كانت احدي الليالي القارسة البرودة بالشتاء بأسكتلندا....الريح عاصفة والثلج يتساقط بغزارة......
بينما أرتدت ايمي أروع ثوب لديها,و صففت شعرها الأسود الأملس ,تزينت لتبدو بأبهي صورة تجعلها وبلا منافس
أجمل النساء علي وجه البرية...
أشعلت الشموع بضوء خافت,و نثرت الزهور هنا وهناك, ثم أعدت مائدة العشاء فقط لشخصين..
ثم جلست علي الكرسي الهزاز و اخذت ترقب عقارب الساعة بشغف,حتي كانت الحادية عشر مساء...
دق الباب,,أندفعت ايمي من جلستها مسرعة و فتحت الباب بلهفة ...وما كان منها حين رأت ويليام الا أن
أرتسمت علي شفتيها بسمة رقيقة هادئة,بينما كان الشوق الجامح ينبثق من عينيها الجميلتين........لكن..........
كان البرود يكسو وجه ويليام , فدخل دون أن ينظر اليها أو يلقي عليها التحية..
ألقي بمعطفه الصوفي علي الأريكة ثم جلس دون أن ينبث ببنت شفة..
أنتفض قلب ايمي و ارتعد جسدها ,ليس لما بدر من ويليام ....بل بسبب تلك الرائحة التي كانت تنبعث منه.....
انها رائحة عطر انثوي صارخ(ليس كعطر ايمي الرقيق الهاديء بجاذبيته المعهودة)..
أرتعشت يداها لكنها تمالكت أعصابها,و أغلقت الباب برفق...
مرت دقائق بصمت تام...كانت فيها عينا ويليام تزيغان هنا وهناك بعيدا عن ايمي,كطفل أذنب و يخشي
من مواجهة والدته..
قطعت ايمي احبال الصمت بقولها: ويليام....ماذا بك....؟؟
أضطرب ويليام ..ثم حاول ان يرسم بسمة علي وجهه, وقف من جلسته قائلا: أعذريني حبيبتي,قد كان اليوم مجهدا
والطقس شديد البرودة..أعذريني..
ثم أقترب اليها ليضمها ,لكنها أنتفضت مبتعدة عنه.....
و بهدوء توجهت الي النافذة واخذت تنظر الي الثلج المتساقط بالخارج.......
ثم قالت : من هي ؟؟؟
أصفر وجه ويليام بينما أعتراه قلق شديد ,, و أتضحت عليه علامات ندم مضني...فأحني رأسه دون أن يجيب...
أكملت ايمي حديثها دون ان تلتفت اليه : منذ متي ؟؟؟.......أجب.....؟؟؟.....ولا داعي للكذب بعد الأن....
ويليام : منذ 3 أشهر...( قالها بصوت منكسر )
كان لهذا وقع الصدمة علي ايمي( ثلاثة أشهر وهي لا تدري ,,ثلاثة أشهر في خداع دون علم...)
تحجرت الدموع في عينيها,,تسارعت دقات قلبها الصغير,,أرتعشت شفتاها الورديتان...لكنها تماسكت...
و بعد برهة من الوقت .....
ايمي : من فضلك أخرج ...و لا تعد...
ويليام : لكني.....
قاطعته ايمي : أرجوك .....أذهب...
ويليام :اني احبك ...( قالها وهو يضع يده علي كتفها..)
مدت ايمي أناملها تبعد كفه عنها دون ان تلتفت اليه... ثم قالت : ما لرجل من قلبين في صدره....
وما لانسان من روحين في جسده....
أذهب أرجوك...
سار ويليام نحو الباب بخطوات متثاقلة,, وما أن خرج و أغلقه....حتي أنهارت ايمي و ارتمت علي الأرض باكية,,
أنهمرت دموعها العذبة,, وما هي الا دقائق حتي غابت عن الوعي...
مرت سويعات قليلة,,أفاقت بعدها ايمي ...أخذت تجول بعينيها هنا وهناك كأنما تحاول ان تدرك حقيقة ماحدث...
هل كان هذا كابوسا مزعجا ؟ أم واقعا مؤلما..؟؟
وما ان تحققت مما حدث ....حتي زرفت دموعها مرة أخري, لكنها كفكفت دمعها , ثم تماسكت لتقف....
أطفأت ما تبقي من الشموع الذائبة,,ثم سارت بخطوات واهية الي النافذة ففتحتها( بينما كانت الرياح شديدة
والثلوج متساقطة).... ثم نظرت الي السماء , كأنها تخترق ببصرها الغيوم والسحاب لتصل الي القمر.....
فتملقته بنظرة لوم وعتاب ثم همست بصوت خافت : هل هذا هو الحب الذي وعدتني به..؟؟
أكنت تخدعني أم كانت سذاجتي البلهاء حين أمنت بك و بالحب...؟؟؟
ياااااااااااااااااااااه...يالقسوة هذا الشعور...
أن أحيا فقط لأجله,,
أن أهبه من الحب مالا مثيل له,,
أن أهبه كل حياتي..أن أهديه عقلي وقلبي,,
أن تزرف دموعه من مقلتي,,
ترتسم بسمته علي شفتي,,
أن أتزين فقط لتسعد روحه,,
ثم لا يكون منه الا ان يطعن قلبي فتنزف دمائي أمامه دون أن يتحرك فيه ساكن...
وبعد بعض من الوقت.. أتجهت الي حجرتها , و أرتادت مضجعها ....
وما ان أستلقت حتي أخذت تترنم شفتاها هامسة: الهي.....أرحمني من هذا العالم القاسي...
الهي .....أنقذني من هذا الواقع الخائن المؤلم....الهي....أرحمني..أرحمني......
ثم راحت في سبات عميق.....
وفي اليوم التالي سطعت الشمس لترسل شعاعا خافتا من الضوء ,, وقليلا من الدفء الذي يخترق سقيع الشتاء...
كانت الشمس بأنتظار الوجه الحالم الذي طالما أعتادت أن تراه بالصباح ليضفي بجماله بريقا خاصا علي الكون...
لكن ايمي لم تقم.....لم تتحرك ........
فارقت الحياة كما رغبت ,,مات جسدها ,,, و صعدت روحها....
تحررت من هذا الواقع المؤلم.....الي الأعلي, الي الجنة....حيث يوجد متسع للملائكة,,حيث يمكن لمثل هذه الروح
الطاهرة ان تحيا ....بعيدا عن شياطين الدنيا....
حيث لا غش ........ولا خداع ........ولا خيانة.....و لا ويليام....................
فعذرا أيتها الملاك البريء........
عذرا ايمي.....................قد خدعك القمر................