بعد .. كشف مصطفي محمود خطأه فى التناول الدقيق لعلم ليس خبيرا به .. ودافع عن تصرفه بحرية الفكر والرد والاعتراف بالخطأ .. الا أن تواجد الكثيرين من أعدائه أغلقوا عليه هذا الباب .. ونسي الجميع فى حمى الهجوم على الرجل .. أنهم بصدد خطأ حقيقي بيد أن الخطأ مردود .. ولا وجود لكتم حرية السؤال والاجتهاد .. طالما أن طريق العودة مفتوح الى الصواب لا سيما وأن المخطئ رجل فى حجم مصطفي محمود وتاريخه المشرف فى الدفاع والذود عن الاسلام وفكره وتاريخه وبطولاته ورسالته .. وكانت المعركة كما لو كانت موجهة الى داعية شيوعية أو صهيونية .. نسي الجميع أن الفارق ضخم بين الخطأ والجريمة .. فالخطأ مغفور بتصير المخطئ لأنه كان حسن النية لا سيما فى الفكر الذى يعج بالتساؤلات الحرجة أما الجريمة فهى تعمد الخطأ والترصد فيه بدافع خصومة قائمة كما فعل دعاة المذاهب الفكرية المضادة للاسلام وكما فعل المستشرقون فى دراستهم للاسلام طمعا فى الوصول الى نقطة ضربه من داخله .. وللأسف .. أدركت الدكتور مصطفي محمود العلة الشديدة من ضراوة الهجوم وجحود التراجع عن الخطأ .. وزاد من ذلك عوامل الزمن وتقدم العمر وذبول حيوية التأليف والكتابة .. فاعتزل تقريبا الا من قليل من المقالات المحدودة فى مجلة " الشباب " المصرية وبجريدة الأهرام القاهرية .. ومما لا شك فيه .. أنه خسارة فادحة والله لرجل بلغ القمة فى نبل الفكر وصدق النية ومضاء العزيمة والارادة والابداع .. هذه لمحات بسيطة عن الرجل الذى أثار الدنيا .. ووهب نفسه فداء لعقيدته وفكره .. وأثري مجالات العلوم الانسانية بما لا يستطيع انكاره الا أعمى أو مكابر .. بارك الله فيك ولك أيها العالم الكبير .. والمفكر القدير .. وغفر لك زلتك .. وجعل تاريخك فى ميزان حسناتك .. يوم تلقي الجزاء الحسن ان شاء الله عند من لا يظلم .. ولا يقسو ..
عالم ذرة مصري وأستاذ جامعي, درّسَ في العراق في الجامعة التكنولوجية قسم الهندسة الكهربائية فشهد له طلابه وكل من عرفه بالأخلاق والذكاء والعلمية. نشأته ومؤهلاته
ولد يحيى المشد في مصر في بنها عام 1932، تخرج من قسم الكهرباء في جامعة الإسكندرية عام 1952م، و أختير لبعثة الدكتوراه إلى لندن عام 1956، لكن العدوان الثلاثي على مصر حولها إلى موسكو، تزوج وسافر وقضى هناك ست سنوات عاد بعدها عام 1963.
وظيفته
عند عودته إنضم إلى هيئة الطاقة النووية المصرية حيث كان يقوم بعمل الإبحاث، أنتقل إلى النرويج بين عامي 1963 و1964، ثم عاد بعدها كأستاذ مساعد بكلية الهندسة بجامعة الإسكندرية و ما لبث أن تمت ترقيته إلى "أستاذ"، حيث قام بالإشراف على الكثير من الرسائل الجامعية و نشر أكثر من 50 بحثا.
بعد النكسة
بعد حرب يونيه 1967 تم تجميد البرنامج النووي المصري، مما أدى إلى إيقاف الأبحاث في المجال النووي، و أصبح الوضع أصعب بالنسبة له بعد حرب 1973 حيث تم تحويل الطاقات المصرية إلى إتجاهات أخرى.
فى العراق
كان لتوقيع صدام حسين في 18 نوفمبر 1975 اتفاقية التعاون النووي مع فرنسا أثره في جذب العلماء المصرين إلى العراق حيث أنتقل للعمل هنالك. قام برفض بعض شحنات اليورانيوم الفرنسية حيث إعتبرها مخالفة للمواصفات، أصرت بعدها فرنسا على حضوره شخصيا إلى فرنسا لتنسيق إستلام اليورانيوم.
اغتياله
أغتيل في الثالث 13 يونيو عام 1980م ،في حجرة رقم 941 بفندق الميريديان بباريس. و ذلك بتهشيم جمجمته، قيدت السلطات الفرنسية القضية ضد مجهول. يدعي الكثير من زملائه أن الموساد كان وراء عملية الاغتيال. وكان تقرير الطبيب الشرعي أنه "قتل بآلة حادة" لماذا؟ لكي يتم الإيحاء أو الإيهام بأن القاتل ليس محترفاً، ولا ينتمي إلى أي تنظيم أو جهاز سري، إنما القصة أرادوا أن يحصروا القصة في علاقة دكتور مع امرأة. بشكل عام تجاهلت معظم وسائل الإعلام العربية الرسمية نبأ مقتله و بعضها ذكرته بصورة سريعة.
ودى قصه حياته ايضا حسب رواية الجزيره فى حلقه سرى للغايه
ولد في بنها عام 32، وتعلم في مدارس طنطا وتخرج من قسم الكهرباء في جامعة الإسكندرية، مع انبعاث المد العربي عام 52، أختير لبعثة الدكتوراة إلى لندن عام 56، لكن العدوان الثلاثي على مصر حولها إلى موسكو، تزوج وسافر وقضى هناك ست سنوات عاد بعدها عام 63 الدكتور يحيى المشد متخصصاً في هندسة المفاعلات النووية، التحق بهيئة الطاقة الذرية المصرية، التي كان أنشأها الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، الذي أمر أيضاً قبل ذلك بعام بإنشاء قسم للهندسة النووية في جامعة الإسكندرية، انتقل إليه المشد، حتى صار رئيسه عام 68 بعد سنوات قليلة من جلوسه وراء هذه النافذة حمل الرجل عصاه ومضى تاركاً تلاميذه لمصيرهم. د. محمد ياسر خليل (رئيس الهندسة النووية – جامعة الإسكندرية): العالم المصري مالوش أي أهمية أو العقل المصري اللي بيعلمنا في مجال العلم مالوش أهمية طالما إن هو بيعمل في المجال العلمي داخل مصر أو داخل المنطقة العربية، أنا مش عايز أخصص لأن الكلام عام يعني، لكن لو.. لو نفس العقلية دي موجودة في الغرب أو موجودة خارج مصر، فهي دي عقلية إحنا نحتفي بيها ونرحب بيها، ونتكلم عليها ونشير إليها بالبنان، قد تكون عقلية مماثلة لها تماماً، والقدرات مماثلة لها تماماً موجودة في مصر، ولكن للأسف.. فإحنا الحقيقة المثل اللي بيقول: "لا كرامة لنبي في أهله" ومش عارف هو ده صح أم لا، ولكن.. ولكن يبدو إن هو بينطبق علينا تمام الانطباق. [بغداد] يسري فوده: البلد العربي الوحيد الذي أنعم الله عليه بالحسنيين الماء والنفط العراق، بدأ مارده في أعقاب حرب الكرامة العربية عام 73 ينفض التراب عن قمقمه. د. منذر التكريتي (رئيس القسم الذي عمل به المشد سابقاً): والله في واحد نيسان 1975 تم تأسيس الجامعة التكنولوجية، وكان ليَّ الشرف أن أكون عضو في أول مجلس جامعة، وكذلك أن عُهد لي تأسيس وإدارة قسم هندسة السيطرة والنظم ما يسمى باللغة الإنجليزية. Control and system engineering Department وكانت المهمة كبيرة وملحة، ولم يكن الوقت في صالحنا في ذلك الوقت، ولذلك قررنا الاستعانة بأشقائنا العرب، وبالذات من مصر العروبة، وتم التعاقد مع عدد من الأساتذة المرموقين المصريين وكان من ضمن هذه النخبة الخيرة المرحوم الدكتور يحيى المشد.
د. داخل جريو (رئيس الجامعة التكنولوجية): رأت القيادة السياسية في قطرنا المجاهد إنه هناك حاجة ملحة إلى ملكات هندسية رفيعة المستوى العلمي وعالية التأهيل وبأعداد كبير، حيث شهد القطر في ذلك الوقت على ما أطلق عليه بخطة التنمية الانفجارية والحاجة إلى الملكات والكوادر الهندسية، فجاء تأسيس الجامعة التكنولوجية. يسري فوده: ودَّع يحيى المشد وراءه حلماً غالياً في مصر، لم يجده تماماً في الجامعة التكنولوجيا في العراق. في هذه المختبرات التي جمَّعها آلة بآلة كان يجد مع تلاميذه قليلاً من العزاء. د. صالح الفرغولي (تلميذ المشد – الرئيس الحالي للقسم): إحنا بالحقيقة كان انتعاش تلك الفترة تأسست الجامعة والأجهزة حديثة جداً، فكان دائماً أي شيء يجي يكون جديد للقسم، يطلع عليه ما موجود وفي الحقيقة إحنا دائماً يعطينا تجارب ذات العلاقة وكيف تطورها، فمن ذاك الزمان يعني بالحقيقة يؤكد على التطوير، التطوير الأجهزة، جهاز يوجد جديد نتطلع على تفصله، ثم كيف نطوره. د. منذر التكريتي: رجل يحب عائلته، حسب ما ذكر بالاختلاط، عائلي يعني Family man، كان قومي، يعني قومي في تفكيره وقومي في تصرفه، يعني هو أخ عربي عزيز مصري، يعمل في العراق، لم يلاحظ عليه أبداً إنه يتصرف وكأنه مصري بل تصرف وكأنه عربي يسكن في بلده.
يسري فوده: لكن مصر في تلك الأثناء كانت تتجه في طريق آخر، وضع السادات يده في أيدي اليهود، وتزعم العراق جبهة الصمود والتصدي، فضرب المشد جذوراً أعمق في العراق. أيمن يحيى المشد: الجزء الثاني اللي أعتقد إنه كان برضو الدولة السياسية كانت مش عايزة تفتح النقاش في مجال الطاقة النووية، لأن كان موضوع الطاقة النووية بالنسبة لها أعتقد إنه موضوع خلاص أبتدأ ينحصر وبيقفلوا عليه، ودا وضح جداً في مشروع المفاعل بتاع سيدي كرير، لأنه كان فيه 3 عروض متقدمين، إنه المشروع ده المفروض يتنفذ فعلاً، ووالدي كان مستني إنه يتنفذ علشان يجي يشتغل فيه، ووقف خالص، ولغاية النهارده واقف. يسري فوده: على هامش عمله في الجامعة التكنولوجية سمح للمشد بالتردد أثناء عطلته الأسبوعية على منظمة الطاقة الذرية العراقية، إلى أن جاء العام الذي وقع السادات فيه ما يوصف بمعاهدة السلام. [القاهرة] د. فاضل محمد علي (رئيس الاتحاد العربي للفيزياء الحيوية): 79 وقَّع عقد مع هيئة الطاقة الذرية، إنما هو لغاية سنة 79 كان في الجامعة التكنولوجية وبيعمل فيها، وهذا لا يمنع التعاون العلمي في مجال أبحاث علمية تسير بين الجامعة، وزي ما بيحصل هنا في مصر وفي أي مكان في العالم.. يسري فوده: يعني في تخصص دقيق قد يسمح لك أن تستشعر أكثر من المواطن العادي.. ربما بالطموحات العراقية التي بدأت تتنامى في تلك الفترة، من امتلاك قوى نووية، يعني كما تكشفت أبعادها فيما بعد، يعني هل كنت تلحظ ذلك؟ د. فاضل محمد علي: هو كان الطموحات العربية وحتى في مصر حتى الآن إن إحنا طالما فيه هناك من يمتلك القنبلة النووية.. للدفاع عن النفس لابد أن يكون لك نفس الشعور، والعراق فتحت أبوابها كانت –يعني- عندها طموحات وطموحات جيدة، يعني مش.. مش ضارة. زنوبة الخشخاني (أرملة يحيى المشد): بس طبعاً يعني متخاوف كده إنه يستمر معاهم على اعتبار إنه هنا في مصر لما كان بيشتغل في الطاقة الذرية في أنشاص، وكان بيروح كلية العلوم والكلية الفنية العسكرية في مصر، ما كانوش يعني مديين له [يعطوه] له برضوا التقديرات والإمكانيات الكافية إنه يعيش، وده السبب الرئيسي اللي خلانا أيه، رحنا العراق، وبعدين ما رحش، مثلاً: السعودية ولا الكويت، والحاجات دي اللي فيها فلوس، راح العراق علشان فيها مفاعل ذري، إنه يتابع شغله هناك وهم معاهم الفلوس ويقدر ينفذ. [باريس 1974] يسري فوده: في عام 74 وصل (فاليري جيسكار دي ستان) إلى سدة الحكم في فرنسا وقد انفجرت أسعار النفط العربي. شريف الشوباشي (مدير مكتب الأهرام في باريس): البترول كان عنصر من العناصر التي أخذت في اعتبار متخذي القرار الفرنسي، (جيسكار دي ستان) هو أول من باع السلاح للعالم العربي باعه.. باع طائرات الميراج لمصر قبل الفترة التي نتحدث عنها بحوالي خمس سنوات عام 75 إنما كان هناك نفطة محظورة وهي المجال النووي. [باريس 1975]
علاقات العراق النووية بفرنسا وأسباب سفر المشد إلى باريس يسري فوده: بعدها بعام عام 75 كانت نائب مجلس قيادة الثورة العراقية آنذاك –صدام حسين- في زيارة لفرنسا، وكانت على جدول أعماله جولة بصحبة رئيس الوزراء الفرنسي –آنذاك- (جاك شيراك) لتفقد مركز الطاقة النووية الفرنسي في منطقة (كتراج) بالقرب من (مارسيليا) في جنوب فرنسا، تقول مصادر غربية إن الزعيمين احتفلا لدى نهاية الزيارة بتوقيع صفقة لم تبلغ بها الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ليس لدينا دليل على ذلك.. د. غازي فيصل (سفير العراق في باريس): طبعاً هو كان موجود في فرنسا ضمن إطار الزيارات العلمية اللي يقوم بها العلماء العراقيين إلى المختبرات إلى المنشآت اللي توجد بينها وبين العراق اتفاقات في إطار بناء القدرات العلمية التكنولوجية النووية العراقية للأغراض السلمية، وهو موجود ضمن إطار بروتوكولات التعاون بين العراق وبين هذه المؤسسات العلمية، وأكيد استهدفت إسرائيل، كما دائماً تستهدف أو تحاول أن تستهدف علاقات التعاون العراقية الفرنسية على مختلف الأصعدة، ومن ضمنها وأبرزها هو التعاون في المجال العلمي والتكنولوجي النووي أو غيره من مجالات التعاون التكنولوجي. [بغداد 1976] يسري فوده: بعد ذلك بعام.. عام 76 كان (جاك شيراك) يرد الزيارة، في تلك الآونة كانت دول أوروبية قد استحدثت أسلوب الطرد المركزي لاستخلاص اليورانيوم 235 بنسبة تخصيب تصل إلى 93%، ما يغني عن الحاجة إلى إنشاء مفاعل ضخم لإنتاج البولتنيوم 239. د. فاضل محمد علي: العراق كان عنه هذا المفاعل اللي هو كان هيتعمل في فرنسا وطلبوا منه إن يعمل له.. ياخده بالنظام الجديد وقد تم.. قد تم بعد سلسلة من المحادثات وأنا أعتقد إن يحيى كان فيها، لهذا السبب سافر إلى فرنسا، وأنا كنت عارف. يسري فوده: حضرتك كنت عارف؟
د. فاضل محمد علي: أيوه طبعاً.
[جنوب فرنسا 1979] يسري فوده: بعيد التحاق يحيى المشد بمنظمة الطاقة الذرية العراقية هبط في مطار (إير) قرب مدينة (تولون) في جنوب فرنسا فريق من ثلاث أشخاص قدموا في رحلة داخلية من باريس، عندما وصلوا إلى (تولون) توجهوا إلى محطة القطار حيث أستأجروا سيارة من طراز (رينو 12) قادوها إلى فيلا قريبة، داخلها كان أربعة آخرون في انتظارهم، هؤلاء، تقول مصادر فرنسية إنهم من عملاء جهاز الاستخبارات الصهيوني "الموساد"، باتوا ليلتهم يرسمون خطة تخريبية. في اليوم التالي الخامس من أبريل نيسان عام 79 توجه المخربون في طريقهم إلى مرفأ صغير، غربي تولون يدعى (لاسين سومير) كانت هذه جولة استطلاعية أرادوا من وراءها تحديد موقع جريمتهم، في هذا الموقع، في مخزن بعينه يشبه هذه المخازن كانت تقبع درة التعاون العراقي الفرنسي تمهيداً لشحنها عن طريق مارسيليا إلى بغداد بعد أيام معدودة. وضع زوار الليل لمساتهم الأخيرة على خطتهم قبل أن يعودوا تحت جنح الظلام، فيما يراد لنا أن نفهم أن خطتهم الأولى كانت سرقة قلبي المفاعلين العراقيين "إيزيس" و"أوزوريس" كما سماهم الفرنسيون أو كما سماهم العراقيون "تموز 1"، و"تموز 2" في يسر تسللوا إلى الداخل، وفي يسر ميزوا الشحنة العراقية من بين شحنات أخرى مماثلة، وفي يسر تسرب الوقت فلجأوا إلى خطتهم البديلة، فجروا قلبي المفاعلين ولاذوا بالفرار. د. غازي فيصل: كل اللي ذكر إنه.. أشيرت أصابع الاتهام حول الموساد.. وبنفس الوقت تم الإشادة في حينها يعني ببراعة العملية، كيف وصلوا هؤلاء الجناة إلى هذا المكان على الرغم من إنه وجود حراسة، على الرغم إنه العملية هي تتم برعاية السلطات الفرنسية، الأجهزة الأمنية المختصة لحماية هذا الجهاز أو هذا القلب لكي ينقل من المصنع إلى البحر، لكي ينقل إلى مكان اللي هو مكان معلوم في العراق. عادل حمودة: التواطؤ في اعتقاد هو موجود في هيئة الطاقة النووية، وعندنا دليل إضافي على ذلك مواعيد تسليم المفاعلين العراقيين اللي هما إيزيس وأوزوريس اللي همَّ اتفجروا قبل كده في مارسيليا بدقة، وقبل وقت يكاد يكون بتتكلم على ساعات قبل الشحن، يعني إذاً هو في المخازن بتاعة الشركة، إذاً أنت قدام أشياء دقيقة جداً، لا أتصور إنه الشرطة الفرنسية ترقى إلى مستوى أن تكون طرف مع الموساد، المسألة أكبر من الشرطة الفرنسية. فؤاد أبو منصورة: والرئيس (دي ستان) أراد ألا يخسر العقود التي وقعت مع العراق، لأنها كانت عقوداً دسمة للصناعات التسليحية الفرنسية، وفي الوقت ذاته حاول أن.. أن لا يتهم بأنه يساعد على الانتشار النووي، ماذا فعل يومها؟ طلب من من المفوضية النووية إنتاج وقود اسمه "وقود كراميل" يعني بدل أن مخصب بنسبة 97.. 94% من اليورانيوم المخصب أن يكون مخصباً فقط بنسبة 7%، يعني أن يُشغل مفاعل أوزيراك التي باعته فرنسا، ولكن هذا الوقود يكون عاجزاً عن إنتاج القنبلة النووية.
د. غازي فيصل: في حينها أصر العراق أنه هناك عقد بين العراق وبين المؤسسات الفرنسية يفترض أن يتسلم مفاعل بنفس المواصفات العلمية التكنولوجية، لأن لا،.. لا.. لا يستطيع (الكراميل) أنت ينتج طاقة نووية بنفس المواصفات اللي ممكن، هذا إذا.. فعلاً صح تكهنات العلماء، واستطاعوا الوصول في حينه إلى إنتاج الكراميل وتحوير القلب مال المفاعل إلى آخر من تفاصيل التقني. زنوبة الخشخاني: قال لي: ماكينات أنا رجعتها لهم عشان مش دي المواصفات اللي أن طالبها. قلت له: يا خبر! ده كده هم هيحطوك في دماغهم بقى إنك أنت بتشاكسهم وتعمل معاهم كده، قال لي: لأ لأ، أنا ما.. ما، أنا واكل عيش العراقيين، وأنا بأعمل اللي يميله عليَّ ضميري، ضميري ما يسمح ليش إن أن أتنازل عن أي حقوق في الشغل. أيمن يحيى المشد: اليورانيوم دوت كان فيه مشكلة فيه أيه هي؟ ما أعرفهاش، لأن هو كان.. والدي مش من النوع اللي كان بيتكلم معايا. يسري فوده: هو اللي قال لك ده يورانيوم أو..؟ أيمن يحيى المشد: آه، قلت له: طب وأنت واخده معاك ليه؟ هو أنت المفروض بتنقله؟ أنا اتخليت بقى إن هو ده اليورانيوم اللي بيتحط جوه المفاعل، يعني.. فقال لي: لأ، ده عينات بيتعمل عليها تحليلات والكلام ده كله، وإن هو رايح فرنسا.. ما قاليش طبعاً بسب الموضوع ده، بس قال لي يعني.. يعني تبع شغله العينات دي، بس.. بس كان فيها حاجة يعني.. يعني دي كانت تبع شغله، يعني تبع السفرية دي، يعني مش.. يعني دي مش حاجة موجود عادية في شنطته وهو مسافر بيها لأ، دي تبع السفرية دي بالذات. زنوبة الخشخاني: وكان قبل ليلة السفر كان واقف قدام الدولاب، قمت أنا قلت له.. قال لي: ما عمروش يتكلم على نفسه هو، مابيتكلمش على نفسه ولا يفتخر بنفسه، ولا يقول أنا إيه، ولا.. بيتكلمش بالطريقة دي، الليلة دي بالذات قال حاجة، وفعلاً ربنى استجابها له ونفذت فعلاً: أنا –يا زيزي- مش أي حد، أن لازم أقول للعالم ده كله إن أنا مش أي حد، ليه قال كده؟ عشان إيه قال كده؟ عمره ما أتكلم على نفسه.
الموساد وعملية اغتيال المشد
يسري فوده: مفوضاً من منظمة الطاقة الذرية العراقية مع ثلاثة آخرين من زملائه العراقيين وصل الرجل إلى باريس في السابع من يونيو/ حزيران عام 80، فنزل في غرفة بالطابق الأخير من هذا الفندق، يكتب في مذكراته بخط يده ملاحظات على اجتماعاته بنظرائه الفرنسيين، تبرز من بينها كلمة (كراميل) ومشاريع لتدريب العقول العراقية في المؤسسات الفرنسية، ويبرز أيضاً من بينها جانب الإنسان في يحيى المشد، كيف يوزع ميزانية السفر الزهيدة؟ وكيف يجد لأفراد عائلته ملابس تناسب مقاساتهم؟ كان يفكر في الذرة وفي الملابس الداخلية لابنه أيمن في آنٍ معاً، لكنه مات قبل أن يُكمل إنجاز أيٍّ منهما في الثالث عشر من يونيو/حزيران لفظ أنفاسه الأخيرة، ولم تكتشف جثته إلا بعدها بأكثر من يوم، لكن الشرطة الفرنسية كتمت الخبر عن العالم لأربعة أيام أخر. لم تنته القصة عند هذا الحد، ففي ضاحية (سان ميشيل) بعدها بأقل من شهر كانت أهم شاهدة في القضية العاهرة (ماري كلود ماجال) تغادر أحد بارات باريس الرخصية وقد بدي لمن يراها هكذا في الشارع وكأنها مخمورة، منظر مألوف في هذه الضاحية بعد منتصف الليل، لكن غير المألوف أنها وقد كانت تعبر الشارع دهستها سيارة مجهولة لم يعثر عليها حتى اليوم، مرة أخرى قيدت القضية ضد مجهول. في تقريرها النهائي أشارت الشرطة الفرنسية بأصابع الاتهام في اغتيال المشد إلى ما وصفته بمنظمة يهودية لها علاقة بالسلطات الفرنسية، لكن أقوى دليل يأتي في سياق كتاب صدر عام 2000، يضم اعتراف المسؤول عن شعبة القتل في الموساد. عادل حمودة: وهو راجل كان بيقول لك أنه يدفعون دولاراً علاوة لكل من يقتل شخص، يعني العلاوة تساوي دولار، يعني من باب الاستهانة مش أكتر، وبيهدي مشهد الختام وهو أنه قد ذهب إلى يحيى المشد في غرفته وطرق الباب عليه بعد قصة العاهرة (ماري ماجال) وقال له: نحن أصدقاء.. إحنا ولاد عم، التعبير الشائع بين العرب والإسرائيليين أو العرب واليهود، وقال له إن أنا عندي أصدقاء، وإني مستعد إن إحنا ندفع لك أي مبلغ تطلبه، فكان رده حاد جداً ورد شرقي، قال له يعني أعتقد إنه حسب كلام المؤلف يعني مش كلامي: امشي يا كلب أنت واللي باعتينك، فخرج مسؤول القتل في الموساد –حسب كلام هذا الكتاب- وأخد طيارة (العال) اللي هي رايحة إلى تل أبيب وبعد أكثر من نصف ساعة كانت عملية القتل بتتم بشكل أو بآخر. يسري فوده: هؤلاء الكلاب كما وصفهم المشد، لا ينفون ولا يؤكدون في محاولة لإرهاب علمائنا وإرهابنا، لكنهم يجدون في أجندة الأميركيين كثيراً مما يوافق أغراضهم. عمير أورين (صحيفة "ها آرتيس"): في أواخر حقبة السبعينات وأوائل حقبة الثمانينات فيما كان البرنامج النووي العراقي في طريق التقدم، أقسمت إسرائيل علناً أن تضع حداً له، ووفقاً لتقارير موثوق بها حاولت إسرائيل النيل من الأشخاص الضالعين في البرنامج كالعلماء والمهندسين والوسطاء، وأيضاً حاولت النيل من المواد التي كانت في طريقها إلى المفاعل.
شلومو أجرونسون (أستاذ العلوم السياسية- جامعة القدس): كيف يمكن ثلاث مائة وعشرين مليون عربي أن يتقبلوا جزيرة يهودية من خمسة ملايين؟ سياسياً لا يعقلها العرب، شيء واحد فقط يمكن أن يرغمهم على قبولنا ألا وهو القنبلة النووية، بمعنى أن يكون باستطاعتنا إنزال مصيبة مفجعة على العالم العربي كله لو حاولوا تدميرنا. يسري فوده: وراء أسوار هذا السجن لا يزال يقبع يهودي من أصل مغربي اسمه (موردخاي فعنونو) هرب من مفاعل (ديمونة) عام 86 بمجموعة من الصور، قدمها لصحيفة صاندي تايمز البريطانية، استنتج منها الخبراء امتلاك إسرائيل مائتي رأسٍ نووياً حتى ذلك الوقت بمساعدة أميركية. بيتر هاونام (أجرى حوار مع موردخاي فعنونو): هذه الدولة ستغرق لو قطعت المساعدات الأميركية، ولو ثبت الأمر فإن الولايات المتحدة وفق القوانين الأميركية ليس من المفترض أن تقدم مساعدة إلى دولة لديها برنامج نووي سري، ولهذا فإن حقيقة التجاهل الأميركي تثبت أن هناك تواطؤاً، بل إنني من خلال بحثي لسنوات وضعت يدي على مواقف كثيرة قدمت أثناءها مساعدات أميركية إلى قطاعات من البرنامج النووي سراً. أفيكتور فيلدمان (محامي موردخاي فعنونو): لا تزال لديه رغبة حقيقية في محاربة الأسلحة النووية، قال أمام المحكمة أكثر من مرة إنه سيفعل كل ما في وسعه لتخليص الشرق الأوسط منها، ولهذا عارضوا الإفراج عنه، وحتى الآن اقتنعت المحكمة بموقف الحكومة فلم تطلق صراحة. عصام نجول (عضو الكنيست): هذا جانب.. الجانب الثاني في معادلة.. التعتيم الإسرائيلية هو تمكين الولايات المتحدة أو الدفاع عن الموقف المتلون للولايات المتحدة الذي يطالب الدول الأخرى في العالم وخصوصاً في الشرق الأوسط، ويحاربها، ويحتل أرضها، ويمزقها، ويفرض الحصار عليها خلال عشر سنوات بحجة أنها تمتلك السلاح النووي أو تريد إنتاج السلاح النووي، بينما هي تغمض أعينها عن الترسانة النووية الهائلة والمرعبة التي تمتلكها إسرائيل، هذه السياسة المفضوحة عملياً يجب أن تفضح رسمياً. التفوق النووي الإسرائيلي وتدمير المشروع النووي العراقي يسري فوده: يتنازل العرب طوعاً عن حقوقهم، وهم متأكدون أن الصهاينة نصبوا قنابلهم النووية أمام بيوتنا، فيما يذبح العراق كل يوم لمجرد الشك.. مجرد الشك، فرق من التفتيش بعد فرق من التفتيش قادها أعداء العرب، لم تثبت لنا حتى اليوم وجود سلاح نووي واحد، فما بالك بمائتين وأكثر ونحن لا حياة لمن تنادي! بعد عامٍ على اغتيال المشد تنطلق مقاتلات صهيونية من أرض عربية كي تعبر فوق سموات عربية قبل أن تصل إلى بلدٍ عربي اسمه العراق فتدمر المفاعل النووي، خبر آخر نتسلى به قبل النوم. شريف الشوباشي: إذاً الدول العربية من حقها أن تسعى، وأعتقد أنه.. أن الكثير من الدول العربية تسعى بالفعل، وإنما هذه الأمور لا تظهر في وسائل الإعلام، وهذه الأمور لا يعلن عنها، لا ننسى أنه منذ.. بضع سنوات.. ألقت.. المخابرات الأميركية القبض على ضابط مصري في مطار واشنطن عائداً إلى مصر وكان معه مكونات لسلاح غير مرغوب فيه وغير مطلوب.
عادل حمودة: كان عندنا حلم في الستينات إن إحنا يكون عندنا مشروع نووي، ثم جاء بعد ذلك انقلاب عن هذه السياسات في عصر السادات، وبدأ إن إحنا بنتكلم على البطاطس، وبنتكلم عن الانفتاح، وبنتكلم عن الأخشاب، وبنتكلم على العمولات، وبنتكلم على.. على مجتمع غريب جداً يعني، فأين كان لا يمكن أن يكون حلم قومي أو حلم ضخم جداً أن تكون قوياً؟ هذا الحلم دُمِّر كما دُمِّر حلم صناعة السلاح، وصناعة الطيارات، وصناعة الصواريخ، ودي كلها كانت أشياء لها جانب حقيقي موجود. يسري فوده: يخيم السلام على القاهرة أم الدنيا مع ما ندر من غمزات ولمزات تنطلق من حين إلى آخر على استحياء، بين هذا وذاك يقع الشارع العربي في مصر في أسر الآلة الإعلامية، هكذا نساعد أعداءنا على ترسيخ نظرية المؤامرة وعلى إرهاب علمائنا، يراد لنا أن نقتنع بأن اليد الطولى للصهاينة تطولنا ولو كنا في بروج مشيدة، الدكتور سميرة موسى، الدكتور سعيد بدير، والدكتور علي مصطفى مشرفة، وغيرهم. د. سلوى مشرفة (الإبنة الصغرى للدكتور علي مشرفة): أنا كان عندي وقتها سنتين ونص، دادتي كانت طالعة تدي له الشاي لأن هو كان رايح هيلبس ويروح البرلمان..، وهو في سريره خد الشاي، وأنا كنت واقفة وحاضرة يعني الموقف ده، ده طبعاً أنا ما أتذكرش وأنا سنتين ونص، بس شرب شفطة الشاي واتوفى في ساعتها. نادية مشرفة (الإبنة الكبرى للدكتور علي مشرفة): ابتدت الهوجة بتاعة.. فيه علما اغتيلوا كتير من ضمنهم سميرة موسى، ودي كانت تلميذة والدي، وابتدينا نسمع إن الدكتور مشرفة مات مسموم، أنا بأتساءل: يا ربي، يعني لو كان مسموم، لأ، العلم بيقول دلوقتي إن حتى السم ما بيبنش، فكل شيء جايز بس في وقت ما توفى لم يكن فيه شك البتة. د. فاضل محمد علي: هو أنا كنت معاه لآخر مرة يعني.. يعني دايماً إحنا لينا نظرة يمكن كلمة المحاذير دي موجودة، يعني قلت له أنا هأرجع مصر، وأنت، قال لي أنا يعني قلت له: ترجع، لأن هو كان خلَّص المدة بتاعته. يسري فوده: ليه نصحت الدكتور إنه يرجع مصر؟ د. فاضل محمد علي: برضو توجس خيفة من الدخول في هذه الدائرة المغلقة التي لا يستطيع الإنسان الخروج منها، يعني له كلمة مأثورة –الله يرحمه- قال لي: "مصيبة متوقعة أو كرب محقق"، دي كلمة أنا بأقولها دين عليَّ قالها قدامي وقدام زوجتي وقدام زوجته وأولاده. يسري فوده: لكن الذي لا شك فيه أن يحيى المشد مات بفعل فاعل، وأن قاتله يعرف نفسه، وأن الذي بيده عمل شيء ما يعرف القاتل، لا مصر التي هو ابنها أرادت أن تعكر آنئذ أفراح السلام الزائف، ولا العراق اللي منحه أنفاسه الأخيرة أراد أن يلفت إليه مزيداً من الأضواء، ولا فرنسا الذي مات على أرضها أرادت أمام الصهاينة والأميركيين، بل وهي في غنى عنها، ضاع دمه هدراً، ولم يُكرم أسرته بعد رحيله إلا الرئيس العراقي صدام حسين. زنوبة الخشخاني: دخلنا صالون وفيه صالون تاني، وبعدين لقينا مكتب كبير وطالع من وراه السيد الرئيس صدام حسين، قال: أهلاً بيكم بأهلي وقرايبي وإخواتي في بلدكم، اتفضلوا، جيه على كنبة عريضة قعد في النص، وأنا على اليمن ولميا على الشمال، وحط إيديه علينا زي نسر، قال: أنا فقدت أخ.. أخ عزيز عليَّ وهو الدكتور المشد، أنتو لو طلبتوا روحي ما تفدهوش، روحي نفسها، أنتو أهلي، تطلبي تقعدي معانا في العراق ابني لك قصر جنب قصري، أعمل لك اللي أنت عايزاه.
عادل حمودة: والحلم ده دايماً إحنا متعودين إن يكون متمسكين بيه في اللحظة اللي..، يعني عمرنا ما اتمسكنا بحلم ماشي على رجليه، عمرنا ما اتمسكنا بحلم يقعد على مكتب، عمرنا ما اتمسكنا بحلم موجود ومتحرك، وبيملى الدنيا بالصخب وبالجدل وبالتواجد، لأ، الحقيقة كل أحلامنا اللي بنتمسك بيها حلم شخص اتقتل، حلم شخص مات، حلم شخص اختفى، حلم تاريخ قديم يعني، حالة من.. من.. من العبث لعدم الثقة بالواقع، وبالتالي في استدعاء التاريخ بالنسبة لك واستدعاء ما حسم أمره ولم يعد قادراً على التأثير في الواقع إنه يكون هو ده الموديل عشان نطمئن إنه مش هيتغير. يسري فوده: في بلدٍ كهذا تحطمت آلته ونضب ماؤه وجف ضرعه، يبقى له سواعد أهله وما تبقى من عقول علمائه، ويبقى دم يحيى المشد معتصراً في فجوة علمية مخيفة تتسع كل يوم باتساع رقعة الحصار، هكذا يتحول الرجل إلى رمز يلخص كثيراً من ملامح الواقع العربي، ويستريح على صفحة بيضاء بين دفتي كتاب أسود، وهكذا يطيب لأعداء الأمة أن يلقى بنصف علمائها إلى مذابل الإهمال ويُلقى بالنصف الآخر إلى شباك الإرهاب العلمي، ألف رحمة على روح الشهيد يحيى المشد، وألف تحية إلى هؤلاء من علمائنا الذين لا يزالون يقبضون على جمرة الإرادة.
انها شخصية عميقة متمردة احبناها جميعا رفعت الجمال ( الشهير بـ رافت الهجان)
عشرات الأبطال فى جسد واحد "لأنها تعذبنا فى حبها يا سيدتى " نعم لأنها تعذبنا فى حبها ولذلك نحبها الى درجة العذاب .. كانت تلك الجملة المؤثرة هى تعقيب رجل المخابرات المصري المعروف " اللواء عبد العزيز الطورى " والشهير باسم " عزيز الجبالى " فى مسلسل رأفت الهجان الذى عالج قصة البطل المصري " رفعت على سليمان الجمال " هذا التعقيب الذى قاله اللواء عبد العزيز الطورى لزوجة البطل الراحل " فالتراود بيتون" والتى قدمها المسلسل العربي تحت اسم " هيلين سمحون " .. عندما جمعت بين الاثنين جلسات طويلة استمعت فيها زوجة البطل المصري لقصة زوجها من ضابط الحالة المختص بعملية الجمال رحمهم الله جميعا .. وكم كانت دهشة فالتراود بيتون الزوجة الألمانية للبطل الراحل عندما سمعت عن مقدار تضحيات زوجها وازدادت دهشتها عندما أيقنت مدى الانتماء الذى يشعر به المصريون تجاه بلادهم وعلى نحو واسع وجامع .. فقالت " انكم أيها المصريون تحبون بلادكم الى درجة العذاب " فعقب عليها ضابط المخابرات الفذ قائلا " لأنها تعذبنا فى حبها يا سيدتى " .. وذلك كما تروى أحداث المسلسل الشهير
وعندما نود القاء الضوء على أشهر أبطال المخابرات المصرية على الاطلاق .. بل أشهر أبطال هذا العالم على الاطلاق .. لابد لى بعد أن قدمه المسلسل الشهير " رأفت الهجان " أن أقدم للقارئ المصري والعربي المتعطش للبطولة شيئا جديدا عن حياة هذا البطل .. وأضيف الى معارفكم شيئا جديدا عنه .. فهيا بنا معا نبحر قليلا فى حياة تلك الأسطورة المصرية " رفعت الجمال " أولا .. نظرة الى المسلسل العربي " رأفت الهجان " لم يكن مسلسل " رأفت الهجان " مجرد عمل فنى تم تقديمه للجمهور العربي والمصري عبر أجزاء ثلاثة .. بل كان عملا وطنيا وقوميا هدف الى تفجير الانتماء لدى مختلف الطبقات الجتماعية للجمهور العربي بعرض صور البطولة لاحدى أهم العمليات التى خاضها جهاز المخابرات المصري وكانت سببا مباشرا فى وضع هذا الجهاز فى مرتبة متقدمة للغاية فى ترتيب أجهزة المخابرات العالمية .. لأن الشبكة التى قادها مندوب المخابرات المصرية " رفعت الجمال " وأسسها فى تل أبيب تعد الشبكة الأولى فى مستوى العمليات المماثلة منذ نشأة مجال التخابر وحتى الآن .. لأنها الشبكة الوحيدة فى العالم التى لم تكتشف طيلة ممارستها لعملها عبر عشرين عاما فى قلب العدو وهو انجاز لم يتكرر كما سبق القول لأى جهاز مخابرات مماثل حتى وقتنا هذا بالرغم من فارق الامكانات الضخم التى تتمتع بها الأجهزة الداخلة فى المقارنة مثل " cia " الأمريكية و " kgp " السوفيتية السابقة والتى حل محلها جهاز المخابرات الروسية " svr "
والمكتب السادس البريطانى .. والموساد الاسرائيلي .. وغيرها .. ويأتى خلفها فى الترتيب العالمى الشبكة التجسسية التى أسسها الجاسوس العملاق " ريتشارد سورج " الألمانى الذى عمل لحساب السوفيات فى الحرب العالمية الثانية وكان لنشاط شبكته الفضل فى قلب موازين الحرب العالمية الثانية .. وكذلك شبكة التجسس التى عملت لصالح السوفيات أيضا فى قلب المخابرات البريطانية وكانت تضم " كيم فيلبي " نائب رئيس جهاز المخابرات البريطانى نفسه ومعه اثنان من أبرز مساعديه هما برجس وماكلين .. وأصبحت العملية بعد اكتشافها فضيحة كبري للمخابرات البريطانية وقتها .. وعليه .. كان عرض المسلسل له هدف قومى من الدرجة الأولى ونجح فى ذلك الى حد مدهش .. وبدأت قصة التفكير فى طرح هذه القصة بعد وفاة البطل المصري فى أوائل الثمانينات وكان قد رحل عن اسرائيل الى ألمانيا واعتزل العمل قبل وفاته بنحو خمس سنوات تقريبا .. وقامت المخابرات المصرية بتقديم الخطوط العريضة الى الكاتب الكبير " صالح مرسي " وهو الأديب المعروف بحنكته فى مجال الرواية الجاسوسية .. وكثفت معه العمل حتى انتهى من صياغة الملف بصيغة روائية قديرة عبر رواية من ثلاثة أجزاء فى ألف صضفحة تقريبا .. حملت الخطوط العريضة للأحداث دون الاشارة الى الأسماء الحقيقية أو الأسرار الحساسة التى لم يحن بعد كشفها .. واستبدلت الأسماء الحقيقية لأبطال العمل بأسماء تحمل نفس الوقع الموسيقي لتلك الأسماء ..وكان الذى اختار الأسماء هو اللواء عبد العزيز الطورى كما أنه هو الذى كتب التفاصيل للأديب الكبير وتم تقديمها الى التليفزيون واشترك فيها العشرات من فنانى مصر وأخرجه باتقان بالغ المخرج المصرييحيي العلمى " وقام ببطولة العمل وقد شخصية البطل المصري الممثل المصري " محمود عبد العزيز " وبلغ الاتقان حدا مذهلا فى اختيار الممثلين وأسماء الشخصيات المستعارة .. هذا لأن الأبطال الحقيقيون للعملية كان وجه الشبه كبير جدا بينهم وبين من قدموا شخصياتهم والأسماء كانت تحمل نفس الوقع كما سبق القول .. وكمعلومة للقارئ سأذكركم بالأسماء المستعارة والأسماء الحقيقية المقابلة لها .. 1 ـ البطل المصري " رفعت الجمال " قام بتأدية دوره الممثل محمود عبد العزيز تحت اسم " رأفت الهجان " أما اسمه أثناء اقامته باسرائيل " جاك بيتون " وتم تقديمه بالمسلسل باسم " دفيد شارل سمحون "
2ـ مكتشف الجمال وأباه الروحى " اللواء عبد المحسن فائق " قام بتأدية دوره الممثل يوسف شعبان تحت اسم " محسن ممتاز " .. وقد توفي رحمه الله فى عام 1988 م وكان يشغل منصب رئيس هيئة التنشيط السياحى وأندية الغوص بسيناء 3ـ مدرب الجمال وصاحب الفضل فى تطوير أدائه " اللواء محمد نسيم " قام بتأدية دوره الممثل نبيل الحلفاوى تحت اسم " نديم هاشم " .. وهو أبرز ضباط المخابرات العامة فى تاريخها وصاحب أشهر العمليات التى حازت شهرة واسعة على غير المألوف مثل عملية الحج .. وهى المختصة بتدمير الحفار الكندى " كينتنج " الذى استقدمته اسرائيل للتنقيب عن البترول فى سيناء ابان حتلالها .. وقد توفي رحمه الله فى عام 1992م وكان يشغل منصب وكيل أول وزارة التموين بعد اعتزاله 4ـ ضابط الحالة المختص بالعملية " اللواء عبد العزيز الطورى " قام بتأدية دوره الممثل محمد وفيق تحت اسم " عزيز الجبالى " .. وضابط الحالة للمعلومة هو الضابط المسئول عن عملية بعينها يحيط بكل جوانبها ويوجهها حسب رؤيته وحده .. وقد تولى اللواء عبد العزيز الطورى ملف عملية الجمال منذ نهاية الخمسينيات حتى انتهاء العملية عام 1973م .. وهو الذى قدم الخطوط العريضة للقصة التى تناولها صالح مرسي .. وقد توفي رحمه الله فى نهايات عام 2004 م وظل فى عمله بجهاز المخابرات حتى وفاته 5ـ مدير مكتب المخابرات المصرية بروما والذى كان مسئولا عن تأمين الجمال فى فترات زيارته لايطاليا .. اللواء " مصطفي عبد الحميد " قام بدوره الممثل أحمد ماهر تحت اسم " مصطفي عبد العظيم " 6 ـ شقيقة الجمال وأحد أبرز الشخصيات المؤثرة فى حياته " نزيهة الجمال " وقامت بدورها الممثلة عفاف شعيب تحت اسم " شريفة الهجان " .. أما زوجها فهو اللواء " أحمد شفيق " وقام بدوره الممثل صبري عبد المنعم تحت اسم " محمد رفيق " 7ـ ضابط الشرطة الذى ألقي القبض على الجمال فى بدايته ولم يتمكن من معرفة اسمه فرشحه لصديقه عبد المحسن فائق .. هو النقيب " اللواء فيما بعد " شعراوى جمعه" وهو الضابط الذى تولى وزارة الداخلية فيما بعد وقام بدوره الممثل محمد زكريا 8ـ اللواء حسن بلبل .. وهو رفيق اللواء عبد المحسن فائق وأحد المؤسسين الأوائل لجهاز المخابرات العامة وتم تقديمه على الشاشة الصغيرة باسم " حسن صقر " وقام بدوره الممثل مصطفي متولى 9ـ رئيس الخدمة السرية بالمخابرات المصرية " اللواء شعراوى جمعه " وهو الذى أصبح فيما بعد وزير الداخلية وتم تقديمه فى المسلسل تحت اسم " شريف والى " وقام بدوره الممثل صلاح ذو الفقار 10ـ شريك الجمال فى شركة السياحة باسرائيل وهو " ايميري فريد " وتم تقديمه تحت اسم أورلو زوروف .. وقام بدوره الممثل أسامه عباس 11ـ الشخصية الحزبية الكبيرة فى اسرائيل " ادناه مارش " وهى صديقة الجمال باسرائيل تم تقديمها فى المسلسل تحت اسم " سرينا أهارونى " 12 ـ بقي أن نعلم أن الشركة السياحية التى أنشأها الجمال فى اسرائيل ومارس من خلالها نشاطه كان اسمها " سي تورز " ومقرها 2 شارع بيريز بتل أبيب .. وتم تقديم الشركة باسم " ماجى تورز "
13ـ الرسول الذى حمل رسالة فالتراود بيتون " هيلين سمحون " الى المخابرات المصرية فى أول حلقات المسلسل وهو الصديق المصري لزوجة الجمال.. كان هذا الصديق هو الممثل السابق " ايهاب نافع " والذى احترف التمثيل بعد استقالته من الجيش حيث كان أحد ضباط القوات المسلحة المصرية ثم دخل الى دنيا الأعمال وصار رجل أعمال مرموق .. وتم تقديمه فى المسلسل تحت اسم " نهاد كامل " وبعد عرض تلك الأسماء بقي أن نلقي الضوء على الأحداث التى اختلفت فى الواقع عن عرضها بالمسلسل التليفزيونى وتتمثل فيما يلي لا شك أن المخابرات المصرية تعد واحدا من أقل الأجهزة نشرا لأعمالها .. فلم يعلن عن نجاحات الجهاز فى الاعلام الا فيما قل وندر .. وحتى عند النشر .. يكون الحرص دائما فيما يخص التفاصيل التى لا يجوز كشفها حتى بعد مرور السنوات الطوال على الأحداث .. ومن الملاحظ أنه بعد تفجر زوبعة الجمال واعلان قصته سبب مدا عربيا رهيبا متفاعلا مع أحداث القصة التى تفضح مزاعم الأسطورة اليهودية وتفضح قصورها .. أقول أنه من الملاحظ أن رجال المخابرات العامة المصرية الذين عاصروا الجمال وعمليته اما أن الله تعالى توفاهم ساعة اعلان القصة واما أنهم التزموا الصمت وعدم التعليق بمزيد من المعلومات الا فيما يخص الرد على المزاعم الاسرائيلية بأنها كشفت الجمال وهى الادعاءات التى مزقها اللواء محمد نسيم " نديم هاشم " تمزيقا عبر صفحات مجلة روز اليوسف القاهرية وكذلك التفاصيل والمستندات التى نشرها اللواء عبد العزيز الطورى لتزداد فضيحة المخابرات الاسرائيلية قوة بعد أن تناولت القصة الصحف العالمية الكبري بقي أن نقول أن المسلسل تم تقديمه شاملا للقصة كلها فيما عدا بعض الاختلافات التى دعتها الحاجة .. وهى الأحداث التى لم تشملها الرواية وبلغتها عين الباحثين فى حدود المتاح .. وسأجملها لكم فيما يلى .. • فيما يخص زوجة الجمال .. رحمه الله .. فلم تكن شخصية فالتراود بيتون بالشخصية المحبة لمصر والعرب كما تم تقديمها بالمسلسل .. ولم تعرف شيئا عن بطولات زوجها الا بعد وفاته كما لم تعرف جنسيته وديانته .. وكل هذا قدمه المسلسل .,. الا أنها لم تكن أبدا بالطبيعة السمحة تجاه مصر على النحو الذى تم تقديمه بالمسلسل .. فقد كانت شخصية شرهة للمال وكل ما همها هو السعى للحصول على ثروة زوجها فى مصر وليس أدل من ذلك أنها تزوجت بعد أربعين يوما فقط من وفاة زوجها من صديقها الممثل المصري ايهاب نافع لتتمكن من متابعة تركة الجمال .. حيث أن الجمال كان بعد اعتزاله قد استثمر الجزء الأعظم من ثروته فى التنقيب عن البترول بمصر .. • قدم المسلسل الجمال بصفته قد أنجب ولدين من زوجته الألمانية .. وحقيقة الواقع أنه أنجب ابنا واحدا فقط هو " دانيال " .. وكانت لزوجته الالمانية بنتا من زواج سابق .. تبناها الجمال .. وفيما يخص نجل البطل المصري .. فقد كان دانيال الجمال على خلاف والدته تماما وشرب طبائع والده الذى لم يعرف حقيقته الا بعد وفاته .. وجاء دانيال الى مصر وأعلن اسلامه وتمسكه بنسبه الحقيقي لى والده .. وبالطبع كان المسئولون يتابعون الابن بسرور غير أن مصلحة الابن اقتضت الحرص على حصوله على نصيبه من تركة والده ولو استجاب المسئولون الى طلبه العاطفي الصميم ساعتها كان دانيال سيخسر تركة والده باعتبارها ثروة مسجلة باسم " جاك بيتون "
• بعد أن اعتزل الجمال عن عمله بالمخابرات العامة المصرية .. كان يتمنى أن يعود الى بلده واسمه الحقيقي غير أن كان مستحيلا بكل المقاييس حرصا على سلامته وأمنه .. فاستغل الجمال اتفاقية السلام بين مصر واسرائيل وقام باستثمار أمواله التى بلغت عشرين مليون مارك ألمانى فى التنقيب عن البترول بصحراء مصر الغربية وقام بتوقيع عقد انشاء شركة أطلق عليها " ايجيبتكو " مع وزارة الترول المصرية باعتباره المليونير الألمانى جاك بيتون .. ووقعه معه العقد من الجانب المصري وزير البترول فى ذلك الوقت " عز الدين هلال " ثم أنشأ شركة أخرى بينه وبين هيئة البترول المصرية كان فيها الجمال هو الشريك الأجنبي ولا زالت هذه الشركة تابعة لهيئة البترول المصرية وتعد واحدة من أشهر شركات البترول المصرية وهى شركة " عجيبه " وقد اختار الاسم الغريب للشركة الجمال نفسه تعبيرا عن دهشته من القدر الذى جعله يعتبر أجنبيا عن بلاده بالأوراق الرسمية وكم كانت مرارته تبلغ ذروتها عندما يعامله الموظفون والعاملون المصريون بجفاء مطلق ويبالغون فى فرض التعقيدات الادراية أمامه باعتباره يهوديا اسرائيليا يحمل الجنسية الألمانية وهو ما عانى منه الجمال كثيرا مع الرفض الشعبي الرهيب للتطبيع مع اسرائيل .. • لم تكن عائلته بالسوء الذى تم تقديمه بها فى المسلسل .. فالجمال عاش فى كنف أخيه سامى وكان مثلا له طيلة عمره وهو الذى أصر على أن يرعى الجمال ويكمل تعليمه بالرغم من وفاة والده الحاج على الجمال وكم كان الجمال يتمنى أن يري أخاه سامى نجاحه .. وهو ما لم يتأتى له لوفاة سامى قبل اعتزال الجمال بعامين لكنه قام برد الجميل فى ابن شقيقه والذى رافق عمه بألمانيا وعلم منه بعد اعتزاله أنه رجل مخابرات سابق وظل الفتى كاتما للسر وكاتما صلة القرابة بينه وبين عمه حتى اعلان القصة بعد وفاة البطل • بقي أن نعرف أن نصيب الجمال فى شركة البترول المصرية الألمانية قامت زوجته الألمانية ببيعه لمستثمر أجنبي بمبلغ 25 مليون دولار البداية .. مصرية لا يوجد أدنى مبالغة عندما نقول أن قصة الجمال وبدايته وتاريخه هى قصة جهاز المخابرات المصري وبدايته وتاريخه .. فقد بدأ التفكير فى انشاء جهاز المخابرات المصري وانشائه مع سنة 1954م .. بعد التفوق الكاسح الذى ساهمت فيه أعمال المخابرات فى الحرب العالمية الثانية وفى انشاء دولة اليهود على أرض فلسطين العربية ..
وقد بنى هذا الجهاز على أكتاف زمرة من خيرة ضباط الجيش المصري مثل عبد المحسن فائق وحسن بلبل ومحمد نسيم وعلى صبري وصلاح نصر .. وحفر هؤلاء الأفذاذ فى الصخر سعيا وراء سبر أغوار هذا العلم الذى تفوق فيه الخصوم .. ويكفينا لمعرفة الجهد المبذول ما ورد على أن مصر أنشأت جهاز المخابرات الخاص بها بينما الموساد الاسرائيلى أنشأ الدولة اليهودية .. وهذا معروف تاريخيا على أساس أن مؤسس الاستخبارات الاسرائيلية سابقة فى انشائها على الدولة وكل أعضائها من كبار محترفي هذا المجال ولهم أعمالهم وتاريخهم فى الحرب العالمية الثانية .. وفى تلك الأثناء كما ورد بقصة الجمال التى رواها صالح مرسي خرجت فضيحة لافون وهى العملية التى حاولت فيها اسرائيل ضرب علاقة الثورة المصرية بالولايات المتحدة عن طريق تفجير مكاتب الاستعلامات الأمريكية والمصالح الأمريكية لاظهار عجز النظام عبر مخطط كامل نفذه عملاء الموساد من مجموعة فيليب ناتاسون وألقي القبض عليهم جميعا فيما عرف باسم " فضيحة لافون " نسبة الى وزير الدفاع الاسرائيلي وقتها " اسحاق لافون " والذى اتهم بالتسبب فى الفضيحة المدوية فأعلن استقالته .. وبعدها ظهر للجميع أن الذى أصدر الأمر بتلك العملية هو " دافيد بن جوريون " وكان خارج السلطة الرسمية بذلك الوقت .. ولم ينجح فى الهرب من تلك المجموعة المنفذة للعملية الا شخصان .. وهما من أبرع ضباط الموساد على الاطلاق .. وهما " ايلي كوهين " و " براهام دار " وهذا الأخير هو الذى عرف فى أوساط اليهود باسم " جون دارلنج " وأشرف على التحقيق وقتها عبد المحسن فائق وتبينت له مدى ضرورة السعى لتطوير الجهاز الوليد .. والأهم من ذلك ضرورة السعى لزرع مصري فى قلب المجتمنع الاسرائيلي .. كل هذا مع فقر شديد فى الامكانيات والخبرات .. ولم يجد البكباشي بذلك الوقت عبد المحسن فائق الا الاعتماد على حنكته الشخصية لتدبير الأمر .. سعى فى طول مصر وعرضها بحثا خلف الشاب الذى يتمكن من خداع اليهود بمصر أولا ثم باسرائيل ليتم زرعه هناك كعميل مصري وجاءه الخبر السار من صديقه ضابط المباحث أحمد رشدى والذى ألقي القبض على رفعت الجمال وحار فى تحديد هويته وبدا له هذا الشاب الصغير السن ثعلبا حقيقيا فلجأ الى عبد المحسن لتبدأ العلاقة الروحية الرهيبة التى ربطت بين ضابط المخابرات العتيد والانتحارى المصري العنيد ..
وقام عبد المحسن بتدريب رفعت بالأساليب المتاحة وساعده ذكاء رفعت وثقته المطلقه به فى تشكيل شخصيته على النحو المطلوب .. ليسافر رفعت الى اسرائيل فى وقت لم يكن فيه قد تلقي تدريبا حقيقيا وكان ذلك طبيعيا لأن الجهاز نفسه لم يكن قد تم هندسته اداريا وتكنولوجيا بعد .. ليقضي رفعت باسرائيل زهاء أربعة أعوام حتى عام 1956 م .. لتنتقل ادارة عمليته الى عبد العزيز الطورى أحد الضباط الذين تلقوا التدريبات المكثفة بمدرسة المخابرات بعد انشائها ومن اليوم الأول .. تناول عبد العزيز الطورى ملف العمليه وأعطاها جهده وحماسه والتقي مع مدرب الجمال ووالده الروحى ضابط المخابرات الفذ عبد المحسن فائق وسمع منه الكثير وكم كانت دهشته من سعة الحيلة والبراعة التى تميز بها عبد المحسن وكيف أن أسلوب العملية والزرع الذى اتبعه عبد المحسن معتمدا على عقليته فقط .. كان هو ذات الذى تعلمه الضباط الجدد فى مدرسة المخابرات على أيدى الخبراء
وأصبح عبد العزيز الطورى ضابط الحالة المختص بالجمال .. وقام بانتداب اللواء محمد نسيم المعروف بقلب الأسد ليتولى اعادة تدريب وهيكلة الجمال وفقا للأسس العلمية الصحيحة .. لأن الجهاز لم يستفد من رفعت فى ذلك الوقت مع السعى الحثيث لهيكلة الجهاز وأيضا فى محاولة تثبيت قدمى رفعت بالمجتمع الاسرائيلي أما مع تولى قلب الأسد تدريب الجمال فد تغيرت الأمور .. فمحمد نسيم واحدا من أشاوس المجال دون شك وخبرته وسمعته وشخصيته الجبارة كانت كفيلة باخضاع رفعت رغم عناده .. ومع انتهاء التدريب تغير حال الجمال من مجرد جاسوس عديم الخبرة الى مندوب مدرب يرقي لمستوى ضابط حالة ولم يكن ذلك غريبا .. فالمدرب واحدا من عباقرة المخابرات فى العالم أجمع .. والمتدرب شخصية بلغت من الذكاء والخبرة حدا مدهشا .. ومع توافر الموهبة والعلم خرجت الشخصية الجديدة لرفعت الجمال .. وعاد بعدها الى تل أبيب ليبدأ وفقا للأوامر اجراءات تكوين الشبكة التى لم تكتشف قط .. وتمر السنون ويبلغ الجمال مستوى القمة فى أدائه مع مرور السنوات وتعميق خبراته وتركيز وعلو مكانته فى المجتمع الاسرائيلي وأصبح الجمال أخطر رجال المخابرات المصرية على الاطلاق وتدين مصر اليه بما لا يحصي عده من الفضل حيث كان سببا مباشرا فى النصر السياسي لحرب 1956 م .. وواحدا من دعائم النصر المؤزر فى أكتوبر 1973 .. حتى عام النكسة أدى الجمال ومن خلفه جهاز المخابرات المصرية واحدا من أعظم بطولاته عندما أرسل بأدق تفاصيل الهجوم الاسرائيلي وموعده !!
وبطولات الجمال من الصعب حصرها حتى فى المعلن منها .. الا أنه من الممكن أن نلقي الضوء على البطولات الرئيسية للجمال من التى كان لها أعظم الأثر فى حياة مصر والأمة العربية بأكملها .. ومنها .. • كان رفعت الجمال رحمه الله واحدا من أبرز نجوم المجتمع الاسرائيلي على الاطلاق وصديقا شخصيا لموشي ديان وزير الدفاع الاسرائيلي والذى تولى الخارجية الاسرائيلية فيما بعد .. وكان صديقا حميما جدا لرئيسة الحكومة الاسرائيلية فى السبعينيات " جولدا مائير " وكان من حميمية العلاقة بينهما يناديها ب " ماما " ولنا أن نتخيل يا سادة وقع الصدمة على المجتمع الاسرائيلي عندما علم أن هذا النجم هو فى حقيقة الأمر بطل مصري عاش بينهم أكثر من عشرين عاما وأذاقهم الهوان ألوانا دون أن يكتشف أمره .. • كاد الجمال أن يصبح وزيرا بعد أن تم ترشيحه من حزب " الماباي " وهو حزب عمال الأرض فى اسرائيل وذلك لنيل عضوية الكنيست الاسرائيلي لولا أن صدرت الأوامر اليه من القاهرة برفض العرض.. وكان السبب منطقيا بكل تأكيد لأن ترشيح الجمال لمنصب رسمى كالوزارة كان عرضة لخطر جسيم باكتشاف أمره نتيجة لما يصاحب هذه المناصب العليا من تحريات عنيفة ودقيقة ومتصلة كانت ستصبح قيدا على حرية حركته وحركة شبكته .. • سبق الحديث عن " ايلي كوهين " رجل المخابرات الاسرائيلية الذى شارك فى عمليه " سوزانا " المعروفة باسم فضيحة لافون وتمكن من الهرب الى اسرائيل , هذا الضابط تم زرعه بعد تلك العملية فى قلب المجتمع السورى على أنه مهاجر عربي عاد الى الوطن السورى بعد سنوات الغربة فى الأرجنتين .. وتمكن ايلي كوهين من تطوير مكانته بالمجتمع السورى تحت اسم " كامل أمين ثابت " حتى بلغ درجة عليا من المناصب الحكومية وأصبح أحد قيادات حزب البعث السورى وتم ترشيحه ليتولى منصبا وزاريا بسوريا .. وفجأة تمكن الجمال من كشف أمره وبعث الى القاهرة يطلب لقاء عاجلا وطار اليه محمد نسيم ليفاجئ بالخبر الصاعق وشاهد صورة كامل أمين ثابت فى صحبة وزير الدفاع السورى فى أثناء زيارته للقوات السورية وقدم له الجمال صورة أخرى لايلي كوهين وتطابقت الوقائع والمستندات ليعود نسيم الى القاهرة بصيد ثمين .. وتم تجميع المعلومات والوقائع فى ملف حمله مدير المخابرات المصرية الى جمال عبد الناصر .. ليصدر أوامره الى مدير المخابرات بالسفر الى سوريا ومقابلة الرئيس السورى أمين الحافظ وتسليمه الملف لتنفجر الزوبعة بدمشق ويلقي القبض على ايلي كوهين ويتم اعدامه بساحة الأمويين بدمشق ويخسر الموساد واحدا من أبرز ضباطه على الاطلاق .. ومن المفارقات أن الجمال وهو مكتشف حقيقة ايلي كوهين شارك المجتمع الاسرائيلي حداده على بطله المشنوق .. • تمكن الجمال من ارسال خطة حرب السويس المعروفة باسم " العدوان الثلاثى " الى مصر قبل وقوعه بنحو أسبوعين كاملين • قام الجمال بارسال تفاصيل عملية النكسة فى حرب 5 يونيو .. وكانت التفاصيل دقيقة الى درجة تثير الحسرة على عدم استغلالها حيث تضمنت حقيقة الحشود وعدد الطائرات وتفاصيل الضربة وموعدها بالثانية والدقيقة وأسماء قادة الأفرع والتشكيلات .. • كان للجمال دورا باهرا فى عمليات حرب الاستنزاف .. حيث تمكن من موفاة المخابرات المصرية بكل الأهداف الاسرائيلية بسيناء كما لكنت لمعلوماته الدقيقة الفضل فى الكشف عن عشرات الجواسيس والعملاء بالمنطقة العربية ومصر
• أما دوره فى حرب أكتوبر .. فهو دور لا يمكن تقييمه الا بأنه دور جيش كامل فقد قام الهجان بمد مصر بخرائط وتحصينات خط بارليف نقطة نقطة مع القوة العسكرية لكل نقطة حصينه .. بالاضافة الى الخرائط الكاملة لأنابيب النابالم المركبة على الشاطئ الشرقي للقناه حيث تضمنت معلوماته أماكن تواجد تلك الأنابيب وفتحاتها تحت مياه القناة بالاضافة الى أماكن تواجد الصهاريج الممتلأة بالمادة الحارقة .. ومع كل هذا عينة من المادة ذاتهامما كان لذلك الفضل فى حماية عشرات الألوف من جنود مصر البواسل عندما تمكنت قوات الصاعقة المصرية فى فجر يوم المعركة المجيدة من ابطال عمل تلك القنوات بعد معرفة أماكنها لتعبر القوات المصرية بسلام ودون خسائر تذكر .. ويكفينا أن نعلم أن النابالم لو كان قد أطلق فى مياه القناه لكان ذلك كفيلا بخسارة ثلاثة أرباع القوات العابرة للقناة فى درجة حرارة تتجاوز 800 درجة مئوية تقريبا .. بقي أن نعرف أن خرائط تلك التحصينات كانت موجودة فى الخزانه الخاصة بوزير الدفاع الاسرائيلي وحده .. ومع ذلك حصل الجمال عليها • ظل الجمال طيلة الفترة التى قضاها باسرائيل مرفأ أمن لكل عمليات جهاز المخابرات المصري باسرائيل .. فتولى أكثر من مرة مسئولية تأمين ضباط ورجال مخابرات فى عملياتهم .. فيما يعرف بالبيت الآمن فى مجال التخابر هذه بعض الخطوط العريضة لبطولات واحد من أنبل فدائيي مصر وأبنائها .. رفعت على سليمان الجمال .. هذا الاسم الذهبي لمعانى البطولة والفداء .. هذا الرجل الذى ضحى بكل شيئ وأى شيئ .. فى سبيل خدمة وطنه دون انتظار لمقابل حتى عقب انتهاء مهمته المستحيلة .. بعد عشرين عاما من الخوف والقلق والفزع والترقب والعمل .. لم يناقش فى أمر عودته لمصر واستعادة اسمه واستجاب لضرورات الأمن التى تقضي باخفاء سره معه حتى قبره .. فلنترحم على تلك الأسطورة التى نسجت نفسها فى حب مصر .. رحمه الله .. رحمه الله "
انه الشخصية الأكثر انفرادا فى تاريخ وزارة الداخلية بمصر قى عهد ما بعد ثورة يوليو 1952 م .. اللواء أحمد رشدى وزير الداخلية فى فترة منتصف الثمانينيات .. وزير الداخلية الوحيد منذ جمال عبد الناصر وحتى حبيب العادلى فى عهدنا الحالى .. كان هو الوزير الوحيد الذى وقف ضد القانون لأجل القانون ... !! وقف فى وجه قانون العصر .. " التخلى والاباده " لأجل قانون الحق .. " العمل والعباده "
وزير الداخلية الوحيد الذى أصبحت شعبيته الساحقه بين رجال وزارته وبين المواطنين مثار دهشة المتابعين على اختلاف مشاربهم .. فوزير الداخلية .. هو حائط الصد المخيف للنظم السياسية فى عالمنا المتفرد فى طبيعته وغرابته ولذا .. فمن المستحيل تقريبا أن يستولى من يشغل هذا المنصب على قلوب الشعب .. لأن مقعده مقام أصلا لحماية الحاكم من الشعب لا العكس وتفرد أيضا اللواء أحمد رشدى فى أنه وزير الداخلية الوحيد الذى عاش مشاركا فى حياته العملية معظم الأحداث الجسام فى تلك الفترة البالغه الخطورة من تاريخ مصر بل وكانت له عند كل حادثة حادث .. وفى كل حدث مكان انه الوزير الوحيد الذى بكاه العقلاء .. واستبشر برحيله عن مقعده عامة الجهلاء .. انه الرجل الذى وقع ضحية جهلاء عهده من أبناء وزارته .. كما تقول الشواهد .. وغاب عن ذهن القيادة السياسية وقتها .. أن الهدف الحقيقي للفتنة وسببها هو مكوث أحمد رشدى على مقعد وزير الداخلية وليس رحيله .. وللأسف .. تمت الخطة .. وذهب أحمد رشدى .. وجاء بديلا عنه اللواء زكى بدر لتتحقق مقولة التراث القديمة .. " غدا يرون الأمراء من بعدى " وفعلا .. شاهدوا زكى بدر .. فبكوا دما على أيام أحمد رشدى ..
فمن هو هذا الرجل يا ترى ..؟!! تعالوا نتأمل وندرس ..
البداية ..
مصر فى منتصف الخمسينيات .. الساعه قاربت على منتصف الليل تقريبا .. يستيقظ البكباشي " المقدم " عبد المحسن فائق ضابط المخابرات المصري الذى اشتهر فيما بعد باسم " محسن ممتاز " الأب الروحى للعميل المصري الأسطورة " رفعت الجمال " الشهير باسم رأفت الهجان
ويرفع رجل المخابرات الفذ سماعه الهاتف مجيبا الرنين الذى أيقظه .. فيفاجئ بأنه صديقه ضابط المباحث اليوزباشي " رائد " فى ذلك الوقت أحمد رشدى ..
ويهتف عبد المحسن بصديقه .. " خيرا يا رشدى ؟! " فيجيبه رشدى بصوت ضاحك .. " أبشر يا عبد المحسن قد وجدت لك ما تبحث عنه " فقال له عبد الحسن فى فتور " لقد سمعتها منك عشرات المرات ولم يتحقق وعدك " فضحك رشدى وقال واثقا .. " تعال الى على الفور .. أنا واثق أن هذا الفتى هو نفس ما تبحث وتتمناه فسأله عبد الحسن عن بعض بيانات هذا الفتى ..
وكانت الاجابة من أحمد رشدى بلا القاطعه حول أى معلومة مؤكده عن هذا الفتى الغامض والذى فشل جهاز مباحث الاسكندرية بأكمله فى الحصول على أى معلومة قاطعه تخصه حتى عن اسمه الحقيقي أو جنسيته أو حتى ديانته مما جعل أحمد رشدى يرشحه فورا وباعتماده على غريزته فقط بأن هذا الفتى مصري لكى يهديه لعبد المحسن فائق الذى لف البلاد شرقا وغربا بحثا عن من يصلح للعمل معه فى جهاز المخابرات المصري الوليد .. كعميل مقيم باسرائيل وتشاء الأقدار أن يصدق حدس اليوزباشي أحمد رشدى فى الفتى بالفعل ..
ليصبح الفتى المجهول هو نفسه البطل المصري العتيد " رفعت الجمال " مندوب المخابرات المصرية الذى قضي أغلب عمره فى اسرائيل نجما من نجومها ولم يكشف أمره أو أمر شبكته مطلقا وكانت تلك النظرة الموهوبة هى داعى لفت النظر الأول الى هذا الضابط البارع .. ويستمر بعدها فى جهاز مباحث أمن الدولة " المعروف سابقا باسم المباحث العامة " ويترقي فيه ويصل الى أعلى مناصبه فيما بعد .
جهاز مباحث أمن الدولة
فى أى دولة معتدلة فى العالم أجمع .. وفى ظل متغيرات ما بعد الحرب العالمية الثانية نبتت فكرة تعدد الأجهزة الأمنية طبقا للتقدم الكاسح بعد الحرب فى نظم المعلومات وأساليب الصراع فلزم الأمر أن تتوافر أجهزة أمنيه عالية المستوى والتدريب الى جوار الأجهزة الأمنية التقليدية المتخصصة فى مكافحه الجرائم العادية داخل نطاق كل دولة .. فتم التعارف على انشاء نوعين من الأجهزة الأمنية تختص فقط بأمن الدولة ككيان كامل فى مواجهة الصراعات الاقليمية والدولية المحتدمة .. نوع داخلى يختص بمتابعه نشاط الدول المعادية والمنظمات الدولية داخل نطاق الدولة وحدودها كمباحث أمن الدولة فى مصر . وجهاز الشين بيت باسرائيل ومكتب الجاسوسية بفرنسا والمباحث الفيدرالية بالولايات المتحدة وتكون لتلك الأجهزة ولاية مطلقة على كامل أرض الدولة غير محددة بنطاق اقليمى كما هو الحال مع الشرطة العادية تختص بمقاطعه أو محافظة معينة .. لا تتعداها لكن يحظر تماما على أجهزة الأمن الداخلى العمل خارج البلاد ولو حدث ودعت الحاجة الى ضرورة التواصل خارج نطاق الدولة يكون على تلك الأجهزة ترك العملية لجهات الأمن المختصة بالشأن الخارجى وهى أجهزة المخابرات والنوع الثانى خارجى وهى التى تختص بنوعين .. نوع يختص بمحاولة متابعه نشاط الدول الخارجية عبر عمليات التجسس ونوع آخر يختص بالعمل على منع تلك الأنشطة من النجاح فى مخططاتها ولكن يقتصر عملها هنا خارج البلاد الا اذا امتدت احدى العمليات الى داخل البلاد هنا يكون تدخل أجهزة المخابرات محدودا بنطاق العملية ذاتها وفقط .. فاذا اتسع نطاق العملية عليها طلب تعاون أجهزة أمن الدولة .. وبنظرة بسيطة يمكننا ادراك أن رجال أمن الدولة هم رجال مخابرات داخل نطاق البلاد يتركز نشاطهم فى الجرائم غير التقليدية أو الجرائم التقليدية التى تحول الى غير تقليدية فمثلا .. من الجرائم الغير تقليدية التى تختص بها أجهزة أمن الدولة اختصاصا كاملا .. كل أنشطة التجسس والارهاب والتآمر وعمليات زعزعة الاستقرار عبر النظم المخابراتية المختلفة ومن الجرائم التقليدية التى تتحول الى غير تقليدية ومن ثم يختص بها رجال أمن الدولة .. تلك الجرائم التى تبدو عادية فى طبيعتها مثل القتل وتجارة المخدرات لكن حدوثها أتى متعلقا بعنصر آخر غير تلك العناصر المعروفة لجرائم الدولية ... كأن يكون القتيل ممثلا دبلوماسيا لإحدى الدول الأجنبية مثلا أو تكون عملية التجارة فى المخدرات عبارة عن مخطط دولى معادى تشرف عليه أجهزة مخابرات أجنبية وليس مجرد مهربين كبار كما هى العادة أى أنها تعد نوعا خاصا من الأمن هو الأمن السياسي
وبالنسبة لمصر .. فقد عرفت هذه النظم قبل الثورة وان كنت أسقطتها من التحليل لكونها لم تتخصص باعتبارها جهازا وطنيا بل كانت معروفة باسم " البوليس السياسي " وكل مهمتها تنحصر فى حماية الأجانب وتطبيق نظم الحماية لسياسة الاحتلال البريطانى ..ولم تكن أهدافها بأى حال حماية أمن البلاد بما يطابق مفهوم الأمن السياسي الوطنى .. وفيما بعد برزت المباحث العامة المختصة بالشأن السياسي والتى تغير اسمها فيما بعد الى مباحث أمن الدولة .. وفى فترة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر .. لم يكن للجهاز ذلك الاختصاص الفريد والنشاط المكثف فى حماية أمن البلاد بقدر ما كان لحماية أمن النظام من التنظيمات المختلفة .. الشيوعية بصفة خاصة اضافة الى تدخل جهات أخرى فى خلط كبير للعمل داخل البلاد مثل الأمن الحربي التابع للقوات المسلحة والمخابرات بنوعيها الحربية والعامة ولا شك أن فترة الخمسينيات والستينيات كانت حاملة لصورة مخيفة لمختلف أجهزة الأمن لا سيما المخابرات العامة نتيجة للممارسات القمعية التى استخدمها النظام المصري على مستوى قياداته الصغري والكبري مما أساء الى تلك الأجهزة اساءة بالغه تعدت التجاوزات كثيرا فى الواقع . وأغفل الجانب المشرق منها بعد أن طغى الجانب الأسود على الأنشطة الايجابية وكان النصيب الأوفر من تلك السمعه السيئة من حظ جهاز المخابرات العامة لدرجة أن الاصطلاح المعهود به وصف تلك الفترة هو مصطلح " دولة المخابرات "
ولم ينل جهاز المباحث شيئا بعيدا من تلك السمعه نتيجة لطبيعه العصر ذاته والذى يمكن وصفه بعصر القوات المسلحة حيث كان الجيش مسيطرا على شتى مناحى الحياة وبرز بعض رجاله بروزا مذهلا فى الناحية السلبية بكل أسف وهم المجموعه المحيطة بالمشير عبد الحكيم عامر فى ذلك الوقت وفى نهاية الستينيات تمت محاكمة اللواء صلاح محمد نصر النجومى الشهير باسم صلاح نصر وعدد من كبار قادة الجهاز اضافة لعدد كبير من كبار وصغار ضباط القوات المسلحه بعد أحداث النكسة التى كانت إيذانا بانتهاء البطش العسكري الواضح والتفتت القوات المسلحة لمهمتها الكبري بعد أن تولى الفريق محمد فوزي وزارة الدفاع وفتح المجال أمام رجال الجيش المخلصين لبدء الإعداد لمعركة التحرير وابتداء من تلك الفترة .. وخاصة بداية السبعينيات تزايد اختصاص الشرطة عبر جهاز أمن الدولة بالأمن السياسي الداخلي ولم تعد تتبع القوات المسلحة وقيادتها فى الشأن السياسي كما كان الحال مع فترة المشير عامر ومع بداية فترة السادات .. تفجرت صراعات مراكز القوى وكان من بين أعضاء تلك الجبهة من رجال عبد الناصر السابقين اللواء شعراوي جمعه وزير الداخلية .. وكان تحت يده فى الفترة من 67 الى 1971م .. ملفات الأمن السياسي كلها عبر جهاز المباحث العامة التابع له والذي اختص بتلك الملفات بعد إبعاد الجيش عنها
وشعراوى جمعه جدير بالذكر أنه لم يكن من رجال الشرطة فى الأصل .. بل كان رئيسا لفرع الخدمة السرية فى المخابرات العامة ( منصب قيادى وهام فى الجهاز ) وهو الشخص الذى قدمه المسلسل المصري رأفت الهجان على أنه شريف والى رجل المخابرات القيادى بالجهاز وقام بدوره الممثل المصري الراحل صلاح ذو الفقار .. وبانتصار السادات فى معركة مراكز القوى .. تغيرت خريطة جهاز الشرطة المصرية كله فى ذلك الوقت وازداد النفوذ شيئا فشيئا وان لم يبد واضحا الا بعد معركة أكتوبر 1973 م .. فقد أتى السادات باللواء ممدوح سالم محافظ الاسكندرية ليتولى وزارة الداخلية وكان أول رجل شرطة تولى المنصب فى التاريخ الحديث وكان للحق اختيارا موفقا للغاية فممدوح سالم كان من أقوى رجال الشرطة كفاءة وتنظيما وسمعه على مستوى تاريخ الشرطة فقبل الثورة كانت الوزارات سياسية غير متخصصة وجرت العادة على أن يتولى وزارة الداخلية أحد رجال القانون .. وبعد الثورة استولى رجال الجيش على زمام المناصب بما فيها الوزارات ليأتى السادات بأول وزير من رجال الشرطة .. يتولى وزارتهم وابتعد الجيش تماما عن الأمن السياسي كما ابتعدت المخابرات العامة أيضا عن العمل داخل البلاد الا فى نطاق ضيق .. وانفردت مباحث أمن الدولة بالأمن السياسي الداخلى وتألق فى نجومها بتلك الفترة أحمد رشدى وكان برتبة العقيد وظل بالجهاز فى فترة ممدوح سالم وبعده فى فترة اللواء النبوى اسماعيل والذى كان عهده عهد الانهيار الأمنى الفادح لأمور لم يكن لرجال الشرطة شأن فيها .. فقد سمح السادات للتيار الاسلامى بالظهور لضرب قواعد الناصرية والشيوعية فى مختلف فئات الشعب فى الجامعات والنقابات العمالية وغيرها .. وكانت الأوامر الصادرة لرجال مباحث أمن الدولة فى تلك الفترة من منتصف السبعينيات صريحه وهى منع التعرض نهائيا لنشاط الاخوان المسلمين والجماعات الاسلامية مهما كانت درجة التجاوز وبالذات فى الجامعات .. مما سبب استفزازا عنيفا لرجال أمن الدولة وتذمر عدد من قادة الجهاز من أمثال اللواء حسن أبو باشا والعميد أحمد رشدى والعميد حسن علام الذين تابعوا التداعيات الخطيرة لسياسة إطلاق الحبل على الغارب للجماعات بالذات بعد أن أكدت تحرياتهم خطورة الوضع على الأمن العام بعد أن خرجت الجماعات الإسلامية عن طوع الإخوان ولم تعد تتبعهم بل تعدى الأمر حدوده أن التنظيمات السرية للجماعات الإسلامية ( التكفير والهجرة " شكرى مصطفي " ـ الجهاد الأول " محمد سالم الرحال " ـ الجهاد الثانى " محمد عبد السلام فرج )
والتى جهلها الأمن نهائيا أعلنت تكفير الإخوان وخيانتهم للدعوة السلامية الى الحد أنهم حاولوا الاعتداء على المرشد العام للاخوان فى تلك الفترة عمر التلمسانى فى احدى الندوات العاصفة بجامعه أسيوط كبري معاقل الجامعات فى نهاية السبعينيات ومن ثم فقد حملوا هم تلك الدعوة بمنطق الجهاد كما يرونه وهو تطبيق لكتابات أبو الأعلى المودودى وتحريفات أخرى مشوهة من كتب السلف أخضعها هؤلاء الشباب الضائع لعقلياتهم المريضة وحملوا السلاح ووجهوه الى المجتمع من حولهم بزعم تكفيره وشيئا فشيئا .. حملوه ضد من أعطاهم الفرصة للظهور .. ضد النظام القائم .. ووقعت الواقعه .. مع جهل أجهزة الأمن فى تلك الفترة بحقيقة التنظيمات التى تحكم التيار الدينى وتنظيماته لأنهم كانوا موجهين الى غيرهم كالتنظيمات الشيوعية وما الى ذلك وممنوعين من متابعه نشاط الجماعات ومع الكبت الناجم عن اضطرار الشرطة للافراج فورا عن المتجاوزين من أعضاء الجماعات .. جالءتهم الفرصة أخيرا لتفريغ هذا الكبت عندما صدرت الأوامر بضرورة انهاء نشاط هؤلاء الفئة .. ولكن بعد فوات الأوان وتفجرت المواجهات الدموية بين تلك التنظيمات التى بلغت من القوة أنها ردت النيران بالمثل ليفاجئ جهاز أمن الدولة بالأسلحه الأتوماتيكية فى أيدى هؤلاء الشباب والكارثة الحقيقية هى درجة البراعه التى تميز بها شباب الجماعات ومقاتليها لتتوالى الاكتشافات أن بعض خلايا تلك التنظيمات تسربت الى داخل الجيش مستغلة السخط العام على نظام السادات بسبب سياساته الداخلية والخارجية
وكان من دواعى الأسف الشديد أن بعض أعمدة تلك التنظيمات كانوا من ضباط الجيش الذى حارب معركة التحرير وفوجئ بعدها بالصلح المنفرد غير المبرر من السادات وانحيازه الى السياسة الأمريكية اضافة الى أن هؤلاء الأبطال تم نسيانهم فى دوامة الانفتاح الاقتصادى التى فرمت الطبقات الوسطى فرما وكانت النتيجة أن أحد زعماء تلك التنظيمات كان العقيد عصام القمرى ضابط المدفعية فى أكتوبر والعقيد عبود الزمر ضابط المخابرات الحربية وغيرهم وانطلقت العواصف الدامية أكثر وأكثر .. حتى كان عام 1981 م وفى ساحه العرض العسكرى تم اغتيال الرئيس محمد أنور السادات على أيدى بعض رجال القوات المسلحة من تنظيم الجهاد الثانى
وبعدها مباشرة تفجرت حوادث أسيوط الشهيرة والتى نجحت خلالها الجماعات الاسلامية فى احتلال مديرية أمن أسيوط ذاتها وكافة أقسام ومراكز الشرطة بالمحافظة وقتلوا فوق مائتى رجل شرطة من مختلف الرتب
فأين كان أحمد رشدي فى تلك الفترة يا ترى ..؟!! كان اللواء أحمد رشدي فى ذلك الوقت مديرا لأمن القاهرة .. وفور اغتيال السادات قام بقيادة قوة مدرعه وتوجه الى مبنى الاذاعه والتليفزيون لحمايته لما فى الجهاز من خطورة فى تلك الظروف خاصة وأن الأمن على مختلف فئاته كان يجهل حدود عملية الاغتيال ونجح أحمد رشدى فى تأمين المنطقة .. وأفاق الأمن قليلا من الصدمة واتخذ اللواء حسن أبو باشا رئيس جهاز أمن الدولة التدابير اللازمة وانطلق بعدها الى أسيوط ليقود عملية تطهير المدينة من احتلال الجماعات .. وتمركزت قوة ضخمة من الأمن المركزي بقيادة أبو باشا وقامت باستخدام مدافع الأر بي جى لدك المنازل التي تحصن بها الجماعات ونجحوا فى إعادة السيطرة على المدينة ... وخلال تلك الفترة عرف جهاز أمن الدولة حقيقة عدوهم واستمرت المعركة خلال الفترة الباقية من وزارة النبوى اسماعيل وأثناء تولى اللواء حسن أبو باشا وزارة الداخلية خلفا للنبوى اسماعيل .. واختار أبو باشا اللواء أحمد رشدى مساعدا له للأمن الاقتصادي حتى نهاية عام 1984 م ..
الوزارة ..
من الصعوبة بمكان أن نتخيل مدى قوة الصفعه التى تلقتها جميع أجهزة الأمن بلا استثناء بنجاح تنظيم الجهاد فى عملية اغتيال السادات .. بداية من القوات المسلحه التى اغتيل قائدها الأعلى فى قلب عرينها .. ومرورا بالمخابرات العامة والحربية والحرس الجمهورى ووزارة الداخلية ممثلة فى جهاز أمن الدولة وبسبب الأثر الرهيب لتلك الصفعه تحرك جهاز أمن الدولة فى عصبية وعنف لادراك مدى قوة خصمه خاصة مع تتابع العمليات الارهابية ضد أهداف حساسة وسقوط العشرات من رجال الشرطة وكبار ضباطها شهداء فى تلك المعارك لا سيما بالصعيد المصري .. وبحكم الاختصاص انفردت أمن الدولة بملف الجماعات كملف أمنى بالدرجة الأولى وكلفتها العصبية خسارة العديد من القضايا تحت تأثير استخدام التعذيب فى استنطاق أفراد الجماعات أو الانتقام وتفريغ الكبت .. على النحو الذى تمثل فى قضية تنظيم الجهاد الثانية التى قدمت فيها أمن الدولة فوق المائتى متهم وكانت النتيجة أن أصدر رئيس محكمة الجنايات وأمن الدولة العليا فى ذلك الوقت المستشار عبد الغفار محمد حكمه المدوى ببراءة أكثر من مائة متهم ولم يتضمن حكمه أى حكم بالاعدام على أى من المقدمين بالرغم من أنهم من قيادات التنظيم كعمر عبد الرحمن ..
وانتقد المستشار عبد الغفار محمد فى مسودة حكمه العادل أسلوب أمن الدولة الأحمق فى التعامل مع المتهمين وغياب المعلومات الرهيب عن جهاز كان من المفترض أنه جهاز معلومات بالدرجة الأولى وطالبت المحكمة جهاز أمن الدولة بالتروى وحسن معاملة القضية حتى لا يتم تقديم أبرياء وترك الجناة الحقيقيين خارج أسوار المحاكمة اضافة الى غياب الجانب القانونى تماما ببطلان اعترافات المتهمين نتيجة التعذيب وتجاوزات التحقيق
وللحق .. فان الخطأ لا يتحمله جهاز أمن الدولة بمفرده .. بل تتحمله سياسة الرئيس الراحل أنور السادات فى منع متابعه الجماعات أمنيا ورعايتهم تحت سلطته الشخصية .. وجاء أبو باشا بأسلوب جديد هو أسلوب المراجعات الفقهية .. فأتى بالمتهمين والجناة من السجون والمعتقلات وأجلسهم علنا مع كبار الفقهاء بمصر يجادلونهم فكريا أمام شاشات التلفاز المصري ونجح هذا الأسلوب الى حد بعيد فى رجوع الكثير من أبناء التنظيمات عن معتقداتهم الشاذة .. وان تحجمت قوتهم مع وزارة أبو باشا وتمكن الأمن بعد السنوات الأولى العاصفة فى بداية الثمانينات من اختراق تلك الجامعات وأصبح الصراع متكافئا من حيث معلومات كل طرف الا أن البقية القابعه خارج الأسوار لم تكن لتحتمل هذا الأسلوب .. . فحاولوا اغتيال أبو باشا وكادوا أن ينجحوا بالفعل عندما تربصوا بسيارته وأطلقوا عليه أكثر من خمسة وستين رصاصة تركته مضرجا فى دمائه .. وتم انقاذه بعناية الله وحده ومعجزة طبيه بكل المقاييس
وفى قلب تلك الأحداث .. صدر القرار بتعيين اللواء أحمد رشدى وزيرا للداخلية خلفا لأبو باشا
المهمة المستحيلة ..
جاء اللواء أحمد رشدى وزيرا للداخلية فى فترة رهيبة من تاريخ مصر .. فترة منتصف الثمانينات .. ووجد فى انتظاره عدة ملفات يمثل كل واحد منها مهمة مستحيلة بحد ذاته ..
*ملف الجماعات الذى ما زال مفتوحا بعد أن تعددت تنظيماته ولم تعد قاصرة على التنظيمات القديمة فخرج من القمم تنظيم العائدون من أفغانستان وتنظيم الناجون من النار * ملف الفساد الرسمى والذى أصبح عملاقا ومنظما يستنزف موارد البلاد المنهكة القوى ويختبئ تحت رعاية كبار مسئولى الدولة *ملف تجارة المخدرات .. وكان فى تلك الفترة .. عبارة عن ملف غير قابل للاختراق والعلاج بعد أن تطورت تنظيماته فى ظل الانشغال الأمنى بأحداث الارهاب ليتخذ ملف المخدرات طابعا تنظيميا جبارا * ملف الأمن السياسي الخاص بعمليات المخابرات الأجنبية داخل البلاد بعد أن ظهرت أيادى التمويل الخارجى لمختلف أنشطة التجسس والافساد ضد مصر
ولم يضع الرجل وقتا فى الواقع .. وبكل حنكة وخبرة السنين الخوالى .. وبحماسة ضابط فى العشرين من عمره .. لا ضابط قديم كان يستعد لسنوات التقاعد قبل تكليف الوزارة فتح جميع الملفات دون انتظار ..
وانفجرت حرب أحمد رشدى الخاصة ..
معركة الانضباط
فى دول العالم المسمى بالثالث .. وهو للحق يستحق وصف العاشر لا الثالث .. من المستحيل ألا تجد للنفوذ أبهته الغاشمة بين أصحاب المناصب .. فهذه طبيعة خاصة تحكم تلك الدول بتشجيع الصمت المطبق من الشعوب وميلهم الغريب لقيود الاستعباد .. ولذا كان من الطبيعى أن يجد أسلوب أحمد رشدى الجديد فى وزارته كل الاعتراض والتذمر من غالبية كبار رجال الشرطة .. بل وبعض المسئولين أيضا .. ففي الشرطة كان تعليمات أحمد رشدى صارمة وقاطعه فى ضرورة متابعه القيادات الشرطية لأعمالهم من مواقعها .. والخروج من مكاتبهم المكيفة الهواء إلى حيث العناء الذى يعانى منه المواطنين بالشوارع وتكاثرت حملات التفتيش والمتابعة التى جعلت مديري الأمن كل منهم بغادر مكتبه جريا وراء متابعه العمل الأمنى فى حدود محافظته وعلى مستوى الخدمات المرورية لم يدع أحمد رشدى لأحد فرصة الاعتراض على محاولاته للإصلاح وضرب عرض الحائط بأية محاذير قد يواجهها من أصحاب النفوذ الذين ساءهم ضرب مصالحهم بأوامر المصادرة والمتابعة لحالات المرور والإصرار على تطبيق القانون .. فكانت أولى الانجازات التى حققها أحمد رشدى انتظام الشارع المرورى إلى حد بعيد .. وتغير أسلوب المعاملة بين رجال الشرطة والمواطنين وأصبح كل رجل شرطة مضطرا لبذل قصاري جهده سواء شاء أم أبي لإتمام عمله وواجبه وإلا كان الجزاء الرادع فى انتظاره .. وبدا للجميع أن الصورة فى طريقها للتغيير بالفعل بين الشرطة والمواطنين مع الحزم الواضح لسياسة الانضباط الجديدة فى وزارة الداخلية .. على الرغم من أن تلك السياسات الجديدة جلبت على الوزير غضبا مكتوما فى قلوب وصدور الفئة المتسلطة من قيادات الشرطة والتى رأت الوزير يسلبهم بغيا حسبوه حقا لهم .. كما سببت نفس الشعور لدى بعض أولى السطوة وارتكن كل هؤلاء فى انتظار ما يسفر عنه الغد ..
وكان هؤلاء وأولئك أول المنتظرين !!
المعارك الساخنة ..
كانت حرب الباطنية ضد تجار المخدرات واحدة من أعنف مواقع اللواء أحمد رشدى .. فملف تجارة المخدرات بمصر بدأ فى نهايات عصر السادات بانتشار مخدر الحشيش بطريقة غير مسبوقة مع تخفيف القبضة الأمنية عليه !! وكان التخفيف ملحوظا لدرجة جعلت منه سلعه شبه مشروعه ومن هنا جاءت شعبية السادات فى الواقع لدى أوساط مدخني تلك السموم حتى أنها انتشرت كطرفة فيما بعد .. لكن الأمر فى بدايته كان رهن السيطرة إلى حد كبير لأن السموم الفائقة التدمير لم تكن مصر قد عرفت تجارتها بعد كالأفيون والكوكايين والهيروين والتى كانت تستلزم قيام نظام تهريب كامل يستند إلى منظمات دولية معروفة تقوم بتهريب تلك السموم وتصديرها إلى من يقع اختيارها عليه من الزعماء الإقليميين الكبار .. ولإيضاح الأمر أكثر .. فان مخدر الحشيش لا يعتمد على الاستيراد فقط لإمكانية زراعته وتوزيعه محليا ويقوم عليه وعلى تجارته تجار وزعماء جريمة داخليون وهم مهما بلغت خطورتهم فهم أهون أثرا من الجريمة المنظمة التى كانت ولا زالت قادرة على دك نظام أى دولة .. لأن الجريمة المنظمة تعنى قيام الأنشطة الإجرامية على أسس تنظيمية عالية القدرة عبر اتخاذها ستارا فولاذيا من السرية والقوة من خلال مؤسسات اقتصادية ومالية ضخمة لها فى الواجهة نشاطها المشروع ومن الداخل تختبئ الأنشطة غير المشروعة في حماية تلك الأموال بالإضافة إلى جيش من خبراء القانون مهمتهم تطويع العقبات حال وقوعها .. وتكتمل دائرة القوة بحرص تلك المنظمات على الوصول إلى المؤسسات التشريعية والتنفيذية لعدد من أفرادها بحيث يصبح نشاطها عبارة عن شبكة عنكبوتيه مستحيلة الاختراق .. وتتبدى أكبر الأمثلة لتلك المنظمات فى المافيا الايطالية والأمريكية .. والياكوزا " المافيا اليابانية " والمافيا الروسية التى ظهرت عقب انهيار الاتحاد السوفياتى ومافيا تجارة الكوكايين فى كولومبيا والبلاد النامية عادة لا تعرف الجريمة المنظمة لأنها تحتاج اقتصادا قويا لتنمو فيه .. كما تحتاج إلى نظم غير قمعية لأن تلك النظم لا تحتاج مبررا من قانون لتفعل ما تشاء بمن تشاء ولذا فالاتحاد السوفياتى لم يعرف الجريمة المنظمة إلا بعد انهياره وتحويل دفته الأيديولوجية من الشيوعية المنغلقة إلى الرأسمالية المفتوحة .. والوحيد الذي تمكن من تحجيم وتدمير قوة المافيا الايطالية التي كانت فى الثلاثينيات دولة داخل دولة غير " بينيتو موسولينى " مؤسس الفاشية وشريك أدولف هتلر فى الحرب العالمية الثانية حيث قاد ضدها حرب أنظمة بلا أى ارتكان أو بحث عن أدلة إدانة وينجح فى القضاء عليها لتنتقل المافيا الايطالية إلى الولايات المتحدة الأمريكية وتتشعب هناك إلا أن لكل قاعدة استثناء .. والاستثناء هنا فى طبيعة مصر إقليميا ودوليا .. فعلى الرغم من انتماء مصر إلى حلقة الدول النامية وصعوبة نشأة الجريمة المنظمة بها إلا أنها مع بداية عصر الانفتاح وتخفيف القبضة العسكرية للحكم وتحوله إلى نظام بوليسي ضاغط لكنه لا يمثل بالطبع درجة القهر التى عرفتها مصر فى الحقبة الناصرية وجاء الانفتاح الاقتصادي ليمثل كارثة الكوارث لأنه وببساطة فتح سدا كان مغلقا بتمامه أمام رغبات استهلاكية بلا حدود .. مع النظام الاشتراكي التي كانت مصر تطبقه ويمنع الاستيراد منعا تاما إلا عن طريق الدولة ومن خلالها .. فتفتحت شهية المواطنين على استيراد بلا حدود لشتى السلع وظهرت الثروات الفلكية فجأة مع مناخ الفساد المحمى من النظام القائم والذي عبر عنه أنور السادات فى كلمات موحية نسبها البعض إليه وهى " من لم يكون ثروة في عهدي فلن يكون ثروة " فقد كان النظام السياسي غاضا للبصر على النهج الجديد الذي ارتفع بثروات ما لا يزيد عن خمسة بالمائة من الشعب هم المقربون والمتحالفون مع النظام عبر رؤى مختلفة .. وفى خلال سنوات قليلة ظهر نموذج مثل رشاد عثمان الملياردير السكندري الذي بدأ حياته عاملا للشحن والتفريغ وخلال أربعه سنوات فقط قدرت ثروته بما يوازى 300 مليون جنيه تقريبا عند حصر أمواله وتقديمه للمدعى العام الاشتراكي .. ولسنا في حاجة بالطبع إلى عميق تخمين لندرك الأسلوب الذي يمكن من خلاله تكوين ثروة بهذا الحجم خلال تلك الفترة .. !! " على حد قول الطرفة المصرية الشهيرة أنه لو امتلك آله لطبع النقود لاحتاج فترة أكبر من السنوات الأربعة لطبع كل تلك الملايين " وهكذا تحقق الشرط الأول بوجود مناخ اقتصادي متعاون للجريمة المنظمة تمثل فى رعاية النظام نفسه أو على الأقل غض البصر عن آليات ورقابة السوق .. خاصة بعد أن استجاب الرئيس السادات لمطالب بعض المقربين من رجال الأعمال بإيقاف نشاط جهاز الرقابة الإدارية بمصر وهو الجهاز المختص بتتبع رشاوى المسئولين وقضايا الفساد وبالنسبة لوضع مصر الدولي كدولة من أكثر دول العالم استهدافا من القوى الدولية المختلفة فقد كان هذا هو العامل الاستثنائي لبدء عهد الجريمة المنظمة من جهات دولية معروفة بالطبع ومع بداية الثمانينات توافدت على مصر تجارة السموم الأكثر خطورة .. والغريب أن التجار المحليين لم يكونوا ذوو ميل إلى تغيير النشاط من الحشيش إلى مشتقات الأفيون نظرا لخطورة عقوبتها التى تصل للإعدام وقلة شعبيتها باعتبارها قاصرة على فئات الغنى الفاحش ممن يمتلكون ثمن تكلفة هذا المخدر الرهيب .. إلا أن رؤساء منظمات التهريب الكبرى فى تركيا واليونان وأمريكا الجنوبية ودول شرق أسيا سهلوا لهم التعامل وكثفوا الجهود وكان هدفهم بدفع تلك النوعية من السموم إلى مصر ضاغطا .. واتضح السبب فيما بعد عندما كشفت القضايا اللاحقة أن الممولين الأساسيين لتلك التجارة بمصر هم بعض رجال المؤسسات العسكرية والاستخبارات الإسرائيلية وهو ما تم كشفه عندما وصل الأمن القومي إلى أن أحد الملحقين الدبلوماسيين بالسفارة الإسرائيلية هو الزعيم الخفي كما يسمونه لتجار المخدرات الكبار بمصر وليس ها غريبا على السياسة الإسرائيلية فهى المنظم والداعم الأول لمافيا تجارة الكوكايين فى كولومبيا حيث سمحت الحكومة الإسرائيلية لشركات السلاح ببيع الأسلحة الخفيفة والثقيلة لعصابات التهريب بأمريكا الجنوبية لا سيما إمبراطورية " مديين " بكولومبيا التى تعد المصدر الأول فى العالم لمخدر الكوكايين سواء كان مصنعا أو على شكل عجينة كما تولت المخابرات الإسرائيلية تدريب كوادر المرتزقة التابعين لتلك العصابات على أحدث النظم القتالية لمواجهة الحرب التى شنها ضدهم الرئيس الكولومبي فى مطلع التسعينيات " باركو " تلك الحرب المريرة التى قلبت نظام الأمن فى كولومبيا مع استفحال سيطرة تجار المخدرات على العشرات من المسئولين على كافة المستويات إضافة إلى ارتفاع قوتهم العسكرية إلى ما يزيد عن ستين ألف مرتزق بتسليح يقترب إلى حد كبير من تسليح الجيش النظامى بكولومبيا وهى الصورة التى كان من الممكن أن تنتقل إلى مصر والى أى دولة فى العالم الحديث وكل هذا الدعم الخرافي من قبل الحكومة الإسرائيلية لعصابات الكوكايين بكولومبيا كان ـ وللغرابة ـ يصب فى تدمير البنية الداخلية للولايات المتحدة التى تستوعب أسواقها ما يزيد عن تسعين فى المائة من إنتاج الكوكايين الكولومبي بميزانية سنوية تعدت ستين مليار دولار مما أدى إلى شبه انهيار بالولايات المتحدة اقتصاديا واجتماعيا فليس غريبا أن تقف المخابرات الإسرائيلية خلف دعم تجارة السموم بمصر والعالم العربي لا سيما وأن أباطرة الكوكايين بأمريكا الجنوبية فتحوا لهم أسواقا جديدة بالعالم العربي بالذات بمصر والسعودية بدعم من الإسرائيليين رغم أن الشرق الأوسط بأكمله كان بعيدا عن تجارة الكوكايين مكتفيا بالحشيش المزروع محليا أو المستورد من لبنان إضافة إلى مخدر الأفيون المجلوب من دول آسيا التى تسيطر على أسواق المخدرات فى الشرق الأوسط وأوربا وهذا خلافا للتجربة الشهيرة للحكومة الإسرائيلية قبيل حرب يونيو عام 1967 م عندما كشفت بعض التحقيقات تورط الجيش الإسرائيلي فى نقل وتهريب المخدرات عبر طائراته وناقلاته العسكرية إلى مصر بإشراف ضباط كبار من وزارة الدفاع الملف برمته كان ملفا شائكا لم يقترب منه لا النبوي إسماعيل ولا حسن أبو باشا .. حتى جاء أحمد رشدي وجعلها معركته الأولى ..
الضوء الأخضر
لو تحدثنا عن الفترة الأولى من حكم الرئيس المصري الحالى محمد حسنى مبارك .. فإننا عندما نصفها بأغلى وأفضل فترة فى سنوات رياسته الخمسة والعشرين حتى اليوم فلا نكون بصدد أى مبالغه إطلاقا بالرغم من أن البلاد فى تلك الفترة كانت فى وضع بالغ الحرج أمنيا بعد اغتيال رئيس الجمهورية فى مشهد درامي غير مسبوق إضافة إلى أحداث جسام أثقلت الاقتصاد الوطنى وتركته ركاما حقيقيا بديون عملاقة لمختلف الجهات الدولية تتزايد فوائدها البنكية كل عام وفى ظل أزمات سياسية للنظام مع سائر القوى الوطنية من أقصي اليمين لأقصي اليسار ويضاف فوق هذا كله الخصومة العربية التي تم إعلانها ضد عقب إعلانها الصلح المنفرد بإسرائيل عقب المبادرة الشهيرة للرئيس السادات عام 1977 م .. أي أن الرئيس مبارك استلم المسئولية في بلد يحتاج إلى إعادة تفكيك وبناء ليواصل دوره فى المجتمع الدولي .. وكانت الطبيعة الملتزمة للرئيس مبارك هي داعيه الأول لبدء التحرك الجاد دون زهو أو غرور بالمنصب فلم يجتمع إليه كهنة السلطان إلا بعد انفراده بالحكم عقب استقالة المشير عبد الحليم أبو غزالة وزير الدفاع ورجل النظام القوى الذي كان بمثابة شريك كامل فى الحكم وبالتالي فقد أصبحت الفترة الأولى برغم كل جسامة تأثيرها إلا أن المسئول هنا كان يعمل بنية مخلصة لم تتسرب إليها أبهة الحكم ودونما التفات لغرض إلا النجاح بالنهوض مرة أخرى بعد الموات الذي ضرب البلاد وانعكست تلك الطبيعة تلقائيا على طريقة الرئيس في اختيار رجاله .. وإذا حصرنا الحديث في نطاق وزارة الداخلية سنجد أنه لم يركن إلى استبقاء اللواء نبوي إسماعيل وزيرا للداخلية بالرغم من أن هذا الأخير كان أحد العوامل المساعدة في استقرار مقعد الرياسة له .. بعد أن بادر إلى تحذيره من الاتصالات التي يجريها الفريق كمال حسن على مع بعض المسئولين يشتم منها نيته في السعي للمنافسة على المنصب .. فتم إجراء الاستفتاء في موعده ولم يسمع أحد لاقتراح كمال حسن على بتأجيل الاستفتاء أراد النبوي من مهمته تلك أن يضمن وجوده فى السلطة بقية عمره جريا على طريقة المغيرة بن شعبه عندما أحس بنية معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه لعزله عن العراق فقام إليه ذات يوم وأشار عليه بأن يعطى ولاية العهد لولده يزيد وكانت الفكرة لم تخطر لمعاوية قبل المغيرة لصعوبتها .. فأشار عليه المغيرة بالطريقة التي يستخلف بها ولده ويجمع البيعة له من مختلف الأمصار بأن يدعه يأتى له ببيعه العراق وعندما يري الناس البيعة قد توافدت لن يمتنعوا مع الترغيب والترهيب فثبته معاوية على ولاية العراق وكلفه تنفيذ خطته لإتمام الأمر ليزيد من بعده .. وذهبت نية معاوية بالطبع فى عزل المغيرة ـ أحد دواهي العرب الأربعة بسبب فكرته ـ لكن التاريخ لم يعد نفسه مع النبوي فلم يكن الرئيس مبارك وقتها ليقبل بوجود شوكتين فى الظهر كل منهما على وزارة من أخطر وزارات السيادة ويتعاملون معه باعتبارهم شركاء حكم لا وزراء تابعون
واكتفي الرئيس مبارك بالمشير القدير محمد عبد الحليم أبو غزالة وعندما آن الوقت لاختيار وزير جديد للداخلية .. اختار اللواء حسن أبو باشا رجل مباحث أمن الدولة الذي تم هضم حقه أيام السادات وعادت إليه مناصبه مع وزارة النبوي كمدير للأمن العام وكانت نزاهته معروفة وأدى دورا من أخطر الأخطار في مقابلة الجماعات الإسلامية بالفكر والإصلاح قبل الضرب والسلاح وتبدت الفطرة النقية لمبارك فى تلك الفترة أيضا عندما اختار أحمد رشدي بالذات للداخلية بعد أبو باشا .. بكل ما عـُرف عن هذا الرجل من استقامة وصرامة وتأكدت تلك الفطرة مع التصريح الذي طلبه اللواء أحمد رشدي صراحة من الرئيس مبارك بالسماح له بالعمل دون محاذير تخص أي شخص أو فئة .. وكان التكليف مشجعا .. فأشرف اللواء أحمد رشدي بنفسه على عملية الحرب التي أعلنها فى مؤتمر صحفي .. وبدأت بدراسة ملفات تجارة المخدرات والعقبات التي تعيق النفاذ إلى مصادر تمويلها الكبري .. واكتشف اللواء أحمد رشدي لدهشته أن حيا من أفقر أحياء العاصمة المصرية القاهرة هو حي " الباطنية " هو المركز والعصب الرئيسي لتجارة المخدرات بمصر كلها !! فبهذا الحي الضيق المتميز بكثرة تفرعاته تنصب المخدرات الآتية من شتى أنحاء العالم ومن بؤر التصنيع المحلية على يد كبار المهربين لتبدأ رحلتها مجددا من الحي إلى حيث تجار التجزئة وبالرغم من عشرات بل مئات الحملات التفتيشية التي قامت بها مباحث مكافحة المخدرات على الحي إلا أن هذه القوات الضخمة لم تفلح ولو لمرة واحدة في ضبط واحد من بؤر التجارة الجهنمية أو الإيقاع بواحد من حيتان السوق فيها .. فلما درس أحمد رشدي الملفات بحثا عن مبرر منطقي لكيفية فشل رجال الشرطة فى العثور على المخدرات .. خلص بعقلية رجل أمن الدولة القديم إلى أن هناك تواطؤ مكثف من بعض رجال الشرطة حتما وإلا كيف تصل معلومات قيام الحملات قبلها بفترة لتختفي المخدرات في دقائق وهى التي كانت تباع علنا في شوارع الباطنية وأزقتها ويقف المدمنون في صفوف ينتظرون جرعتهم وشكل الوزير فريق العمل الذي اختار على أعلى مستوى واكتشفوا ببساطة مرعبة أن جميع رجال الشرطة السريين المبثوثين كمرشدين للمباحث في قلب الحي هم الذين يتولون عملية تحذير مافيا المخدرات لتتخذ أهبتها وتختفي في سراديب غير معلومة وتم إعداد خطة متقنه على طريقة عمليات المخابرات لا عمليات الشرطة وتم توجيه الأوامر لجميع رجال الشرطة المتواجدين بالحي بالإتيان للوزارة بحجة عقد اجتماع مع الوزير الجديد .. وبمجرد أن تم التأكد من خلو الحي من المرشدين القدامى .. انطلقت قوات الشرطة فى عرباتها المصفحة ولم تعلم بطبيعة اتجاهها ومهمتها إلى في الطريق إلى حي الباطنية بالفعل ضمانا للسرية الكاملة وتساقط رجال مافيا المخدرات كالذباب في واحدة من كبري عمليات المباحث ضد تجار السموم وكان للعملية وقعها المؤثر دون شك إلا أنها وعلى الرغم من تأثيرها لم تكن إلا مجرد البداية لما أراد أحمد رشدي الوصول إليه فإنهاء تلك التجارة لم يكن يقتصر فقط على إنهاء أسطورة الباطنية بدك معاقل تجار المخدرات بها وإقامة الشرطة على نحو دائم بالحي الشهير .. بل إنها كانت ضربة البداية اللازمة لإرجاع هيبة الدولة إلى تلك البؤرة بمنع ظواهر الانفلات الأمني الرهيب الذي تبدى في تجارة المخدرات وبيعها علنا وكانت التثنية في تطهير إدارة مكافحة المخدرات بالوزارة وضم عناصر نشطة جديدة إليها يجهلها المهربون الذين بلغت قوتهم أنهم جمعوا ملفات لكبار ضباطها وصغارهم !! وكانت الضربة الثالثة إعادة تشكيل وتخطيط أسلوب رقابة المنافذ التى تأتى المخدرات عبرها .. وانطلقت قوات الشرطة والمكافحة تغلق الطريق أولا فى وجه الزراعة الداخلية لنبات الخشخاش والتى تركزت فى سيناء بشكل أساسي .. ومن ناحية المطارات والمنافذ البرية والبحرية .. أدخل أحمد رشدى لأول مرة أسلوب استخدام الكلاب البوليسية المدربة فى التفتيش والفحص .. إضافة إلى استمراره فى معالجته قضية المخدرات باعتبارها قضية أمن دولة لا قضية جرائم جنائية .. وبالتالي شهدت المعركة أساليب أقرب لأساليب لعمليات المخابرات ورد الصاع لشبكات تجارة المخدرات عن طريق اختراقهم من داخلهم بعملاء ومرشدين مدربين وعلى مستوى الضباط لا المرشدين التقليديين من صف الضباط وغيرهم .. فأصبحت الآية معكوسة الشبكات تم اختراقها وعجزت فى نفس الوقت عن مجاراة أحمد رشدي فى أسلوب حصوله على المعلومات .. وكانت النتيجة أن أعلنتها شبكات تجارة المخدرات حربا ضروسا ضد هذا الوزير الذى قطع عليهم كل سبيل وعلى نحو لم يستطع وزير من قبله أن يتبعه .. ولا يمكننا هنا بالطبع أن ننسي أن الزعماء الكبار والممولين كان منهم بعض كبار المسئولين فى الدولة وفى مواقع مختلفة أيضا .. وهو الأمر الذى تبدى فى حقبة التسعينيات مع ظهور " نواب الكيف " وقضيتهم الشهيرة وكان أن وجدت شبكات التهريب نفسها وقد تقلص نشاطها إلى أدنى مستوياته مما سبب لهم خسائر بالملايين .. فاتخذت الشبكات قرارا مصيريا يعوضها عن تلك الخسائر باتباعها لطريقين رهيبين الأول تغيير النشاط من المخدرات البسيطة إلى الأنواع الثقيلة .. البودرة بأنواعها من مشتقات الأفيون وذلك لصعوبة كشفه من جهة .. ولارتفاع منسوب أرباحه إلى عدة أضعاف .. الثاني تكثيف التعاون مع الجهات الخارجية وهو الأمر الذى كان نوعا ما مقصورا على العملاء الرسميين للدول الأجنبية .. فلما وجدت أجهزة المخابرات المعادية إمكانية وسهولة الاتصال بشبكات التهريب مواتية نتيجة لحاجتهم الماسة إلى الدعم .. وفوجئ أحمد رشدي بهذا التطور الفادح .. وغرقت البلاد فى الأنواع المدمرة من السموم المخدرة الغير تقليدية وشهدت البلاد منها أنواع البودرة المختلفة بكثافة أكبر من ذى قبل إضافة إلى أنواع جديدة منها لم تعرفها البلاد من قبل ليظهر بمصر لأول مرة مافيا الأدوية المخدرة .. من الأنواع البسيطة كحبوب ومسكنات جدول المخدرات إلى الماكستون فورت ولم يتمهل أحمد رشدى بعد أن بلغه التطور الجديد .. فقام بتكثيف المراقبة على نحو أشد على جميع المنافذ .. وأدت الكلاب المدربة دورها بعد إعادة تدريبها على الأنواع الجديدة .. وشدد الرقابة على شركات الأدوية وعلى الصيدليات .. كما زاد من تكثيف المراقبة على التجار والممولين باستخدام عناصر كانت من داخلهم وتم إعادة تأهيلهم ومكافأتهم نظير التعاون .. واستمرت الحرب على حافة الاشتعال طيلة فترة ولاية أحمد رشدى .. وبدا للمراقبين أن هذا الوزير الفذ على وشك تحقيق انتصار ساحق على تجارة المخدرات .. واضطربت أعصاب مافيا المخدرات والمتعاونين معها .. وألقوا ببصرهم على امتداد الرؤية طمعا فى حادثة تقلب مجرى الأمور والحوادث
وكان هؤلاء ثانى المترقبين ..
معركة الأمن القومى
على الرغم من أن معركة المخدرات كانت عبارة عن معترك حقيقي للانشغال إلا أن هذا لم يمنع أحمد رشدى من تفعيل دور مباحث أمن الدولة وأجهزة الوزارة المختلفة لتحجيم ومنع نشاط المخابرات الأجنبية والمنظمات المختلفة داخل البلاد ... وكانت تلك الفترة الساخنة فى منتصف الثمانينات مثار اهتمام عاصف من مختلف الأنظمة .. وتحت سعى النظام المصري لتأمين البلاد فى ظروف بالغه الحساسية .. أفرزت الجهود عن شبكات تجسس ومخططات خارجية لضرب الأمن واستقرار البلاد بمختلف وسائل الإرهاب ومن المؤسف أن العديد من عمليات النجاح التى صادفها الأمن المصري ما زالت طى الكمان إلا فيما ندر لكن من حسن الحظ أن إحدى أقوى عمليات الأمن المصري فى ذلك الوقت تم الكشف عنها بحينها .. ليس هذا فقط ... بل تم إخراجها تليفزيونيا بحيث صارت العدسات عاملا رئيسيا فى تتابع القصة حتى أنها داعبت خيال أهل السينما فتم تناول القصة بفيلم سينمائي شهير من بطولة إسعاد يونس وسهير البابلي وقام بدور الوزير أحمد رشدى فيها الممثل المصري نظيم شعراوي وقام بدور ضابط أمن الدولة المختص بالقضية الممثل المصري الراحل صلاح قابيل وأعنى بها عملية البكوش
عملية عبد الحميد البكوش
من المعروف .. أن الصراعات العربية ـ العربية .. لا تتخذ طابعا إعلاميا فى العادة .. كما لا تتخذ طابع التخابر بطبيعة الحال .. على اعتبار أن الأمور مهما زادت بين أطراف عربية فلا توجد مبررات منطقية لتصعيد الصراع لعمليات الإرهاب والتخابر .. إلا أن لكل قاعدة استثناء .. والاستثناء هنا مؤسف قطعا ..
ومن قبيل المصادفات والمفارقات الغريبة .. أن عمليتين متشابهتين شكلا ومضمونا جرت وقائعهما بين بلدين شقيقين كانت مصر عاملا مشتركا فيهما والفاصل الزمنى بينهما أكثر من خمسة وعشرين عاما العملية الأولى عملية عبد الحميد السراج والثانية عبد الحميد البكوش وكلتا العمليتين كانتا مختصتين باغتيال الشخصية المرصودة .. وكلتا العمليتين .. وقفت فيهما مصر موقف المدافع عن الضحية .. وكلتا العمليتين انتهتا بفشل المخطط ونجاح الجهود الأمنية المصرية فى إنقاذهما .. وكلتا العمليتين كانت الضحية فيهما شخصية مسئولة وحكومية كبيرة فى بلدها فى نظام سابق على النظام الذي رصدها للاغتيال وكلتا العمليتين نفذهما بنجاح مبهر أحد رجال الأمن المصريين المشاهير العملية الأولى نفذها رجل المخابرات الأسطوري محمد نسيم والثانية نفذها الوزير أحمد رشدى الفارق هنا أن وقائع العملية الأولى جرت في سوريا والأردن ولبنان .. وعاد فيها عبد الحميد السراج إلى مصر كما سبق رواية أحداثها في معرض الحديث هنا عن رجل المخابرات المصري محمد نسيم بينما العملية الثانية جرت وقائعها في مصر .. عبد الحميد البكوش .. رئيس الوزراء الليبي الأسبق .. اللاجئ السياسي لمصر فى تلك الفترة .. وصلت إلى جهاز مباحث أمن الدولة المصري معلومات مؤكده وبالتفاصيل عن مخطط محكم لاغتياله بالقاهرة وتم تكليف منظمة إرهابية أوربية شهيرة للقيام بالعملية نظير مبلغ ضخم تم سداد نصفه نقدا للمنظمة باليونان وتبقي النصف الآخر لما بعد التنفيذ ولخطورة الأمر .. تم إبلاغ الوزير أحمد رشدى انتظارا لرؤية القيادة السياسية في العملية وان كانت الرغبة مع إلقاء القبض على فريق الاغتيال فور وصوله أم تتبع العملية والخروج بقضية كبري وجاءت الأوامر متفقة مع وجهة نظر الوزير ... وتم التخطيط للخروج بعملية ناجحة ومتكاملة .. وبناء على خطة الخداع المبهرة التى تمت .. تم السماح لعنصري المنظمة الذين وصلا للتنفيذ بالدخول وتم وضعهما تحت الرقابة المحكمة .. وتُركا يمارسان خطتهما بكل حرية .. وتم الدفع بضابطين من ضباط أمن الدولة للاتصال بهما وإيهامهما أنهما ضابطان منشقان عرفا من جهازهما بالعملية التى قدما لانجازها .. وصرح الضابطان لهما أنهما على استعداد للقيام بتلك المهمة نظير المبلغ المحدد للعملية ولا يمكن بالطبع أن يلام عضوى المنظمة على تصديق ادعاء الضابطين ..فالمنظمة المحترفة كانت تلم بمعلومات كاملة عن جهاز الشرطة المصري وتعرف مدى الترهل الذى أصيب به قبل وأثناء حادث المنصة إضافة إلى أن جهاز المباحث تحديدا لم يكن يركز على العمليات الخارجية مع انشغال الوزارة وأجهزة الأمن بملف عمليات الإرهاب الأصولي وعمليات تجارة المخدرات مع مقدم الوزير الجديد أحمد رشدى وثمة سبب آخر كان داعيا للأمن والتصديق من المنظمة الشهيرة .. وهى أن أسلوب الشرطة المصرية والذى لا يختلف عن أساليب الشرطة التقليدية لم يكن يركن أبدا لأساليب التخابر والسعى لقضية متكاملة وعملية مبهرة على المستوى الخارجى ومد حبال الصبر مع عملية مكشوفة كعملية البكوش فالمفروض بالمنطق أن أجهزة الأمن لو عرفت لما أرسلت الضابطين للخداع .. بل حتما كانت ستتخذ التدابير اللازمة لإفشال العملية والقبض على المنفذين .. فهذا الأسلوب قاصر على عمليات المخابرات فقط .. فأجهزة المخابرات فى المقام الأول يهمها توجيه ضربة قاصمة للخصم عن طريق الصبر والمتابعة وعدم إظهار ما تملكه من معلومات حتى تستوفي العملية ثمارها من المنفذين والمخططين .. ولهذا فأجهزة المخابرات عندما تكتشف جاسوسا أو رجل مخابرات معاد .. من الممكن أن تتركه يواصل عمله وتضعه تحت المراقبة لمدد طويلة ومتفاوتة وتستغل تصورات الأمن لديه للاستفادة منه ولا تنهى العملية بإلقاء القبض عليه إلا بعد استنفاد الغرض منه لهذه الأسباب اقتنعت المنظمة بصدق نية الضابطين وتم مد جسور التعاون بينهما بالفعل .. وحاز الضابطان نصف المبلغ مقدما عن العملية ونفذاها بالفعل وتم اغتيال البكوش أمام عينى عميلي المنظمة الذين تابعا جسد البكوش الغارق فى دمه قبل أن يودعه الضابطان أحدى المقابر المهجورة ويسرعا مع العميلين بالهرب .. بعد أن سمح الضابطان لعميلي المنظمة بالتقاط الصور الفوتوغرافية لجثمان البكوش .. وبعد التنفيذ رفض الضابطان السماح للعملين بالرحيل قبل أن يتقاضيا بقية المبلغ المتفق عليه .. وأتى المبلغ مع عميل المنظمة الثالث الموجود فى اليونان .. وعندما أتى العميل الثالث بالمبلغ وجد الشرطة فى انتظاره وتم إلقاء القبض عليه ومصادرة المبلغ ليلحق بزميليه رهن الاعتقال وهو بادى الذهول عندما اكتشف الخدعة التى وقعت فيها منظمته وفى مؤتمر صحفي وتليفزيوني عالمى لوزير الداخلية اللواء أحمد رشدى يشرح تداعيات العملية .. إلا أن الجمع المتكاتف من عدسات التصوير ومندوبي الصحف القادمين فى الأساس لسماع خبر وأسباب اغتيال اللاجئ السياسي عبد الحميد البكوش خاصة مع إعلان الصحف فى الأيام السابقة عن نجاح عملية الاغتيال وتم نشر صور الضحية بالفعل فوجئ العالم كله بوزير الداخلية مبتسما وهو يلقي التحية على جمع المندوبين وأمام كاميرات التصوير مد الوزير يده إلى باب مجاور وسحب شخصا ما .. فإذا به اللاجئ السياسي المغتال ووقف البكوش أمام عدسات التليفزيون سليما معافي يستقبل نظرات الذهول .. وتضاعفت شعبية الوزير الأسطورى الذى كان عصره عصر تألق أمنى وتكاتف شعبي ـ شرطى غير مسبوق .. وبطبيعة الحال ترصدت القوى الدولية التى فشلت عملياتها بسبب أحمد رشدى وكان داعى همها وجود هذا الرجل فى منصبه وكانت تلك الفئة هى الفئة الثالثة المنتظرة والمترقبة
قصة السقوط
لم تكن تلك الفئات التى أصاب رشدى مصالحها فى مقتل تركن وتنتظر وهى مكتوفة الأيدى بالطبع .. وما كان وقوف أحمد رشدى منفردا فى ساحة من الذئاب ليجدى إلا لو تكاتفت حوله قوى تعاونه من مختلف القيادات .. وهو ما لم يحدث للأسف لطبيعة الفساد الذى أصبح هو الأصل وتراجع الحق ليتخذ مرتبة الاستثناء .. وتعددت العداوات بين البسيط والفادح لهذا الوزير وكلها أخذت تتحرك منفردة أو متعاونة لضرب هذا الوزير العقبة بأى شكل .. والملاحظ قطعا أن كل فئة من تلك الفئات الكبري كان لها الأعوان والقوى ما يجعل الواحدة منها كفيلة بالاطاحه بنظام كامل إن أرادت فبداية كان ضباط الوزارة الكبار من العينة التى كانت تؤيد التسلط والنفوذ .. ممن لم يرضيهم قطعا إيقاف الوزير لهم عند حدود عملهم فقط ورجال المال والأعمال أصحاب التحالف بين رأس المال والسلطة لتكوين قوى الفساد الاقتصادي الكبري وهم فئة من أكبر فئات المجتمع قوة وقدرة لسيطرتهم المتشعبة على مختلف مصادر الاقتصاد والنفوذ وكان هناك الممولون الكبار لتجارة المخدرات والمهربين المتسترين خلف تغطيات مختلفة ونفوذ دولى واقليمى واسع وليست هناك حتى الآن وعلى الرغم من مرور ما يزيد عن عشرين عاما معلومات واضحة أو حقائق مؤكده عن مسئولية فئة منهم منفردة أو مسئوليتهم مجتمعين عن تلك المؤامرة التى أطاحت برشدى من منصبه فى صدمة قاتلة للجميع غير أن المؤكد والشاهد هو أن تلك الأحداث المعروفة باسم أحداث الأمن المركزى والتى كانت السبب الرئيسي فى إقالته لم تكن أبدا كما حاول أن يصورها البعض عبارة عن أحداث واقعية ومنطقية لا سيما وأن الفئات التى أضرها رشدى جعلت همها الحقيقي بعد الأزمة تشويه أحمد رشدى وانجازاته وعصره الذى شهد به الكبير والصغير وتعاونت تلك القوى على تغييب اسم الرجل تماما بعد رحيله حتى أنهم نجحوا بالفعل فى جعل اسمه منسيا ومهملا بالرغم من أن فترته كانت ولا زالت محفورة بقلوب من حضرها على جميع المستويات فتعالوا نتعرف كيف كانت المؤامرة
أحداث الأمن المركزى
بدا أمر تلك الأحداث وكأنه عود من الثقاب اشتعل فجأة فى محيط من الوقود وانتشر بسرعة مذهلة وغامضة تفوق قدرة المتابعين على استيعابه وتفوق أيضا التتابع المنطقي لحدث فى حجمه ففجأة .. وبدون أي سابقة تمهيد بلغ الوزير أحمد رشدى أن معسكر الأمن المركزى بالهرم سرى فيه نوع من التمرد ؟!! ولما كان الحدث غير مسبوق وغير مبرر والأخطر أنه كان منذرا بعاصفة من الفوضي مع خطورة هذا القطاع الذى تم تشكيله أيام السادات كقوة عسكرية تنتمى للشرطة لمعاونتها فى مجابهة أحداث الإرهاب التى احتاجت إلى إمكانيات قتالية لم تكن الشرطة التقليدية بقواتها العادية بقادرة على مجابهتها .. فلزم الأمر إنشاء قطاع متخصص يحتوى على القوة اللازمة كما وكيفا وتدريبا يتبع الشرطة باعتبارها المختص بأعمال الأمن الداخلى وكذلك لمنع اللجوء للقوات المسلحة للعمل داخل البلاد باعتبار أن الأمن القومى يقتضي بقصر نزول الجيش للشارع إلا فى حالات بالغه الندرة لكون المؤسسة العسكرية تختص بالأمن الخارجى ولا يحبذ إقحامها داخليا وإلا كانت صورة النظام الحاكم غير مرغوبة أمام الجماهير باعتباره نظاما عسكريا أو غير قادر على حماية شرعيته ويمكننا بالطبع مدى فداحة القلق الذى استبد بالوزير عندما علم ببداية التمرد إذا عرفنا ما هي هوية الأمن المركزى وكيفية اختياره فقطاع الأمن المركزى يتم تغذيته من دفعات المجندين المتقدمين للخدمة العسكرية ويتم إلحاقهم بالشرطة لتأدية خدمتهم العسكرية كجنود شرطة لا جنود جيش واختيارهم ـ وهذا هو الفادح فى الأمر ـ يكون له شروط تتمثل فى انعدام المستوى التعليمى والثقافي أى من الفئة الشديدة الأمية البسيطة من المتكاملين جسدا ولياقة والتى تكون ذات مستوى ذكاء محدود للغاية وذلك حتى يمكن السيطرة عليهم باعتبارهم آلات بشرية تتحرك بأوامر قادتها دون أدنى تفكير أو مناقشة ويتم إعدادهم وتدريبهم على أعلى مستوى قتالى وتسليحهم بالأسلحة الأتوماتيكة والعسكرية البسيطة فى بعض الأحيان .. وتكون لهذا القطاع معسكراته الخاصة وهى أربعه معسكرات فى القاهرة الكبري ومعسكر فى كل منطقة أو قطاع من الدولة ولا يتحرك الأمن المركزى من معسكراته إلا بأوامر من القيادات العليا للشرطة بخلاف تلك القوى المركزية التى تعمل على حراسة المبانى والمنشآت والهيئات الحساسة والتى تتواجد بها قوة من الأمن المركزى بصفة دائمة وجنود بتلك القوة الغاشمة وهذا الانعدام فى الإدراك والتفكير لا يمكن تصور فداحة تمردهم لأنه سيكون فى تلك الحالة عبارة عن تمرد ثيران هائجة من المستحيل السيطرة عليها وعندما هتف الوزير فى مساعديه متسائلا عن سبب التمرد وحدوده .. جاءته الإجابات متخبطة فى معظمها أثارت غضبه أكثر فأرسل لقائد الأمن المركزى والذى أتى من فوره مطمئنا الوزير أنه تمرد بسيط جارى السيطرة عليه وأن سببه اشاعه قوية انتشرت بين صفوف الجنود عن نية الوزير فى مد خدمتهم إلى سنة رابعة عقب انتهاء فترة الثلاث سنوات التى من المفترض أن تنتهى بها مدة خدمة الجندى ولم يكن هناك وقت للدهشة أمام الوزير .. وهو يتساءل عن كيفية تفجر تلك الاشاعه غير الصحيحة جملة وتفصيلا وعلى الرغم من طمأنة قائد الأمن المركزى لوزيره إلا أن عقله لم يهدأ وفضل أن يتابع الأحداث من موقعها مهما كانت المخاطر وفى الوقت نفسه كانت الأحداث تتصاعد إلى نذر عاصفة عندما اندفع جنود معسكر الهرم إلى الشوارع المحيطة بتلك المنطقة السياحية الهامة ليدمروا ما يعترض طريقهم فى عنف ووحشية وثورة .. وتحولت المنطقة إلى فوضي عارمة .. وتحطمت عشرات السيارات والحافلات والمحال وواجهات الفنادق الكبري وانتشر الذعر بشكل مكثف وسقط العديد من الضحايا .. كان من الممكن أن يتضاعف عددهم لولا أن تمكن قائد إحدى الحافلات السياحية الضخمة من الفرار سليما بركاب الحافلة وانتقل التمرد فى وقت قياسي إلى المعسكر المجاور بالجيزة ومنه إلى مختلف معسكرات القاهرة ثم بعض معسكرات المحافظات الكبري كأسيوط وانتقلت الأزمة إلى الإعلام الذى نقل الوقائع إلى مختلف الشاشات اقليمية وعالمية والى مختلف الصحف مما أنذر بتزايد أثر الانفلات الأمنى وكانت كلمات قائد الأمن المركزى الخادعة للوزير سببا فى التحرك بما يوازى سرعه الأحداث وهنا تحركت الجهات السيادية وعلى رأسها مؤسسة الرياسة لضبط الأمر وانطلقت مروحيات الهليوكوبتر حاملة معها منشورات تؤكد كذب الشائعة وتم إلقائها على جموع الجنود الثائرين دون فائدة ؟!! وهنا لم يعد هناك بد من اللجوء لحل جذرى قبل أن يفلت الزمام أكثر وأكثر وصدرت الأوامر للمشير أبو غزالة وزير الدفاع بالتدخل .. فأصدر الوزير أوامره بنزول عدد من وحدات الصاعقة القتالية وبعض وحدات المدرعات لإقرار الأمن والسيطرة على الموقف
وكانت الأوامر صادرة باستخدام السلاح حال مجابهة نيران من المتمردين وعدم استخدام السلاح مع غير المسلحين وانطلقت وحدة مدرعة إلى معسكر الأمن المركزى بالهرم الذى شهد بداية الكارثة واعتصم به العديد من الجنود المسلحين وتعاملت قوة الجيش بسرعه وقوة وسيطرت على الموقف لفارق الإمكانات التدريبية والتسليح كما انطلقت كتيبة من الصاعقة إلى مختلف الشوراع التى شهدت فوضي الجنود وفى خلال ساعات محدودة تمكن أفراد القوة من التعامل مع أفراد الأمن المركزى بالقتال اليدوى طبقا للأوامر الصادرة لمواجهة المتمردين العزل من السلاح وكانت المعارك القتالية فى قلب شوراع العاصمة لافتة لنظر من شهدها خاصة مع تميز أفراد الصاعقة فى التدريب القتالى الذى حسم الأمر بالقطع رغم ضخامة أجساد جنود الأمن المركزى والذين تطايروا أمام ضربات رجال الصاعقة على حد قول شهود العيان وبعد السيطرة على الأمر أمنيا من جهات عليا تم إنقاذ الوزير أحمد رشدى الذى غامر بالذهاب منفردا بمقر معسكر الهرم فتلقفه بعض الجنود الثائرين بالحجارة وما تدركه أيديهم وكان الوزير الخالى من الحراسة معرضا للقتل بمنتهى البساطة لولا أن أدركته القوات الخاصة فى الوقت المناسب والدماء تفجر من وجهه .. إلا أن الدهشة وشعور الصدمة لدى الوزير كان يفوق بمراحل الدماء المتفجرة .. لأكثر من سبب كان يتساءل عن مصدر الشائعة وقوتها فى تحريك غضبة الجنود وكان مذهولا من استقبال الجنود له وهو الوزير الشعبي بهذا الشكل وأيقن تماما بغموض محرك الأحداث ثم عض شفتيه قهرا وألما وهو يتذكر كلمات قائد الأمن المركزى وكانت كلماته لهذا الأخير عندما رآه معبرة تماما عن صدمته " إن ما حدث كان مؤلما .. إلا أن ما آلمنى أكثر خديعتك لي وأنت تقول بسيطرتك على الأحداث " وفور هدوء الأحداث اجتمع الرئيس مبارك مع جنود الأمن المركزى فى بعض معسكراتهم لتلطيف الأجواء .. وأصدر أوامره بسرعة التحقيق فى الأحداث .. وتفجرت حقائق لافته فى التحقيقات كان منها شهادة بعض الجنود الذين رفضوا التورط فى التمرد فى معسكر الهرم بتعرضهم لضغوط وتهديدات بعض زملائهم لإجبارهم على المشاركة .. كما ظهرت بعض المنشورات التى تم توزيعها من مصادر مجهولة على الجنود وكانت تحتوى على تأكيدات بخبر مد الخدمة لعام إضافي
وصدر القرار بإقالة الوزير .. وتحميله مسئولية الأحداث !!! وتحقق الهدف الذى سعت إليه معظم الجهات المتضررة من رشدى .. والتزم اللواء أحمد رشدى الصمت التام ورفض الحديث عن الوقائع وعن الإقالة مكتفيا بشعور الصدمة واعتكف فى بيته تقريبا بالرغم من وجود تعاطف شعبي ورسمى معه لكنه كان تعاطفا بلا فائدة وما زالت تلك الأحداث والوقائع غامضة فى أكثر حقائقها وكيفية تحريكها وتناثرت الشائعات قوية عن التواطؤ الكبير ضد الوزير وعمد تحميله الأحداث .. وهو قطعا يتحمل المسئولية لكن إن كانت تلك الثورة قائمة على أسباب ووقائع منطقية وهو ما تنفيه الأحداث كان من دلائل الابتهاج لخروج الوزير .. فرحة تجار المخدرات الذين احتفلوا بخروج رشدى بأسلوب مميز عندما نزل الأسواق صنف جديد من مخدر الحشيش أطلق عليه صغار الموزعين اسما لافتا وهو " باي باي رشدى " !! وأسدلت الستائر على قصة هذا النابغ المتفرد .. والصقر الذى حلق خارج السرب فكان لزاما إيقافه وانتهى عصر الوزير الذى خالف القانون .. لأجل القانون خالف قانون العصر .. لأجل قانون الشرعية ..