المسلسلات التركية المدبلجة تغـــــــرق شبابـــــنا في مستنقعات الرذيلة
مرت سنوات حتى نسي العالم العربي المسلسلات المكسيكية المدبلجة للعربية، ثم مالبثت أن ظهرت لنا صرعة المسلسلات التركية المدبلجة لتدس السم في العسل،وتناقش قضايا الحب وقيم الأسرة والمجتمع ومشكلات البطالة والفقر والطمعكما في (سنوات الضياع)، فقد انتشرت في الآونة الأخيرة بعض المسلسلاتالمدبلجة وبالذات المسمى (نور) الذي سلب عقول كثير من الشباب، ويأتي هذاالمسلسل ليقتل ما تبقى من الأخلاق والقيم الإسلامية!!
والأدهى من ذلك أن بعض القنوات تعيد عرضه من الساعة الواحدة بعد منتصف الليل إلى الساعة الخامسة بعد الفجر!!
قدلا يعجب المرء عندما يرى مسلسلا أو فيلما أجنبيا يبث قيم الفساد والانحلاللعلم المشاهد وإدراكه أن ذلك يمثل قيما غريبة عن مجتمعاتنا، أما أن نرىالقنوات الفضائية تتسابق للظفر بالمسلسلات المدبلجة إلى العربية لبثها بعدأن أصبحت تستقطب عددا كبيرا من المشاهدين؛ فهذا أمر مختلف ويشكل مؤشراخطيرا على توجهات المجتمعات العربية والإسلامية ونجاح رسالة تلك الأفلامفي التسلل إلى كل بيت؛ ولم تتحرك الأقلام والمنابر للتحذير منها قبل مرورأكثر من 100 حلقة!!
وتتلخص الحبكة القصصية لأحدها حول قصة اجتماعيةمحورها زوجان يصارعان المشكلات اليومية العاطفية بنمط غربي بعيد عنمجتمعاتنا العربية، ولا يمت لها سوى بأسماء أبطاله.
ويتلهف المشاهدالعربي اليوم لمتابعة الحلقة الأخيرة من المسلسل ليتنفس الشباب والمسنونوالنساء والمراهقات العربيات الصعداء ويرجع الكثير من الكتاب والنقادالمتابعة الجماهيرية الكبيرة للمسلسل للفقر العاطفي الذي يعانيه المجتمعالعربي عموما نظرا لتزاحم الاهتمامات والقضايا. ولم يتردد العديد منالأزواج والزوجات في تمني أن تتنقل حالة الرومانسية المفرطة في المسلسلإلى منازلهم من خلال تقمص الأدوار التمثيلية البعيدة عن الواقع.
عناوين مثيرة مخجلة
كثيرةهي القصص التي تطالعنا بها الصحف ووسائل الإعلام حول تأثير تلك المسلسلاتعلى الشارع العربي والإسلامي... ومنذ بدء عرض المسلسل تتناقل وسائلالإعلام العربية حوادث الطلاق والخلافات الزوجية التي وقعت في غير دولةعربية بسبب غيرة الأزواج من بطل المسلسل.. وحقا إنها مخجلة ومنها ما يلي:
-طلاق امرأة أردنية بسبب بطل في المسلسل التركي.
-خليجية تطلب من عريسها تغيير اسمه إلى «مهند».
- زوجة تقول لزوجها: 'يا ليتني أنعم بليلة واحدة في سرير البطل..!!!'... تربط لسان الزوج ولم ينطق إلا بالطلاق.
- استعدادات واسعة في العاصمة الأردنية لاستضافة بطلي المسلسل التركي.
- مواطن أردني يقدم على طلاق زوجته لوضعها صورة البطل على هاتفها الموبايل؛ فدبت الغيرة في قلبه!!
- «نور» و«مهند».. حديث الناس في العراق!!
- إدارة الأحوال المدنية بمنطقة الرياض تسجل في الشهور الأخيرة ما يقارب حوالي 700 طفله باسم لميس.
- أردنى يوسع زوجته ضرباً بسبب بطل المسلسل التركي.
مظاهر خادعة
ولايخفي العديد منهم أن الشكل والمظهر والحياة المرفهة لأبطال المسلسل هيالسبب الأساس وراء متابعته الحثيثة ولاسيما بعد أن اعتمدت العديد منالفتيات بطل المسلسل فارس أحلام تركي.
حقيقة بطل المسلسل
وقد نشرت صحيفة (الشروق اليومي)الجزائرية تحت عنوان: 'مهند الذي سحر قلوب المراهقات.. كان أحد نجوم مجلةإباحية فرنسية تدعو للمثلية الجنسية... وهو لا يحب النساء!'.
وقالتالصحيفة إنه : 'البطل يعد من أكبر نجوم المجلات الإباحية التي تروجللمثلية الجنسية، حيث تصدر أكبر هذه المجلات في باريس وأوربا'.
كماأن فشله في تركيا يعود لتاريخه المرتبط بالإباحية ودعمه للشذوذ.. حيث يصنفالمسلسل في تركيا على أنه من مسلسلات الدرجة الثالثة.. فمن يقف وراء تلكالدعاية الضخمة لـلمسلسل في وسائل الإعلام العربية؟!
وعلى الرغم منذلك كله إلا أن بعض القنوات والصحف العربية تمادت في تقديم الممثل التركيالذي يقوم بدور البطل في المسلسل على أنه أحدث أزمة في كل بيت عربي, بلصورت تلك الوسائل الإعلامية العربيات على أنهن 'ساذجات ومنحلات وواقعات فيحبه'.
ودخل على خط الدعاية عدد من كتاب الصحف، إنها حملات منظمةومدروسة ويمكن أن تمتد لسنين حتى تغزونا العلمانية ومبادئها الهدامة فيعقر ديارنا.
مفاهيم خطيرة
ولعل من أخطر المفاهيم التي تبثها مثل تلك المسلسلات ما يلي:
- تشجيع العلاقات المحرمة القائمة على الصداقات والزنا واختلاط الأنساب وقبول ذلك في الأسرة الواحدة!
-ممارسةالإجهاض الذي تحرمه كل شرائع الدنيا وكل اتجاهاتها الدينية والعلمانية فيتلك المسلسلات على أنه حل لمشكلة الزنا والعلاقات غير المشروعة، بل لا نجدفيها ما يحرم ذلك من طب أو قانون أو عقيدة!
- نشر ثقافة العري والأزياء الغربية الفاضحة وتعاطي الخمور والمسكرات.
- عرض مشاهد القبلات واللقاءات الحميمية الجنسية دون حياء.
- تشجيع النساء للتمرد على أزواجهن وجعل القوامة في أيديهن.
- يقوم على دبلجة تلك المسلسلات الهدامة كادر إعلامي وفني عربي (سوري) مسخر من حيث يعلم أو لا يعلم لنشر ثقافة العلمانية المضللة.
غزو ثقافي
إنهالغزو الثقافي والفكري الذي أصبح يعشش في أذهان شبابنا وهم يتشربون قيمالمجتمعات الغربية دونما رقيب أو حسيب بل أحيانا بمباركة أولياء أمورهموذويهم.
إننا لا نخشى من علماني أو ملحد يأتي لينشر فكره مباشرة؛لأنه سيسقط وينفضح أمره من أول مواجهة أما تلك الأفكار التي تغلف في قالبالدراما والتشويق والإثارة فإنها بمثابة السم في العسل، وهي الأخطر لأنفيها برمجة عصبية لتلك الأفكار الدخيلة التي بدأت تتسلل إلى مجتمعاتناتدريجيا وتأخذ مكانها في قلوب الشباب!
مئات الحلقات
إذا كانأطفالنا وإخواننا وأخواتنا وأمهاتنا يشاهدون هذه المسلسلات يومياًوبمتابعة دورية ومنتظمة حتى وصلت الآن إلى أكثر من 125 حلقة وكأنهميدعمونها ويساعدون من يبث هذه السموم على تلقيها!!!، فماذا سيحدث لو استمرعرض مثل هذه المسلسلات لسنوات مقبلة؟ وماذا لو أصبح أبناؤنا وبناتنابمقدورهم فعل كل ما تبرمجوا عليه من هذه المسلسلات؟ وكيف سيكون الحالحينئذ؟!
- كيف نسمح لأبنائنا بأن يتشربوا ثقافة أهل الباطلوالمفسدين الذين يصورون على أنهم القدوة وأنهم من المجتمعات الراقيةوالعائلات المرموقة حتى يصبحوا نسخة عن مجتمعاتهم الفاسدة المنحلة؟!
-حث الشباب على مصاحبة الفتيات ومعاشرتهن دون رادع من دين أو حياء وكذاالفتيات المتزوجات أن يخرجن مع غير أزواجهن دون حسيب أو رقيب!!
- وماذا تقول أنت أيها الأب وأنت أيتها الأم إذا علمت من أحداث المسلسل ما يلي:
- أن الأم التي أنجبت بطلة المسلسل قد أنجبتها سفاحا؟ وأن البطلة كذلك حملت سفاحا من حبيبها؟
- ويأتي شخص آخر يريد أن يتزوجها وهو يعلم أنها زانية وفي أحشائها حمل سفاح؟
-إنه باختصار تبسيط للعلاقات المحرمة بطريقة مضللة، حيث يجعلون من الزانيوالزانية، أبطالا يتعاطف الناس مع قصتهم ويصورونهم على أنهم قدوات ومثلعليا للشباب، ويجيز لهم فعل أي شيء من المحرمات باسم الحب!!
-ويكفي الذنوب التي ستلحق بمتابع هذه المسلسلات.. يكفي أن يكون الأخ والأختيتابعان معا هذا المسلسل بلقطاته المثيرة.. حتى أصبحنا نخاف على الفتاة منأخيها.. ولا حول ولا قوة الا بالله.
فتوى حاسمة
من جانبه وصف مفتي عام المملكة العربية السعودية الشيخ عبد العزيز آل الشيخ مسلسل نور التركي الذي تبثه قناة (إم بي سي): 'بأنه مسلسل منحط منحل وأي محطة تبثه (تكون قد) أعلنت الحرب على الله ورسوله'.
وقال آل الشيخ في فتواه التي نشرت ردا على سؤال حول حكم المسلسل التركي: 'هذا المسلسل قرأنا عنه في اللجنة قراءة تفصيلية، وبحسب ما قرأنا وسمعنا فإنه (مسلسل) إجرامي خبيث ضال ضار مؤذ مفسد'.
وأضاف: 'لا يجوز النظر إليه ولا مشاهدته فهو فيه من الشر والبلاء وهدم الأخلاق ومحاربة الفضائل'.
وأكد آل الشيخ أن المسلسل: 'يدعو إلى الرذيلة ويحبذها وينصرها ويؤيدها وينشر أسبابها'.
ووجهآل الشيخ دعوته للشباب بألا يستجيبوا للدعوات التي تهدف إلى إفساد قيمهموأخلاقهم وإبعادهم عن المنهج المستقيم، قائلا: 'إن عليهم تقوى الله وشكرالله على نعمه، والالتزام بالطريق المستقيم'.
وفي حديث سابق قال الشيخ الدكتور عبدالمحسن العبيكان المستشار القضائي الخاص ومستشار وزير العدل وعضو مجلس الشورى:'لايختلف اثنان على أن هذه المسلسلات المدبلجة تعد خطراً على قيم المجتمعالإسلامي وأخلاقياته، وهي من المحرمات، بل ومن الواجب تحصين المجتمع منها،وهنا يأتي دور وسائل الإعلام بأداء رسالتها السامية في عرض الأمور النافعةالمفيدة. ولكن للأسف فإن وسائل الإعلام لا تلتزم بهذه الرسالة وهمهاالأكبر الربح المادي'.
وأضاف: 'علىالعلماء دور ومسؤولية في توعية المجتمع بخطورة هذه المسلسلات، وعلى الأسرةمراقبة أبنائها وما يشاهدونه من أعمال وتوجيههم نحو الأفضل، وتحذيرهم منالأعمال التي تنعكس سلباً على أخلاقهم وقيم دينهم'.
مضيعة للأوقات
-ومن أعظم مخاطر تلك المسلسلات فضلاً عن مخاطرها التي تهدد الأسرة المسلمةوقيمها وأخلاقها أنها ملهاة عن ذكر الله، وفيها ضياع للأوقات والأعمارالتي سنحاسب عليها يوم القيامة.
وقد سئل الشيخ صالح بن فوزان الفوزان -عضو هيئة كبار العلماء- حفظه الله ما حكم مشاهدة المسلسلات التي تذاع بالتلفزيون؟
فأجاب:'على المسلم أن يحفظ وقته فيما يفيده وينفعه في دنياه وآخرته؛ لأنه مسؤولعن هذا الوقت الذي يقضيه؛ بماذا استغله؟، قال تعالى: {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ} [فاطر: 37]، وفي الحديث: أن المرء يسأل عن عمره فيما أفناه...
ومشاهدةالمسلسلات ضياع للوقت؛ فلا ينبغي للمسلم الانشغال بها، وإذا كانتالمسلسلات تشتمل على منكرات؛ فمشاهدتها حرام، وذلك مثل النساء السافراتوالمتبرجات، ومثل الموسيقى والأغاني، ومثل المسلسلات التي تحمل أفكارًافاسدة تخل بالدين والأخلاق، ومثل المسلسلات التي تشتمل على مشاهد ماجنةتفسد الأخلاق؛ فهذه الأنواع من المسلسلات لا تجوز مشاهدتها.
رأي التربويين
وإزاءتلك المخاطر المحققة فإن الدعاة والمتخصصين في الإصلاح الأسري يحذرون منآثارها السلبية على الأسرة والمجتمع نظرا لما تتسبب فيه من تفاقم حدةونسبة الخلافات الزوجية وزيادة حالات الطلاق في مجتمعاتنا، وتأجيج حدةالغيرة بين الزوجين، والبحث المحموم لدى فئة من الأزواج عن نموذج ومواصفاتالطرف الآخر وفقا للمقاييس الجسدية والمادية والشكلية البحتة التي تعرضهاتلك النوعية من المسلسلات.
ويرى الدكتور أكرم عثمان أستاذ علمالنفس، أن الإقبال على النوعية الجديدة من المسلسلات المدبلجة يعكس ضعفالوازع الديني والخواء الفكري وغياب الرقابة الأسرية؛ محذراً من مخاطرالانجراف وراء قيم التغريب والتقليد الأعمى للفكر الغربي.
من جانبه يقول التربوي محمد غنيم:'إن البرامج والمسلسلات التي تحمل شحنات من صور ومشاهد الحياة الغربيةتنعكس بضرر بالغ على الأبناء في ظل انعدام قدرة ولي الأمر على الرقابة بعدثورة وسائل الاتصال والإعلام والإنترنت والفضائيات التي حولت العالم إلىقرية صغيرة، لم يعد بالإمكان كما كان في سنوات خلت فرض رقابة محكمة على مايشاهد ويعرض لأبنائنا'.
دعوات إصلاحية
دعوة نوجهها إلى أولياءالأمور أن يتقوا الله في أبنائهم وزوجاتهم بمنعهم من متابعة تلك الحلقاتالخطيرة على قيمنا وديننا وأخلاقنا وعاداتنا وتقاليدنا.
وعلى ولاة الأمر والدعاة والمشايخ أن يفضحوا تلك الأفكار والأهداف وأن يحذروا منها لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه؛ وذلك أضعف الإيمان» [رواه مسلم].
إنه نداء وتذكرة لكل من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد أن يتذكر قوله تعالى: {إِنَّالَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوالَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُوَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [سورة النور: 19]، وقوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْيَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ} [سورة البروج: 10].
ذياب عبدالكريم