العشق خلف نوافذ الماسنجر

العشق خلف نوافذ الماسنجر

لا أعلم كيف يمكن أن تبدأ سكرات العشق من خلف نوافذ الماسنجر! وكيف يتأجج الحب في قلوب أصحاب الايميلات الرنانة والتوبيكات الساخنة! وأتساءل كيف يبدو الحب من وراء هذا العالم؟ وراء لوحات المفاتيح والكاميرات والهيد فون؟ وهل ماتنقله هذه التقنيات والأدوات عن أصحابها هو الحقيقة أم ضالتها؟!

هل يكون بهذا يمكن القول أن عصر القول الشائع " الأذن تعشق قبل العين أحياناً" قد ولى، ليصبح خليفته العصري "لمسات الكي بورد تعشق فبل العين والأذن أحياناً". هل يكون الحب على طريقة ويندوز لايف ماسنجر أجمل وأعذب من قصص الحب الهوليوودية وأفلام الأبيض والأسود العربية؟

هل من الممكن أن تكون الوجوه الباسمة " Smile Faces" بديلاً للوجوه الناعمة والبسمات الرقيقة والحنونة التي ترسم على شفاه المحبين؟ أم هل تستطيع تلك الكلمات التي تٌكتب على مربع الحوار أن تكون بدفء الكلمات التي يتبادلها العشاق حين اللقاء؟ وهل يمكن أن تكون تلك القبلات التي رٌسمت بشكل كرتوني أعذب من قبلات العاشقين لبعضهم؟ أم هل ستكون أغنيات عبدالحليم وأم كلثوم مرورا ﺑـ إليسا وكاظم الساهر وهاني شاكر التي سيستقبلها مجلد الملفات المتلقاة أعذب وأرقى من رسالة بريدية معطرة محمولة على أكفف المحبوب؟

هل استطاعت مايكروسوفت من خلال برنامجها الحواري الأشهر أن تصنع حالة عاطفية بهذه الكفاءة أم أن عليها طرح بعض التحديثات في نسخها القادمة لتصل إلى رقي وجمال وعذوبة حب أيام زمان، الحب على طريقة رشدي أباظة وفاتن حمامة وعمر الشريف؟

وبالرغم من أنني لست من مجربي هذا النوع من الحب، لكنني سأضع تصوراتي وتحليلي له على طريقتي ورؤيتي الخاصة. فأنا أتساءل دائماً ما الذي نحبه في هؤلاء الأشخاص ونحن نجهلم؟ وما الذي يعقد قلوبنا على حبهم ونحن نفتقد وجودهم بجانبنا وأمام أعيننا؟ نحن نحب صورهم التي رسمناها لهم، نحب الشخصية التي ركبنا ملامحها لهم وليس حقيقتهم، وبالأحرى نحن نحب تلك اللوحة التي نرسمها بأناملنا، ولا نهتم إذا ما كانت تلك الصورة تشبه أختها الحقيقية أم لا ونرفض أن يكونوا غير ذلك.

وحينما نعرفهم ونقترب أكثر منهم نلومهم لأنهم خانوا توقعاتنا ولم يشبهوا صورهم، كيف لا ونحن من عملنا جاهدين لتجميل وترقيع صورهم لنخفي أصغر عيوبهم ولنكتشف بعد ذلك كل عيوبهم وأخطائهم ونتفاجأ بهم ونرفضهم، ونبكي ليلنا على الساعات من عمرنا التي قضيناها معهم، وعلى كل المعلومات التي سلمناها لهم، وعلى أحلامنا التي حلمنا بها معهم، ولما لا فنحن من بدأ بفتح النوافذ واستقبال الإضافات منهم لنضيف إلى قلوبنا آلاماً كان من السهل عدم قبولها منذ البداية، فلو أبقينا النوافذ مغلقة لما كانت القلوب مُعلقة.