Apr 14 2010
البلطجة الإسرائيلية التي نواجهها بالتشنج
ما زلنا في لقاء مفتوح مع البلطجة.. ورمي الجتت.. وتجاهل كل الحقائق والاعتبارات.. والاعتماد فقط على قانون القوة.. واللي مش عاجبه يشرب من البحر الميت..
أنا لا أتحدث عن مرتضى منصور أو أحمد شوبير أو إبراهيم حسن، الذين ملأوا آذاننا بالضجيج، وملأنا نحن صحفنا وقنواتنا وجلساتنا بتحليل هذا الضجيج..
بل أتحدث عن بلطجة تستهدف تغيير الأرض.. الجغرافيا والتاريخ.. ورسم خريطة جديدة على أجسادنا.. ولكننا مشغولون بخريطة الدوري وخريطة روتانا وميلودي..
آخر ضربات بلطجي منطقة الشرق الأوسط كان قرار الحاكم العسكري الإسرائيلي بإبعاد سبعين ألف مواطن فلسطيني من الضفة بدعوى أنهم "متسللون".. جاء معظمهم من غزة، وبالتالي فوجودهم بالضفة الغربية "غير قانوني". يأتي هذا في حين أن وجود آلاف الوحدات الاستيطانية السرطانية في كل مكان بفلسطين هو وجود قانوني وشرعي وأسمر وحليوة...
وضْع هؤلاء أشبه بكوني "متسللاً" من دمنهور لأقيم في القاهرة. فيجب بأمر الحاكم العسكري تهجيري وإبعادي؛ لأن وجودي "غير قانوني".
تهجير سبعين ألف مواطن فلسطيني من الضفة في حين تواصل إسرائيل إقامة مشاريع استيطانية عملاقة في الضفة؛ بالتأكيد يغيّر الميزان الديموجرافي بالضفة الغربية؛ تمهيداً لاعتبارها ضمن الدولة اليهودية الخالية من الوجود العربي؛ بعد تغليب العنصر اليهودي على العنصر العربي (الذي هو بالمناسبة عنصر خامل)..
تهجير سبعين ألف مواطن معظمهم من غزة يزيد الضغط على القطاع المحاصر حتى الموت، ليبدو وكأنه قرار قتل جماعي..
تهجير سبعين ألف مواطن خاضعين لحكم السلطة الفلسطينية ووصفهم بـ"المتسللين" يعني ببساطة أنه لا معنى لسلطة فلسطينية، وأنه لا وجود فعلياً للعمدة أبي مازن أو شيخ الخفر فياض أو غيرهما من "المطيباتية"..
القرار الإسرائيلي بلطجة، ولكنها بلطجة نابعة من قوة.. وقوة حقيقية.. بقوة السلاح وقفت إسرائيل أمام العرب جميعاً ولم يجرؤ أحد على تغيير الرغبات الإسرائيلية رغم موجات التشنج وتهديدات "والله ما أنا لاعب".. وبقوة الموقف وقفت إسرائيل أمام أمريكا أوباما، وتحدت التحالف حين اصطدم التحالف بالثوابت والأحلام التلمودية.
إنها بلطجة مدروسة لا جعجعة في الهواء.. خطة منظمة وحلقات مسلسلة.. انظر معي إلى ما حدث فقط خلال 3 شهور سابقة:
• تغيير أسماء شوارع القدس وبعض أجزاء من الضفة لأسماء يهودية.
• ضم الحرم الإبراهيمي ومسجد بلال لقائمة الآثار اليهودية.
• قرار بناء آلاف الوحدات الاستيطانية بالقدس الشرقية.
• بناء كنيس الخراب الذي يبشّر بهدم المسجد الأقصى وإقامة الهيكل المزعوم.
• اشتراط دولة يهودية لا وجود للعرب فيها على أي طاولة مفاوضات.
• تغيير الميزان الديموجرافي بالضفة الغربية بإبعاد 70 ألف مواطن من سكانها.
• ........................................
إننا بانتظار العشرات من الخطوات في هذه البلطجة الإسرائيلية التي لم يقف أحد في وجهها، ولم يخرج "ولد" من الحارة العربية بنبّوته ليقول كلمته.. حتى الاستتار العربي خلف أوباما والاعتماد عليه يبدو أنه استتار بالوهم واعتماد على "ضل حيطة"..
البلطجة الإسرائيلية تحتاج إلى حكمة ودراسة وتنظيم عربي موحّد لمواجهتها.. وقبل كل ذلك تحتاج إلى رغبة حقيقية في استعادة فلسطين العربية التاريخية، لا مجرد القبول بآخر وضع قائم.. بعد حرب 48 نادينا بالعودة لحدود 48، بعد هزيمة 67 نادينا بالعودة لحدود 67، أخشى أن يأتي الغد لنطالب بالعودة لحدود أبريل 2010.. عندنا العشرات من القرارات الأممية والوثائق القانونية والحقائق التاريخية... ولكن ما نفع ذلك أمام البلطجة الإسرائيلية التي تفرض واقعاً جديداً وقانوناً جديداً وتاريخاً جديداً؟؟
نادينا وننادي وسنظل ننادي بالوحدة، والمواجهة، وعدم الاكتفاء بدور المتفرج؛ لأنه لا سبيل أمامنا إلا هذا أو الضياع الكامل والانسحاق تحت أقدام الذين يجدّون في تغيير تاريخنا وجغرافيتنا..
الرئيس السادات تعلّم في الزنزانة 54 أن المشكلات غير التقليدية تستلزم حلولاً غير تقليدية.. ونحن نرى اليوم أن العرب هم العرب منذ أيام داحس والغبراء، نفس الرغبة القاهرة في التصالح مع الأعداء، والاقتتال مع بعضهم البعض، في حين أن قضية فلسطين الأزلية أصبحت معقدة بحيث تحتاج حلولاً غير "بالسلام إحنا بدينا بالسلام"..
كيف ترى أفضل طريقة للتعامل مع البلطجة الإسرائيلية: بالصبر ومزيد من القمم
بتشكيل قوة قادرة على المواجهة
مافيش فايدة